المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



عينٌ لا يعرف مكانها الا نبي او وصي نبي  
  
3385   01:54 مساءً   التاريخ: 7-01-2015
المؤلف : محمد بن محمد بن النعمان المفيد
الكتاب أو المصدر : الارشاد في معرفة حجج الله على العباد
الجزء والصفحة : ص255-258.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /

ما رواه أهل السير واشتهر الخبر به في العامة والخاصة حتى نظمه الشعراء وخطب به البلغاء، ورواه الفهماء والعلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء والصخرة، وشهرته يغنى عن تكلف ايراد الاسناد له وذلك ان الجماعة روت ان أمير المؤمنين (عليه السلام) لما توجه إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد، ونفد ما كان عندهم من الماء، فأخذوا يمينا وشمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له اثرا، فعدل بهم أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الجادة وسار قليلا فلاح لهم دير في وسط البرية، فسار بهم نحوه، حتى إذا صار في فنائه، أمر من نادى ساكنه بالاطلاع اليهم، فنادوه فاطلع فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هل قرب قائمك هذا من ماء يتغوث به هؤلاء القوم؟.

فقال: هيهات بيني وبين الماء أكثر من فرسخين، وما بالقرب مني شيء من الماء، ولولا اننى اؤتي بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أسمعتم ما قال الراهب؟ قالوا: نعم أفتامرنا بالمسير إلى حيث اومأ اليه لعلنا ندرك الماء وبنا قوة فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا حاجة لكم إلى ذلك ولوى عنق بغلته نحو القبلة وأشار بهم إلى مكان يقرب من الدير فقال لهم: اكشفوا الارض في هذا المكان، فعدل منهم جماعة إلى الموضع فكشفوه بالمساحي، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع، فقالوا: يا أمير المؤمنين هيهنا صخرة لا تعمل فيها المساحي؟ فقال لهم: ان هذه الصخرة على الماء فان زالت عن موضعها وجدتم الماء فاجتهدوا في قلعها، فاجتمع القوم وراموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا، واستصعبت عليهم، فلما رآهم (عليه السلام) قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة واستصعبت عليهم، لوي رجله عن سرجه حتى صار على الارض، ثم حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها ثم قلعها بيده ودحى بها أذرعا كثيرة، فلما زالت من مكانها ظهر لهم بياض الماء، وبادروا اليه فشربوا منه فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه، فقال لهم: تزودوا وارتو وفعلوا ذلك، ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت، فأمر أن يعفى أثرها بالتراب والراهب ينظر من فوق ديره، فلما استوفي علم ما جرى نادى: ايها الناس انزلوني انزلوني، فاحتالوا في انزاله فوقف بين يدى أمير المؤمنين فقال له: يا هذا أنت نبي مرسل؟ قال: لا، قال: فملك مقرب؟ قال: لا قال: فمن أنت؟ قال: أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين (صلى الله عليه واله) قال: ابسط يدك أسلم لله تبارك وتعالى على يديك، فبسط أمير المؤمنين (عليه السلام) يده وقال له: أشهد الشهادتين فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد انك وصي رسول الله واحق الناس بالأمر من بعده، فأخذ أميرالمؤمنين (عليه السلام) عليه شرائط الاسلام، ثم قال له: ما الذي دعاك الآن إلى الاسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف؟ قال: أخبرك يا أمير المؤمنين ان هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة، ومخرج الماء من تحتها، وقد مضى عالم قبلي فلم يدركوا ذلك، وقد رزقنيه الله عزوجل، انا نجد في كتاب من كتبنا ونأثر عن علمائنا ان في هذا الصقع عينا عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي وانه لابد من ولي لله يدعو إلى الحق، آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته على قلعها، وانى لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره، وبلغت الامنية منه، فأنا اليوم مسلم على يديك ومؤمن بحقك ومولاك، فلما سمع ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع، وقال: الحمد لله الذى لم أكن عنده منسيا، الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا ثم دعى الناس فقال لهم: اسمعوا ما يقول أخوكم المسلم، فسمعوا مقاله وكثر حمدهم لله وشكرهم على النعمة التي أنعم بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم ساروا والراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقى أهل الشام وكان الراهب في جملة من استشهد معه، فتولى (عليه السلام) الصلوة عليه ودفنه وأكثر من الاستغفار له وكان إذا ذكره يقول: ذاك مولاي.

وفي هذا الخبر ضروب من المعجز: احداها علم الغيب، والثاني القوة التي خرق العادة بها، وتميز بخصوصيتها من الانام، مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الاولى، وذلك مصداق قوله تعالى: { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} [الفتح: 29].

وفي مثل ذلك يقول السيد اسمعيل بن محمد الحميري رحمة الله في قصيدته البائية المذهبة:

ولقد سرى فيما يسير بليلة * بعد العشاء بكربلاء في موكب

يأتيه ليس بحيث يلقى عامرا * غير الوحوش وغير أصلع أشيب

حتى اتى متبتلا في قائم * ألقى قواعده بقاع مجدب

فدنى فصاح به فأشرف ماثلا * كالنسر فوق شظية من مرقب

هل قرب قائمك الذي بوئته * ماء يصاب؟ فقال: ما من مشرب

الا بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين نقى وقي سبسب

فثني الا عنة نحو وعث فاجتلى * ملساء تلمع كاللجين المذهب

قال اقلبوها إنكم ان تقلبوا * ترووا ولا تروون ان لم تقلب

فأعصو صبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم تركب

حتى إذا أعيتهم أهوى لها * كفا متى ترد المغالب تغلب

فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع دحي بها في ملعب

فسقاهم من تحتها متسلسلا * عذبا يزيد على الالذ الاعزب

حتى إذا شربوا جميعا ردها * ومضى فخلت مكانها لم يقرب

وزاد فيها ابن ميمون قوله:

وأبان راهبها سريرة معجز * فيها وآمن بالوصي المنجب

ومضى شهيدا صادقا في نصره * أكرم به من راهب مترهب.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.