موقف الفقه والقانون والقضاء من إجراء غسيل المعدة في التحقيق الجنائي |
2631
01:35 مساءً
التاريخ: 11-12-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-4-2016
5371
التاريخ: 10-4-2016
4624
التاريخ: 20-3-2018
2744
التاريخ: 8-4-2016
3394
|
1- الموقف الفقهي: لقد اختلفت وتباينت آراء الفقهاء بخصوص استخراج متحصلات المعدة لما ينطوي عليه هذا الإجراء من مساس بالسلامة الجسدية والحرية الفردية، إذ أنه يتعدى الأجزاء الظاهرة للجسم للتوغل إلى ما في معدته وأحشائه، وقد سار الفقه في شأن هذا الإجراء في اتجاهين .
حيث يرى الاتجاه الأول أن استخراج متحصلات المعدة يتم قهرا باعتبار أن ما يتحصل منه يكون ضد إرادة المتهم، كما أنه لا يوجد نص صريح يبيح هذا الإجراء مما سيتوجب عدم قبول الدليل المستمد من هذا الفحص.(1) بينما يذهب الاتجاه الآخر إلى جواز أخذ عينة من محتويات المشتبه به، وأنه لا يمكن اعتبار هذا الإجراء عدوانا على الحرية الفردية، مادامت المصلحة العامة تقتضي ذلك، فقد انقسم هذا الاتجاه بدوره إلى رأيين، الأول يرى أن أخذ عينة من معدة المشتبه به هو إجراء يندرج ضمن إجراءات التفتيش وليس هناك ما يبرر استثناءها، والثاني يستند في جوازه على اعتبار أن هذا الإجراء يدخل تحت أعمال الخبرة التي يسمح المشرع القيام بها.(2)
2- موقف القانون والقضاء المقارن من أخذ عينة من معدة المشتبه به: لقد تباين موقف القانون والقضاء المقارن من إجراء غسيل المعدة نظرا لاختلاف وجهات نظر الفقهاء.
فلقد أجاز المشرع السوداني في المادة 129 من قانون الإجراءات الجزائية اللجوء إلى مثل هذا الإجراء، في حالة ما إذا كانت الجريمة على درجة من الجسامة ويعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، وأن الشخص الذي سيخضع لهذا الإجراء يكون قد قبض عليه بناءا على شبهة مقبولة، وأن تتم هذه العملية من قبل طبيب أو مساعد طبي(3) كما تعرضت محكمة النقض المصرية في بعض أحكامها لهذا الإجراء، فقضت بأنه يجوز اللجوء إلى مثل هذا الإجراء لكن بشروط معينة، ففي أحد أحكامها قضت ببطلان الإجراء، لأن مأمور الضبط لا يملك القيام به دون إذن من النيابة ويتضح هنا أن النيابة هي التي تأذن بهذا الإجراء . كما قضت في حكم آخر أن وجود المتهم في حالة تلبس يتيح لمأمور الضبط القضائي القبض عليه ثم تفتيشه بطريقة غسيل معدته، والحصول على بوله مما يفهم أنها تأخذ بهذا الإجراء وتعتبره نوع من التفتيش(4)، كما قضت في إحدى أحكامها بأنه متى كان الإكراه الذي وقع على المتهم دائما يكون بالقدر اللازم، لتمكين طبيب المستشفى من الحصول على متحصلات معدته فأنه لا تأثير على سلامة الإجراءات(5) نجد أحكام القضاء الأمريكي تضاربت بخصوص غسيل المعدة وتحليل المتحصلات، حيث اعتبرت بعض المحاكم، أنه يمكن اللجوء إلى هذا الإجراء، ولكن شرط أن يكون هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن المتهم قد ابتلع شيئا، ويمكن اعتبار غسيل المعدة إجراء قانوني يجب الأخذ به(6)
- موقف القانون الجزائري من غسيل المعدة: إن المتصفح لنصوص قانون الإجراءات الجزائية يجد أن المشرع الجزائري لم يشر وبصورة صريحة لإجراء غسيل المعدة، إلا أنه وبقراءة متأنية لنص المادة 68 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الأولى والتي تنص على أنه :" يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن حقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام وأدلة النفي "... كما أشار المشرع في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه "... يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر بإجراء الفحص الطبي كما له أن يعهد إلى طبيب لإجراء فحص نفساني أو يأمر باتخاذ أي إجراء يراه مفيدا، وإذا كانت تلك الفحوص الطبية قد طلبها المتهم أو محاميه فليس لقاضي التحقيق أن يرفضها إلا بقرار مسبب ". وعليه يمكننا القول أن المشرع الجزائري أجاز اللجوء إلى إجراء الفحوص الطبية متى تطلبت الضرورة ذلك لإظهار الحقيقة وانطلاقا مما تقدم وإذا اعتبرنا إجراء غسيل المعدة من قبل الفحوص الطبية فنقول أن المشرع يجيز اللجوء إلى هذا الإجراء(7) ويؤكد هذا الطرح ما ذهب إليه الدكتور بارش سليمان بقوله " ....إن تفتيش شخص لا يجيز القبض عليه إلا أذا رفض الإذعان لإجراء التفتيش، فإذا اندب التحقيق احد ضباط الشرطة القضائية لإجراء التفتيش، وأبدى المأذون بتفتيشه مقاومة، جاز لضباط الشرطة القضائية استعمال القوة معه بالقدر الذي يمكن من داء مهمة التفتيش فمثلا أذا قام المتهم بابتلاع قرص مخدر فيما هم ضباط الشرطة القضائية بتفتيشه فأنه يباح له القبض عليه واصطحابه إلى المستشفى لإجراء عملية غسل المعدة ...".(8)
- موقف القضاء الجزائري: لا يختلف موقف القضاء الجزائري عن غيره من المواقف القضائية محاولا مسايرة ومواكبة التطور العلمي الحديث لإظهار الحقيقة، حيث حكمت محكمة ذراع الميزان بتيزي وزو بعام حبس نافذ بجنحة الحيازة والمتاجرة بالمخدرات، وذلك بعد أن تم القبض على المتهم من قبل عناصر الدرك الوطني وهو يبتلع كمية كبيرة من المخدرات، لذلك تم تحويله إلى المستشفى لإجراء عملية غسيل المعدة واسترجاع السموم التي تم ابتلاعها.(9)
_______________
1- محمد حماد الهيتي، التحقيق الجنائي والأدلة الجرمية، الطبعة الأولى، دار المناهج للنشر ، والتوزيع، عمان، الأردن، 2010 ، ص 339 .
2- محمد حماد الهيتي، المرجع نفسه، ص339
3 - بوشو ليلى، قبول الدليل العلمي أمام القضاء، مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2010 ، ص 41.
4- توفيق محمد الشاوي، حرمة الحياة الخاصة ونظرية التفتيش، الطبعة الأولى منشأة الناشر المعارف بالإسكندرية 2006 ، ص 253 .
5- أحمد أبو القاسم، الدليل الجنائي المادي ودوره في إثبات جرائم الحدود والقصاص، الجزء الأول، أطروحة دكتوراه، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، 1993 ص 336
6- أحمد أبو القاسم، المرجع نفسه، ص 337
7- بوشو ليلى، المرجع السابق، ص 43 .
8- بارش سليمان، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار الشهاب، دون طبعة، 1986 ، ص 126
9- بوشو ليلى، المرجع نفسه، ص 45
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|