أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2017
2308
التاريخ: 4-12-2017
6068
التاريخ: 19-10-2017
2398
التاريخ: 2-10-2017
2429
|
في الطريق إلى الكوفة ، إلتقى الإمام الحسين (عليه السلام) بالحرّ بن يزيد الرياحي ، وكان مُرسلاً مِن قِبَل ابن زياد في ألف فارس ، وهو يريد أن يذهب بالإمام إلى ابن زياد ، فلم يوافق الإمام الحسين على ذلك ، واستمرّ في السير حتى وصل إلى أرض كربلاء في اليوم الثاني من شهر محرم سنة (صلى الله عليه واله)1 للهجرة.
فلمّا نزل بها ، قال : ما يُقال لهذه الأرض؟
فقالوا : كربلاء!
فقال الإمام : اللهم إنّي أعوذُ بك من الكرب والبلاء ، ثم قال لأصحابه : إنزِلوا ، هاهنا مَحَطّ رحالنا ، ومَسفك دمائنا ، وهنا محلّ قبورنا. بهذا حدّثني جدّي رسول الله (صلى الله عليه واله).
قال السيد ابن طاووس في كتاب الملهوف : لمّا نزلوا بكربلاء جلس الإمام الحسين (عليه السلام) يُصلح سيفه ويقول :
يـا دهرُ أفٍ لك من خليل
كم لك بالإشراق و الأصيل
مِن طـالبٍ وصاحبٍ قتيل
والدهـر لا يقنـعُ بالبَديل
وكـلّ حيّ سالكٌ سبيلـي
ما أقربَ الوعد من الرحيلِ
وإنّما الأمر إلى الجليلِ
فسمعت السيدة زينب بنت فاطمة (عليها السلام) ذلك ، فقالت : يا أخي هذا كلام مَن أيقَن بالقَتل!
فقال : نعم يا أختاه.
فقالت زينب : واثكلاه! ينعى إليّ الحسين نفسه.
وبكت النِسوة ، ولَطمن الخدود ، وشقَقن الجيوب ، وجعلت أمّ كلثوم تنادي : وامحمّداه! واعليّاه! وا أمّاه! وا فاطمتاه!
واحَسَناه! واحُسيناه! واضيعتاه بعدك يا أبا عبد الله ... إلى آخره.
ورَوى الشيخ المفيد في كتاب ( الإرشاد ) هذا الخبر بكيفيّة أُخرى وهي : قال علي بن الحسين [ زين العابدين ] (عليهما السلام) : إنّي جالس في تلك العشيّة التي قُتل أبي في صبيحتها ، وعندي عمّتي زينب تُمرّضني ، إذ اعتزل أبي في خِباء له ، وعنده جوين مولى أبي ذرٍ الغفاري ، وهو يعالج سيفه ويُصلحه ، وأبي يقول :
يا دهـر أفّ لك من خليل
كم لك بالإشراق والأصيل
مِـن صاحب وطالبٍ قتيل
والدهـر لا يقنـع بالبديل
وإنّمـا الأمـر إلى الجلل
وكلّ حـي سـالكٌ سبيلي
فأعادها مرّتين أو ثلاثاً ، حتّى فهمتُها ، وعَرفت ما أراد ، فخَنَقتني العبرة ، فرددتها ، ولَزِمتُ السكوت ، وعلِمت أنّ البلاء قد نزل.
وأمّا عمتي : فإنّها سَمِعت ما سمعتُ ، وهي إمرأة ، ومن شأنها النساء : الرقّة والجزع ، فلم تِملِك نفسها ، إذ وَثَبت تجرّ ثوبها ، حتى انتهت إليه فقالت :
واثكلاه! ليتَ الموت أعدَمَني الحياة ، اليوم ماتت أُمّي فاطمة ، وأبي علي ، وأخي الحسن ، يا خليفة الماضين وثِمال الباقين!
فنظر إليها الإمام الحسين فقال لها : يا أُخيَّة! لا يُذهِبنّ حِلمَك الشيطان.
وتَرقرَقَت عيناه بالدموع ، وقال : يا أُختاه ، لو تُرك القَطا لغَفا ونامَ .
فقالت : يا ويلتاه! أفتغتصب نفسك اغتصاباً؟ فذاك أقرَحُ لقلبي ، وأشدّ على نفسي ، ثمّ لطمت وجهها! وأهوَت إلى جيبِها فشقّته ، وخرّت مغشيّاً عليها.
فقام إليها الإمام الحسين (عليه السلام) فَصَبّ على وجهها الماء ، وقال لها : إيهاً يا أُختها! إتّقي الله ، وتَعزّي بعزاء الله ، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون وأنّ أهل السماء لا يَبقون ، وأنّ كلّ شيء هالِك إلا وجه الله ، الذي خلق الخلق بقُدرته ، ويَبعث الخلق ويعيدهم وهو فردٌ وحده.
جدّي خيرٌ مني ، وأبي خيرٌ منّي ، وأُمّي خيرٌ منّي ، وأخي [ الحسن ] خيرٌ منّي ، ولي ولكلّ مسلم برسول الله (صلى الله عليه واله) أُسوة.
فعزّاها بهذا ونحوه ، وقال لها : يا أُختاه إني أقسمتُ عليكِ ، فأبِرّي قَسَمي .
لا تَشُقّي عَلَيّ جَيباً ، ولا تَخمشي عليّ وجهاً ، ولا تَدعي عليّ بالويل والثُبور إذا أنا هلكتُ .
ثمّ جاء بها حتّى أجلسها عندي ، وخرج إلى أصحابه ...
أقول : سمعتُ من بعض الأفاضل : أنّ هذه الأبيات كانت مشؤمة عند العَرب ، ولم يُعرف قائلُها ، وكان المشهور عند الناس : أنّ كلّ مَن أحسّ بخطر الموت أو القتل كان يتمثّل بهذه الأبيات.
ولا يَبعدُ هذا الكلام من الصحّة ، لأنّ الأبيات مُشتملة على عتاب الدهر وتوبيخه لا غير ، ولعلّ لهذا السبب أحسّت السيدة زينب باقتراب الخطر من أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) وقالت : هذا الحسين يَنعى إليّ نفسه.
وهكذا الإمام زين العابدين (عليه السلام) تَراه قد استَنبَطَ من قراءة هذه الأبيات نُزول البلاء.
حيث إنّ هذه الأبيات لا تُصرّح ـ بظاهرها ـ بشيء من هذه الأمور ، كخطر الموت أو اقتراب موعد القتل.
هذا .. والظاهر أنّ نهي الإمام الحسين أُخته السيدة زينب عن شقّ الجيب وخَمش الوجه إنّما كان خاصّاً بساعة قتل الإمام ، بعد الإنتباه إلى قول الإمام : إذا أنا هلكتُ .
وبعبارة أخرى : إنما منَعَها أن تَشُقّ جيبها أو تخمش وجهها ساعة مصيبة مقتل الإمام وشهادته. والسيدة زينب إمتثَلت أمر أخيها ، ولم تفعل شيئاً من هذا القبيل عند شهادة الإمام في كربلاء. وإنّما قامت ببعض هذه الأعمال في الكوفة ، وفي الشام في مجلس يزيد ، عندما شاهدت ما قام به يزيد ( لعنة الله عليه ) من أنواع الإهانة برأس الإمام الحسين (عليه السلام).
ولعلّ نهي الإمام أخته عن شقّ الجيب ـ في تلك الساعة أو الساعات الرهيبة ـ كان لهذه الحِكمة : وهي أن لا يظهر منها أثر الضعف والانكسار والإنهيار ، أمام أولئك الأعداء الألدّاء ، فقد كان المطلوب من السيدات ـ حينذاك ـ الصبر والتجلّد وعدم الجزع أمام المصائب.
لانّ هذا النوع من الشجاعة ـ وفي تلك الظروف بالذات ـ ضروري أمام العدوّ الحاقد ، الذي كان يتحيّن كلّ فرصة للقيام بأيّ خطوة تُناسب نفسيّته اللئيمة ، تجاه تلك العائلة المكرّمة الشريفة ، وكانت مواجهة الحوادث بصبر جميل ومعنويّات عالية ، تعني تفويت الفُرص أمام تفكير العدوّ القيام بأيّ نوع من أنواع الاعتداء والإهانة وسحق الكرامة تجاه تلك السيدات الطاهرات المفجوعات ، اللواتي فقدن المُحامي والمدافع عنهن!
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|