المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



البلاء والولاء  
  
3362   01:39 مساءً   التاريخ: 18-11-2017
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : مع الشباب سؤال وجواب
الجزء والصفحة : ص113-116
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

ما الحكمة في ابتلاء الله (تعالى) لأوليائه؟

الجواب :

البلاء هو الامتحان والاختبار، وهو شامل للفقر والغنى والصحة والسقم والجاه والسيطرة وغيرها...

ان قانون الامتحان الإلهي لعباده في هذه الدنيا اقتضته حكمة الله تعالى؛ لأنه من دون الامتحان كيف يُكرم المرء او يهان؟! وكيف يمتاز الاخيار من الاشرار ويمتاز الطائع لربه من المتمرد على قوانينه؟!.

كما قال تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد: 31].

وقال:{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الكهف: 7].

وفلسفة الابتلاء والامتحان تكمن في أنه نوع من الرحمة للإنسان؛ لأنه يفتح الطريق امامه فيتبصر بقيمة الحياة المحدودة والزائلة، ويتشوّق إلى دار البقاء، من دون أي مؤثر يغلب عليه او شاغل يسيطر على مشاعره، ويرتبط قلبه عندئذ بالمعشوق الحقيقي وهو الله سبحانه، ويطلب حوائجه منه متذللا بين يديه، متضرعا على ابواب رحمته.

فاذا نزل المرض به، يلوذ بأذيال رحمة الله كي يرد عليه العافية.

واذا نزل الفقر بساحته يستغيث بالغني المطلق واذا تهدد ماله خطر ما فيلوذ بالقادر على كل شيء.

وهكذا فان الضال يهتدي بالبلاء والمؤمن يزداد إيمانا وتسليما.

وعليه فالبلاء سبب لإحراز الثواب الكبير يوم القيامة نتيجة الصبر والتصابر عليه علاوة عن الفوائد الإيمانية والتربوية كما اسلفنا.

ولذا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (ان عظيم الاجر لمع عظيم البلاء وما أحب الله قوما الا ابتلاهم)(1).

وورد عنه (عليه السلام) : (ان اشد الناس بلاءً النبيون ثم الذين يلونهم ثم الامثل فالامثل)(2).

وفي المقام قال الإمام الخميني (رضي الله عنه).

ان البلية تعم الجسمانية والروحانية، فان الاشخاص الضعاف في عقولهم وادراكهم في امان من المعاناة الروحية والإنزعاجات العقلية، على خلاف من يتمتع بالعقل الكامل والادراك الحذق، حيث تزداد معاناته ومصائبه، ومن المحتمل ان يعود إلى هذا المعنى كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) القائل : (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت) لأن كل من يدرك جلال الرب وعظمته أكثر ويقف على المقام المقدس للحق جل وعلا بشكل أعمق، يتألم ويتعذب من جراء عصيان العباد وهتكهم للحرمة أكثر، وأيضا كل من كانت رحمته وعنايته وشفقته على عباد الله اكثر تأذى من اعوجاج العباد وشقائهم اكثر، وقطعا كان خاتم النبيين (صلّى الله عليه وآله) في كل هذه المقدمات والمنازل الكمالية اكمل من جميع النبيين والاولياء وبني الإنسان فتكون محنه وآلامه أعمق(3).

ان اولياء الله لهم ابتلاؤهم الخاص بين يدي الله سبحانه وفي دائرة امتثالهم للتكليف الإلهي، فابتلوا بالسجن تارة وبالسم اخرى، واعظم البلاء ما واجهه الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء وما واجهه الإمام زين العابدين في السبي الزينبي.

ان الله سبحانه ابتلاهم بالإقدام على حتفهم وهم يعلمون بالقاتل وكيفية القتل، فاقدموا على القضاء المحتوم الذي لا مناص منه واقدموا على موتهم باختيارهم وفي غاية التسليم لأمر الله تعالى محتسبين مستبشرين. كما أكل الإمام الحسن من طعامه المسموم، وكما دخل الإمام علي (عليه السلام) مسجد الكوفة وفيه قاتله.

ان اقدام المعصوم على الموت الاختياري من دون أي فرق بين انواعه هو مرتبة خاصة به، بلغها بما وصل اليه من صفاء النية وقوة البصيرة ولذا يقدم مستأنسا سعيدا، كما قال الإمام علي (عليه السلام) : (والله لابن ابي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه)(4).

وكما قال الإمام الحسين (عليه السلام) :(فاني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما)(5).

ومن مدرستهم هذه تخرج أصحاب المشروع الاستشهادي من المؤمنين الذين وصلوا إلى الموت الاختياري واقبلوا على حتفهم وسبب موتهم باختيارهم ومن دون تردد، واستحقوا لقب الشهداء والحشر مع سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام) .

___________

1ـ الأربعون حديثا، 233.

2ـ ميزان الحكمة، ج1 ص482، والاربعون حديثا، ص226.

3ـ المصدر السابق، ص236.

4ـ نهج البلاغة، خ رقم5.

5- مثير الاحزان،ص46 والبرم هو الضجر.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.