أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-04-2015
3848
التاريخ: 28/11/2022
1980
التاريخ: 17-04-2015
3384
التاريخ: 17-04-2015
3229
|
لقد ناظر الإمام الصادق فريقا من العلماء والمتكلمين كما ناظر الزنادقة والملحدين والمعتزلة والمجسمة والقدرية والخوارج وغيرهم من الفرق بأسلوب هادئ رصين مدعوم بالحجج والبراهين التي لم تدع لهم مخرجا ولا بد لنا ونحن نتحدث عن بعض الجوانب من سيرته أن نتعرض لبعض الأمثلة من مناظراته.
فمن ذلك ما جاء في بعض المرويات من أن ابن أبي العوجاء وابن طالوت وابن المقفع وبعض الزنادقة قد اجتمعوا في الموسم بالمسجد الحرام والإمام الصادق (عليه السلام) فيه يوم ذاك وقد اجتمع عليه الناس يفتيهم ويجيب على مسائلهم بالحجج والبراهين وأحيانا يفسر بعض الآيات فقال القوم لابن ابي العوجاء: هل لك في تغليط هذا الجالس وسؤاله عما يفضحه عند هؤلاء المحيطين به فقد ترى فتنة الناس به.
فقال لهم ابن ابي العوجاء: نعم ثم تقدم نحوه وشق الجماهير المحتشدة من حوله حتى وقف عليه فقال: يا ابا عبد اللّه أ فتأذن لي بالسؤال؟
فقال له الإمام الصادق: سل ان شئت , فقال له ابن ابي العوجاء: الى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب و المدر وتهرولون حوله هرولة البعير اذا نفر؟ من فكر في هذا وقدر علم انه فعل غير حكيم ولا ذي نظر فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أساسه ونظامه.
فقال له الإمام الصادق (عليه السلام): ان من أضله اللّه وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذبه وصار الشيطان وليه وربه يورده مناهل الهلكة ولا يصدره وهذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه على تعظيمه وزيارته وجعله قبلة للمصلين له فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي الى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه اللّه قبل دحو الأرض فأحق من أطيع فيما أمر والانتهاء عما زجر هو اللّه المنشئ للأرواح والصور.
فقال له ابن ابي العوجاء: ذكرت يا ابا عبد اللّه فأحلت على غائب.
فقال له الإمام الصادق (عليه السلام): كيف يكون يا ويلك غائبا من هو مع خلقه شاهد وهو أقرب إليهم من حبل الوريد يسمع كلامهم ويعلم اسرارهم لا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان ولا يكون الى مكان اقرب منه الى مكان تشهد بذلك آثاره وتدل عليه افعاله والذي بعث بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة محمد بن عبد اللّه الذي جاءنا بهذه العبادة فإن شككت في شيء من أمره فاسأل عنه أوضحه لك.
فسكت ابن ابي العوجاء ولم يدر ما يقول وانصرف من بين يديه , وقال لأصحابه: سألتكم ان تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة فقالوا له: اسكت فو اللّه لقد فضحتنا بحيرتك وانقطاعك وما رأينا احقر منك اليوم في مجلسه , فقال ألي تقولون هذا؟ انه ابن من حلق رءوس من ترون وأومأ بيده إلى أهل الموسم.
و جاء في احتجاج الطبرسي عن هشام بن الحكم أنه قال: اجتمع ابن أبي العوجاء وأبو شاكر الديصاني وعبد الملك البصري وابن المقفع في بيت اللّه الحرام يستهزءون بالحاج ويطعنون بالقرآن فقال ابن ابي العوجاء: تعالوا ننقض كل واحد منا ربع القرآن وميعادنا من قابل في هذا الموضع نجتمع فيه وقد نقضنا القرآن كله فإن في نقض القرآن إبطالا لنبوة محمد وفي ابطال نبوته ابطال الإسلام واثبات ما نحن فيه فاتفقوا على ذلك وافترقوا فلما كان من قابل اجتمعوا عند بيت اللّه الحرام فقال ابن ابي العوجاء: فما زلت افكر منذ افترقنا في هذه الآية: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] فما قدرت أن أضم إليها في فصاحتها وجميع معانيها شيئا ولقد شغلتني عن التفكير في غيرها.
وقال عبد الملك البصري: وأنا منذ فارقتكم أفكر في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73] ولم أقدر على الاتيان بمثلها.
و قال ابو شاكر الديصاني: وأنا منذ فارقتكم أفكر في الآية: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] , ولم أقدر على الاتيان بمثلها.
و قال ابن المقفع: يا قوم ان هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر وأنا منذ فارقتكم أفكر في الآية.
{وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44] فلم أبلغ غاية المعرفة بها ولم أقدر على الاتيان بمثلها وأضاف هشام بن الحكم الى ذلك: فبينما هم في ذلك إذ مر بهم جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فقال: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] , فنظر القوم بعضهم إلى بعض وقالوا: لئن كان للإسلام حقيقة لما انتهى امر وصية محمد الا الى جعفر بن محمد واللّه ما رأيناه الا هبناه واقشعرت جلودنا لهيبته.
و جاء في رواية يونس بن يعقوب أنه قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) فورد عليه رجل من أهل الشام فقال له اني رجل صاحب فقه وكلام و فرائض وقد جئت لمناظرة اصحابك فقال له الإمام (عليه السلام): كلامك هذا من كلام رسول اللّه أو من عندك فقال من كلام رسول اللّه بعضه ومن عندي بعضه فقال له الإمام (عليه السلام): فأنت اذن شريك رسول اللّه؟ فقال: لا .
قال: سمعت الوحي من الله تعالى .
قال: لا .
قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول اللّه .
قال: لا.
و مضى يونس بن يعقوب يقول: لقد التفت الي ابو عبد اللّه الصادق (عليه السلام) وقال: هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم ثم قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته قال يونس: فيا لها من حسرة ثم قال: لقد سمعتك يا ابا عبد اللّه تنهى عن الكلام وتقول: ويل لاصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد وهذا ينساق وهذا لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله فقال الإمام (عليه السلام): انما قلت ويل لقوم تركوا قولي بالكلام وذهبوا الى ما يريدون قم فاخرج إلى الباب فمن ترى من المتكلمين فأدخله قال يونس بن يعقوب: فخرجت فوجدت حمران بن اعين ومحمد بن نعمان الأحوال وهشام بن سالم وقيس الماصر وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين فأدخلتهم فلما استقر بنا المجلس وكنا في خيمة لأبي عبد اللّه في طرف جبل على طريق الحرم وذلك قبل الحج بأيام فأخرج ابو عبد اللّه رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب قال هشام ورب الكعبة وكنا ظننا ان هشاما رجل من ولد عقيل وكان شديد المحبة لأبي عبد اللّه (عليه السلام) فإذا هو هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته وليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا فوسع له ابو عبد اللّه وقال: ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ثم قال لحمران كلم الشامي فكلمه حمران وظهر عليه ثم التفت الى محمد بن نعمان الأحول وقال كلمه فكلمه وظهر عليه على حد تعبير الراوي وأمر بقية أصحابه أن يكلموه ويجادلوه والإمام الصادق يبتسم لحوارهم مع الشامي ثم قال للشامي كلم هذا الغلام ان شئت يعني بذلك هشاما فقال الشامي لهشام: يا غلام سلني في امامة هذا وأشار إلى الصادق (عليه السلام) فغضب هشام بن الحكم وقال له: يا هذا اخبرني أربك انظر لخلقه أم الخلق لأنفسهم , فقال الشامي بل اللّه سبحانه انظر للخلق منهم لأنفسهم .
فقال هشام: ماذا فعل بنظره لهم في دينهم؟
قال: كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم به وأزاح في ذلك عللهم , فقال له هشام بن الحكم : فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟؟.
قال: هو رسول اللّه وبعده الكتاب والسنّة , ورد عليه هشام بقوله: فهل نفعنا الكتاب والسنّة فيما اختلفنا فيه ورفعنا عنا الاختلاف ولم اختلفنا نحن وأنت وقد جئتنا من الشام تناظرنا وتزعم ان الرأي طريق الدين وأنت تقر أن الرأي لا يجمع المختلفين على القول الواحد فسكت , وقال له الإمام (عليه السلام): مالك لا تتكلم؟ فقال: ان قلت لم نختلف فقد كابرت وان قلت ان الكتاب والسنّة يرفعان طريق الاختلاف فقد اخطأت ؛ لأنهما يحتملان الوجوه الكثيرة ولكن لي عليه مثل سؤاله فقال له الإمام: سله فستجده مليا وكرر عليه الشامي نفس الأسئلة التي وجهها إليه هشام فأجابه عليها وانتهى إلى أن النبي (صلى الله عليه واله) كان الحجة في ابتداء الأمر وبعده عترته والإمام الصادق هو الحجة يوم ذاك وهنا سأل الشامي عن الدليل المقنع فأحال هشام بن الحكم الجواب على الإمام (عليه السلام) فقال الصادق (عليه السلام): أنا اكفيك المسألة أيها الرجل وأخبرك عن سفرك ومسيرك وتاريخ خروجك من الشام وما جرى لك في طريقك لقد خرجت يوم كذا وكان طريقك على كذا وجعل الإمام (عليه السلام) يصف له رحلته وصفا دقيقا وكانه كان يرافقه فيها فاعترف الشامي بإمامته وخرج مقتنعا بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ويدعي الراوي ان الإمام (عليه السلام) أبدى بعض الملاحظات على أسلوب أصحابه في الجدل وقال لهشام: مثلك من يكلم الناس.
و جاء في بعض المرويات ان الإمام الصادق (عليه السلام) قال لأبي حنيفة في بعض مجالسه معه: بم تفتي أهل العراق يا ابا حنيفة؟
قال: بكتاب اللّه .
قال: وانك لعالم بالكتاب ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه؟
قال: نعم قال: فاخبرني عن قول اللّه تعالى: {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [سبأ: 18] , أي موضع هذا ؟؟.
قال: هو ما بين مكة والمدينة فالتفت الإمام الصادق لجلسائه , وقال: نشدتكم باللّه هل تسيرون بين مكة والمدينة وتأمنون على دمائكم وأموالكم؟ .
فقالوا: لا , فقال: يا ابا حنيفة ان اللّه لا يقول الا حقا اخبرني عن قول اللّه تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] أي موضع هو؟
قال : ذلك بيت اللّه الحرام , فالتفت ابو عبد اللّه الصادق إلى جلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد اللّه بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه ولم يأمنا القتل؟ فقالوا: اللهم نعم .
فقال ابو حنيفة: ليس لي علم بالكتاب إنما أنا صاحب قياس , فقال الإمام: فانظر في قياسك ان كنت مقيسا أيما أعظم عند اللّه القتل او الزنا؟
قال: القتل اعظم .
قال: فكيف رضي في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا الا بأربعة شهود وأيهما أفضل الصلاة أم الصيام .
قال: بل الصلاة افضل .
قال: فيجب على قياسك ان تقضي الحائض ما فاتها من الصلاة حال حيضها دون الصيام في حين ان اللّه قد أوجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة ثم قال له: البول أقذر أم المني؟
قال البول اقذر .
فقال (عليه السلام): يجب على قياسك أن يغتسل الانسان من البول دون المني .
فقال (عليه السلام): انما أنا صاحب رأي .
قال: فما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة فدخلا بزوجتيهما في ليلة واحدة أيضا ثم سافرا وتركا زوجتيهما في بيت واحد وولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك وأيهما الوارث وأيهما الموروث؟ فقال: إنما انا صاحب حدود .
قال: فما ترى في رجل اعمى فقأ عين صحيح وأقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد .
فقال: انما أنا رجل عالم ببعث الأنبياء .
قال: فاخبرني عن قوله تعالى لموسى وهرون حين بعثهما إلى فرعون {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] أ ليست لعل للشك؟ قال: نعم قال: فهل هي من اللّه شك؟ قال: لا أعلم فقال الإمام (عليه السلام): تزعم بأنك تفتي بكتاب اللّه ولست ممن ورثه وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس ابليس وتزعم انك صاحب رأي وكان الرأي من رسول اللّه صوابا ومن غيره خطأ ؛ لأن اللّه يقول: فاحكم بينهم بما أراك اللّه ولم يقل ذلك لغيره وتزعم بأنك صاحب حدود ومن انزلت عليه أولى بعلمها منك وتزعم أنك عالم بمباعث الأنبياء وخاتم الأنبياء أعلم بمباعثهم منك ولو لا ان يقال ان ابا حنيفة دخل على ابن رسول اللّه ولم يسأله ما سألتك عن شيء .
فقال ابو حنيفة: لا أتكلم بالرأي والقياس بعد هذا اليوم .
فقال الإمام (عليه السلام): كلا ان حب الرئاسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبل .... .
و الحديث عن مناظراته وأجوبته في مختلف المواضيع طويل ومتشعب ونكتفي منه بهذه النماذج التي تضع بين يدي القراء صورا عن هذا الجانب من سيرته ... .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|