المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

تمّام بن غالب بن عمرو، يعرف بابن التيّان
22-06-2015
كاي لاي – ارثور
6-9-2016
دوافع التخطيط
2023-03-14
أبو حمزة الثمالي
17-04-2015
في كونه تعالى سميعا بصيرا
3-7-2015
لماذا البوزونات تبدو مجتمعة مع مثيلاتها
2023-06-24


اللقاء الأوّل للأمام الصادق مع هشام  
  
3170   02:39 مساءً   التاريخ: 17-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص328-330.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / التراث الصادقيّ الشريف /

ما زال هشام وهو في مسيرته العلمية لم يحصل على ضالّته المنشودة ومع أنّه درس مدارس فكرية متعددة وتباحث مع شخصيات علمية ودينية بارزة في عصره إلاّ أنّه لم يكن قد بلغ ما يرومه وقد بقيت شخصية واحدة لم يواجهها وليست هي غير جعفر بن محمد إمام الشيعة السادس ؛ فقد كان هشام يفكّر بحق انّ الالتقاء به سيفتح له أُفقاً جديداً، ولهذا الغرض طلب من عمّه الذي كان شيعياً ومن الموالين للإمام السادس أن يرتّب له لقاء معه.

وقصة لقائه الأوّل بالإمام الصادق الذي غيّر مجرى حياته العلمية تماماً قصة رائعة وجذابة، يقول عمر بن يزيد عمّ هشام : كان ابن أخي هشام يذهب في الدين مذهب الجهمية، فسألني أن أدخله على أبي عبد اللّه ليناظره، فأعلمته أنّي لا أفعل مالم استأذنه فيه، فدخلت على أبي عبد اللّه (عليه السَّلام) ، فاستأذنته في إدخال هشام عليه، فأذن لي فيه، فقمت من عنده وخطوت خطوات فذكرت رداءته وخبثه، فانصرفت إلى أبي عبد اللّه (عليه السَّلام) ، فحدّثته رداءته وخبثه.
فقال لي أبو عبد اللّه : يا عمر تتخوّف علي فخجلت من قولي وعلمت أنّي قد عثرت، فخرجت مستحياً إلى هشام وأعلمته أنّه قد أذن له بالدخول ؛ فبادر هشام فاستأذن ودخل، فدخلت معه، فلمّا تمكّن من مجلسه سأله أبو عبد اللّه عن مسألة فحار فيها وبقي، فسأله هشام أن يؤجّله فيها، فأجّله أبو عبد اللّه، فذهب هشام فاضطرب في طلب الجواب أيّاماً فلم يقف عليه، فرجع إلى أبي عبد اللّه فأخبره أبو عبد اللّه بها .

وسأله عن مسألة أُخرى فيها فساد أصله وعقد مذهبه، فخرج هشام من عنده مغتماً متحيراً، قال : بقيت أياماً لا أفيق من حيرتي ؛ ثمّ طلب منّي هشام أن استأذن له على أبي عبد اللّه ثالثاً، فدخلت على أبي عبد اللّه فاستأذنت له، فقال أبو عبد اللّه : لينتظرني في موضع سمّاه بالحيرة لألتقي معه فيه غداً إن شاء اللّه، فخرجت إلى هشام فأخبرته بمقالته فسّر واستبشر وسبقه إلى الموضع الذي سمّاه.

ثمّ رأيت هشاماً بعد ذلك، فسألته عمّا كان بينهما؟

فأخبرني انّه سبق أبا عبد اللّه إلى الموضع الذي كان سمّاه له، فبينا هو إذا بأبي عبد اللّه قد أقبل على بغلة له، فلمّا بصرت به وقرب مني هالني منظره وأرعبني حتى بقيت لا أجد شيئاً أتفوّه به، ولا نطق لساني لما أردت من مناطقته، ووقف عليّ أبو عبد اللّه ملياً ينتظر ما أكلّمه، وكان وقوفه عليّ لا يزيدني إلاّ تهيّباً وتحيراً، فلمّا رأى ذلك مني ضرب بغلته وسار حتى دخل بعض سكك الحيرة.

|ويوجد هنا عدة نقاط هامة في هذه القضية:

الأُولى : هو وجود الموهبة والقدرة العالية في التباحث والمناظرة في هشام ممّا جعل عمه يتخوّف، ويعبّر عن ذلك الاستعداد بالخباثة والرداءة، وكان يشعر جهلاً بمنزلة الإمامة السامية بالقلق حيال هذه المواجهة ممّا جعله يفاتح الإمام في ذلك منذ البداية .

الثانية : رغبة هشام وتعطّشه العجيب لطلب المعرفة والعلم والتعلّم أكثر لدرجة انّه لا يفوّت أية فرصة في هذا السبيل ويستغل كلّ فرصة تسنح له، وبعد العجز عن الإجابة على أسئلة الإمام يجدد لقاءه معه ويسبقه في اللقاء الأخير إلى محل اللقاء، وهنا يتجلّى بوضوح عطشه واشتياقه الكبير.
الثالثة : عظمة شخصية الإمام الصادق لدرجة انّها جعلت هشاماً مضطرباً عاجزاً عن أن يتفوّه بما كان قد أعدّه له لمناظرته وينسى كلّ ما كان في جعبته من العلم، فيعترف وبلغة العيون والنظرات الأخّاذة الممزوجة بالهيبة والاحترام بصغره أمام ذلك الإمام العظيم.

وعلى كلّ حال كان لذلك اللقاء الروحي أثره وغيّر مجرى حياة هشام، ومنذ ذلك اليوم اتصل بمدرسة الإمام السادس، وتخلّى عن عقائده السابقة، وتألّق في هذه المدرسة ،لدرجة انّه حاز على قصب السبق من بين أصحابه.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.