المدح والذم من "الأساليب" الشائعة في العربية، والأشهر في الدلالة عليهما فعلان ماضيان جامدان هما: نِعْمَ، وبِئْسَ، وجملة المدح والذم قد تكون اسمية أو فعلية على ما سترى في إعرابها، ولننظر في هذا المثال:
نعم القائدُ خالدٌ.
لك في هذه الجملة إعرابان:
أ- نعم: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
القائد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خالد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
"الجملة على هذا الإعراب جملة اسمية لأن المخصوص بالمدح وقع مبتدأ مؤخرا، والجملة الفعلية قبله وقعت خبرا مقدما، وتقدير الكلام: خالد نعم القائد".
ب- نعم: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
القائد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
خالد: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو.
(والجملة على هذا الإعراب جملة فعلية؛ لأن المخصوص بالمدح وقع خبرا لمبتدأ محذوف، وتقدير الكلام: نعم القائد هو خالد).
وهناك إعراب ثالث هو:
نعم: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
القائد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
ص310
خالد: بدل كل من القائد مرفوع بالضمة الظاهرة.
"والجملة على هذا الإعراب فعلية أيضا".
- ولما كان نعم وبئس فعلين جامدين على الأصح(1)، فإنهما يحتاجان إلى فاعل، ويشترط في فاعلهما ما يأتي:
1- أن يكون معرفا بأل كما في المثال السابق.
2- أن يكون مضافا إلى ما فيه أل، مثل:
نعم قائد المسلمين خالد.
نعم: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
قائد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
المسلمين: مضاف إليه مجرور بالياء.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خالد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
3- أن يكون مضافا إلى مضاف إلى ما فيه أل، مثل:
نعم قائد جيش المسلمين خالد.
نعم: فعل ماض.
قائد: فاعل. وجيش: مضاف إليه. والمسلمين: مضاف إليه.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خالد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
4- أن يكون ضميرا مستترا وجوبا يفسره تمييز بعده، مثل:
نعم قائدا خالد.
نعم: فعل ماض جامد مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
ص311
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
قائدا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
خالد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ويجوز الجمع بين فاعل نعم الظاهر والتمييز فتقول:
نعم الطالب مجتهدا زيد.
نعم: فعل ماض جامد.
الطالب: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
مجتهدا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
5- أن يكون كلمة "ما" أو "من":
نعم ما تفعل الخير.
نعم: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
ما: اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع فاعل.
تفعل: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، والجملة من الفعل والفاعل صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والجملة من نعم وفاعلها في محل رفع خبر مقدم.
الخير: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
وفي هذه الجملة إعراب آخر هو:
نعم: فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
ما: تمييز مبني على السكون في محل نصب.
ص312
تفعل: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب صفة.
الخير: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(الخلاف في إعراب "ما" قائم على الخلاف في اعتبار نوعها، أهي اسم موصول أم اسم نكرة؟ إن كانت موصولا فهي الفاعل والجملة بعده صلة له، وإن كانت نكرة فهي تمييز والجملة بعده صفة له، ويكون تقدير الكلام: نعم شيئا تفعل الخير.)
نعم من تصادق زيد.
نعم: فعل ماض جامد.
من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
تصادق: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، والجملة من الفعل والفاعل صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
"ويمكنك إعراب "من" تمييزا والجملة بعده صفة، وفاعل نعم ضمير مستتر وجوبا تقديره هو، على التفصيل السابق".
تستعمل "بئس" هذا الاستعمال نفسه فنقول:
بئس الخلق الإهمال.
بئس خلق الطالب الإهمال.
بئس خلق طالب العلم الإهمال.
بئس خلقا الإهمال.
بئس ما يقول الكذب.
- يستعمل الفعل "ساء" استعمال "بئس"، ويكون فعلا ماضيا جامدا لإنشاء الذم بالشروط نفسها، فتقول:
ص313
ساء الخلق الإهمال.
ساء: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
الخلق: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
الإهمال: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ساء خلقا الإهمال.
ساء: فعل ماض جامد، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
خلقا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
الإهمال: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
- يستعمل الفعل "حَبّ" استعمال نعم وبئس، فإن كان مثبتا كان لمدح، وإن كان مسبوقا بحرف النفي "لا" كان للذم، ولكن يشترط فيه:
1- أن يكون الفاعل هو اسم الإشارة "ذا" مثل:
حبذا الصدق.
حب: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
الصدق: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
لا حبذا الكذب.
لا: حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
حب: فعل ماض جامد.
ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والجملة في محل رفع خبر مقدم.
ص314
الكذب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ويجوز أن يأتي بعد "ذا" تمييز، فتقول:
حبذا صادقا زيد.
حبذا: فعل وفاعل في محل رفع خبر مقدم.
صادقا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
2- إن كان الفاعل اسما غير "ذا" جاز لك فتح الحاء من حب أو ضمها، وفي الحالة الأخيرة تعربه فاعلا، فهو ليس فعلا مبنيا للمجهول، فتقول:
حَب الصادق زيد
وحُب الصادق زيد
حب: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
الصادق: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ويجوز جر الفاعل بباء زائدة، فنقول:
حَب بالصادق زيد.
حُب بالصادق زيد.
حب: فعل ماض جامد.
الباء: حرف جر زائد مبني على الكسر لا محل له من الإعراب.
الصادق: فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ص315
3- ويجوز أن يكون الفاعل ضميرا مستترا وجوبا يفسره تمييز بعده، مثل:
حب صادقا زيد.
حب: فعل ماض جامد مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو.
والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر مقدم.
صادقا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
- يمكن تحويل الفعل الثلاثي إلى وزن "فَعُل" فيدل على معنى نعم وبئس، ويعمل عملها بالشروط نفسها، فتقول:
حَسُنَ الطالب زيد.
حسن: فعل ماض جامد مبني على الفتح.
الطالب: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة في محل رفع خبر مقدم.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
خَبُثَ الرفيق الشيطان.
خبث الرفيق: فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر مقدم.
الشيطان: مبتدأ مؤخر.
حَسُن طالبا زيد.
حسن: فعل ماض جامد. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو، والجملة في محل رفع خبر مقدم.
زيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة.
(انظر التفصيلات التي ذكرها كتب النحو في شأن تحويل الأفعال الثلاثية للدلالة على معنى المدح أو الذم أو التعجب).
ص316
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يرى الكوفيون أنهما اسمان، والمعمول به هو ما قدمناه، وهما فعلان جامدان؛ إذ لا يستخدم منهما مضارع ولا أمر ولا شيء من المشتقات.