أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2017
2470
التاريخ: 12-10-2017
2611
التاريخ: 10-10-2017
2680
التاريخ: 9-10-2017
2557
|
بقي عمر على دست الحكم يتصرّف في شؤون الدولة حسب رغباته وميوله ، وكان فيما يقول المؤرّخون : شديد البغض والكراهية للفرس ، يبغضهم ويبغضونه ؛ فقد حظر عليهم دخول يثرب إلاّ مَنْ كان سنّه دون البلوغ .
وتمنّى أن يحول بينهم وبينه جبل من حديد ، وأفتى بعدم إرثهم إلاّ مَنْ ولد منهم في بلاد العرب ، وكان يُعبّر عنهم بالعلوج .
وقد قام باغتياله أبو لؤلؤة وهو فارسي ، أمّا السبب في اغتياله له فهو أنّه كان فتى متحمّساً لوطنه واُمّته ، ورأى عمر قد بالغ في احتقار الفرس وإذلالهم ، وقد خفّ إليه يشكو ممّا ألمّ به من ضيق وجهد من جرّاء ما فرض عليه المغيرة من ثقل الخراج ، وكان مولى له ، فزجره عمر وصاح به : ما خراجك بكثير من أجل الحِرف التي تُحسنها .
وألهبت هذه الكلمات قلبه ، فأضمر له الشرّ ، وزاد في حنقه عليه أنّه اجتاز على عمر فسخر منه ، وقال له : بلغني أنّك تقول : لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت .
ولذعته هذه السخرية ، فخاطب عمر : لأصنعنّ لك رحى يتحدّث الناس بها .
وفي اليوم الثاني قام بعملية الاغتيال ، فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرّة فخرقت الصفاق ، وهي التي قضت عليه ، ثمّ هجم على مَنْ في المسجد فطعن أحد عشر رجلاً ، وعمد إلى نفسه فانتحر ، وحُمل عمر إلى داره وجراحاته تنزف دماً ، فقال لمَنْ حوله : مَنْ طعنني ؟
ـ غلام المغيرة .
ـ ألم أقل لكم : لا تجلبوا لنا من العلوج أحداً فغلبتموني ؟ .
وأحضر أهله له طبيباً ، فقال له : أيّ الشراب أحبّ إليك ؟
ـ النبيذ .
فسقوه منه فخرج من بعض طعناته صديداً ، ثم سقوه لبناً فخرج من بعض طعناته ، فيئس منه الطبيب ، وقال له : لا أرى أن تُمسي .
الشورى
ولمّا أيقن عمر بدنوّ الأجل المحتوم منه أخذ يطيل التفكير فيمَنْ يتولّى شؤون الحكم من بعده ، وقد تذكّر أعضاء حزبه الذين شاركوه في تمهيد الحكم لأبي بكر ، فأخذ يُبدي حسراته عليهم ؛ لأنّهم جميعاً قد اقتطفتهم المنيّة ، فقال بأسى وأسف : لو كان أبو عبيدة حيّاً لاستخلفته ؛ لأنّه أمين هذه الاُمّة ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لاستخلفته ؛ لأنّه شديد الحبّ لله تعالى .
لقد استعرض الأموات وتمنّى أن يقلّدهم الحكم ، ولم يعرض لسيّد العترة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، ولا للصفوة الطاهرة من صحابة النبي (صلّى الله عليه وآله) أمثال عمّار بن ياسر الطيّب ابن الطيّب ، ولا لأبي ذرّ ، ولا لرؤساء الأنصار من الذين ساهموا في بناء الإسلام واستشهد أبناؤهم في سبيله .
لقد تمنّى حضور أبي عبيدة وسالم يقلّدهما منصب رئاسة الدولة ، مع العلم أنّهما لم يكن لهما أيّة سابقة تُذكر في خدمة الإسلام .
لقد رأى عمر أن يجعلها شورى بين المسلمين وانتخب مَنْ يمثّلهم ، وهم ستة :
1 ـ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) .
2 ـ عثمان بن عفان الاُموي .
3 ـ طلحة .
4 ـ عبد الرحمن بن عوف .
5 ـ الزبير .
6 ـ سعد بن أبي وقاص .
وقد اختار عمر هؤلاء النفر لصرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؛ فقد كان معظم أعضائها من المنحرفين عن الإمام والموالين لبني اُميّة ، ولم يكن مع الإمام سوى الزبير ، وهو لا يغني شيئاً . وقد جمع عمر أعضاء الشورى ، وقدّم في كلّ واحد منهم سوى الإمام ، فانصرف عنه ، فقال عمر لمَنْ حضر عنده : والله إنّي لأعلم مكان رجل لو ولّيتموه أمركم لحملكم على المحجّة البيضاء .
فقالوا له : مَنْ هو ؟
ـ هذا المولّي من بينكم .
ـ ما يمنعك من ذلك ؟
ـ ليس إلى ذلك من سبيل .
ودعا عمر بأبي طلحة الأنصاري فعهد إليه بما يحكم أمر الشورى ، فقال له : يا أبا طلحة ، إنّ الله أعزّ بكم الإسلام ، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار ، فالزم هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله . والتفت إلى المقداد فعهد إليه بمثل ما عهد إلى أبي طلحة ، ثمّ قال له : إذا اتفق خمسة وأبى واحد منهم فاضربوا عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضربوا عنقيهما ، وإن اتّفق ثلاثة على رجل ورضي ثلاثة منهم برجلٍ آخر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس .
والتاع الإمام (عليه السّلام) وعرف أنّها مكيدة دُبّرت ضدّه ؛ فقد قال لعمّه العباس : يا عمّ ، لقد عُدلت عنّا .
وسارع العباس قائلاً : مَنْ أعلمك بذلك ؟
وكشف الإمام (عليه السّلام) الغطاء عمّا دبّره عمر ضدّه قائلاً : لقد قرن بي عثمان ، وقال : كونوا مع الأكثر ، ثمّ قال : كونوا مع عبد الرحمن ،
وسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر لعثمان ، وهم لا يختلفون ؛ فإمّا أن يولّيها عبد الرحمن عثمان ، أو يولّيها عثمان عبد الرحمن .
وصدق تفرّس الإمام ؛ فقد ولاّها عبد الرحمن لعثمان إيثاراً لمصالحه ، وابتغاءً لرجوعها إليه من بعده .
إنّ أدنى تأمّل في وضع الشورى يتّضح منه صرف الخلافة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، ووضعها عند القوى المنحرفة عنه .
وعلى أيّ حال ، فإنّ الشورى بأسلوبها الهزيل قد ألقت الاُمّة في شرّ عظيم ، وفرّقت كلمتها ، وأشاعت الطمع والتهالك على الحكم والسلطان بين أبنائها ، وقد أعلن هذه الظاهرة معاوية بن أبي سفيان ؛ فقد قال لأبي الحصين : بلغني أنّ عندك ذهناً وعقلاً ، فأخبرني عن شيء أسألك عنه .
ـ سلني عمّا بدا لك .
ـ أخبرني ما الذي شتّت شمل أمر المسلمين وملأهم وخالف بينهم ؟
ـ قتل الناس عثمان .
ـ ما صنعت شيئاً .
ـ مسير عليّ إليك وقتاله إياك .
ـ ما صنعت شيئاً .
ـ مسير طلحة والزبير وعائشة وقتال عليّ إيّاهم .
ـ ما صنعت شيئاً .
ـ ما عندي غير هذا .
وطفق معاوية يبيّن أسباب الخلاف والفرقة بين المسلمين قائلاً : أنا اُخبرك ؛ إنّه لم يُشتّت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر .
وأضاف يقول : ثمّ جعلها ـ عمر ـ شورى بين ستّة نفر ، فلم يكن رجل منهم إلاّ رجاها لنفسه ورجاها له قومه ، وتطلّعت إلى ذلك نفسه .
لقد شاعت الأطماع السياسيّة بشكل سافر عند بعض أعضاء الشورى وغيرهم ، فاندفعوا إلى خلق الحزبية في المجتمع الإسلامي للوصول إلى كرسي الحكم والظفر بخيرات البلاد .
وعلى أيّ حال ، فقد ذكرنا بصورة موضوعية وشاملة آفات الشورى في كتابنا (حياة الإمام الحسين) ، وقد ألمحنا إليها في هذه البحوث ؛ وذلك لأنّها تُلقي الأضواء على الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة في ذلك العصر الذي عاشت فيه عقيلة بني هاشم ، والتي أدّت إلى ما عانته من الأهوال والكوارث التي تذهل كلّ كائن حيّ .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|