المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



مصرع أبي الفضل (عليه السّلام)  
  
2988   01:25 مساءً   التاريخ: 6-10-2017
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : السيدة زينب (عليها السّلام) رائدة الجهاد في الإسلام
الجزء والصفحة : ص261-264.
القسم : السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب / زينب في معركة كربلاء / في كربلاء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2017 2676
التاريخ: 5-12-2017 2416
التاريخ: 5-10-2017 2400
التاريخ: 6-12-2017 10967

كان أبو الفضل العباس (عليه السّلام) من أحبّ الناس وأخلصهم للإمام الحسين (عليه السّلام) ، فقد ربّاه وغذّاه بمكارم أخلاقه ومحاسن صفاته ، وعلّمه أحكام الدين حتّى صار من أفاضل العلماء . وكان ملازماً لأخيه في حلّه وترحاله ، وواساه في أقسى المحن والخطوب ، وكانت أُخوّته لأبي عبد الله مضرب المثل عند جميع الناس .
وكانت أسارير النور بادية على وجهه الكريم حتّى لُقّب بقمر بني هاشم ، وكان من الأبطال البارزين في الإسلام ، فكان إذا ركب الفرس المطهّم تخطّان رجلاه في الأرض ، وقد أسند إليه الإمام الحسين (عليه السّلام) يوم الطفّ قيادة جيشه ودفع إليه رايته . 
وكان أبو الفضل هو المتعهّد لرعاية الصدّيقة سيدة النساء زينب (عليها السّلام) ، وقد احتلّ قلبها فكانت تكنّ له أعمق الودّ والولاء . 
ولمّا رأى قمر بني هاشم وحدة أخيه وقتل أصحابه وأهل بيته الذين قدّموا أرواحهم قرابين للإسلام انبرى يطلب الرخصة من أخيه ليلاقي مصيره المشرق ، فقال له الإمام (عليه السّلام) بصوت خافت : أنت صاحب لوائي . 
لقد كان الإمام يشعر بالقوّة والمنعة ما دام أبو الفضل حيّاً ، وألحّ عليه أبو الفضل قائلاً : لقد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين ، واُريد أن آخذ ثأري منهم . 
وطلب منه الإمام (عليه السّلام) أن يسعى لتحصيل الماء إلى الأطفال الذين صرعهم العطش ، فانعطف فخر بني هاشم نحو اُولئك الأنذال فجعل يعظهم ويطلب منهم أن يرفعوا الحصار عن الماء ؛ فقد أشرفت عائلة آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على الموت .
فأجابه الرجس الأثيم شمر بن ذي الجوشن قائلاً : يابن أبي تراب ، لو كان وجه الأرض كلّه ماءً وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة إلاّ أن تدخلوا في بيعة يزيد . 
وقفل أبو الفضل راجعاً إلى أخيه فأخبره بعتوّ القوم وإجماعهم على حرمان أهل البيت (عليهم السّلام) من الماء ، وسمع الأبيّ الشهم صراخ الأطفال وهم ينادون : العطش ، العطش ! الماء ، الماء !
وذاب قلب أبي الفضل حينما رأى الأطفال قد ذبلت شفاههم وأشرفوا على الهلاك ، فسرى الألم العاصف في محيّاه ، واندفع ببسالة لإغاثتهم ، فركب جواده وأخذ معه القربة ، فاقتحم الفرات غير حافل بالقوى المكثفة التي تقدّر بأربعة آلاف جندي مسلّح قد احتلّوا حوض الفرات ، فانهزموا من بين يديه ؛ فقد ذكّرهم ببطولات أبيه فاتح خيبر ومحطّم أوثان القرشيّين .
وانتهى إلى الماء وكان قلبه الشريف قد تفتّت من العطش ، فاغترف من الماء ليشرب منه إلاّ أنّه تذكّر عطش أخيه ومَنْ معه من النساء والأطفال ، فرمى الماء من يده ، فامتنع أن يروي غليله من الماء . 
وقد سجّل بذلك شرفاً للعلويّين تردّده الأجيال مقروناً بالإكبار والتعظيم لهذه الأُخوّة النادرة التي لم يحدّث التأريخ بمثلها . لقد رمى أبو الفضل الماء من يده وهو يقول : 
يا نفسُ من بعدِ الحسينِ هوني ... وبـعدهُ لا كـنتِ أن تكوني
هـذا الـحسينُ واردُ المنونِ ... وتـشـربينَ بـاردَ الـمعينِ
تالله مـا هـذا فـعالُ ديـني

إنّ الإنسانيّة بكلّ إجلال وإكبار لتحيّي هذه الروح العظيمة التي تألّقت في دنيا الإسلام وهي تلقي على الأجيال أسمى أمثلة للكرامة الإنسانيّة . 
أي إيثار أنبل من هذا الإيثار ؟ أيّ اُخوّة أسمى من هذه الاُخوّة ؟ 
واتّجه فخر هاشم بعد أن ملأ القربة نحو المخيّم والتحم مع الأرجاس ؛ فقد أحاطوا به من كلّ جانب ليمنعوه من إيصال الماء إلى عطاشى أهل البيت (عليهم السّلام) ، وقد أشاع فيهم بطل الإسلام القتل وهو يرتجز : 
لا أرهـب الموتَ إذا الموتُ زقا ... حـتى أوارى في المصاليتِ لقى
نفسي لسبطِ المصطفى الطهرِ وقى ... إنّـي أنـا الـعباس أغدوا بالسقا
ولا أخـاف الـشرَّ يـوم الملتقى
لقد أعلن قمر الهاشميّين عن بطولاته النادرة ، فهو لا يرهب الموت ، ويسخر من الحياة دفاعاً عن الحقّ ، ودفاعاً عن إمام المسلمين وريحانة الرسول (صلّى الله عليه وآله) . 
وانهزمت جيوش الاُمويِّين أمامه ، ولكن الوضر الجبان زيد بن الرقّاد الجهني كمن له من وراء نخلة ، ولم يستقبله بوجهه ، فضربه على يده فقطعها ، فلم يحفل بها أبو الفضل وراح يرتجز : 
واللهِ إن قـطعتمُ يميني ... إنّي اُحامي أبداً عن ديني
وعـن إمامٍ صادقِ اليقينِ ... نجلِ النبيّ الطاهرِ الأمينِ
ودلّل بهذا الرجز عن الأهداف العظيمة التي ناضل من أجلها وهي الدفاع عن الدين ، والدفاع عن إمام المسلمين وريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولم يبعد قمر بني هاشم وفخر عدنان حتّى كمن له من وراء نخلة رجس من أرجاس المجرمين ، وهو الحكيم بن الطفيل الطائي ، فضربه على يساره فبراها ، وحمل الشهم النبيل القربة بأسنانه ، وجعل يركض بالماء إلى عطاشى آل النبي غير حافل بما كان يعانيه من نزف الدماء وآلام الجروح وشدّة الظمأ .
وهذا منتهى ما وصلت إليه الإنسانيّة في جميع أدوارها من الرحمة والحنان والوفاء ، وبينما هو يركض إذ أصاب القربة سهم غادر فاُريق ماؤها ، ووقف البطل حزيناً ؛ فقد كان إراقة الماء أشدّ عليه من ضرب السيوف وطعن الرماح . 
وشدّ عليه رجس فعلاه بعمود من حديد على هامة رأسه ففلق هامته فهوى إلى الأرض ، وهو يؤدي تحيّته ووداعه الأخير إلى أخيه قائلاً : عليك منّي السّلام أبا عبد الله . 
وحمل الأثير كلماته إلى أخيه فمزّقت أحشاءه ، وانطلق وهو خائر القوى ، منهدّ الركن حتّى انتهى إلى أخيه وهو يعاني آلام الاحتضار ، فألقى بنفسه عليه وجعل يوسعه تقبيلاً قائلاً : الآن انكسر ظهري ، وقلّت حيلتي . 
وجعل أبو الأحرار يطيل النظر في أخيه وهو شاحب اللون وتمثّلت أمامه مُثل أبي الفضل التي لا ندّ لها في جميع مراحل التأريخ ؛ فليس هناك اُخوّة تضارع اُخوّة أبي الفضل لأخيه أبي الأحرار ؛ فقد أبدى من الوفاء والولاء لأخيه ما يفوق حدّ الوصف ، وقام الثاكل الحزين عن أخيه بعد ما فارقته الحياة وهو لا يتمكّن أن يقلّ قدميه من الأسى والحزن ، وقد بان عليه الانكسار ، واتّجه صوب المخيّم وهو يكفكف دموعه ، فاستقبلته سكينة بلهفة قائلة : أين عمي ؟ 
فأجابها بنبرات مشفوعة بالبكاء والعبرات بشهادته ، وذعرت حفيدة الرسول سيدة النساء زينب (عليها السّلام) ، فوضعت يدها على قلبها الذي مزّقته كوارث كربلاء ، وصاحت : وا أخاه ! وا عباساه ! وا ضيعتنا بعدك ! 
وشارك الإمام (عليه السّلام) شقيقته في النياحة على أخيه ، ورفع صوته : وا ضيعتنا بعدك يا أبا الفضل ! .
لقد شعر الإمام وشقيقته بالضياع والغربة بعد أن فقد أبا الفضل ، وكانت هذه الكارثة من أفجع الكوارث التي رُزئت بها حفيدة الرسول . 
فسلام عليك يا أبا الفضل يوم ولدت ، ويوم استشهدت ، ويوم تبعث حيّاً . 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.