أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2017
2433
التاريخ: 1-12-2017
2592
التاريخ: 5-12-2017
2554
التاريخ: 4-10-2017
2384
|
انبرت السيدة فاطمة بنت الإمام الحسين (عليه السّلام) فخطبت أبلغ خطاب وأروعه ، وكانت طفلة ، وقد برزت فيها معالم الوراثة النبويّة ، فقالت : الحمد لله عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش إلى الثرى ، أحمده واُؤمن به وأتوكّل عليه ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله) عبده ورسوله ، وأنّ ذرّيّته ذُبحوا بشطّ الفرات ، بغير ذحل ولا تراث .
اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب ، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود لوصيّة عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ، المسلوب حقّه ، المقتول بغير ذنب ـ كما قُتل ولده بالأمس ـ في بيتٍ من بيوت الله ، فيه معشر مسلمة بألسنتهم .
تعساً لرؤوسهم !
ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته ، حتّى قبضته إليك محمود النقيبة ، طيّب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم تأخذه اللّهمّ فيك لومة لائم ، ولا عذل عاذل .
هديته يا ربّ للإسلام صغيراً ، وحمدت مناقبه كبيراً ، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتّى قبضته إليك ، زاهداً في الدنيا غير حريص عليها ، راغباً في الآخرة ، مجاهداً لك في سبيلك ، رضيته فاخترته وهديته إلى صراط مستقيم .
أمّا بعد يا أهل الكوفة ، يا أهل المكر والغدر والخُيَلاء ، فإنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسناً ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ، فنحن عيبة علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجّته على أهل الأرض في بلاده لعباده ؛ أكرمنا الله بكرامته ، وفضّلنا بنبيّه محمّد (صلّى الله عليه وآله) على كثير ممّن خلق تفضيلاً بيّناً .
فكذّبتمونا وكفّرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالاً ، وأموالنا نهباً ، كأنّنا أولاد ترك أو كابل ، كما قتلتم جدّنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت ؛ لحقد متقدّم ، قرّت لذلك عيونكم ، وفرحت قلوبكم ؛ افتراء على الله ومكراً مكرتم والله خير الماكرين .
فلا تدعُوَنّكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من أموالنا ؛ فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة {فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22، 23].
تبّاً لكم ! فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأنّ قد حلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب ، ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثمّ تخلّدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين .
ويلكم ! أتدرون أيّة يدٍ طاعنتنا منكم ، وأيّة نفس نزعت إلى قتالنا ؟! أم بأيّة رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا ؟! قست والله قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطُبع على أفئدتكم ، وخُتم على أسماعكم وأبصاركم [سوّل لكم الشيطان وأملى لكم ، وجعل على بصركم] غشاوةً فأنتم لا تهتدون .
فتبّاً لكم يا أهل الكوفة ! أيّ تراث لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) قِبَلكم ، وذحول له لديكم بما غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) جدّي وبنيه وعترة النبيّ الأخيار صلوات الله وسلامه عليهم ؟!
وافتخر بذلك مفتخركم فقال :
نحن قتلنا عليّاً وبني علي ... بـسيوف هنديّة ورماحِ
وسبَينا نساءهم سبيَ تركٍ ... و نطـحناهم فـأيّ نطاحِ
بفيك أيّها القاتل الكثكث والأثلب ، افتخرت بقتل قوم زكّاهم الله وأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ! فاكظم واقع كما
أقعى أبوك ، فإنّما لكلّ امرئ ما اكتسب وما قدّمت يداه . أحسدتمونا ـ ويلاً لكم ! ـ على ما فضّلنا الله !
فما ذنبنا إن جاش دهراً بحورنا ... وبحرُك ساجٍ لا يواري الدعامصا
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد: 21] ، { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } [النور: 40].
تحدّثت سليلة النبوّة في خطابها الرائع البليغ عن اُمور بالغة الأهمية ذكرناها بالتفصيل في كتابنا (حياة الإمام الحسين) .
وأثّر خطاب السيدة الزكية فاطمة في نفوس الجماهير ؛ فقد وجلت منه عيونهم ، ووجلت قلوبهم ، وعرفوا عظيم ما اقترفوه من الإثم ، فاندفعوا ببكاء قائلين : حسبك يابنة الطاهرين ؛ فقد أحرقت قلوبنا ، وأنضجت نحورنا ، وأضمرت أجوافنا .
وأمسكت السيدة عن الكلام ، وتركت جماهير الكوفيّين في محنتهم وشقائهم
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|