أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2017
2324
التاريخ: 9-10-2017
2594
التاريخ: 27-9-2017
4877
التاريخ: 9-10-2017
2347
|
أمّا أبو الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) فهو الإمام أمير المؤمنين ، رائد الحكمة والعدالة في الإسلام ، أخو النبي (صلّى الله عليه وآله) , وباب مدينة علمه ، ومَن كان منه بمنزلة هارون من موسى ، وهو ـ فيما أجمع عليه الرواة ـ أوّل مَنْ آمن برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، واعتنق مبادئه وأهدافه ، وقام إلى جانبه قوّة ضاربة يحمي دعوته ويصون رسالته ، ويخمد بسيفه نار الحروب التي أشعلتها قريش لتطفئ نور الله ، وتقضي على الإسلام في مهده ، فوهب (سلام الله عليه) روحه لله تعالى ، فحصد ببتّاره رؤوس الطغاة من القرشيّين وأنصارهم المشركين .
لقد كان الإمام أبرز بطل في جيوش المسلمين نازل ببسالة وصمود قوى الكفر والإلحاد ، وأنزل بها الخسائر حتّى فُلّت وشُلّت جميع فعاليتها العسكرية , وباءت بالهزيمة والخسران . ولولا جهاد الإمام وكفاحه لما قام الإسلام على سوقه عبل الذراع ، مفتول الساعد ، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين !
وكان من عظيم إيمان الإمام ونصرته للإسلام مبيته على فراش النبي (صلّى الله عليه وآله) ووقايته له بنفسه حينما أجمعت قريش على قتله ، وكانت هذه المواساة الرائعة أعظم نصر للإسلام ؛ فقد نجا النبي (صلّى الله عليه وآله) من أقسى مؤامرة دُبّرت لاغتياله ، فقد فشلت وأنقذ الله تعالى نبيّه من تلك الوحوش الكاسرة التي أرادت أن تطفئ نور الإسلام وتعيد الظلام للأرض.
لقد صحب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) منذ نعومة أظفاره النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وتخلّق بطباعه وأفكاره ، وتغذّى بحِكَمه وعلومه ، فكان باب مدينة علمه ، وقد أثرت عنه من العلوم ما يبهر العقول .
يقول العقاد : إنّه فتح ما يربو على ثلاثين علماً لم تكن معروفة قبله ؛ كعلم الكلام والفلسفة والقضاء والحساب وغيرها ، وهو القائل : سلوني قبل أن تفقدوني ، ولم يفه أحدٌ بمثل هذه الكلمة غيره .
وقد أخبر عن علمه وإحاطته بأسرار الكون والفضاء ، فقال : سلوني عن طرق السماء ، فإنّي أعرف بها من طرق الأرض.
كما تحدّث عن درايته بما احتوت عليه الكتب السماويّة من أحكام قائلاً : لو ثُنيت لي الوسادة لأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الزبور بزبورهم ، وأهل الفرقان بفرقانهم ، وأهل القرآن بقرآنهم.
لقد كان الإمام (عليه السّلام) أعظم عملاق في الميادين العلميّة عرفته الإنسانيّة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) ، ويدلّ على طاقاته العلميّة الهائلة كتابه نهج البلاغة الذي هو من أعظم ما تملكه الإنسانيّة من تراثٍ بعد القرآن الكريم .
ومن مظاهر شخصيّة الإمام (عليه السّلام) زهده في الدنيا وعدم احتفائه بأيّ زينةٍ من زينة الحياة ، فقد تقلّد الحكم وتشرفت الدولة الإسلاميّة بقيادته ، فزهد في جميع مظاهر السلطة ، وجعل الحكم وسيلة لإقامة الحقّ والعدل ونشر المساواة بين الناس ، ولم يستخدم السلطة لتنفيذ رغباته والظفر بالثراء العريض .
ومن المقطوع به إنّه ليس في تأريخ الشرق العربي وغيره حاكم كالإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد عنى بالصالح العام ، وتجرّد عن كلّ منفعة شخصية له ، وهو القائل لابن عباس ، وكان يصلح نعله الذي هو من ليف : يابن عباس ، ما قيمة هذا النعل ؟ .
[ قال ابن عباس : ] لا قيمة له يا أمير المؤمنين .
[ فقال الإمام (عليه السّلام) ] : والله , لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلاّ أن اُقيم حقّاً ، أو أدفع باطلاً.
لقد تبنّى العدل الخالص والحقّ المحض في جميع مراحل حكمه ؛ فالقريب والبعيد عنده سواء ، والقوي عنده ضعيف حتّى يأخذ منه الحقّ ، والضعيف عنده قوي حتّى يأخذ له بحقّه . وقد أوجد في أيام خلافته وعياً سياسياً أصيلاً وهو التمرّد على الظلم , ومقارعة الجبابرة والطغاة .
وكان أبرز مَنْ تغذّى بهذا الوعي ولده أبو الأحرار الإمام الحسين (عليه السّلام) , وبطلة الإسلام ابنته سيدة النساء زينب (عليها السّلام) ، وكوكبة من مشاهير أصحابه ؛ كحجر بن عدي , وعمرو بن الحمق الخزاعي , وميثم التمّار , وغيرهم من بُناة المجد الإسلامي الذين ثاروا على الظالمين .
وعلى أي حال ، فهذا العملاق العظيم هو أبو الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) ، فقد غذّاها بمثله ومكوّناته النفسية ، وأفرغ عليها أشعة من روحه الثائرة على الظلم والطغيان ، فكانت تحكيه في انطباعاته واتجاهاته ، فقارعت الظالمين ، وناجزت الطغاة المستبدّين ، وأذلّت الجبابرة المتكبّرين وألحقت بهم الخزي والدمار .
لقد وقفت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ومفخرة الإسلام إلى جانب أخيها أبي الأحرار حينما فجّر ثورته الكبرى التي هي أعظم ثورة إصلاحية عرفها التأريخ الإنساني .
وقد شابهت بذلك أباها رائد العدالة الاجتماعية حينما وقف إلى جانب جدّها الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) حينما أعلن دعوته الخالدة الهادفة إلى تحرير الفكر البشري من عوامل الانحطاط والتأخّر ، وإنارته بالعلوم والعرفان , ودفعه إلى إقامة مجتمع متوازن في سلوكه وإرادته .
لقد كانت هذه السيّدة العظيمة في سيرتها وسلوكها من أشبه الناس بأبيها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؛ فقد تبنّت بصورة إيجابية جميع أهدافه ومخطّطاته ومواقفه التي منها نصرته للإسلام في أيام محنته وغربته .
وكذلك هذه السيّدة العملاقة نصرت الإسلام حينما عاد غريباً في ظلّ الحكم الاُموي الذي استهدف قلع جذور الإسلام ولفّ لوائه ، وإعادة الحياة الجاهليّة بأوثانها وأصنامها ، ولكنّها مع أخيها (سلام الله عليها) قد أفسدت مخطّطات الاُمويِّين ، وأعادت للإسلام نضارته ومجده .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|