أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-9-2017
10393
التاريخ: 26-9-2017
14040
التاريخ: 26-9-2017
3765
التاريخ: 26-9-2017
4608
|
قال تعالى : {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } [الرحمن: 46 - 78].
عقب سبحانه الوعيد بالوعد فقال {ولمن خاف مقام ربه} أي مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية والشهوة قال مجاهد وهو الذي يهم بالمعصية فيذكر الله تعالى فيدعها وقيل هذا لمن راقب الله تعالى في السر والعلانية جملة فما عرض له من محرم تركه من خشية الله وما عرض له من خير عمله وأفضى به إلى الله تعالى لا يطلع عليه أحد وقال الصادق (عليه السلام) من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول من خير وشر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فله {جنتان} أي جنة عدن وجنة النعيم عن مقاتل وقيل بستانان من بساتين الجنة إحداهما داخل القصر والأخرى خارج القصر كما يشتهي الإنسان في الدنيا وقيل إحدى الجنتين منزله والأخرى منزل أزواجه وخدمه عن الجبائي وقيل جنة من ذهب وجنة من فضة.
ثم وصف الجنتين فقال {ذواتا أفنان} أي ذواتا ألوان من النعيم عن ابن عباس وقيل ذواتا ألوان من الفواكه عن الضحاك وقيل ذواتا أغصان عن الأخفش والجبائي ومجاهد أي ذواتا أشجار لأن الأغصان لا تكون إلا من الشجر فدل بكثرة أغصانها على كثرة أشجارها وبكثرة أشجارها على تمام حالها وكثرة ثمارها لأن البستان إنما يكمل بكثرة الأشجار والأشجار لا تحسن إلا بكثرة الأغصان.
{فيهما عينان تجريان} أي في الجنتين عينان من الماء تجريان بين أشجارهما وقيل عينان إحداهما السلسبيل والأخرى التسنيم عن الحسن وقيل إحداهما من ماء غير آسن والأخرى من خمر لذة للشاربين عن عطية العوفي {فيهما من كل فاكهة زوجان} أي في كلتا الجنتين من كل ثمرة نوعان وضربان متشاكلان كتشاكل الذكر والأنثى فلذلك سماهما زوجين وذلك كالرطب واليابس من العنب والزبيب والرطب واليابس من التين وكذلك سائر الأنواع لا يقصر يابسة عن رطبة في الفضل والطيب وقيل معناه فيهما من كل نوع من الفاكهة ضربان ضرب معروف وضرب من شكله غريب لم يعرفوه في الدنيا.
{متكئين} حال ممن ذكروا في قوله {ولمن خاف مقام ربه} أي قاعدين كالملوك {على فرش بطائنها من استبرق} أي من ديباج غليظ ذكر البطانة ولم يذكر الظهارة لأن البطانة تدل على أن لها ظهارة والبطانة دون الظهارة فدل على أن الظهارة فوق الإستبرق وقيل إن الظهائر من سندس وهو الديباج الرقيق والبطانة من استبرق وقيل الإستبرق الحرير الصيني وهوبين الغليظ والدقيق وروي عن ابن مسعود أنه قال هذه البطائن فما ظنكم بالظهائر وقيل لسعيد بن جبير البطائن من استبرق فما الظهائر قال هذا مما قال الله تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
{وجنى الجنتين دان} الجنى الثمر المجتنى أي تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا عن ابن عباس وقيل ثمار الجنتين دانية إلى أفواه أربابها فيتناولونها متكئين فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك عن مجاهد {فيهن} أي في الفرش التي ذكرها ويجوز أن يريد في الجنان لأنها معلومة وإن لم تذكر {قاصرات الطرف} قصرن طرفهن على أزواجهن لم يردن غيرهم عن قتادة وقال أبو(2) ذر أنها تقول لزوجها وعزة ربي ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك فالحمد لله الذي جعلني زوجتك وجعلك زوجي والطرف جفن العين لأنه طرف لها ينطبق عليها تارة وينفتح تارة.
{لم يطمثهن} أي لم يفتضهن والافتضاض النكاح بالتدمية والمعنى لم يطأهن ولم يغشهن {إنس قبلهم ولا جان} فهن أبكار لأنهن خلقن في الجنة فعلى هذا القول هؤلاء من حور الجنة وقيل هن من نساء الدنيا لم يمسسهن منذ أنشئن خلق عن الشعبي والكلبي أي لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان قال الزجاج وفي هذه الآية دليل على أن الجني يغشى كما يغشى الإنسي وقال ضمرة بن حبيب وفيها دليل على أن للجن ثوابا وأزواجا من الحور فالإنسيات للإنس والجنيات للجن قال البلخي المعنى إن ما يهب الله لمؤمني الإنس من الحور لم يطمثهن إنس وما يهب الله لمؤمني الجن من الحور لم يطمثهن جان.
{كأنهن الياقوت والمرجان} أي هن على صفاء الياقوت في بياض المرجان عن الحسن وقتادة وقال الحسن المرجان أشد اللؤلؤ بياضا وهو صغاره . وفي الحديث : ((أن المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها(3) من وراء سبعين حلة من حرير)) عن ابن مسعود كما يرى السلك من وراء الياقوت {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} أي ليس جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة وقيل هل جزاء من قال (لا إله إلا الله) وعمل بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلا الجنة عن ابن عباس وجاءت الرواية عن أنس بن مالك قال قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) هذه الآية فقال هل تدرون ما يقول ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن ربكم يقول ((هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة)).. وقيل معناه هل جزاء من أحسن إليكم بهذه النعم إلا أن تحسنوا في شكره وعبادته وروى العياشي بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن علي بن سالم قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول آية في(4) كتاب الله مسجلة قلت ما هي قال قول الله تعالى {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر ومن صنع إليه معروف فعليه أن يكافىء به وليس المكافاة أن تصنع كما صنع حتى يربي فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء .
ثم قال سبحانه {ومن دونهما جنتان} أي ومن دون الجنتين اللتين ذكرناهما لمن خاف مقام ربه جنتان أخريان دون الجنتين الأوليين فإنهما أقرب إلى قصره ومجالسة في قصره ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة إلى جنة على ما هو معروف من طبع البشر من شهوة مثل ذلك ومعنى دون هنا مكان قريب من الشيء بالإضافة إلى غيره مما ليس له مثل قربه وهو ظرف مكان وإنما كان التنقل من جنة إلى جنة أخرى أنفع لأنه أبعد من الملل الذي طبع عليه البشر وقيل إن المعنى إنهما دون الجنتين الأوليين في الفضل فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال ((جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما)).
وروى العياشي بالإسناد عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له جعلت فداك أخبرني عن الرجل المؤمن تكون له امرأة مؤمنة يدخلان الجنة يتزوج أحدهما الآخر فقال يا أبا محمد إن الله حكم عدل إذا كان هو أفضل منها خيره فإن اختارها كانت من أزواجه وإن كانت هي خيرا منه خيرها فإن اختارته كان زوجا لها قال وقال أبوعبد الله (عليه السلام) لا تقولن الجنة واحدة أن الله يقول {ومن دونهما جنتان} ولا تقولن درجة واحدة أن الله يقول درجات بعضها فوق بعض إنما تفاضل القوم بالأعمال قال وقلت له إن المؤمنين يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبه قال من كان فوقه فله أن يهبط ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد لأنه لا يبلغ ذلك المكان ولكنهم إذا أحبوا ذلك واشتهوه التقوا على الأسرة .
وعن العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له إن الناس يتعجبون منا إذا قلنا يخرج قوم من جهنم(5) فيدخلون الجنة فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنة فقال يا علاء إن الله يقول {ومن دونهما جنتان} لا والله لا يكونون مع أولياء الله قلت كانوا كافرين قال (عليه السلام) لا والله لو كانوا ما دخلوا الجنة قلت كانوا مؤمنين قال لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار ولكن بين ذلك وتأويل هذا لو صح الخبر أنهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وأخيارهم.
ثم وصف الجنتين فقال {مدهامتان} أي من خضرتهما قد اسودتا من الري وكل نبت أخضر فتمام خضرته أن يضرب إلى السواد وهو على أتم ما يكون من الحسن وهذا على قول من قال إن الجنات الأربع لمن خاف مقام ربه وهو قول ابن عباس وقيل الأوليان للسابقين والأخريان للتابعين عن الحسن {فيهما عينان نضاختان} أي فوارتان بالماء ينبع من أصلهما ثم يجريان عن الحسن قال ابن عباس تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور وقيل تنضخان بأنواع الخبرات.
{فيهما فاكهة} يعني ألوان الفاكهة {ونخل ورمان} وحكى الزجاج عن يونس النحوي وهومن قدماء النحويين أن النخل والرمان من أفضل الفواكه وإنما فصلا بالواو لفضلهما قال الأزهري ما علمت أن أحدا من العرب قال في النخل والكرم وثمارها إنها ليست من الفاكهة وإنما قال ذلك من قال لقلة علمه بكلام العرب وتأويل القرآن العربي المبين والعرب تذكر الأشياء جملة ثم تختص شيئا منها بالتسمية تنبيها على فضل فيه كما قال سبحانه من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل}.
{فيهن} يعني في الجنات الأربع {خيرات حسان} أي نساء خيرات الأخلاق حسان الوجوه روته أم سلمة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل خيرات فاضلات في الصلاح والجمال عن الحسن حسان في المناظر والألوان وقيل إنهن نساء الدنيا ترد عليهم في الجنة وهن أجل من الحور العين وقيل خيرات مختارات عن جرير بن عبد الله وقيل لسن بذربات ولا زفرات ولا بخرات ولا متطلعات ولا متسوفات(6) ولا متسلطات ولا طماخات ولا طوافات في الطرق ولا يغرن ولا يؤذين وقال عقبة بن عبد الغفار ونساء أهل الجنة يأخذ بعضهن بأيدي بعض ويتغنين بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها : نحن الراضيات فلا نسخط ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن خيرات حسان ، حبيبات الأزواج كرام وقالت عائشة أن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابتهن المؤمنات من نساء الدنيا نحن المصليات وما صليتن ونحن الصائمات وما صمتن ونحن المتوضئات وما توضأتن ونحن المتصدقات وما تصدقتن فغلبتهن والله.
{حور} أي بيض حسان البياض عن ابن عباس ومجاهد ومنه الدقيق الحواري لشدة بياضه والعين الحوراء إذا كانت شديدة بياض البياض شديدة سواد السواد وبذلك يتم حسن العين {مقصورات في الخيام} أي محبوسات في الحجال مستورات في القباب عن ابن عباس وأبي العالية والحسن والمعنى إنهن مصونات مخدرات لا يبتذلن(7) وقيل مقصورات أي قصرن على أزواجهن فلا يردن بدلا منهم عن مجاهد والربيع وقيل إن لكل زوجة خيمة طولها ستون ميلا عن ابن مسعود وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال الخيمة درة واحدة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها أهلا أهل للمؤمن لا يراه الآخرون وعن ابن عباس قال الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ فيها أربعة آلاف مصراع عن وهب(8) وعن أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال مررت ليلة أسري بي بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت منه السلام عليك يا رسول الله فقلت يا جبرائيل من هؤلاء قال هؤلاء جوار(9) من الحور العين استأذن ربهن عز وجل أن يسلمن عليك فأذن لهن فقلن نحن الخالدات فلا نموت ونحن الناعمات فلا نيأس(10) أزواج رجال كرام ثم قرأ (صلى الله عليه وآله وسلّم) {حور مقصورات في الخيام}.
{لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} مر معناه والوجه في التكرير الإبانة عن أن صفة الحور المقصورات في الخيام كصفة القاصرات الطرف {متكئين على رفرف خضر} أي على فرش مرتفعة عن الجبائي وقيل الرفرف رياض الجنة والواحدة رفرفة عن سعيد بن جبير وقيل هي المجالس عن ابن عباس وقتادة والضحاك وقيل هي المرافق يعني الوسائد عن الحسن {وعبقري حسان} أي وزرابي حسان عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وهي الطنافس وقيل العبقري الديباج عن مجاهد وقيل هي البسط عن الحسن قال القتيبي كل ثوب موشى فهو عبقري وهو جمع ولذلك قال {حسان}.
ثم ختم السورة بما ينبغي أن يبجل به ويعظم فقال {تبارك اسم ربك} أي تعاظم وتعالى اسم ربك لأنه استحق أن يوصف بما لا يوصف به غيره من كونه قديما وإلها وقادرا لنفسه وعالما لنفسه وحيا لنفسه وغير ذلك {ذي الجلال} أي ذي العظمة والكبرياء {والإكرام} يكرم أهل دينه وولايته عن الحسن وقيل معناه عظمة البركة في اسم ربك فاطلبوا البركة في كل شيء بذكر اسمه وقيل إن اسم صلة لمعنى تبارك ربك قال لبيد :
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما *** ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
وقيل إن المعنى أن اسمه منزه عن كل سوء له الأسماء الحسنى وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال ((انطقوا بياذا الجلال والإكرام)) أي داوموا عليه .
________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج19 ، ص345-353.
2- وفي نسخة : ابن زيد بدل ابو ذر .
3- وفي نسخة : ساقيها.
4- وفي نسخة : من .
5- وفي نسخة : من النار.
6- وفي مخطوطة : المتشوقات . والمتشوق : من يظهر الشوق تكلفا.
7- وفي المخطوطة : ((لا يتبدلن)).
8- وفي سائر النسخ : ((عن ذهب)).
9- وفي نسخة : ((حور)).
10- وفي نسخة : ((لا نبئس )) وفي اخرى ((لا نيبس)).
بعد أن هدد سبحانه وتوعد من طغى وبغى أمّن ووعد من اتقى وصدق بالحسنى ، وعده بجنة تفوق الوصف بطعامها وشرابها وحورها وولدانها وأشجارها وأنهارها وأثاثها وحليها . . إلى ما نعرف له مثيلا وما لا نعرف . . وأكثر هذه الآيات واضحة المعنى لا تحتاج إلى تفسير ، بالإضافة إلى انها تكرار لما سبق ، لذا نختصر في التفسير إلا إذا مست الحاجة .
{ولِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} . المراد بمقام اللَّه انه قائم على كل نفس يعلم سرها وجهرها . وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : ان من علم ان اللَّه يراه ويسمع ما يقول فيحجزه ذلك عن القبيح فقد خاف مقام ربه . . وللمفسرين أقوال في معنى الجنتين ، أقربها إلى الافهام انهما حديقتان في الجنة لأن الجنة في اللغة الحديقة ، ويؤيد ذلك قوله تعالى في وصف الجنتين : {ذَواتا أَفْنانٍ} أي أغصان تمتد وتورق وتثمر {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} ؟ . هل تكذبان يا معشر الجن والإنس بهذه النعمة التي ذكرتها ؟ . وكل سؤال يأتي بهذه الصيغة فالمسئول عنه هو نفس النعمة التي ذكرها سبحانه قبل السؤال - إذن - لا داعي لذكره وبيان المسؤول عنه .
{فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ} المعنى واضح ومع هذا قال أحد المفسرين : أي تسرحان . .
وقال آخر : أي تجريان بين الشجر . . وقال ثالث : اسم إحداهما التسنيم ، واسم الأخرى السلسبيل . . وقال رابع : تجريان لمن كانت عيناه تجريان بالدموع خوفا من اللَّه . . ولا مصدر لهذه التفاسير إلا حرص أصحابها على الكلام . . ولما ذا يحرصون على الكلام ؟ لأنهم مفسرون . . {فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} . للفاكهة الواحدة نوعان كالعنب والزبيب ، والتمر والرطب ، والتفاح السكري وغيره - مثلا - {مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} وهو الحرير الغليظ {وجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ} . الجنى الثمر ، ودان قريب ، ومثله {قُطُوفُها دانِيَةٌ} - 23 الحاقة .
{فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَانٌّ} . قال صاحب البحر المحيط : {ضمير فيهن عائد إلى الجنان الدال عليهن جنتان في الآية السابقة ، إذ كل فرد له جنتان ، فصح انها جنان كثيرة} أما ضمير قبلهم فيعود إلى أزواج الحور ، وقاصرات الطرف صفة لموصوف مقدر ، وهو الحور ، والمعنى ان الحور لا ينظرن إلى غير أزواجهن ، وأيضا هن أبكار كما خلقن {كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ والْمَرْجانُ} بهاء وجمالا .
الأجر حق والزيادة تفضل :
{هَلْ جَزاءُ الإِحْسانِ إِلَّا الإِحْسانُ} . كل ما يراه الناس حسنا أو إحسانا فهو عند اللَّه كذلك ، شريطة ان لا يأباه العقل السليم ولا ينهى عنه الشرع القويم ، وإلا فإن أهل الجاهلية كانوا يستحسنون عبادة الأصنام وظلم الضعيف بخاصة المرأة .
حتى في عصرنا يستحسن الملايين عبادة الأصنام والإنسان ، ويجعلون للَّه أولادا وأندادا . . وما من شك ان هذه من أقبح العادات . . فإذا عمل الإنسان عملا ، ورآه الناس حسنا ، ولم يرد فيه نهي من العقل والشرع - فإن صاحبه يستحق من اللَّه الأجر والكرامة ، ويزيده من فضله أضعافا على ما يستحق : {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وزِيادَةٌ} - 26 يونس .
وقال جماعة من علماء الكلام : ان الثواب من اللَّه على فعل الواجب تفضل لا مكافأة فيه ولا استحقاق . وقال آخرون : بل هو مكافأة واستحقاق . وقال الإمام علي {عليه السلام} : (لوكان لأحد ان يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا للَّه سبحانه دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه ، ولكنه جعل حقه على العباد ان يطيعوه ، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا بما هومن المزيد أهله) .
ومعنى هذا ان اللَّه له وعليه ، ولا شيء أصرح في الدلالة على ذلك من قوله : (لوكان لأحد ان يجري ولا يجرى عليه لكان ذلك خالصا للَّه سبحانه دون خلقه) .
فلله سبحانه الطاعة على عباده ، وعليه ، جلت حكمته ، الأجر والمكافأة على مقدار العمل ، وما زاد فهو تفضل منه تعالى وتوسع . ويتفق هذا مع حكم العقل والفطرة ، فإن الناس كل الناس يرونك مفضلا ومحسنا إذا أعطيت من عمل لك فوق أجرته واستحقاقه ، أما إذا أديته أجرة عمله بلا زيادة ونقصان فأنت عندهم من الأوفياء ، لا من المحسنين الكرماء . هذا ، إلى ان الإسلام بأصوله وفروعه يبتني على فكرة العدل ، والأجر على العمل حق واجب الأداء في منطق العدل وحكمه .
{ومِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ} . الضمير في دونهما يعود إلى الجنتين في قوله تعالى :
{ولِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} أي ان هناك جنتين أخريين ، أوصافهما أدنى من أوصاف السابقتين ، ومعنى هذا ان في الجنة درجات متفاضلات ، ومنازل متفاوتات تبعا لدرجات المؤمنين في ايمانهم ، وتفاوت العاملين في أعمالهم ، وهذا ما يستدعيه منطق الحق ومبدأ العدل ، وبه يتبين ان الجنتين في قوله تعالى : {ولِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} هما للذين أقوى إيمانا ، وأنفع أعمالا ، وأكثر جهادا من غيرهم ، وان الجنتين في قوله : {مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ} هما للذين أقل عملا وجهادا من أصحاب الجنتين الأوليين {مُدْهامَّتانِ} أي يميل لونهما إلى السواد من من شدة الخضرةِ {فيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ} ينبع منهما الماء ، أما العينان المتقدمتان فإنهما تجريان ، والنضخ دون الجري وكما ان الجنتين هنا دون الجنتين هناك كذلك العينان .
{فِيهِما فاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمَّانٌ} . قال بعض المفسرين : ان النخل والرمان ليسا من الفاكهة ، ولذا عطفا عليها . وقال الرازي : الفاكهة منها أرضية كالبطيخ ونحوه ، ومنها شجرية كالنخل وغيره ، وعليه يكون عطف النخل والرمان على الفاكهة من باب عطف الخاص على العام {فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ} . نساء خيرات
في أخلاقهن حسان في خلقهن {حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ} . قال صاحب مجمع البيان : أي محبوسات في الحجال ، وهي قباب تضرب على النساء الملازمات للبيوت . وقال غيره : بل المراد الخيام بالذات ، فإن لبعضها من الجمال والروعة ما ليس لكثير من البيوت . . وهذا أقرب لظاهر اللفظ من الحجال {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَانٌّ} أي انهن أبكار . وتقدم بالحرف في الآية 56 من هذه السورة {مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ} . الرفرف الوسادة أي المخدة أو المسند ، والعبقري ضرب من البسط {تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ والإِكْرامِ} .
للَّه العظمة والكبرياء ، ومنه الإكرام والإفضال على خلقه . انظر فقرة {اللَّه والإنسان وابن عربي} عند تفسير الآية 27 من هذه السورة .
______________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص214-217.
قوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان}شروع في وصف حال السعداء من الخائفين مقام ربهم، والمقام مصدر ميمي بمعنى القيام مضاف إلى فاعله، والمراد قيامه تعالى عليه بعمله وهو إحاطته تعالى وعلمه بما عمله وحفظه له وجزاؤه عليه قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33].
ويمكن أن يكون المقام اسم مكان والإضافة لامية والمراد به مقامه وموقفه تعالى من عبده وهو أنه تعالى ربه الذي يدبر أمره ومن تدبير أمره أنه دعاه بلسان رسله إلى الإيمان والعمل الصالح وقضى أن يجازيه على ما عمل خيرا أوشرا هذا وهو محيط به وهو معه سميع بما يقول بصير بما يعمل لطيف خبير.
والخوف من الله تعالى ربما كان خوفا من عقابه تعالى على الكفر به ومعصيته، ولازمه أن يكون عبادة من يعبده خوفا بهذا المعنى يراد بها التخلص من العقاب لا لوجه الله محضا وهو عبادة العبيد يعبدون مواليهم خوفا من السياسة كما أن عبادة من يعبده طمعا في الثواب غايتها الفوز بما تشتهيه النفس دون وجهه الكريم وهي عبادة التجار كما في الروايات وقد تقدم شطر منها.
والخوف المذكور في الآية - ولمن خاف مقام ربه - ظاهره غير هذا الخوف فإن هذا خوف من العقاب وهو غير الخوف من قيامه تعالى على عبده بما عمل أو الخوف من مقامه تعالى من عبده فهو تأثر خاص ممن ليس له إلا الصغار والحقارة تجاه ساحة العظمة والكبرياء، وظهور أثر المذلة والهوان والاندكاك قبال العزة والجبروت المطلقين.
وعبادته تعالى خوفا منه بهذا المعنى من الخوف خضوع له تعالى لأنه الله ذو الجلال والإكرام لا لخوف من عقابه ولا طمعا في ثوابه بل فيه إخلاص العمل لوجهه الكريم، وهذا المعنى من الخوف هو الذي وصف الله به المكرمين من ملائكته وهم معصومون آمنون من عقاب المخالفة وتبعة المعصية قال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } [النحل: 50].
فتبين مما تقدم أن الذين أشار إليهم بقوله: {ولمن خاف}أهل الإخلاص الخاضعون لجلاله تعالى العابدون له لأنه الله عز اسمه لا خوفا من عقابه ولا طمعا في ثوابه، ولا يبعد أن يكونوا هم الذين سموا سابقين في قوله: { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 7 - 11].
وقوله: {جنتان} قيل: إحداهما منزله ومحل زيارة أحبابه له والأخرى منزل أزواجه وخدمه، وقيل: بستانان بستان داخل قصره وبستان خارجه، وقيل: منزلان ينتقل من أحدهما إلى الآخر ليكمل به التذاذه، وقيل: جنة لعقيدته وجنة لعمله، وقيل: جنة لفعل الطاعات وجنة لترك المعاصي، وقيل: جنة جسمانية وجنة روحانية وهذه الأقوال - كما ترى - لا دليل على شيء منها.
وقيل: جنة يثاب بها وجنة يتفضل بها عليه، ويمكن أن يستشعر ذلك من قوله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35] ، على ما مر في تفسيره.
قوله تعالى: {ذواتا أفنان} ذواتا تثنية ذات، و{أفنان} إما جمع فن بمعنى النوع والمعنى: ذواتا أنواع من الثمار ونحوها، وإما جمع فنن بمعنى الغصن الرطب اللين والمعنى: ذواتا أغصان لينة أشجارهما.
قوله تعالى: {فيهما عينان تجريان}وقد أبهمت العينان وفيه دلالة على فخامة أمرهما.
قوله تعالى: {فيهما من كل فاكهة زوجان} أي صنفان قيل: صنف معروف لهم شاهدوه في الدنيا وصنف غير معروف لم يروه في الدنيا، وقيل: غير ذلك، ولا دلالة في الكلام على شيء من ذلك.
قوله تعالى: {متكئين على فرش بطائنها من إستبرق} إلخ، الفرش جمع فراش، والبطائن جمع بطانة وهي داخل الشيء وجوفه مقابل الظهائر جمع ظهارة، والإستبرق الحرير الغليظ قال في المجمع،: ذكر البطانة ولم يذكر الظهارة لأن البطانة تدل على أن لها ظهارة والبطانة دون الظهارة فدل على أن الظهارة فوق الإستبرق، انتهى.
وقوله: {وجنى الجنتين دان}الجنى الثمر المجتنى و{دان}اسم فاعل من الدنو بمعنى القرب أي ما يجتنى من ثمار الجنتين قريب.
قوله تعالى: {فيهن قاصرات الطرف} إلى آخر الآية ضمير {فيهن}للفرش وجوز أن يرجع إلى الجنان فإنها جنان لكل واحد من أولياء الله منها جنتان، والطرف جفن العين، والمراد بقصور الطرف اكتفاؤهن بأزواجهن فلا يردن غيرهم.
وقوله: {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} الطمث الافتضاض والنكاح بالتدمية، والمعنى: لم يمسسهن بالنكاح إنس ولا جان قبل أزواجهن.
قوله تعالى: {كأنهن الياقوت والمرجان}أي في صفاء اللون والبهاء والتلالؤ.
قوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} استفهام إنكاري في مقام التعليل لما ذكر من إحسانه تعالى عليهم بالجنتين وما فيهما من أنواع النعم والآلاء فيفيد أنه تعالى يحسن إليهم هذا الإحسان جزاء لإحسانهم بالخوف من مقام ربهم.
وتفيد الآية أن ما أوتوه من الجنة ونعيمها جزاء لأعمالهم وأما ما يستفاد من بعض الآيات أنهم يعطون فضلا وراء جزاء أعمالهم فلا تعرض في هذه الآيات لذلك إلا أن يقال: الإحسان إنما يتم إذا كان يربو على ما أحسن به المحسن إليه فإطلاق الإحسان في قوله: {إلا الإحسان} يفيد الزيادة.
قوله تعالى: {ومن دونهما جنتان} ضمير التثنية للجنتين الموصوفتين في الآيات السابقة ومعنى.
{من دونهما} أي أنزل درجة وأحط فضلا وشرفا منهما وإن كانتا شبيهتين بالجنتين السابقتين في نعمهما وآلائهما، وقد تقدم أن الجنتين السابقتين لأهل الإخلاص الخائفين مقام ربهم فهاتان الجنتان لمن دونهم من المؤمنين العابدين لله سبحانه خوفا من النار أو طمعا في الجنة وهم أصحاب اليمين.
وقيل: معنى {من دونهما} بالقرب منهما، ويستفاد من السياق حينئذ أن هاتين الجنتين أيضا لأهل الجنتين المذكورتين قبلا بل ادعى بعضهم أن هاتين الجنتين أفضل من السابقتين والصفات المذكورة فيهما أمدح.
وأنت بالتدبر فيما قدمناه في معنى لمن خاف مقام ربه وما يستفاد من كلامه تعالى أن أهل الجنة صنفان: المقربون أهل الإخلاص وأصحاب اليمين تعرف قوة الوجه السابق.
قوله تعالى: {مدهامتان} الادهيمام من الدهمة اشتداد الخضرة بحيث تضرب إلى السواد وهو ابتهاج الشجرة.
قوله تعالى: {فيهما عينان نضاختان} أي فوارتان تخرجان من منبعهما بالدفع.
قوله تعالى: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} المراد بالفاكهة والرمان شجرتهما بقرينة النخل.
قوله تعالى: {فيهن خيرات حسان} ضمير {فيهن} للجنان باعتبار أنها جنتان من هاتين الجنتين، وقيل: مرجع الضمير الجنات الأربع المذكورة في الآيات، وقيل: الضمير للفاكهة والنخل والرمان.
وأكثر ما يستعمل الخير في المعاني كما أن أكثر استعمال الحسن في الصور، وعلى هذا فمعنى خيرات حسان أنهن حسان في أخلاقهن حسان في وجوههن.
قوله تعالى: {حور مقصورات في الخيام} الخيام جمع خيمة وهي الفسطاط، وكونهن مقصورات في الخيام أنهن مصونات غير مبتذلات لا نصيب لغير أزواجهن فيهن.
قوله تعالى: {لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} تقدم معناه.
قوله تعالى: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} في الصحاح،: الرفرف ثياب خضر تتخذ منها المجالس.
انتهى.
وقيل: هي الوسائد، وقيل: غير ذلك، والخضر جمع أخضر صفة لرفرف، والعبقري قيل: الزرابي، وقيل: الطنافس، وقيل: الثياب الموشاة، وقيل: الديباج.
قوله تعالى: {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام} ثناء جميل له تعالى بما امتلأت النشأتان الدنيا والآخرة بنعمه وآلائه وبركاته النازلة من عنده برحمته الواسعة، وبذلك يظهر أن المراد باسمه المتبارك هو الرحمن المفتتحة به السورة، و التبارك كثرة الخيرات والبركات الصادرة.
فقوله: {تبارك اسم ربك} تبارك الله المسمى بالرحمن بما أفاض هذه الآلاء.
وقوله: {ذي الجلال والإكرام} إشارة إلى تسميه بأسمائه الحسنى واتصافه بما يدل عليه من المعاني الوصفية ونعوت الجلال والجمال، ولصفات الفاعل ظهور في أفعاله وأثر فيها يرتبط به الفعل بفاعله فهو تعالى خلق الخلق ونظم النظام لأنه بديع خالق مبدىء فأتقن الفعل لأنه عليم حكيم وجازى أهل الطاعة بالخير لأنه ودود شكور غفور رحيم وأهل الفسق بالشر لأنه منتقم شديد العقاب.
فتوصيف الرب - الذي أثنى على سعة رحمته - بذي الجلال والإكرام للإشارة إلى أن لأسمائه الحسنى وصفاته العليا دخلا في نزول البركات والخيرات من عنده، وأن نعمه وآلاءه عليها طابع أسمائه الحسنى وصفاته العليا تبارك وتعالى.
________________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص95-98.
الجنّتان اللتان اُعدّتا للخائفين:
يترك القرآن الكريم وصفه لأهل النار وحالاتهم البائسة لينقلنا إلى صفحة جديدة من صفحات يوم القيامة، ويحدّثنا فيها عن الجنّة وأهلها، وما أعدّ لهم من النعم فيها، والتي يصوّرها سبحانه بشكل مشوّق ومثير ينفذ إلى أعماق القلوب في عملية مقارنة لما عليه العاصون من عذاب شديد يحيط بهم والتي تحدّثت عنها الآيات السابقة، وما ينتظر المؤمنين من جنّات وعيون وقصور وحور في الآيات أعلاه، يقول سبحانه: {ولمن خاف مقام ربّه جنّتان}.
«الخوف» من مقام الله، جاء بمعنى الخوف من مواقف يوم القيامة والحضور أمام الله للحساب، أوأنّها بمعنى الخوف من المقام العلمي لله ومراقبته المستمرّة لكلّ البشر(2).
والتّفسير الثّاني يتناسب مع ما ذكر في الآية (33) من سورة الرعد: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33].
ونقرأ في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره لهذه الآية أنّه قال: «ومن علم أنّ الله يراه ويسمع ما يقول، ويعلم ما يعلمه من خير أوشرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى»(3).
ويوجد هنا تفسير ثالث. هو أنّ الخوف من الله تعالى لا يكون بسبب نار جهنّم، والطمع في نعيم الجنّة، بل هو الخوف من مقام الله وجلاله فقط.
وهنالك تفسير رابع أيضاً، وهو أنّ المقصود من (مقام الله) هو الخوف من مقام عدالته، لأنّ ذاته المقدّسة لا تستلزم الخوف، إنّما هو الخوف من عدالته، الذي مردّه هو خوف الإنسان من أعماله، والإنسان المنزّه لا يخشى الحساب.
ومن المعروف أنّ المجرمين إذا مرّوا بالمحكمة أوالسجن ينتابهم شيء من الخوف بسبب جناياتهم على عكس الأبرار حيث يتعاملون بصورة طبيعيّة مع الأماكن المختلفة.
وللخوف من الله أسباب مختلفة، فأحياناً يكون بسبب قبح الأعمال و إنحراف الأفكار، واُخرى بسبب القرب من الذات الإلهيّة حيث الشعور بالخوف والقلق من الغفلة والتقصير في مجال طاعة الله، وأحياناً اُخرى لمجرّد تصوّرهم لعظمة الله اللامتناهية وذاته اللامحدودة فينتابهم الشعور بالخوف والضعة أمام قدسيته العظيمة .. وهذا النوع من الخوف يحصل من غاية المعرفة لله سبحانه، ويكون خاصاً بالعارفين والمخلصين لحضرته.
ولا تضادّ بين هذه التفاسير فيمكن جمعها في مفهوم الآية.
وأمّا (جنّتان) فيمكن أن تكون الاُولى ماديّة جسمية، والثانية معنوية روحية، كما في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 15] .
ففي هذه الآية مضافاً إلى الجنّة الماديّة حيث الأنهار تجري من تحت الأشجار والمطهّرات من الزوجات، هناك جنّة معنوية أيضاً حيث الحديث عن رضوان الله تعالى.
أو أنّ الجنّة الاُولى جزاء أعمالهم، والجنّة الثانية تفضل على العباد وزيادة في الخير لهم، يقول سبحانه: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } [النور: 38] .
أو أنّ هناك جنّة للطاعة واُخرى لترك المعصية.
أو أنّ أحدهما للإيمان، والثانية للأعمال الصالحة.
أو لأنّ المخاطبين من الجنّ والإنس، لذا فإنّ كلّ واحدة من هاتين الجنّتين تتعلّق بطائفة منهما.
ومن الطبيعي أن لا دليل على كلّ واحد من هذه التفاسير، ويمكن جمعها في مفهوم هذه الآية. إلاّ أنّ من الطبيعي أنّ الله تعالى هيّأ لعباده الصالحين نعماً عديدة لهم في الجنّة حيث مستقرّهم، ولأهل النار (مياه حارقة وسعير لا يطاق).
ومرّة اُخرى: وبعد ذكر هذه النعم العظيمة يخاطب الجميع بقوله: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
ثمّ يضيف سبحانه في وصفه لهاتين الجنّتين بقوله: {ذواتا أفنان}.
«ذواتا» تثنية (ذات) بمعنى صاحب ومالك(4).
«أفنان» جمع (فنن) على وزن (قلم) والكلمة في الأصل بمعنى الغصون الطريّة المملوءة من الأوراق، كما تأتي أحياناً بمعنى «النوع». ويمكن أن يستعمل المعنيان في الآية مورد البحث، حيث في الصورة الاُولى إشارة إلى الأغصان الطرية لأشجار الجنّة، على عكس أشجار الدنيا حيث غصونها هرمة ويابسة.
كما يشير في الصورة الثانية إلى تنوّع نعم الجنّة وأنواع الهبات فيها، لذا فلا مانع من إستعمال المعنيين.
كما يحتمل أن يراد معنىً آخر وهو أنّ لكلّ شجرة عدّة غصون مختلفة وفي كلّ غصن نوع من الفاكهة.
وبعد ذكر هذه النعم يكرّر سبحانه السؤال مرّة اُخرى فيقول: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
ولأنّ البساتين النضرة والأشجار الزاهية ينبغي أن تكون لها عيون، أضاف سبحانه في وصفه لهذه الجنّة بقوله: {فيهما عينان تجريان}.
ثمّ يطرح مقابل هذه النعمة الإضافية قوله: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وبالرغم من أنّ الآية أعلاه لم توضّح لنا شيئاً عن طبيعة هاتين العينين الجاريتين وعبّرت عنها بصيغة نكرة، فإنّ هذه الموارد عادةً تكون دليلا على العظمة الإلهيّة، وقد ذگر بعض المفسّرين أنّ المقصود بهاتين العينين هما «سلسبيل» وتسنيم» قال تعالى: {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} [الإنسان: 18] .
وقال تعالى: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27]
وقيل أيضاً أنّ هاتين العينين هما، الاُولى: «الشراب الطهور»، والثانية: «العسل المصفّى». وقد جاءتا كليهما في سورة محمّد، الآية 15.
وإذا فسّرنا الـ «جنّتان» في الآيات السابقة بـ (الجنّتين المعنوية والمادية) فإنّ (العينين) يمكن أن تكونا عين معنوية وهي (عين المعرفة) وعين ماديّة (عيون الماء الزلال أو الحليب أو العسل أو الشراب الطهور) ولكن لا يوجد دليل خاصّ لأيّ من هذه التفاسير.
وفي الآية اللاحقة ينتقل البحث إلى فاكهة هاتين الجنّتين حيث يقول سبحانه: {فيها من كلّ فاكهة زوجان} قسم يشاهد مثيله في الدنيا، والآخر لا نظير له في هذا العالم أبداً. كما فسّرها البعض أنّهما نوعان من الفاكهة صيفي وشتوي، أو يابس وطري، أو صغير وكبير، إلاّ أنّه لا يوجد دليل واضح على أي من هذه الآراء.
إلاّ أنّ من المسلّم به، أنّ الفاكهة الموجودة في الجنّة متنوّعة ومختلفة تماماً عن فواكه الدنيا ولا يقاس طعم فواكه الجنّة بطعم فواكه الدنيا ومذاقها.
ثمّ يضيف سبحانه قوله: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
لقد طرحت في الآيات السابقة ثلاث صفات لهاتين الجنّتين، وتستعرض الآية الكريمة التالية الصفة الرابعة حيث يقول تعالى: {متكئين على فرش بطائنها من استبرق}(5).
وفي الغالب أنّ الإنسان عندما يتكىء يكون في جو هادئ وفي أمان تامّ، وهذا التعبير يدلّل على الهدوء الكامل و الإستقرار التامّ لدى أهل الجنّة.
«فرش» على وزن «حجب»، جمع فراش، وهو الفراش الذي يبسط.
و«بطائن» جمع بطانة، وهي القماش الداخلي للفرش.
و«إستبرق» بمعنى الحرير السميك.
والشيء الظريف هنا أنّ أثمن قماش يتصوّر في هذه الدنيا يكون بطانة لتلك الفرش، إشارة إلى أنّ القسم الظاهر لا يمكننا وصفه من حيث الجمال والجاذبية. حيث أنّ البطانة غالباً ما تستعمل من القماش الرديء قياساً للوجه الظاهري، وعلى هذا فإنّنا نلاحظ أنّ أردأ نوع من القماش في ذلك العالم يعتبر من أثمن وأرقى أنواع القماش في الدنيا، فكيف الحال بالثمين من متاع الجنّة؟
ومن المسلّم أنّ الهبات الإلهية في عالم الآخرة لا نستطيع وصفها بالألفاظ، ولا حتّى تصوّرها، إلاّ أنّ الآيات الكريمة تعكس لنا شبحاً وظلالا عنها من خلال ألفاظها المعبّرة.
ونقرأ أيضاً في وصف المتع لأهل الجنّة حيث يحدّثنا القرآن عنهم بأنّهم يتكئون على «الآرائك» ـ التخت الذي له متّكأ ـ و«السرير» هوـ التخت الذي ليس له متكأ ـ والإتّكاء هنا على فرش، وعلينا عندئذ أن نتصوّر كم هي اللذات المتنوّعة في الجنّة، حيث تارةً يتكأ على الآرائك واُخرى على السرر المفروشة بهذه الأفرشة الثمينة، وقد تكون اُمور اُخرى من هذه النعم لا نستطيع إدراكها نحن سكّان هذا العالم.
وأخيراً، وفي خامس نعمة يشير سبحانه إلى كيفية هذه النعم العظيمة حيث يقول: (وجنى الجنّتين دان).
نعم لا توجد صعوبة في قطف ثمار الجنّة كالصعوبة التي نواجهها في عالمنا هذا.
(جنى) على وزن (بقى) وتعني الفاكهة التي نضج قطفها. (دان) في الأصل (داني) بمعنى قريب.
ومرّة اُخرى يخاطب الجميع سبحانه بقوله تعالى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وقوله تعالى : {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [الرحمن: 56 - 61]
الجنّة والزوجات الحسان:
في الآيات السابقة ذكرت خمسة أقسام من هبات وخصوصيات الجنّتين، وهنا نتطرّق لذكر النعمة السادسة وهي الزوجات الطاهرات، حيث يقول سبحانه: {فيهنّ قاصرات الطرف} (6) قد قصرن نظرهنّ على أزواجهنّ، وليس لهنّ معشوق سواهم. ثمّ يضيف تعالى: {لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جانّ}(7).
وبناءً على هذا فإنّهن بواكر ولم يمسسهنّ أحد .. طاهرات من كلّ الجوانب.
نقل عن (أبي ذرّ) أنّ (زوجة الجنّة تقول لزوجها .. أُقسم بعزّة ربّي أنّي لم أجد شيئاً أفضل منك في الجنّة، فالشكر لله وحده، الذي جعلني زوجة لك وجعلك زوجاً لي)(8).
«طرف» على وزن (حرف) بمعنى جانب العين، وبما أنّ الإنسان عندما يريد النظر يحرّك أجفانه، لذا فقد استعمل هذا اللفظ كناية عن النظر، وبناءً على هذا فإنّ التعبير بقاصرات الطرف إشارة إلى النساء اللواتي يقصرن نظراتهنّ على أزواجهنّ. ويعني أنّهنّ يكننّ الحبّ والودّ لأزواجهنّ فقط، وهذه هي إحدى ميزات الزوجة التي لا تفكّر بغير زوجها ولا تضمر لسواه الودّ.
وفي التعقيب على نعمة الجنّة هذه يكرّر قوله تعالى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
ثمّ يتطرّق إلى المزيد من وصف الزوجات الموجودات في الجنّة حيث يقول: {كأنّهنّ الياقوت والمرجان} حيث تكون بشرتهنّ بإحمرار وصفاء ولمعان الياقوت وبياض وجمال غصون المرجان، وعندما يختلط هذان الوصفان (الأبيض والأحمر الشفّاف) فإنّه يمنحهنّ روعة الجمال التي لا مثيل لها.
الياقوت: حجر معدني ويكون غالباً أحمر اللون.
والمرجان: هو حيوان بحري يشبه أغصان الشجر، يكون أبيض اللون أحياناً واُخرى أحمر وألوان اُخرى، والظاهر أنّ المقصود به هنا هو النوع الأبيض(9).
ومرّة اُخرى، وبعد ذكر هذه النعمة يقول سبحانه: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وفي نهاية هذا البحث يقول عزّوجلّ: {هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان}(10).
وهل ينتظر أن يجازى من عمل عملا صالحاً في الدنيا بغير الإحسان الإلهي؟
وبالرغم من أنّ بعض الرّوايات الإسلامية فسّرت «الإحسان» في هذه الآية بالتوحيد فقط، أو التوحيد والمعرفة، أو الإسلام. إلاّ أنّ الظاهر أنّ كلّ واحد في هذه التفاسير هو مصداق لهذا المفهوم الواسع الذي يشمل كلّ إحسان في العقيدة والقول والعمل.
جاء في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «آية في كتاب الله مسجّلة. قلت: وما هي؟ قال: قول الله عزّوجلّ: {هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان} جرت في الكافر والمؤمن والبرّ والفاجر، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافىء به، وليس المكافأة أن تصنع كم صنع حتّى تربي، فإن صنعت كما صنع كان له الفضل في الإبتداء»(11).
وبناء على هذا فالجزاء الإلهي في يوم القيامة يكون أكثر من عمل الإنسان في هذه الدنيا. وذلك تماشياً مع الإستدلال المذكور في الحديث أعلاه.
يقول الراغب في المفردات: الإحسان فوق العدل، وذاك أنّ العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله، والإحسان أن يعطي أكثر ممّا عليه ويأخذ أقلّ ممّا له فالإحسان زائد على العدل ..
ويتكرّر قوله سبحانه مرّة اُخرى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وذلك لأنّ جزاء الإحسان بالإحسان نعمة كبيرة من قبل الله تعالى، حيث يؤكّد سبحانه أنّ جزاءه مقابل أعمال عباده مناسب لكرمه ولطفه وليس لأعمالهم، مضافاً إلى أنّ طاعاتهم وعباداتهم إنّما هي بتوفيق الله ولطفه، وبركاتها تعود عليهم.
وقوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
جنّتان بأوصاف عجيبة:
بعد بيان صفات جنّتي الخائفين وخصوصياتهما المتميّزة، وإستمراراً للبحث ينتقل الحديث في الآيات التالية عن جنّتين بمرتبة أدنى من السابقتين يكونان لأشخاص أقلّ خوفاً وإيماناً بالله تعالى من الفئة الاُولى، حيث إنّ هدف العرض هو بيان سلسلة درجات ومراتب للجنان تتناسب مع الإيمان والعمل الصالح للأفراد.
يقول سبحانه في البداية: {ومن دونهما جنّتان}.
ذكر تفسير أنّ لهذه الآية الأوّل: أحدهما ما بيّناه أعلاه.
والتّفسير الآخر هو أنّه توجد جنّتان اُخريان غير تلكما الجنّتين لهؤلاء الأشخاص أنفسهم حيث يتجوّلون ويتنقّلون بين حدائق هذه الجنان، لأنّ طبع الإنسان ميّال للتنوّع والتبدّل.
وبالنظر إلى لحن هذه الآيات والرّوايات التي وردت في تفسيرها فانّ التّفسير الأوّل هو الأنسب.
ونقرأ حديثاً للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفسير هذه الآية أنّه قال: «وجنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما، جنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما» (أنّ التعبير بالذهب والفضّة يمكن أن يكون كناية عن إختلاف مرتبة ودرجة كلّ من الجنّتين)(12).
ونقرأ في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية قال: «لا تقولنّ الجنّة الواحدة، إنّ الله تعالى يقول: «ومن دونهما جنّتان»، ولا تقولنّ درجة واحدة، إنّ لله تعالى يقول «درجات بعضها فوق بعض» إنّما تفاضل القوم بالأعمال»(13).
وفي نفس الموضوع ورد حديث للرسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): «جنّتان من ذهب للمقرّبين، وجنّتان من ورق لأصحاب اليمين»(14) أي من فضّة.
ثمّ يضيف سبحانه: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
ثمّ ذكر القرآن الخصوصيات الخمس لهاتين الجنّتين التي تشبه ـ إلى حدّ ما ـ ما ذكر حول الجنّتين السابقتين، كما أنّهما تختلفان في بعض الخصوصيات الاُخرى حيث يقول سبحانه: (مدهامتان).
«مدهامتان»: من مادّة (أدهيمام) ومن أصل (دهمه) على وزن (تهمه) ومعناها في الأصل السواد وظلمة الليل، ثمّ اُطلقت على الخضرة الغامقة المعتمة، ولأنّ مثل هذا اللون يحكي عن غاية النضرة للنباتات والأشجار، ممّا يعكس منتهى السرور والإنشراح، لهذا فقد إستعمل لهذا المعنى.
ويضيف سبحانه مرّة اُخرى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وفي الآية اللاحقة يصف الجنّة وصفاً إضافياً حيث يقول سبحانه: {فيهما عينان نضّاختان}.
«نضّاختان» من مادّة (نضخ) بمعنى فوران الماء.
ومرّة اُخرى يسأل سبحانه عن الإنس والجنّ سؤالا إستنكارياً فيقول: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وتتحدّث الآية التالية حول فاكهة هاتين الجنّتين حيث تقول: (فيهما فاكهة ونخل ورمّان).
لا شكّ أنّ للفاكهة مفهوماً واسعاً يشمل جميع أنواعها، إلاّ أنّ التمر والرمّان خصّا بالذكر هنا لأهميّتهما الخاصّة، لا كما يذهب بعض المفسّرين إلى أنّ ذكرهما هو لأنّهما لا يدخلان ضمن مفهوم الفاكهة، إذ أنّ هذا التصوّر خاطىء، لأنّ علماء اللغة أنكروا ذلك، بالإضافة إلى أنّ عطف الخاصّ على العام في الموارد التي لها إمتيازات أمر معمول به وطبيعي. قال تعالى: { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98] .
وهنا جاءت عبارة (جبريل وميكال) وهما من الملائكة العظام بعد ذكر لفظ الملائكة بصورة عامّة.
ويكرّر سبحانه السؤال مرّة اُخرى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان} .
وقوله تعالى : {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } [الرحمن: 70 - 78]
زوجات الجنّة .. مرّة اُخرى:
إستمرار لشرح نِعْم الجنّتين التي ذكرت في الآيات السابقة، تتحدّث هذه الآيات عن قسم آخر من هذه النعم التي تزخر بها جنان الله التي أعدّها للصالحين من عباده، حيث يقول سبحانه في البداية: {فيهنّ خيرات حسان}(15).
تستعمل كلمة (خير) غالباً للصفات الجيّدة والجمال المعنوي، أمّا «حسن» فإنّها تستعمل للجمال الظاهر. لذا فإنّ المقصود بـ (خيرات حسان) اُولئك النسوة اللواتي جمعن بين حسن السيرة، وحسن الظاهر.
وجاء في الرّوايات في تفسير هذه الآية أنّ الصفات الحسنة للزوجات في الجنّة كثيرة ومن جملتها طيب اللسان والنظافة والطهارة، وعدم الإيذاء، وعدم النظر للرجال الأجانب .. والخلاصة أنّ جميع صفات الخير والجمال التي يجب أن تكون في الزوجة الصالحة موجودة فيهنّ، وهذه الصفات إشارة للصفات العالية التي يجب أن تكون في نساء هذه الدنيا ويجسّدن الاُسوة بذلك لجميع الناس والقرآن الكريم يعبّر عنهنّ بإختصار رائع أنهنّ {خيرات حسان}(16).
ثمّ يضيف مستمرّاً في وصف الزوجات في الجنّة: {حور مقصورات في الخيام}.
«حور»: جمع حوراء وأحور، وتطلق على الشخص الذي يكون سواد عينه قاتماً وبياضها ناصعاً، وأحياناً تطلق على النساء اللواتي يكون لون وجوههنّ أبيض.
والتعبير بـ «مقصورات» إشارة إلى أنهنّ مرتبطات ومتعلّقات بأزواجهنّ ومحجوبات عن الآخرين.
«خيام»: جمع خيمة، وكما ورد في الرّوايات الإسلامية، فإنّ الخيم الموجودة في الجنّة لا تشبه خيم هذا العالم من حيث سعتها وجمالها.
و«الخيمة» كما ذكر علماء اللغة وبعض المفسّرين لا تطلق على الخيم المصنوعة من القماش المتعارف فحسب. بل تطلق أيضاً على البيوت الخشبية وكذلك كلّ بيت دائري. وقيل أنّها تطلق على كلّ بيت لم يكن من الحجر وأشباهه(17).
ومرّة اُخرى يكرّر السؤال نفسه بقوله تعالى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
ويضيف سبحانه وصفاً آخر لحوريات الجنّة حيث يقول: {لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جانّ}(18).
ويستفاد من الآيات القرآنية أنّ الزوجين المؤمنين في هذه الدنيا سيلتحقان في الجنّة مع بعضهما ويعيشان في أفضل الحالات(19).
ويستفاد أيضاً من الرّوايات أنّ درجة ومقام زوجات المؤمنين الصالحات أعلى وأفضل من حوريات الجنّة(20) وذلك بما قمن به في الدنيا من صالح الأعمال وعبادة الله سبحانه.
ثمّ يضيف تعالى: {فبأي آلاء ربّكما تكذّبان}.
وفي آخر وصف للنعم الموجودة في هذه الجنّة يذكر سبحانه تعالى: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان}.
«رفرف» في الأصل بمعنى الأوراق الواسعة للأشجار، ثمّ اُطلقت على الأقمشة الملوّنة الزاهية التي تشبه مناظر الحدائق.
«عبقري» في الأصل بمعنى كلّ موجود قلّ نظيره، ولذا يقال للعلماء الذين يندر وجودهم بين الناس (عباقرة) ويعتقد الكثير أنّ كلمة (عبقر) كان في البداية إسماً لمدينة (بريان) إنتخبه العرب لها، لأنّ هذه المدينة كانت في مكان غير معلوم ونادر. لذا فإنّ كلّ موضوع يقلّ نظيره ينسب لها ويقال «عبقري». وذكر البعض أنّ «عبقر» كانت مدينة تحاك فيها أفضل المنسوجات الحريرية(21).
والمعنى الأصلي لهذه الكلمة متروك في الوقت الحاضر وتستعمل كلمة «عبقري» ككلمة مستقلّة بمعنى نادر الوجود، وتأتي جمعاً في بعض الأحيان، كما في الآية مورد البحث.
و(حسان) جمع (حسن) على وزن «نسب» بمعنى جيّد ولطيف.
وعلى كلّ حال فإنّ هذه التعابير حاكية جميعاً عن أنّ كلّ موجودات الجنّة رائعة: الفاكهة، الغذاء، القصور، الأفرشة .. والخلاصة أنّ كلّ شيء فيها لا نظير له ولا شبيه في نوعه، ولابدّ من القول هنا أنّ هذه التعبيرات لا تستطيع أبداً أن تعكس تلك الإبداعات العظيمة بدقّة، وإنّها تستطيع ـ فقط ـ أن ترسم لنا صورة تقريبية من الصورة الحقيقيّة للموجودات في الجنّة.
وللمرّة الأخيرة وهي (الحادية والثلاثون) يسأل سبحانه جميع مخلوقاته من الجنّ والإنس هذا السؤال: (فبأي آلاء ربّكما تكذّبان).
هل النعم المعنوية؟ أم النعم الماديّة؟ أم نعم هذا العالم؟ أم الموجودة في الجنّة؟ إنّ كلّ هذه النعم شملت وجودكم وغمرتكم .. إلاّ أنّه ـ مع الأسف ـ قد أنساكم غروركم وغفلتكم هذه الألطاف العظيمة، ومصدر عطائها وهو الله سبحانه الذي أنتم بحاجة مستمرّة إلى نعمه في الحاضر والمستقبل .. فأيّاً منها تنكرون وتكذّبون؟
ويختم السورة سبحانه بهذه الآية الكريمة: {تبارك اسم ربّك ذي الجلال والإكرام}.
«تبارك» من أصل (برك) على وزن (درك) بمعنى صدر البعير، وذلك لأنّ الجمال حينما تبرك تضع صدرها على الأرض أوّلا، ومن هنا إستعمل هذا المصطلح بمعنى الثبات والدوام والإستقامة، لذا فإنّ كلمة (مبارك) تقال للموجودات الكثيرة الفائدة، وأكرم من تطلق عليه هذه الكلمة هي الذات الإلهيّة المقدّسة بإعتبارها مصدراً لجميع الخيرات والبركات.
وإستعملت هذه المفردة هنا لأنّ جميع النعم الإلهيّة ـ سواء كانت في الأرض والسماء في الدنيا والآخرة والكون والخلق ـ فهي من فيض الوجود الإلهي المبارك، لذا فإنّ هذا التعبير من أنسب التعابير المذكورة في الآية لهذا المعنى.
والمقصود من (اسم) هنا هو صفات الله تعالى خصوصاً الرحمانية التي هي منشأ البركات، وبتعبير آخر فإنّ أفعال الله تعالى مصدرها من صفاته، وإذا خلق عالم الوجود فذلك من إبداعه ونظام خلقه، وإذا وضع كلّ شيء في ميزان فذلك ما أوجبته حكمته، وإذا وضع قانون العدالة حاكماً على كلّ شيء فإنّ (علمه وعدالته) توجبان ذلك. وإذا عاقب المجرمين بأنواع العذاب الذي مرّ بنا في هذه السورة فإنّ (إنتقامه يقضي ذلك، وإذا شمل المؤمنين الصالحين بأنواع الهبات والنعم العظيمة الماديّة والمعنوية ـ في هذا العالم وفي الآخرة ـ فإنّ رحمته الواسعة أوجبت ذلك، وبناءً على هذا فإنّ اسمه يشير إلى صفاته وصفاته هي نفس ذاته المقدّسة.
والتعبير بـ (ذي الجلال والإكرام) إشارة إلى كلّ صفات جماله وجلاله. (ذي الجلال) إشارة إلى الصفات السلبية، و(ذي الإكرام) إشارة إلى الصفات الثبوتية.
والملفت للنظر هنا أنّ هذه السورة بدأت باسم الله (الرحمن) وإنتهت باسم الله ذي الجلال والإكرام) وكلاهما ينسجمان مع مجموعة مواضيع السورة.
_______________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص468-483.
2 ـ في الصورة الاُولى يكون المقام إسم مكان، وفي الثانية يكون مصدراً (ميميّاً).
3 ـ اُصول الكافي طبقاً لنقل نور الثقلين، ج5، ص197 حيث يستفاد من ذيل الحديث أنّ الإمام (عليه السلام) ذكر هذا في تفسير الآية (وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى) سورة النازعات / 40 بالرغم من كون محتوى الآيتين واحد.
4 ـ يعتقد البعض أنّ أصل ذات والتي هي مفرد مؤنث كانت ذوات، والواو حذفت للتخفيف وأصبحت ذات ولكون التثنية ترجع الكلمة إلى أصلها، لذا أصبحت (ذواتان) وقد حذفت النون عند الإضافة، وجاء في مجمع البحرين أنّ أصل (ذو) هو(ذوا) على وزن (عصا) ولذلك فلا عجب أنّ مؤنثها يصبح (ذوات).
5 ـ متكئين حال لأهل الجنّة الذين ذكروا في الآيات السابقة بعنوان أنّهم (ولمن خاف مقام ربّه
جنّتان).
6 ـ إنّ ضمير الجمع في (فيهنّ) يمكن أن يرجع إلى قصور الجنّة أو الحدائق المختلفة لتلك «الجنّتين» أو «نعمها وهباتها».
7 ـ (لم يطمثهنّ) من مادّة (طمث)، في الأصل بمعنى دم الدورة الشهرية، وجاءت بمعنى زوال البكارة، والمراد هنا أنّ النساء الباكرات في الجنّة لم يكنّ لهنّ أزواج قطّ.
8 ـ مجمع البيان، ج9، ص208.
9 ـ بيّنا شرحاً تفصيلياً حول المرجان في نهاية الآية (22) من هذه السورة.
10 ـ ورد السؤال «هل» هنا بصيغة الإستفهام الإستنكاري، وفي الحقيقة أنّ هذه الآية هي نتيجة للآيات السابقة والتي تحدّثت عن ستّ نعم من نعم الجنّة.
11 ـ تفسير العياشي طبقاً لنقل نور الثقلين، ج5، ص199. تفسير مجمع البيان، ج9، ص208.
12 ـ مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث.
13 ـ المصدر السابق.
14 ـ الدرّ المنثور، ج6، ص146 وكما ذكرنا أنّ التعبير بالذهب والفضّة يمكن أن يكون إشارة إلى إختلاف درجة هاتين الجنّتين.
15 ـ الضمير في (فيهنّ) والذي هو جمع مؤنث يمكن أن يرجع إلى مجموع الجنّات الأربع، ويمكن أن يكون إشارة إلى الجنّتين اللتين ذكرتا أخيراً، بلحاظ ما فيهما من حدائق عديدة وقصور مختلفة، وهذا أنسب لأنّه في هذا فصل بين الجنّتين.
16 ـ قال البعض: إنّ خيرات جمع (خيّرة) على وزن (سيّدة)، وقيل لها خيرات للتخفيف، وإعتبرها آخرون أنّها جمع (خيرة) على وزن (حيرة) وعلى كلّ حال فإنّها تعطي معنى الوصف، وليس بمعنى (أفعل التفضيل) لأنّه لا يجمع.
17 ـ لسان العرب ومجمع البحرين والمنجد.
18 ـ حول معنى الطمث أعطينا توضيحاً كافياً في نهاية الآية رقم (56) من نفس السورة.
19 ـ الرعد، 23; والمؤمن، 8.
20 ـ الدرّ المنثور، ص151.
21 ـ تفسير روح الجنان ، ذيل الاية مورد البحث.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|