المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



تفسير الاية (21-24) من سورة الحشر  
  
48407   02:58 مساءً   التاريخ: 25-9-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحشر /

قال تعالى : {لَو أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُو اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُو عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُو اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُو الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُو اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 21 - 24].

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

عظم سبحانه حال القرآن فقال {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} تقديره لوكان الجبل مما ينزل عليه القرآن ويشعر به مع غلظه وجفاء طبعه وكبر جسمه لخشع لمنزله وتصدع من خشية الله تعظيما لشأنه فالإنسان أحق بهذا لو عقل الأحكام التي فيه وقيل معناه لوكان الكلام ببلاغته يصدع الجبل لكان هذا القرآن يصدعه وقيل إن المراد به ما يقتضيه الظاهر بدلالة قوله وإن منها لما يهبط من خشية الله وهذا وصف للكافر بالقسوة حيث لم يلن قلبه لمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع ويدل على أن هذا تمثيل قوله {وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} أي ليتفكروا ويعتبروا ثم أخبر سبحانه بربوبيته وعظمته فقال {هو الله الذي لا إله إلا هو} أي هو المستحق للعبادة الذي لا تحق العبادة إلا له {عالم الغيب والشهادة} أي عالم بما يشاهده العباد وعالم بما يغيب عنهم علمه وقيل {عالم الغيب} معناه عالم بما لا يقع عليه الحس من المعدوم والموجود الذي لا يدرك مما هو غائب عن الحواس كأفعال القلوب وغيرها والشهادة أي عالم بما يصح عليه الإدراك بالحواس وقيل معناه عالم السر والعلانية عن الحسن وفي هذا وصفه سبحانه بأنه عالم بجميع المعلومات لأنها لا تعدو هذين القسمين وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان {هو الرحمن} أي المنعم على جميع خلقه {الرحيم} بالمؤمنين.

 ثم أعاد سبحانه قوله {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك} يعني السيد المالك لجميع الأشياء الذي له التصرف فيها على وجه ليس لأحد منعه منه وقيل هو الواسع القدرة {القدوس} أي الطاهر من كل عيب ونقص وآفة المنزة عن القبائح وقيل هو المطهر عن الشريك والولد لا يوصف بصفات الأجسام ولا بالتجزئة والانقسام وقيل هو المبارك الذي تنزل البركات من عنده عن الحسن {السلام} أي الذي سلم عباده من ظلمه وقيل هو المسلم من كل عيب ونقص وآفة وقيل هو الذي من عنده ترجى السلامة عن الجبائي وهو اسم من السلامة وأصله مصدر فهو مثل الجلال والجلالة {المؤمن} الذي أمن خلقه من ظلمه لهم إذ قال لا يظلم مثقال ذرة عن ابن عباس(2) وقيل الذي آمن بنفسه قبل إيمان خلقه به عن الحسن وأشار إلى قوله {شهد الله أنه لا إله إلا هو} الآية والمعنى أنه بين لخلقه توحيده وإلهيته بما أقام لهم من الدلائل وقيل معناه المصدق لما وعد المحقق له كالمؤمن الذي يصدق قوله فعله وقيل هو الذي أمن أولياءه عذابه وقيل هو الداعي إلى الإيمان الآمر به الموجب لأهله اسمه عن أبي مسلم.

 {المهيمن} أي الأمين حتى لا يضيع لأحد عنده حق عن ابن عباس والضحاك والجبائي وقيل هو الشاهد عن مجاهد وقتادة كأنه شهيد على إيمان من آمن به وقيل هو المؤمن في المعنى لأن أصله المؤيمن إلا أنه أشد مبالغة في الصفة وقيل هو الرقيب على الشيء يقال هيمن يهيمن فهو مهيمن إذا كان رقيبا على الشيء {العزيز} أي القادر الذي لا يصح عليه القهر وقيل هو المنيع الذي لا يرام ولا يمتنع عليه مرام {الجبار} وهو العظيم الشأن في الملك والسلطان ولا يستحق أن يوصف به على هذا الإطلاق إلا الله تعالى فإن وصف به العباد فإنما يوضع اللفظ في غير موضعه ويكون ذما وقيل هو الذي يذل له من دونه ولا تناله يد وقيل هو الذي يقهر الناس ويجبرهم على ما أراد عن السدي ومقاتل وهو اختيار الزجاج فيكون من جبره على كذا إذا أكرهه وقيل هو الذي يجبر الفقير من قولهم جبر الكسير إذا أصلحه عن واصل بن عطا. {المتكبر} أي المستحق لصفات التعظيم وقيل هو الذي يكبر عن كل سوء عن قتادة وقيل هو المتعالي عن صفات المحدثين المتعظم عما لا يليق به {سبحان الله عما يشركون} أي تنزيها له عما يشرك به المشركون من الأصنام وغيرها {هو الله الخالق} للأجسام والأعراض المخصوصة وقيل المقدر للأشياء بحكمته المحدث للأشياء على إرادته {البارىء} المنشىء للخلق الفاعل للأجسام والأعراض {المصور} الذي صور الأجسام على اختلافها مثل الحيوان والجماد {له الأسماء الحسنى} نحو الله الرحمن الرحيم القادر العالم الحي وقد مر بيانه في سورة الأعراف {يسبح له ما في السماوات والأرض} أي ينزهه جميع الأشياء فالحي يصفه بالتنزيه والجماد يدل على تنزيهه {وهو العزيز الحكيم} وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :  قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((اسم الله الأعظم في ست آيات في آخر سورة الحشر)) .

______________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص440-442.

2- في نسخة : والجبائي .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

 قال تعالى : {لَو أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} . هذا مجرد فرض دلت عليه كلمة {لو} والغرض منه بيان عظمة القرآن وان له من قوة التأثير ما لو أنزل على جبل لخشع ولان على قساوته ، وتصدّع وتهاوى خوفا من اللَّه على صلابته - إذن - فما بال الإنسان الذي تؤلمه البقة ، وتقتله الشرقة ، وتنتنه العرقة كما قال الإمام علي (عليه السلام) ، ما بال هذا الضعيف {يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها} - 4 الجاثية . فهل قلبه أقسى من الجبل وأشد تماسكا ،

أو هو الجهل والعناد والإصرار على الضلال ؟ {تِلْكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} في حكم القرآن وعظاته ودلائله وبيناته ، ويهتدون بنورها إلى سواء السبيل . . . ولكن . . . {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَو أَلْقَى السَّمْعَ وهُو شَهِيدٌ} - 37 ق .

وبعد ، فإن عظمة القرآن من عظمة اللَّه سبحانه ، وقديما قيل : الكلام صفة المتكلم بخاصة فيما يعود إلى علمه . ولذا وصف عز وجل كتابه بالعديد من صفاته كالعزيز والحكيم ، والمجيد والكريم والعلي والعظيم ، والنور والحق والرحمة والصدق . .

فلا بدع - إذن - أن يكون له هذا الأثر والسلطان . ثم وصف سبحانه نفسه بصفات العظمة والجلال :

{هُو اللَّهُ الَّذِي لا إِلهً إِلَّا هُو) المعبود الحق الذي يوصف بجميع صفات الجلال والكمال ، منها :

1 - {عالِمُ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ} يعلم ما غاب عن الخلق وما شاهدوه .

2 - {هُو الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ} هذان الوصفان مشتقان من الرحمة بمعنى الإحسان ، وقد يكون الجمع بين الكلمتين للإشارة إلى ان رحمته وسعت كل شيء حتى في حال غضبه ، وان القنوط منها كفر وضلال .

3 - {هُو اللَّهُ الَّذِي لا إِلهً إِلَّا هُو) هذا توكيد للتوحيد {الْمَلِكُ} له ملك السماوات والأرض ، وهو يحيي ويميت ويجير ولا يجار عليه .

4 - {الْقُدُّوسُ} مشتق من التقديس أي التنزيه عما لا يليق بعظمته تعالى .

5 - {السَّلامُ} لأن منه تعالى الطمأنينة والأمان .

6 - {الْمُؤْمِنُ} يثيب المؤمنين على ايمانهم ويؤمنهم من عذاب النار .

7 - {الْمُهَيْمِنُ} الرقيب والمحافظ .

8 - {الْعَزِيزُ} القوي الذي لا يغلب ولا يقهر .

9 - {الْجَبَّارُ} العالي الذي لا ينال .

10 - {الْمُتَكَبِّرُ} له الكبرياء والعظمة {سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} تنزه عن الشريك والصاحبة والولد .

11 - {هُو اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ} هذان الوصفان مترادفان ، وقيل : البارئ يشعر بالبراءة من النقص {لَهُ الأَسْماءُ الْحُسْنى} . كل أسمائه تعالى حسنى وعظمى .

انظر تفسير الآية 180 من سورة الأعراف ج 3 ص 425 فقرة {هل أسماء اللَّه توقيفية} ؟ . {يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ والأَرْضِ وهُو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . والتسبيح يكون بلسان المقال وبلسان الحال . انظر تفسير الآية 44 من سورة الإسراء ج 5 ص 47 فقرة {كل شيء يسبح بحمده} .

________________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص294-296.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} إلخ، في المجمع،: التصدع التفرق بعد التلاؤم ومثله التفطر انتهى.

والكلام مسوق سوق المثل مبني على التخييل والدليل عليه قوله في ذيل الآية: {وتلك الأمثال نضربها للناس} إلخ.

والمراد تعظيم أمر القرآن بما يشتمل عليه من حقائق المعارف وأصول الشرائع والعبر والمواعظ والوعد والوعيد وهو كلام الله العظيم، والمعنى: لوكان الجبل مما يجوز أن ينزل عليه القرآن فأنزلناه عليه لرأيته - مع ما فيه من الغلظة والقسوة وكبر الجسم وقوة المقاومة قبال النوازل - متأثرا متفرقا من خشية الله فإذا كان هذا حال الجبل بما هو عليه فالإنسان أحق بأن يخشع لله إذا تلاه أو تلي عليه، وما أعجب حال أهل المشاقة والعناد لا تلين قلوبهم له ولا يخشعون ولا يخشون.

والالتفات من التكلم مع الغير إلى الغيبة في قوله: {من خشية الله} للدلالة على علة الحكم فإنما يخشع ويتصدع الجبل بنزول القرآن لأنه كلام الله عز اسمه.

وقوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} من وضع الحكم الكلي موضع الجزئي للدلالة على أن الحكم ليس ببدع في مورده بل جار سار في موارد أخرى كثيرة.

فقوله: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} إلخ، مثل ضربه الله للناس في أمر القرآن لتقريب عظمته وجلالة قدره بما أنه كلام لله تعالى وبما يشتمل عليه من المعارف رجاء أن يتفكر فيه الناس فيتلقوا القرآن بما يليق به من التلقي ويتحققوا بما فيه من الحق الصريح ويهتدوا إلى ما يهدي إليه من طريق العبودية التي لا طريق إلى كمالهم وسعادتهم وراءها، ومن ذلك ما ذكر في الآيات السابقة من المراقبة والمحاسبة.

قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم} هذه الآية والآيتان بعدها وإن كانت مسوقة لتعداد قبيل من أسمائه تعالى الحسنى والإشارة إلى تسميته تعالى بكل اسم أحسن وتنزهه بشهادة ما في السماوات والأرض لكنها بانضمامها إلى ما مر من الأمر بالذكر تفيد أن على الذاكرين أن يذكروه بأسمائه الحسنى فيعرفوا أنفسهم بما يقابلها من أسماء النقص، فافهم ذلك.

وبانضمامها إلى الآية السابقة وما فيها من قوله: {من خشية الله} تفيد تعليل خشوع الجبل وتصدعه من خشية الله كأنه قيل: وكيف لا وهو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، إلى آخر الآيات.

وقوله: {هو الله الذي لا إله إلا هو} يفيد الموصول والصلة معنى اسم من أسمائه وهو وحدانيته تعالى في ألوهيته ومعبوديته، وقد تقدم بعض ما يتعلق بالتهليل في تفسير قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة: 163].

وقوله: {عالم الغيب والشهادة} الشهادة هي المشهود الحاضر عند المدرك والغيب خلافها وهما معنيان إضافيان فمن الجائز أن يكون شيء شهادة بالنسبة إلى شيء وغيبا بالنسبة إلى آخر ويدور الأمر مدار نوع من الإحاطة بالشيء حسا أو خيالا أو عقلا أو وجودا وهو الشهادة وعدمها وهو الغيب، وكل ما فرص من غيب أو شهادة فهومن حيث هو محاط له تعالى معلوم فهو تعالى عالم الغيب والشهادة وغيره لا علم له بالغيب لمحدودية وجوده وعدم إحاطته إلا ما علمه تعالى كما قال: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } [الجن: 26، 27] ، وأما هو تعالى فغيب على الإطلاق لا سبيل إلى الإحاطة به لشيء أصلا كما قال: {ولا يحيطون به علما}.

وقوله: {هو الرحمن الرحيم} قد تقدم الكلام في معنى الاسمين في تفسير سورة الفاتحة.

قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر} إلخ، الملك هو المالك لتدبير أمر الناس والحكم فيهم، والقدوس مبالغة في القدس وهو النزاهة والطهارة، والسلام من يلاقيك بالسلام والعافية من غير شر وضر، والمؤمن الذي يعطي الأمن، والمهيمن الفائق المسيطر على الشيء.

والعزيز الغالب الذي لا يغلبه شيء أومن عنده ما عند غيره من غير عكس، والجبار مبالغة من جبر الكسر أو الذي تنفذ إرادته ويجبر على ما يشاء، والمتكبر الذي تلبس بالكبرياء وظهر بها.

وقوله: {سبحان الله عما يشركون} ثناء عليه تعالى كما في قوله: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [البقرة: 116].

قوله تعالى: {هو الله الخالق البارىء المصور} إلى آخر الآية، الخالق هو الموجد للأشياء عن تقدير، والبارىء المنشىء للأشياء ممتازا بعضها من بعض، والمصور المعطي لها صورا يمتاز بها بعضها من بعض، والأسماء الثلاثة تتضمن معنى الإيجاد باعتبارات مختلفة وبينها ترتب فالتصوير فرع البرء والبرء فرع الخلق وهو ظاهر.

وإنما صدر الآيتين السابقتين بقوله: {الذي لا إله إلا هو} فوصف به {الله} وعقبه بالأسماء بخلاف هذه الآية إذ قال: {هو الله الخالق} إلخ.

لأن الأسماء الكريمة المذكورة في الآيتين السابقتين وهي أحد عشر اسما من لوازم الربوبية ومالكية التدبير التي تتفرع عليها الألوهية و المعبودية بالحق وهي على نحو الأصالة والاستقلال لله سبحانه وحده لا شريك له في ذلك فاتصافه تعالى وحده بها يستوجب اختصاص الألوهية واستحقاق المعبودية به تعالى.

فالأسماء الكريمة بمنزلة التعليل لاختصاص الألوهية به تعالى كأنه قيل لا إله إلا هو لأنه عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، ولذا أيضا ذيل هذه الأسماء بقوله ثناء عليه: {سبحان الله عما يشركون} ردا على القول بالشركاء كما يقوله المشركون.

وأما قوله: {هو الله الخالق البارىء المصور} فالمذكور فيه من الأسماء يفيد معنى الخلق والإيجاد واختصاص ذلك به تعالى لا يستوجب اختصاص الألوهية به كما يدل عليه أن الوثنيين قائلون باختصاص الخلق والإيجاد به تعالى وهم مع ذلك يدعون من دونه أربابا وآلهة ويثبتون له شركاء.

وأما وقوع اسم الجلالة في صدر الآيات الثلاث جميعا فهو علم للذات المستجمع لجميع صفات الكمال يرتبط به ويجري عليه جميع الأسماء وفي التكرار مزيد تأكيد وتثبيت للمطلوب.

وقوله: {له الأسماء الحسنى} إشارة إلى بقية الأسماء الحسنى عن آخرها لكون الأسماء جمعا محلى باللام وهو يفيد العموم.

وقوله: {يسبح له ما في السماوات والأرض} أي جميع ما في العالم من المخلوقات حتى نفس السماوات والأرض وقد تقدم توضيح معنى الجملة مرارا.

ثم ختم الآيات بقوله: {وهو العزيز الحكيم} أي الغالب غير المغلوب الذي فعله متقن لا مجازفة فيه فلا يعجزه فيما شرعه ودعا إليه معصية العاصين ولا مشاقة المعاندين ولا يضيع عنده طاعة المطيعين وأجر المحسنين.

والعناية إلى ختم الكلام بالاسمين والإشارة بذلك إلى كون القرآن النازل من عنده كلام عزيز حكيم هو الذي دعا إلى تكرار اسمه العزيز وذكره مع الحكيم مع تقدم ذكره بين الأسماء.

وقد وصف القرآن أيضا بالعزة والحكمة كما قال: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت: 41] ، وقال: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } [يس: 2] .

_________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص194-197.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

لو نزل القرآن على جبل :

تكملة للآيات السابقة التي كانت تهدف إلى تحريك النفوس والقلوب الإنسانية، وخاصّة عن طريق التذكير بالنهاية التي يكون عليها الإنسان، والمصير الذي ينتظره، والذي يجدر أن يهيّئه في أبهى وأفضل صورة .. تأتي هذه الآيات المباركات التي هي آخر آيات سورة الحشر، والتي تأخذ بنظر الإعتبار مجمل ما ورد من آيات هذه السورة، لتوضّح حقيقة اُخرى حول القرآن الكريم، وهي: أنّ هذا الكتاب المبارك له تأثير عميق جدّاً حتّى على الجمادات، حيث أنّه لو نزل على الجبال لهزّها وحرّكها وجعلها في وضع من الإضطراب المقترن بالخشوع .. إلاّ أنّه ـ مع الأسف ـ هذا الإنسان القاسي القلب يسمع آيات الله تتلى عليه ولا تتحرّك روحه ولا يخشع قلبه، يقول سبحانه: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكّرون}.

فسّر الكثير من المفسّرين هذه الآيات بأنّها تشبيه، وقالوا: إنّ الهدف من ذلك هو بيان أنّ هذه الآيات إذا نزلت على الجبال بكلّ صلابتها وقوّتها إذا كان لها عقل وشعور ـ بدلا من نزولها على قلب الإنسان ـ فانّها تهتزّ وتضطرب إلى درجة أنّها تتشقّق، إلاّ أنّ قسماً من الناس ذوي القلوب القاسية والتي هي كالحجارة أو أشدّ قسوة لا يسمعون ولا يعون ولا يتأثّرون أدنى تأثير، وجملة: {وتلك الأمثال نضربها للناس) إعتبرت دليلا وشاهداً على هذا الفهم.

وقد حملها البعض الآخر على ظاهرها وقالوا: إنّ كلّ الموجودات في هذا العالم ـ ومن جملتها الجبال ـ لها نوع من الإدراك والشعور الخاصّ بها، وإذا نزلت هذه الآيات عليها فانّها ستتلاشى، ودليل هذا ما ورد في الآية (74) من سورة البقرة في وصف جماعة من اليهود، قال تعالى: {ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة، وانّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار وإنّ منها لما يشقّق فيخرج منه الماء وانّ منها لما يهبط من خشية الله}.

والتعبير بـ (مثل) يمكن أن يكون بمعنى هذا الوصف، كما جاءت هذه الكلمة مراراً مجسّدة لنفس المعنى، وبناءً على هذا، فإنّ التعبير المذكور لا يتنافى مع هذا التّفسير.

والشيء الممكن ملاحظته هنا، أنّه تعالى يقول في البداية: إنّ الجبال تخشع وتخضع للقرآن الكريم، ويضيف أنّها تتشقّق، إشارة إلى أنّ القرآن الكريم ينفذ تدريجيّاً فيها، وبعد كلّ فترة تظهر عليها آثار جديدة من تأثيرات القرآن الكريم، إلى حدّ تفقد فيه قدرتها وإستطاعتها فتكون كالعاشق الواله الذي لا قرار له ثمّ تنصدع وتنشقّ(2).

الآيات اللاحقة تستعرض قسماً مهمّاً من صفات جمال وجلال الله سبحانه، التي لكلّ واحدة منها الأثر العميق في تربية النفوس وتهذيب القلوب. وتحوي الآيات القرآنية الثلاثة خمسة عشر وصفاً لله سبحانه، أو بتعبير آخر فإنّ ثماني عشرة صفة من صفاته العظيمة تذكرها ثلاث آيات، وكلّ منها تتعلّق ببيان التوحيد الإلهي و الإسم المقدّس، وتوضّح للإنسان طريق الهداية إلى العالم النوراني لأسماء وصفات الحقّ سبحانه، يقول تعالى: {هو الله الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم}.

هنا وقبل كلّ شيء يؤكّد على مسألة التوحيد، التي هي أصل لجميع صفات الجمال والجلال، وهي الأصل والأساس في المعرفة الإلهية، ثمّ يذكر علمه بالنسبة للغيب والشهود.

«الشهادة» و«الشهود» ـ كما يقول الراغب في المفردات ـ هي الحضور مقترناً بالمشاهدة سواء بالعين الظاهرة أو بعين البصيرة، وبناءً على هذا، فكلّ مكان تكون للإنسان فيه إحاطة حسيّة وعلمية يطلق عليها عالم شهود، وكلّ ما هو خارج عن هذه الحدود يطلق عليه «عالم الغيب» وكلّ ذلك في مقابل علم الله سواء، لأنّ وجوده اللامتناهي في كلّ مكان حاضر وناظر، فلا مكان ـ إذن ـ خارج حدود علمه وحضوره، قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } [الأنعام: 59]

والتوجّه بهذا الفهم نحو الذات الإلهية يؤدّي بالإنسان إلى الإيمان بأنّ الله حاضر وناظر في كلّ مكان، وعندئذ يتسلّح بالتقوى، ثمّ يعتمد على رحمته العامّة التي تشمل جميع الخلائق: (الرحمن) ورحمته الخاصّة التي تخصّ المؤمنين، (والرحيم) لتعطي للإنسان أملا، ولتعينه في طريق بناء نفسه والتكامل بأخلاقه وسلوكه بالسير نحو الله، لأنّ هذه المرحلة ـ الحياة الدنيا ـ لا يمكن للإنسان أن يجتازها بغير لطفه، لأنّها ظلمات وخطر وضياع.

وبهذا العرض ـ بالإضافة إلى صفة التوحيد ـ فقد بيّنت الآية الكريمة ثلاثة من صفاته العظيمة، التي كلّ منها تلهمنا نوعاً من المعرفة والخشية لله سبحانه.

أمّا في الآية اللاحقة، فبالإضافة إلى التأكيد على مسألة التوحيد فإنّها تذكر ثمانية صفات اُخرى لله سبحانه، حيث يقول الباريء عزّوجلّ: {هو الله الذي لا إله إلاّ هو}.

{الملك) الحاكم والمالك الحقيقي لجميع الكائنات.

{القدّوس) المنزّه من كلّ نقص وعيب.

{السلام)(3) لا يظلم أحد، وجميع الخلائق في سلامة من جهته.

وأساساً فإنّ دعوة الله تعالى هي للسلامة {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ } [يونس: 25].

وهدايته أيضاً باتّجاه السلامة {هْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16] .

والمقرّ الذي اُعدّ للمؤمنين أيضاً هو: بيت السلامة {لهم دار السلام عند ربّهم}.

وتحيّة أهل الجنّة أيضاً ليست بشيء سوى السلام: {إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: 26] ثمّ يضيف سبحانه:

{المؤمن)(4) يعطي الأمان لأحبّائه، ويتفضّل عليهم بالإيمان.

{المهيمن) الحافظ والمراقب لكلّ شيء(5).

{العزيز) القادر الذي لا يقهر.

{الجبّار) مأخوذ من (جبر) يأتي أحياناً بمعنى القهر والغلبة ونفوذ الإرادة، وأحياناً بمعنى الإصلاح والتعويض، ومرج الراغب في المفردات كلا المعنيين حيث يقول: «وأصل (جبر) إصلاح شيء بالقوّة والغلبة» وعندما يستعمل هذا اللفظ لله تعالى، فإنّه يبيّن أحد صفاته الكبيرة، حيث أنّ نفوذ إرادته، وكمال قدرته يصلح كلّ فساد. وإذا استعملت في غير الله أعطت معنى المذمّة، وكما يقول الراغب فإنّها تطلق على الشخص الذي يريد تعويض نقصه بإظهاره لاُمور غير لائقة، وقد ورد هذا المصطلح عشر مرّات في القرآن الكريم، تسع مرّات حول الأشخاص الظالمين والمستكبرين المتسلّطين على رقاب الاُمّة والمفسدين في الأرض ومرّة واحدة فقط عن الله القادر المتعال، حيث ورد بهذا المعنى في الآية مورد البحث.

ثمّ يضيف سبحانه: {المتكبّر).

«المتكبّر» من مادّة (تكبّر) وجاءت بمعنيين:

الأوّل: إستعملت صفة المدح، وقد اُطلقت على لفظ الجلالة، وهو إتّصافه بالعلو والعظمة والسمات الحسنة بصورة عامّة.

والثّاني: إستعملت صفة الذمّ وهوما يوصف به غير الله عزّوجلّ، حيث تطلق على الأشخاص صغار الشأن وقليلي الأهميّة .. الذين يدّعون الشأن والمقام العالي، وينعتون أنفسهم بصفات حسنة غير موجودة فيهم.

ولأنّ العظمة وصفات العلو والعزّة لا تكون لائقة لغير مقام الله سبحانه، لذا إستعمل هذا المصطلح هنا بمعناه الإيجابي حول الله سبحانه. وكلّما إستعمل لغير الله أعطى معنى الذمّ.

وفي نهاية الآية يؤكّد مرّة اُخرى مسألة التوحيد التي كان الحديث حولها إبتداءً حيث يقول تعالى: {سبحان الله عمّا يشركون}.

ومع التوضيح المذكور فإنّ من المؤكّد أنّ كلّ موجود لا يستطيع أن يكون شريكاً وشبيهاً ونظيراً للصفات الإلهية التي ذكرت هنا.

وفي آخر آية مورد للبحث يشير سبحانه إلى ستّ صفات اُخرى حيث يقول تعالى:

{هو الله الخالق).

{الباريء}(6).

{المصوّر}.

ولأنّ صفات الله لا تنحصر فقط بالتي ذكرت في هذه الآية فإنّه سبحانه يشير إلى صفة أساسية لذاته المقدّسة اللامتناهية، حيث يقول عزّوجلّ: {له الأسماء الحسنى}.

ولهذا السبب فإنّه سبحانه منزّه ومبرّأ من كلّ عيب ونقص {يسبّح له ما في السماوات والأرض} ويعتبرونه تامّاً وكاملا من كلّ نقص وعيب.

وأخيراً ـ للتأكيد الأكثر على موضوع نظام الخلقة ـ يشير سبحانه إلى وصفين آخرين من صفاته المقدّسة، التي ذكر أحدهما في السابق بقوله تعالى: {وهو العزيز الحكيم}.

الاُولى دليل كمال قدرته على كلّ شيء، وغلبته على كلّ قوّة.

والثانية إشارة إلى علمه وإطّلاعه ومعرفته ببرامج الخلق وتنظيم الوجود وتدبير الحياة.

وبهذه الصورة فإنّ مجموع ما ورد في الآيات الثلاث بالإضافة إلى مسألة التوحيد التي تكرّرت مرّتين، فإنّ مجموع الصفات المقدّسة لله سبحانه تكون سبع عشرة صفة مرتبة بهذا الشكل:

1 ـ عالم الغيب والشهادة.

2 ـ الرحمن.

3 ـ الرحيم.

4 ـ الملك.

5 ـ القدّوس.

6 ـ السلام.

7 ـ المؤمن.

8 ـ المهيمن.

9 ـ العزيز.

10 ـ الجبّار.

11 ـ المتكبّر.

12 ـ الخالق.

13 ـ الباريء.

14 ـ المصوّر.

15 ـ الحكيم.

16 ـ له الأسماء الحسنى.

17 ـ الموجود الذي تسبّح له كلّ موجودات العالم.

ومع صفة التوحيد يصبح عدد الصفات ثماني عشرة صفة. ويرجى الإنتباه إلى أنّ «التوحيد» و«العزيز» جاء كلّ منها مرّتين.

ومن بين مجموع هذه الصفات فإنّنا نلاحظ تنظيماً خاصّاً في الآيات الثلاث وهو: في الآية الاُولى يبحث عن أعمّ صفات الذات وهي (العلم) وأعمّ صفات الفعل وهي (الرحمة) التي هي أساس كلّ أعماله تعالى.

وفي الآية الثانية يتحدّث عن حاكميته وشؤون هذه الحاكمية وصفاته كـ (القدّوس والسلام والمؤمن والجبّار والمتكبّر) وبملاحظة معاني هذه الصفات ـ المذكورة أعلاه ـ فإنّ جميعها من خصوصيات هذه الحاكمية الإلهية المطلقة.

وفي الآية الأخيرة يبحث مسألة الخلق وما يرتبط بها من إنتظام في مقام تسلسل الخلقة والتصوير، وكذلك البحث في موضوع القدرة والحكمة الإلهية.

وبهذه الصورة فإنّ هذه الآيات تأخذ بيد السائرين في طريق معرفة الله، وتقودهم من درجة إلى درجة ومن منزل إلى منزل، حيث تبدأ الآيات أوّلا بالحديث عن ذاته المقدّسة، ومن ثمّ إلى عالم الخلقة، وتارةً اُخرى بالسير نحو الله تعالى، حيث ترتفع روحيته إلى سمو الواحد الأحد، فيتطهّر القلب بالأسماء والصفات الإلهية المقدّسة، ويربى في أجواء هذه الأنوار والمعارف، حيث تنمو براعم التقوى على ظاهر أغصان وجوده، وتجعله لائقاً لقرب جواره لكي يكون وجوداً منسجماً مع كلّ ذرّات الوجود، مردّدين معاً ترانيم التسبيح والتقديس.

______________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج14 ، ص101-107.

2 ـ «متصدّع» من مادّة (صدع)، بمعنى شقّ الأشياء القوية، كالحديد والزجاج، وإذا قيل لوجع الرأس: صداع، فإنّه بسبب شعور الإنسان أنّ رأسه يريد أن يتشقّق من الألم.

3 ـ فسّر البعض كلمة «سلام» هنا بمعنى «السلامة من كلّ عيب ونقص وآفة»، وبالنظر إلى أنّ هذا المعنى مندرج في القدّوس والتي جاءت سابقاً، بالإضافة إلى أنّ كلمة سلام تقال في القرآن الكريم في الغالب بمعنى إعطاء السلامة للآخرين، وأساساً فإنّ كلمة سلام تقال عند اللقاء وتعني إظهار الصداقة والمحبّة وبيان الروابط الحميمة مع الطرف المقابل، فإنّ ما ذكرناه أعلاه هو الأنسب حسب الظاهر. (يرجى الإنتباه لذلك).

4 ـ ذكر بعض المفسّرين أنّ المؤمن هنا بمعنى صاحب الإيمان، إشارة إلى أنّه أوّل شخص مؤمن بذات الله الطاهرة، وصفاته ورسله (وهو الله تعالى) إلاّ أنّ الذي ذكر أعلاه أنسب.

5 ـ في الأصل لهذا المصطلح قولان بين المفسّرين وأرباب اللغة، حيث اعتبره البعض من مادّة (هيمن) والتي تعني المراقبة، والحفظ، والبعض الآخر اعتبره من مادّة (إيمان) تبدّلت الهمزة إلى الهاء بمعنى الباعث للهدوء، وورد هذا المصطلح مرّتين في القرآن الكريم: الاُولى: حول القرآن نفسه، كما في الآية (48) من سورة المائدة، والثانية: في وصف الله سبحانه في الآية مورد البحث. والموردان مناسبان للمعنى الأوّل، (لسان العرب وكذلك تفسير روح المعاني والفخر الرازي).

كما نقل أبو الفتوح الرازي في نهاية الآية مورد البحث عن أبي عبيدة أنّه جاء في كلام العرب خمس كلمات فقط على هذا الوزن: (مهيمن، مسيطر، مبيطر (طبيب الحيوانات) مبيقر (الذي يشقّ طريقه ويمضي فيه) مخيمر (اسم جبل).

6 ـ الباريء من مادّة «بُرء» على وزن (قفل) وهي في الأصل بمعنى التحرّر والتخلّص من الاُمور السلبية، ولذا يقال (باريء) للشخص الذي يوجد شيئاً غير ناقص وموزون بصورة تامّة. وأخذه البعض ـ أيضاً ـ من مادّة (برى) على وزن (نفى) قطّ الخشب، حيث ينجز هذا العمل بقصد الموزونية، وصرّح بعض أئمّة اللغة أيضاً بأنّ الباريء هو الذي يبدأ شيئاً لم يكن له نظير في السابق.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .