المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8186 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

جواز تغسيل السيد امته ومدبرته وام ولده
22-12-2015
المجلات الالكترونية
26-10-2019
نظرية (فيبر) - دور تكاليف النقل
8-2-2022
لغز الاستقطاب
22-1-2023
دعوى الاجماع على التصديق أو التوثيق
21-4-2016
خير هديّة
6-12-2017


الحج الواجب بالنذر والعهد واليمين  
  
615   10:04 صباحاً   التاريخ: 7-9-2017
المؤلف : السّيّد مُحمّد كاظُم اليزديّ
الكتاب أو المصدر : العروة الوثقى
الجزء والصفحة : ج‌2 ، ص: 482‌-503
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الحج والعمرة / احكام عامة /

يشترط في انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختيار فلا تنعقد من الصبي وإن بلغ عشرا وقلنا بصحة عباداته وشرعيتها لرفع قلم الوجوب عنه وكذا لا تصح من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره والأقوى صحتها من الكافر وفاقا للمشهور في اليمين خلافا لبعض وخلافا للمشهور في النذر وفاقا لبعض وذكروا في وجه الفرق عدم اعتبار قصد القربة في اليمين واعتباره في النذر ولا تتحقق القربة في الكافر وفيه أولا أن القربة لا تعتبر في النذر بل هو مكروه وإنما تعتبر في متعلقه حيث إن اللازم كونه راجحا شرعا وثانيا أن متعلق اليمين أيضا قد يكون من العبادات وثالثا أنه يمكن قصد القربة من الكافر أيضا ودعوى عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام‌ مدفوعة بإمكان إسلامه ثمَّ إتيانه فهو مقدور لمقدورية مقدمته فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات ويعاقب على مخالفته ويترتب عليها وجوب الكفارة فيعاقب على تركها أيضا وإن أسلم صح إن أتى به ويجب عليه الكفارة لو خالف ولا يجري فيه قاعدة جب الإسلام لانصرافها عن المقام نعم لو خالف وهو كافر وتعلق به الكفارة فأسلم لا يبعد دعوى سقوطها عنه كما قيل‌ .

مسألة : ذهب جماعة إلى أنه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك إذن المولى وفي انعقاده من الزوجة إذن الزوج وفي انعقاده من الولد إذن الوالد‌ لقوله عليه السلام : لا يمين لولد مع والده ولا للزوجة مع زوجها ولا للمملوك مع مولاه فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن لم ينعقد وظاهرهم اعتبار الإذن السابق فلا تكفي الإجازة بعده مع أنه من الإيقاعات وادعي الاتفاق على عدم جريان الفضولية فيها وإن كان يمكن دعوى أن القدر المتيقن من الاتفاق ما إذا وقع الإيقاع على مال الغير مثل الطلاق والعتق ونحوهما لا مثل المقام مما كان في مال نفسه غاية الأمر اعتبار رضا الغير فيه ولا فرق فيه بين الرضا السابق واللاحق خصوصا إذا قلنا إن الفضولي على القاعدة وذهب جماعة إلى أنه لا يشترط الإذن في الانعقاد لكن للمذكورين حل يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقا بنهي أو إذن بدعوى أن المنساق من الخبر المذكور ونحوه أنه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولى أو الأب أو الزوج ولازمه جواز حلهم له وعدم وجوب العمل به مع عدم رضاهم به وعلى هذا فمع النهي السابق لا ينعقد ومع الإذن يلزم ومع عدمهما‌ ينعقد ولهم حله ولا يبعد قوة هذا القول مع أن المقدر كما يمكن أن يكون هو الوجود يمكن أن يكون هو المنع والمعارضة أي لا يمين مع منع المولى مثلا فمع عدم الظهور في الثاني لا أقل من الإجمال والقدر المتيقن هو عدم الصحة مع المعارضة والنهي بعد كون مقتضى العمومات الصحة واللزوم ثمَّ إن جواز الحل أو التوقف على الإذن ليس في اليمين بما هو يمين مطلقا كما هو ظاهر كلماتهم بل إنما هو فيما كان المتعلق منافيا لحق المولى أو الزوج وكان مما يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهى وأما ما لم يكن كذلك فلا كما إذا حلف المملوك أن يحج إذا أعتقه المولى أو حلفت الزوجة أن تحج إذا مات زوجها أو طلقها أو حلفا أن يصليا صلاة الليل مع عدم كونها منافية لحق المولى أو حق الاستمتاع من الزوجة أو حلف الولد أن يقرأ كل يوم جزء من القرآن أو نحو ذلك مما لا يجب طاعتهم فيها للمذكورين فلا مانع من انعقاده وهذا هو المنساق من الأخبار فلو حلف الولد أن يحج إذا استصحبه الوالد إلى مكة مثلا لا مانع من انعقاده وهكذا بالنسبة إلى المملوك والزوجة فالمراد من الأخبار أنه ليس لهم أن يوجبوا على أنفسهم باليمين ما يكون منافيا لحق المذكورين ولذا استثنى بعضهم الحلف على فعل الواجب أو ترك القبيح وحكم بالانعقاد فيهما ولو كان المراد اليمين بما هو يمين لم يكن وجه لهذا الاستثناء هذا كله في اليمين وأما النذر فالمشهور بينهم أنه كاليمين في المملوك والزوجة‌ وألحق بعضهم بهما الولد أيضا وهو مشكل لعدم الدليل عليه خصوصا في الولد إلا القياس على اليمين بدعوى تنقيح المناط وهو ممنوع أو بدعوى أن المراد من اليمين في الأخبار ما يشمل النذر لإطلاقه عليه في جملة من الأخبار منها خبران في كلام الإمام ع ومنها أخبار في كلام الراوي وتقرير الإمام ع له هو أيضا كما ترى فالأقوى في الولد عدم الإلحاق نعم في الزوجة والمملوك لا يبعد الإلحاق باليمين‌ لخبر قرب الإسناد عن جعفر وعن أبيه عليه السلام : إن عليا عليه السلام كان يقول ليس على المملوك نذر إلا بإذن مولاه وصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام : ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها وضعف الأول منجبر بالشهرة واشتمال الثاني على ما لا نقول به لا يضر ثمَّ هل الزوجة تشمل المنقطعة أو لا وجهان وهل الولد يشمل ولد الولد أو لا كذلك وجهان والأمة المزوجة عليها الاستيذان من الزوج والمولى بناء على اعتبار الإذن وإذا أذن المولى للمملوك أن يحلف أو ينذر الحج لا يجب عليه إعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة عليه من مصارف الحج وهل عليه تخلية سبيله لتحصيلها أو لا وجهان ثمَّ على القول بأن لهم الحل هل يجوز مع حلف الجماعة التماس المذكورين في حل حلفهم أو لا وجهان .‌

مسألة : إذا كان الوالد كافرا ففي شمول الحكم له وجهان أوجههما العدم للانصراف ونفي السبيل‌.

مسألة : هل المملوك المبعض حكمه حكم القن أو لا وجهان لا يبعد الشمول ويحتمل عدم توقف حلفه على الإذن في نوبته في صورة المهايأة خصوصا إذا كان وقوع المتعلق في نوبته‌ .

مسألة : الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر والأنثى وكذا في المملوك والمالك لكن لا تلحق الأم بالأب‌ .

مسألة : إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك ثمَّ انتقل إلى غيره بالإرث أو البيع أو نحوه بقي على لزومه‌ .

مسألة : لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجية ثمَّ تزوجت وجب عليها العمل به وإن كان منافيا للاستمتاع بها وليس للزوج منعها من ذلك الفعل كالحج ونحوه بل وكذا لو نذرت أنها لو تزوجت بزيد مثلا صامت كل خميس وكان المفروض أن زيدا أيضا حلف أن يواقعها كل خميس إذا تزوجها فإن حلفها أو نذرها مقدم على حلفه وإن كان متأخرا في الإيقاع لأن حلفه لا يؤثر شيئا في تكليفها بخلاف نذرها فإنه يوجب الصوم عليها لأنه متعلق بعمل نفسها فوجوبه عليها يمنع من العمل بحلف الرجل‌ .

مسألة : إذا نذر الحج من مكان معين كبلدة أو بلد آخر معين فحج من غير ذلك المكان لم تبرأ ذمته ووجب عليه ثانيا نعم‌ لو عينه في سنة فحج في تلك السنة من غير ذلك المكان وجب عليه الكفارة لعدم إمكان التدارك ولو نذر أن يحج من غير تقييد بمكان ثمَّ نذر نذرا آخر أن يكون ذلك الحج من مكان كذا وخالف فحج من غير ذلك المكان برأ من النذر الأول ووجب عليه الكفارة لخلف النذر الثاني كما أنه لو نذر أن يحج حجة الإسلام من بلد كذا فخالف فإنه يجزيه عن حجة الإسلام ووجب عليه الكفارة لخلف النذر‌ .

مسألة : إذا نذر أن يحج ولم يقيده بزمان فالظاهر جواز التأخير إلى ظن الموت أو الفوت فلا يجب عليه المبادرة إلا إذا كان هناك انصراف فلو مات قبل الإتيان به في صورة جواز التأخير لا يكون عاصيا والقول بعصيانه مع تمكنه في بعض تلك الأزمنة وإن جاز التأخير لا وجه له وإذا قيده بسنة معينة لم يجز التأخير مع فرض تمكنه في تلك السنة فلو أخر عصى وعليه القضاء والكفارة وإذا مات وجب قضاؤه عنه كما أن في صورة الإطلاق إذا مات بعد تمكنه منه قبل إتيانه وجب القضاء عنه والقول بعدم وجوبه بدعوى أن القضاء بفرض جديد ضعيف لما يأتي وهل الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث قولان فذهب جماعة إلى القول بأنه من الأصل لأن الحج واجب مالي وإجماعهم قائم على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل وربما يورد عليه بمنع كونه واجبا ماليا وإنما هو أفعال مخصوصة بدنية وإن كان‌ قد يحتاج إلى بذل المال في مقدماته كما أن الصلاة أيضا قد تحتاج إلى بذل المال في تحصيل الماء والساتر والمكان ونحو ذلك وفيه أن الحج في الغالب محتاج إلى بذل المال بخلاف الصلاة وسائر العبادات البدنية فإن كان هناك إجماع أو غيره على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل يشمل الحج قطعا وأجاب صاحب الجواهر بأن المناط في الخروج من الأصل كون الواجب دينا والحج كذلك فليس تكليفا صرفا كما في الصلاة والصوم بل للأمر به جهة وضعية فوجوبه على نحو الدينية بخلاف سائر العبادات البدنية فلذا يخرج من الأصل كما يشير إليه بعض الأخبار الناطقة بأنه دين أو بمنزلة الدين قلت التحقيق أن جميع الواجبات الإلهية ديون لله تعالى سواء كانت مالا أو عملا ماليا أو عملا غير مالي فالصلاة والصوم أيضا ديون لله ولهما جهة وضع فذمة المكلف مشغولة بهما ولذا يجب قضاؤهما فإن القاضي يفرغ ذمة نفسه أو ذمة الميت وليس القضاء من باب التوبة أو من باب الكفارة بل هو إتيان لما كانت الذمة مشغولة به ولا فرق بين كون الاشتغال بالمال أو بالعمل بل مثل قوله لله علي أن أعطي زيدا درهما دين إلهي لا خلقي فلا يكون الناذر مديونا لزيد بل هو مديون لله لدفع الدرهم لزيد ولا فرق بينه وبين أن يقول لله علي أن أحج أو‌ أن أصلي ركعتين فالكل دين الله ودين الله أحق أن يقضى كما في بعض الأخبار ولازم هذا كون الجميع من الأصل نعم إذا كان الوجوب على وجه لا يقبل بقاء شغل الذمة به بعد فوته لا يجب قضاؤه لا بالنسبة إلى نفس من وجب عليه ولا بعد موته سواء كان مالا أو عملا مثل وجوب إعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة فإنه لو لم يعطه حتى مات لا يجب عليه ولا على وارثه القضاء لأن الواجب إنما هو حفظ النفس المحترمة وهذا لا يقبل البقاء بعد فوته وكما في نفقة الأرحام فإنه لو ترك الإنفاق عليهم مع تمكنه لا يصير دينا عليه لأن الواجب سد الخلة وإذا فات لا يتدارك فتحصل أن مقتضى القاعدة في الحج النذري إذا تمكنه وترك حتى مات وجوب قضائه من الأصل لأنه دين إلهي إلا أن يقال بانصراف الدين عن مثل هذه الواجبات وهو محل منع بل دين الله أحق أن يقضى وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث فاستدلوا بصحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالتين على أن من نذر الإحجاج ومات قبله يخرج من ثلثه وإذا كان نذر الإحجاج كذلك مع كونه ماليا قطعا فنذر الحج بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل وفيه أن الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين في موردهما فكيف يعمل بهما في غيره وأما الجواب عنهما بالحمل على صورة كون النذر في حال المرض بناء على خروج المنجزات من الثلث فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها من الأصل وربما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم إجراء الصيغة أو على صورة عدم التمكن من الوفاء حتى مات وفيهما ما لا يخفى خصوصا الأول .‌

مسألة : إذا نذر الحج مطلقا أو مقيدا بسنة معينة ولم يتمكن من الإتيان به حتى مات لم يجب القضاء عنه لعدم وجوب الأداء عليه حتى يجب القضاء عنه فيكشف ذلك عن عدم انعقاد نذره‌ .

مسألة : إذا نذر الحج معلقا على أمر كشفاء مريضة أو مجي‌ء مسافرة فمات قبل حصول المعلق عليه هل يجب القضاء عنه أم لا المسألة مبنية على أن التعليق من‌ باب الشرط أو من قبيل الوجوب المعلق فعلى الأول لا يجب لعدم الوجوب عليه بعد فرض موته قبل حصول الشرط وإن كان متمكنا من حيث المال وسائر الشرائط وعلى الثاني يمكن أن يقال بالوجوب لكشف حصول الشرط عن كونه واجبا عليه من الأول إلا أن يكون نذره منصرفا إلى بقاء حياته حين حصول الشرط‌ .

مسألة : إذا نذر الحج وهو متمكن منه فاستقر عليه ثمَّ صار معضوبا لمرض أو نحوه أو مصدودا بعدو أو نحوه فالظاهر وجوب استنابته حال حياته لما مر من الأخبار سابقا في وجوبها ودعوى اختصاصها بحجة الإسلام ممنوعة كما مر سابقا وإذا مات وجب القضاء عنه وإذا صار معضوبا أو مصدودا قبل تمكنه واستقرار الحج عليه أو نذر وهو معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمكنه من حيث المال ففي وجوب الاستنابة وعدمه حال حياته ووجوب القضاء عنه بعد موته قولان أقواهما العدم وإن قلنا بالوجوب بالنسبة إلى حجة الإسلام إلا أن يكون قصده من قوله لله علي أن أحج الاستنابة‌ .

مسألة : لو نذر أن يحج رجلا في سنة معينة فخالف مع تمكنه وجب عليه القضاء والكفارة وإن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل التركة لأنهما واجبان ماليان بلا إشكال والصحيحتان المشار إليهما سابقا الدالتان على الخروج من الثلث معرض عنهما كما قيل أو محمولتان على بعض المحامل وكذا إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة معينة مطلقا أو معلقا على شرط وقد حصل وتمكن منه وترك حتى مات فإنه يقضى عنه من أصل التركة وأما لو نذر الإحجاج بأحد الوجوه ولم يتمكن منه حتى مات ففي وجوب قضائه وعدمه وجهان أوجههما ذلك لأنه واجب مالي أوجبه على نفسه فصار دينا غاية الأمر أنه ما لم يتمكن معذور والفرق بينه وبين نذر الحج بنفسه أنه لا يعد دينا مع عدم التمكن منه واعتبار المباشرة بخلاف الإحجاج فإنه كنذر بذل المال كما إذا قال لله علي أن أعطي الفقراء مائة درهم ومات قبل تمكنه ودعوى كشف عدم التمكن عن عدم الانعقاد ممنوعة ففرق بين إيجاب مال على نفسه أو إيجاب عمل مباشري وإن استلزم صرف المال فإنه لا يعد دينا عليه بخلاف الأول .‌

مسألة : لو نذر الإحجاج معلقا على شرط كمجيء المسافر أو شفاء المريض فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك وتمكنه منه قبله فالظاهر وجوب القضاء عنه إلا أن يكون مراده التعليق على ذلك الشرط مع كونه حيا حينه ويدل على ما ذكرنا‌ خبر مسمع بن عبد الملك: فيمن كان له جارية حبلى فنذر إن هي ولدت غلاما أن يحجه أو يحج عنه حيث قال الصادق ع بعد ما سئل عن هذا إن رجلا نذر في ابن له إن هو أدرك أن يحجه أو يحج عنه فمات الأب وأدرك الغلام بعد فأتى رسول الله صلى الله عليه واله فسأله عن ذلك فأمر رسول الله ص أن يحج عنه مما ترك أبوه وقد عمل به جماعة - وعلى ما ذكرنا لا يكون مخالفا للقاعدة كما تخيله سيد الرياض وقرره عليه صاحب الجواهر وقال إن الحكم فيه تعبدي على خلاف القاعدة‌ .

مسألة : إذا كان مستطيعا ونذر أن يحج حجة الإسلام انعقد على الأقوى وكفاه حج واحد وإذا ترك حتى مات وجب القضاء عنه والكفارة من تركته وإذا قيده بسنة معينة فأخر عنها وجب عليه الكفارة وإذا نذره في حال عدم الاستطاعة انعقد أيضا ووجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدمة إلا أن يكون مراده الحج بعد الاستطاعة‌ .

مسألة : لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية بل يجب مع القدرة العقلية خلافا للدروس ولا وجه له إذ حاله حال سائر الواجبات التي تكفيها القدرة عقلا‌ .

مسألة : إذا نذر حجا غير حجة الإسلام في عامه وهو مستطيع لم ينعقد إلا إذا نوى ذلك على تقدير زوالها فزالت ويحتمل الصحة مع الإطلاق أيضا إذا زالت حملا لنذره‌ على الصحة‌ .

مسألة : إذا نذر حجا في حال عدم الاستطاعة الشرعية ثمَّ حصلت له فإن كان موسعا أو مقيدا بسنة متأخرة قدم حجة الإسلام لفوريتها وإن كان مضيقا بأن قيده بسنة معينة وحصل فيها الاستطاعة أو قيده بالفورية قدمه وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجبت وإلا فلا لأن المانع الشرعي كالعقلي ويحتمل وجوب تقديم النذر ولو مع كونه موسعا لأنه دين عليه بناء على أن الدين ولو كان موسعا يمنع عن تحقق الاستطاعة خصوصا مع ظن عدم تمكنه من الوفاء بالنذر إن صرف استطاعته في حجة الإسلام‌ .

مسألة : إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريا ثمَّ استطاع وأهمل عن وفاء النذر‌ في عامه وجب الإتيان به في العام القابل مقدما على حجة الإسلام وإن بقيت الاستطاعة إليه لوجوبه عليه فورا ففورا فلا يجب عليه حجة الإسلام إلا بعد الفراغ عنه لكن عن الدروس أنه قال بعد الحكم بأن استطاعة النذر شرعية لا عقلية فلو نذر ثمَّ استطاع صرف ذلك إلى النذر فإن أهمل واستمرت الاستطاعة إلى العام القابل وجب حجة الإسلام أيضا ولا وجه له نعم لو قيد نذره بسنة معينة وحصل فيها الاستطاعة فلم يف به وبقيت استطاعته إلى العام المتأخر أمكن أن يقال بوجوب حجة الإسلام أيضا لأن حجة النذري صار قضاء موسعا ففرق بين الإهمال مع الفورية والإهمال مع التوقيت بناء على تقديم حجة الإسلام مع كون النذري موسعا‌ .

مسألة : إذا نذر الحج وأطلق من غير تقييد بحجة الإسلام ولا بغيره وكان مستطيعا أو استطاع بعد ذلك فهل يتداخلان فيكفي حج واحد عنهما أو يجب التعدد أو يكفي نية الحج النذري عن حجة الإسلام دون العكس أقوال أقواها الثاني لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب و‌القول بأن الأصل هو التداخل ضعيف واستدل للثالث‌ بصحيحتي رفاعة ومحمد بن مسلم: عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشى هل يجزيه عن حجة الإسلام قال عليه السلام نعم وفيه أن ظاهرهما كفاية الحج النذري عن حجة الإسلام مع عدم الاستطاعة وهو غير معمول به ويمكن حملهما على أنه نذر المشي لا الحج ثمَّ أراد أن يحج فسئل ع عن أنه هل يجزيه هذا الحج الذي أتى به عقيب هذا المشي أم لا فأجاب ع بالكفاية نعم لو نذر أن يحج مطلقا أي حج كان كفاه عن نذره حجة الإسلام بل الحج النيابي وغيره أيضا لأن مقصوده حينئذ حصول الحج منه في الخارج بأي وجه كان‌ .

مسألة : إذا نذر الحج حال عدم استطاعته معلقا على شفاء ولده مثلا فاستطاع قبل حصول المعلق عليه فالظاهر تقديم حجة الإسلام ويحتمل تقديم المنذور إذا فرض حصول المعلق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريا بل هو المتعين‌ إن كان نذره من قبيل الواجب المعلق‌ .

مسألة : إذا كان عليه حجة الإسلام والحج النذري ولم يمكنه الإتيان بهما إما لظن الموت أو لعدم التمكن إلا من أحدهما ففي وجوب تقديم الأسبق سببا أو التخيير أو تقديم حجة الإسلام لأهميتها وجوه أوجهها الوسط وأحوطها الأخير كذا إذا مات وعليه حجتان ولم تف تركته إلا لإحداهما وإما إن وفت التركة فاللازم استيجارهما ولو في عام واحد‌ .

مسألة : من عليه الحج الواجب بالنذر الموسع يجوز له الإتيان بالحج المندوب قبله‌ .

مسألة : إذا نذر أن يحج أو يحج انعقد ووجب عليه أحدهما على وجه التخيير وإذا تركهما حتى مات يجب القضاء عنه مخيرا وإذا طرأ العجز من أحدهما معينا تعين الآخر ولو تركه أيضا حتى مات يجب القضاء عنه مخيرا أيضا لأن الواجب كان على وجه التخيير فالفائت هو الواجب المخير ولا عبرة بالتعيين العرضي فهو كما لو كان عليه كفارة الإفطار في شهر رمضان وكان عاجزا عن بعض الخصال ثمَّ مات فإنه يجب الإخراج عن تركته مخيرا وإن تعين عليه في حال حياته في إحداها فلا يتعين في ذلك المتعين نعم لو كان حال النذر غير متمكن إلا من أحدهما معينا ولم يتمكن من الآخر إلى أن مات أمكن أن يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكنا منه بدعوى أن النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكن منه بناء على أن عدم التمكن يوجب عدم الانعقاد لكن الظاهر أن مسألة الخصال ليست كذلك فيكون الإخراج من تركته على وجه التخيير وإن لم يكن في حياته متمكنا إلا من البعض أصلا‌ وربما يحتمل في الصورة المفروضة ونظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضا بدعوى أن متعلق النذر هو أحد الأمرين على وجه التخيير ومع تعذر أحدهما لا يكون وجوب الآخر تخييريا بل عن الدروس اختياره في مسألة ما لو نذر إن رزق ولدا أن يحجه أو يحج عنه إذا مات الولد قبل تمكن الأب من أحد الأمرين وفيه أن مقصود الناذر إتيان أحد الأمرين من دون اشتراط كونه على وجه التخيير فليس النذر مقيدا بكونه واجبا تخييريا حتى يشترط في انعقاده التمكن منهما‌ .

مسألة : إذا نذر أن يحج أو يزور الحسين ع من بلده ثمَّ مات قبل الوفاء بنذره وجب القضاء من تركته ولو اختلفت أجرتهما يجب الاقتصار على أقلهما أجرة إلا إذا تبرع الوارث بالزائد فلا يجوز للوصي اختيار الأزيد أجرة وإن جعل الميت أمر التعيين إليه ولو أوصى باختيار الأزيد أجرة خرج الزائد من الثلث‌ .

مسألة : إذا علم أن على الميت حجا ولم يعلم أنه حجة الإسلام أو حج النذر وجب قضاؤه عنه من غير تعيين وليس عليه كفارة ولو تردد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفارة أيضا وحيث إنها مرددة بين كفارة النذر وكفارة اليمين فلا بد من الاحتياط ويكفي حينئذ إطعام ستين مسكينا لأن فيه إطعام عشرة أيضا الذي يكفي في كفارة الحلف‌ .

مسألة : إذا نذر المشي في حجه الواجب عليه أو المستحب انعقد مطلقا حتى في مورد يكون الركوب أفضل لأن المشي في حد نفسه أفضل من الركوب بمقتضى جملة من الأخبار وإن كان الركوب قد يكون أرجح لبعض الجهات فإن أرجحيته لا توجب زوال الرجحان عن المشي في حد نفسه وكذا ينعقد لو نذر الحج ماشيا مطلقا ولو مع الإغماض عن رجحان المشي لكفاية رجحان أصل الحج في الانعقاد إذ لا يلزم أن يكون المتعلق راجحا بجميع قيوده وأوصافه فما عن بعضهم من عدم الانعقاد في مورد يكون الركوب أفضل لا وجه له وأضعف منه دعوى الانعقاد في أصل الحج لا في صفة المشي فيجب مطلقا لأن المفروض نذر المقيد فلا معنى لبقائه مع عدم صحة قيده‌ .

مسألة : لو نذر الحج راكبا انعقد ووجب ولا يجوز حينئذ المشي وإن كان أفضل لما مر من كفاية رجحان المقيد دون قيده نعم لو نذر الركوب في حجه في مورد يكون المشي أفضل لم ينعقد لأن المتعلق حينئذ الركوب لا الحج راكبا وكذا ينعقد لو نذر أن يمشي بعض الطريق من فرسخ في كل يوم أو فرسخين وكذا ينعقد لو نذر الحج حافيا وما في صحيحة الحذاء من أمر النبي صلى الله عليه وآله بركوب أخت عقبة بن عامر مع كونها ناذرة أن تمشي إلى بيت الله حافية قضية في واقعة يمكن أن يكون لمانع من صحة نذرها من إيجابه كشفها أو تضررها أو غير ذلك‌ .

مسألة : يشترط في انعقاد النذر ماشيا أو حافيا تمكن الناذر وعدم تضرره بهما فلو كان عاجزا أو كان مضرا ببدنه لم ينعقد نعم لا مانع منه إذا كان حرجا لا يبلغ حد الضرر لأن رفع الحرج من باب الرخصة لا العزيمة هذا إذا كان حرجيا حين النذر وكان عالما به وأما إذا عرض الحرج بعد ذلك فالظاهر كونه مسقطا للوجوب .‌

مسألة : في كون مبدأ وجوب المشي أو الحفاء بلد النذر أو الناذر أو أقرب البلدين إلى الميقات أو مبدأ الشروع في السفر أو أفعال الحج أقوال والأقوى أنه تابع للتعيين أو الانصراف ومع عدمهما فأول أفعال الحج إذا قال لله علي أن أحج ماشيا ومن حين الشروع في السفر إذا قال لله علي أن أمشي إلى بيت الله أو نحو ذلك كما أن الأقوى أن منتهاه مع عدم التعيين رمي الجمار لجملة من الأخبار لا طواف النساء كما عن المشهور ولا الإفاضة من عرفات كما في بعض الأخبار‌ .

مسألة : لا يجوز لمن نذر الحج ماشيا أو المشي في حجه أن يركب البحر لمنافاته لنذره وإن اضطر إليه لعروض المانع من سائر الطرق سقط نذره كما أنه لو كان منحصرا فيه من الأول لم ينعقد ولو كان في طرقه نهر أو شط لا يمكن العبور إلا بالمركب فالمشهور أنه يقوم فيه لخبر السكوني والأقوى‌ عدم وجوبه لضعف الخبر عن إثبات الوجوب والتمسك بقاعدة الميسور لا وجه له وعلى فرضه فالميسور هو التحرك لا القيام‌ .

مسألة : إذا نذر المشي فخالف نذره فحج راكبا فإن كان المنذور الحج ماشيا من غير تقييد بسنة معينة وجب عليه الإعادة ولا كفارة إلا إذا تركها أيضا وإن كان المنذور الحج ماشيا في سنة معينة فخالف وأتى به راكبا وجب عليه القضاء والكفارة وإذا كان المنذور المشي في حج معين وجبت الكفارة دون القضاء لفوات محل النذر والحج صحيح في جميع الصور خصوصا الأخيرة لأن النذر لا يوجب شرطية المشي في أصل الحج وعدم الصحة من حيث النذر لا يوجب عدمها من حيث الأصل فيكفي في صحته الإتيان به بقصد القربة وقد يتخيل البطلان من حيث إن المنوي وهو الحج النذري لم يقع وغيره لم يقصد وفيه أن الحج في حد نفسه مطلوب وقد قصده في ضمن قصد النذر وهو كاف أ لا ترى أنه لو‌ صام أياما بقصد الكفارة ثمَّ ترك التتابع لا يبطل الصيام في الأيام السابقة أصلا وإنما تبطل من حيث كونها صيام كفارة وكذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته وأذكاره التي أتى بها من حيث كونها قرآنا أو ذكرا وقد يستدل للبطلان إذا ركب في حال الإتيان بالأفعال بأن الأمر بإتيانها ماشيا موجب للنهي عن إتيانها راكبا وفيه منع كون الأمر بالشيء نهيا عن ضده ومنع استلزامه البطلان على القول به مع أنه لا يتم فيما لو نذر الحج ماشيا مطلقا من غير تقييد بسنة معينة ولا بالفورية لبقاء محل الإعادة‌ .

مسألة : لو ركب بعضا ومشى بعضا فهو كما لو ركب الكل لعدم الإتيان بالمنذور فيجب عليه القضاء أو الإعادة ماشيا والقول بالإعادة والمشي في موضع الركوب ضعيف لا وجه له‌ .

مسألة : لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره لتمكنه منه أو رجائه سقط وهل يبقى حينئذ وجوب الحج راكبا أو لا بل يسقط أيضا فيه أقوال:

أحدها وجوبه راكبا مع سياق بدنة.

الثاني وجوبه بلا سياق.

الثالث سقوطه إذا كان الحج مقيدا بسنة معينة أو كان مطلقا مع اليأس عن التمكن بعد ذلك وتوقع المكنة مع الإطلاق وعدم اليأس.

الرابع وجوب الركوب مع تعيين السنة أو اليأس في صورة الإطلاق وتوقع المكنة مع عدم اليأس.

الخامس وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في الإحرام وإذا كان قبله فالسقوط مع التعيين وتوقع المكنة مع الإطلاق ومقتضى القاعدة وإن كان هو القول الثالث إلا أن الأقوى بملاحظة جملة من الأخبار هو القول الثاني بعد حمل ما في بعضها من الأمر بسياق الهدي على الاستحباب بقرينة السكوت عنه في بعضها الآخر مع كونه في مقام البيان مضافا إلى خبر عنبسة الدال على عدم وجوبه صريحا فيه من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع في الذهاب أو بعده وقبل الدخول في الإحرام أو بعده ومن غير فرق أيضا بين كون النذر مطلقا أو مقيدا بسنة مع توقع المكنة وعدمه وإن كان الأحوط في صورة الإطلاق مع عدم اليأس من المكنة وكونه قبل الشروع في الذهاب الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك لاحتمال انصراف الأخبار عن هذه الصورة والأحوط‌ إعمال قاعدة الميسور أيضا بالمشي بمقدار المكنة بل لا يخلو عن قوة للقاعدة مضافا إلى الخبر‌: عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حاجا قال ع فليمش فإذا تعب فليركب ويستفاد منه كفاية الحرج والتعب في جواز الركوب وإن لم يصل إلى حد العجز‌ وفي مرسل حريز: إذا حلف الرجل أن لا يركب أو نذر أن لا يركب فإذا بلغ مجهوده ركب .

مسألة : إذا نذر الحج ماشيا فعرض مانع آخر غير العجز عن المشي من مرض أو خوفه أو عدو أو نحو ذلك فهل حكمه حكم العجز فيما ذكر أو لا لكون الحكم على خلاف القاعدة وجهان ولا يبعد التفصيل بين المرض ومثل العدو باختيار الأول في الأول والثاني في الثاني وإن كان الأحوط الإلحاق مطلقا‌ .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.