أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2017
1063
التاريخ: 30-8-2017
634
التاريخ: 10-9-2017
837
التاريخ: 10-9-2017
1207
|
ظاهرة التطور
يدرك دارس اللغة الإنجليزِية في مراحلم التاريخية أن كثيراً من الألفاظ قد أصابها مع الزمن تطور وتفير في صورتها حيناً. وفي دلالتها حيناً آخر. فلم يكد يمر بعد عهد «تشوسر» في القرن الرابع عشر الميلادي نحو قرنين و نصف من الزمان حتي ظهر «شكسبير»، وشهدنا أدبه يتضمن من دلالات الألفاظ مالم يخطر في ذهن من سبقوه. فكثير من تلك الألفاظ التي ألفها الناس في زمن تشو... - أبو الشعر الإنجليزي كما يسمونه- قد أصبحت تحتاج في عهد شكسبير إلي مترجم أو مفسر لدلالتها، رغم أن ما مر بينهما من الزمن يعد قصيرا في تاريخ الأمم. ذلك لأن اللغة الإنجليزية في تلك الفترة قد تركت ...هما للتطور والتغير، ولم تقيد بقيود تحول بينها و بين ذلك التطور السريع، بل تركت وشأنها حرة طليقة تصيب حظها الأوفر من الحياة والنمو. وقد كان من الممكن أ نيتم لألفاظ هذه اللغة بعد عهد شكسبير من التطور في دلالالتها مثل الذي حدث بعد تشوسر لو لم يستقر الأدب الإنجليزي بعض الاستقرار خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. فقد عني علماء اللغة حينئذ بتسجيل آثار شكسبير وروايتها، هو ومن عاصره أو جاء بعده من الأدباء والشعراء. وبدأوا يثبتون ظواهر اللغة الإنجنيزية، ويحددون من دلالات الفاظها بعد أن استقر لهده الأمة من الوضع السياسي ما جعلها أشهر الأمم في القرن الثامن عشر أو أقواها، وما جعل أهلها يعتزون بترائهم الأدبي وتاريخهم الثقافي.
ومع هذا أو رغم هذا تطورت دلالات كثير من الألفاظ، وأصبح الناس الآن لايكادون يفهمون ما في أدب شكسبير من دلالات بعض الألفاظ، ويحتاجون إلي معا... تاريخية للكشف عنها. وكان لهذا أستاذ الأدب الذنجليزي يحذرنا من تلك الألفاظ . التي نظن أننا نفهم معناها، ويقول لطلابه إنني لا أخشي عليكم في أدب شكسبير من تلك الألفاظ الغريبة التي لم تصادفوها في نصوص أخري، أولم تسمعوا بها من قبل، ولكني أخشي عليكم من تلك الالفاظ التي لاتزال تشيع بصورتها القديمة
ص93
في الأدب الانجليزي الحديث، والتي يخطر في أذهانكم لأول وهلة أن دلالتها واضحة مألوفة لكم جميعاً فهي محط الزلل واخطأ لأن كثيراً منها قد تطورت دلالته وتغيرت مع الزمن. أما الأولي فأمرها هين لاتكلفكم سوي البحث عنها في مظانها والوقوف علي معناها.
كذلك يدرك دارس اللغة الإنجليزية أن نحو نصف الألفاظ التي استعارتها الإنجليزية من اللغة اللاتينية قد أصبحت ذات دلالات مغابرة لما كانت عليه في لغتها الأصلية المستعار منها. أي أن تطور الدلالة لايقتصر علي الألفاظ الأصلية في لغة من اللغات، بل قد يجاوزها إلي الألفاظ المستعارة من لغة أخرى (1) .
فتطور الدلالة ظاهرة شائعة في كل اللغات يلسها كل دارس لمراحل نمو اللغة وأطوارها التاريخية. وقد يعده المتشائم بمثابة الداء الذي يندر أن نفر أو تنجو منه الألفاظ، في حين أن من يؤمن بحياة اللغة ومسايرتها لازمن ينظر إلي هذا التطور علي أنه ظاهرة طبيعية دعت إليها الضرورة الملحة.
وئارس التطور الدلالي في لغة من اللغات يستعرض أمامه «فيلما» من الأحداث التاريخية لتلك الأمة التي تتكلم بهذه اللغة، وتلقي دراسته ضوءا
قويا علي تطور حياتها الاجتماعية، لأن دلالات ما ننطق به من ألفاظ تتضمن كل ما لدينا من فنون و علوم و حرف و مهن، وكل مظاهر حياتنا العامة والخاصة. فيحدثنا بعض اللغويين المحدثين أن لقب «القيصر» في اللغة الألمانية Kalger، والمعروف في اللغة الروسية في صورة «السار» Tsar ، إنما يعود ألي اسم علم اشتهر به احدأ باطرة الرومان و هو المسمي «بيوليوس قيصر» ، ثم تطورت دلالته وأصبحت عامة تطلق علي كل حاكم عظيم الشأن يحكم إمبراطورية عظيمة وقد اشتق اسم ذلك الإمبراطور الروماني من فعل لا...يني و معناء [يقطع أويشق)، ذلك لأنه ولد بعد عملية شق البطن فأطلق عليه هذا الاسم، ولا يزال الأطباء والجراحون يسمونها بالعملية القيصرية Caealian operation (2)
دعنا بعد هذا نستعرض طائفة من الألفاظ الشائعة الآن في لهجات كلامنا لنري إلي أي حد تطورت دلالاتها:
1- كلمة «بايخ» العامية مألوفة للعني في لهجات الخطاب، وقد انحدرت من فعل
ص94
عربي صحيح قصر استعماله علي النار والغضب، فيقال باخ الرجل أي سكن عصبه، وباحت الفار أي سكنت وفترت.
2- كلمة «مبطوح» أي مجروح في رأسه ، اتخذت هذه الدلالة من الفعل الصحيح بصحه علي وجهه ألقاء، مما قد يترتب عليه جرح الرأس.
3- «البغددة» بمعني التدلل، والتي يكاد يقتصر استعمالها علي وصف المرأة، جاءت إلينا من استعمال قديم هو «تبغدد الرجل أي انتسب إلي بغداد وأهلها» أي أصبح متحصراً راقياً في سلوكه، لأن نظرتهم إلي «بغداد» حينئذ كانت كنظرة بعضنا الآن ألي المدن الأوربية.
صفحه 125
4- «البهدلة» ذات معني مألوف في لهجات الخطاب يخالف ما كانت عليه في العربية الصحيحة من معني «الخفة».
5- نقول في خطابنا (بص) بمعني انظر، ومعناها القديم هو «بص» برق و لمع و تلألأ.
6- «الأرف» نعاف شيئاً فنقول في خطابنا «إيه الأرف ده» !.
والمعني القديم لكلمة «القرف» هو التهمة و منه الفعل «قرفث» الرجل أي عبته ووصفته بالسيب.
7- يقال للطفل حين بكثر يكاؤه أو كلامه «أر» وقد يستعمل للكبير في استعمالات مألوفة معروفة، غير أن «القر» بمعناه القديم هو ترديدك الكلام في أذن الأ بكم حتي يفهمه !.
8- يقال للمرء إذا رجع عن رأيه أو تردد «اعحك» والدلالة هنا فيها من الهزء والسخرية ما هو مألوف معروف، في حين أن الدلالة القديمة لا تكاد تتضمن شيئاً من هذا. وذلك دن «المحك» المنازعة في الكلام والتمادي في اللجاجة عند المساومة، وتماحك البيّمان والخصبان تلاجّا.
9- في لهجات الخطاب فعل مشهور ينطق به «باظ» و معناه فد ماديا أو خلقياً، فإذا نحن أرجعناه إلي الفعل العربي الصحيح «بازيبوز» بمعني زال من مكانه إلي مكان آخر، أو أرجعناه إلي فعل آخر هو «باظ ببوظ» ودلالته تتصل بالعملية الجنسية دون أن تتضمن وصمة أو تجريحاً ، شهدنا في كلتا الحالين تطور الدلالة.
10- «حرامي» للص، هو في الحقيقة نسبة إلي الحرام، وتخصصت دلالته واستعمل
ص95
بهذه الدلالة الخاصة في القرن السابع الهجري في بعض النصوص للروية (3) .
11- «الحريم» في الاستعمال القديم هوالذي حرم مسه، ولكنه اشتهر في لهجات الخطاب يوسف المرأة.
12- «حصان» التي تستعمل في لهجات الخطاب بمعني الفرس، هي في الاستعمال القديم وصف لها فيقال «فرس حصان بين التحصن يمنع صاحبه من الهلاك».
13- «الحبص» في لهجاتنا بمعني الكذب والافتراء والنميمة، وقد يستعملها بعض الناس بمعني التردد علي المواخير ولكنها في المعني القديم مجرد خلط الشي بالشئ.
14-«الش..ب» في لهجات الخطاب بمعني الشارب، وفي الاستعمال القديم ماء ورقة وعذوبة في الأسنان !!.
15-«السفرة» من حجرة السفرة، أصل معناها طعام المسافر.
16- بل إن بعض الألفاظ المستعارة من الفارسية قد تطورت دلالتها في لهجات خطابنا:
فكلمة «بشت» كلمة فارسية «پشت» بمعني العجز والظهر.
وكلمة «فهلوي» كلمة فارسية بمعني شجاع رياضي مصارع محارب.
أضيف إلي ما تقدم أن «طول اليد» كان وصفاً للسخاء والجود فأصبح الآن يوصف به السارق، وأن (الطهارة) شاعت الآن في الختان، وأن (الكبش) عندالقدماء هو سيد القوم، وأن الترعة عندهم هي نوهة الجدول من الماء، وأن الرحمة في القرافات هي الفطير وما شاكله، وأن الوظيفة معناها القديم أجر العمل، وأن الذقن في لهجات الخطاب تطلق أيضاً علي اللحية. إلي آخر ما هناك من ألفاظ كثيرة تغيرت دلالتها في لهجات الخطاب، أقول إذا أضيفت تلك الطائفة من الكلمات وجدنا أنفسنا أمام قدر كبير من الألفاظ التي تبرهن بوضوح علي تطور الدلالة مع الزمن، وهنا يجدر بنا أن تعرض لتلك الظاهرة البلاغية التي صميت في بحوث القدماء «بالحقيقة والمجاز»، لأنها لاتعدو أن تكون مظهراً من مظاهر التطور في دلالة الألفاظ.
ص96
__________________
(1) the story of language. P. 144..
(2) Bloomfield: Language. P. 429.
(3) راجع المحكم و أصول الكلمات العامية، لأحمد عيسى صفحة62.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|