أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2017
2369
التاريخ: 31-1-2018
1310
التاريخ: 26-8-2017
1085
التاريخ: 17-9-2017
883
|
وأما المأمون:
والشعراء أيضاً قد قالوا الحقيقة:
وهكذا. يتضح لنا كيف أن العباسيين قد انقلبوا ـ بدافع من خوفهم ـ على العلويين يوسعونهم قتلا، وعسفاً وتشريداً، وأذاقوهم مختلف أنواع العذاب، التي لم تكن لتخطر على قلب بشر، بهدف استئصالهم من الوجود، ومحو آثارهم، ليصفو لهم الجو، ولا يبقى من يستطيع أن ينازعهم سلطانهم، الذي يجب أن يكون لهم وحدهم. أو بالأحرى حتى لا يبقى من شأنه ذلك. حتى لقد نسي الناس فعال بني أمية معهم، عندما رأوا فعال بني العباس بهم. وحتى لقد رأينا أحد شعراء ذلك الوقت يقول:
معشار ما فعلت بنو العباس (1) *** تالله ما فعلت أمية فيهم
وقال آخر ـ وهو أبو عطاء، أفلح بن يسار الندي، المتوفى سنة 180ه. وهو من مخضرمي الدولتين: الأموية والعباسية: قال في زمن السفاح.
وليت عدل بني العباس في النار (2) *** يا ليت جور بني مروان دام لنا
وقال منصور بن الزبرقان النمري، المتوفى في خلافة الرشيد:
يتطامنون مخافة القتل *** آل النبي ومن يحبها
من أمة التوحيد في أزل (3) *** أمن النصارى واليهود هم
وقد أنشد الرشيد هذين البيتين بعد موت منصور هذا، فقال الرشيد، بعد أن أرسل إليه من يقتله، فوجده قد مات: «لقد هممت أن أنبش عظامه فأحرقها» (4).. بل في رسالة الخوارزمي، الآتي شطر منها: أن قبره قد نبش بالفعل.
ويقول أبو حنيفة أو الطغرائي على اختلاف النسبة في جملة أبيات له:
قتلوه أو وصموه بالإلحاد *** ومتى تولى آل أحمد مسلم
ويقول إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، يذكر العلويين، الذين قتلهم المنصور، ويقال: إن القائل هو غالب الهمداني.
الناس كذي عرة به جرب *** أصبح آل الرسول أحمد في
ويقول دعبل بن علي الخزاعي في رثاء الرضا، وهو شعر معروف، ومشهور، وقد أنشده للمأمون نفسه:
من ذي يمان، ولا بكر، ولا مضر *** وليس حي من الأحياء نعلمه
كمـــا تشارك أيســار علـــى جزر *** إلا وهـــم شركاء في دمائهم
فعــل الغزاة بأهــل الروم والخزر *** قتلاً وأسراً وتحريقاً ومنهبة
ولا أرى لبنـــي العباس من عذر *** أرى أمية معذورين إن فعلوا
أما أبو فراس الحمداني فيقول:
تلك الجرائر إلا دون نيلكم (5) *** ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت
ويقول علي بن العباس. الشاعر المعروف بابن الرومي، مولى المعتصم من قصيدة له:
لبلــواكم عمــا قليل مفرح *** بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم
قتيل زكي بالدماء مضرج *** أكـــــــــــل أوان للنبي محمـــــــــــد
إلى أن قال:
يكــــــــاد أخـوكم بطنة يتبعج *** أفي الحق أن يمسوا خماصاً وأنتم
ثقال الخطى اكفـالكم تترجرج *** وتمشـــون مختالين فـي حجراتكم
من الريف ريان العظام خدلج *** وليدهم بـــــــادي الطوى ووليدكم
كلابكـــــم فيهـــا بهيم وديزج *** ولم تقنعوا حتى استثارت قبورهم
والقصيدة طويلة جداً، من أرادها فليراجعها.
نصوص أخرى:
يقول فان فلوتن: «.. ولا غرو، فإن العلويين لم يلقوا من الاضطهاد مثل ما لقوا في عهد الأولين من خلفاء بني العباس..» (6).
ويقول الخضري: «.. فكان نصيب آل علي في خلافة بني هاشم، أشد وأقسى مما لاقوه في عهد خصومهم من بني أمية، فقتلوا، وشردوا كل مشرد، وخصوصاً في زمن المنصور، والرشيد، والمتوكل من بني العباس. وكان اتهام شخص في هذه الدولة بالميل إلى واحد من بني علي كافيا لإتلاف نفسه، ومصادرة ماله. وقد حصل فعلاً لبعض الوزراء، وغيرهم الخ» (7).
ولما دخل إبراهيم بن هرمة، المعاصر للمنصور المدينة، أتاه رجل من العلويين، فسلم عليه، فقال له إبراهيم: «تنح عني، لا تشط بدمي» (8).
بل يظهر من قضية أخرى لابن هرمة أن العباسيين كانوا يعاقبون حتى على حب أهل البيت (عليهم السلام) في زمن الأمويين، فإنه ـ أعني ابن هرمة ـ عندما سئل في عهد المنصور عن قوله في عهد الأمويين:
فإني أحب بني فاطمة ... ومهما ألام على حبهم
أجاب: «من عض ببظر أمه».
فقال له ابنه: ألست قائلها؟!
قال: بلى.
قال: فلم تشتم نفسك؟!
قال: «أليس يعض الرجل ببظر أمه خير له من أن يأخذه ابن قحطبة؟» (9) بل إن الجلودي الذي أمره الرشيد بالإغارة على دور آل أبي طالب ـ كما قدمنا ـ قد قال للمأمون، عندما جعل ولاية العهد للرضا:
«أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تخرج هذا الأمر الذي جعله الله لكم، وخصكم به، وتجعله في أيدي أعدائكم، ومن كان آباؤك يقتلونهم، ويشردونهم في البلاد..» (10).
وأمر الرشيد عامله على المدينة: «بأن يضمن العلويين بعضهم بعضاً» (11) وكانوا يعرضون على السلطات، فمن غاب منهم عوقب!
والمأمون أيضاً يعترف:
وجاء في كتاب المأمون، الذي أرسله إلى العباسيين، بعد ما ذكر حسن سياسة الإمام علي (عليه السلام) مع ولد العباس ما يلي:
«.. حتى قضى الله بالأمر إلينا، فأخفناهم، وضيقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم، ويحكم، إن بني أمية قتلوا من سل سيفاً، وإنا معشر بني العباس قتلناهم جملاً.. فلتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت، ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات، ونفوس دفنت ببغداد، والكوفة أحياء الخ».
____________
(1) شرح ميمية أبي فراس ص 119.
(2) المحاسن والمساوي ص 246، والشعر والشعراء ص 484، ونظرية الإمامة ص 382، والمهدية في الإسلام ص 55، وطبيعة الدعوة العباسية ص 272.
(3) الأزل: الضيق والشدة.
(4) زهر الآداب هامش ج 2 من المستطرف ص 246 والشعر والشعراء ص 547، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الأول جزء 1 ص 254، وطبقات الشعراء ص 246، وفيه في ص 244: أن الرشيد بعد سماعه لمدائح النمري في أهل البيت، أمر أبا عصمة الشيعي بأن يخرج من ساعته إلى الرقة، ليسل لسان منصور من قفاه، ويقطع يده. ورجله. ثم يضرب عنقه، ويحمل إليه رأسه، بعد أن يصلب بدنه، فخرج أبو عصمة لذلك، فلما صار بباب الرقة استقبلته جنازة النمري، فرجع إلى الرشيد فأعلمه، فقال له الرشيد «ويلي عليك يا بن الفاعلة، فألا إذا صادفته ميتا فأحرقته بالنار»!.
(5) سوف نورد قصيدة أبي فراس، وهي المعروفة ب «الشافية» وكذلك شطراً من قصيدة دعبل، في أواخر هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
(6) السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص 133.
(7) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ج 1 ص 161.
(8) تاريخ بغداد ج 6 ص 129، وحياة الإمام موسى بن جعفر ج 2 ص 184.
(9) طبقات الشعراء لابن المعتز ص 20، 21، والأغاني ج 4 ص 110، وقاموس الرجال ج 10 ص 269، نقلاً عن تنبيه البكري، وملحقات إحقاق الحق ج 9 ص 690 نقلاً عن الحضرمي في رشفة الصادي ص 56 طبع القاهرة.
(10) بحار الأنوار ج 49 ص 166، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 267.
(11) لقد كان ذلك قبل الرشيد أيضاً فراجع تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 215، فإنه قال: «.. وما زال آل أبي طالب يكفل بعضهم بعضاً، ويعرضون، فغاب إلخ».
ثم يسوق واقعة فخ المشهورة، وبعض أسبابها.. ولا بأس بمراجعة الكامل لابن الأثير ج 5 ص 75 وغيره..
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|