أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-8-2017
1802
التاريخ: 27-8-2017
1253
التاريخ: 26-8-2017
1000
التاريخ: 17-9-2017
883
|
موقف العلويين من المأمون:
أما العلويون.. فإنهم ـ بالطبع ـ لن يرضوا بالمأمون ـ كما لن يرضوا بغيره من العباسيين، خليفة وحاكما لأن من بينهم من هو أجدر من كل العباسيين، وأحق بهذا الأمر، ولأن المأمون، وغيره، كانوا من تلك السلالة، التي لا يمكن أن تصفو لها قلوب آل علي، لأنها قد فعلت بهم أكثر من فعل بني أمية معهم، فقد سفكت دماءهم، وسلبتهم أموالهم، وشردتهم عن ديارهم، وأذاقتهم شتى صنوف العذاب والاضطهاد. ويكفي المأمون عندهم: أنه ابن الرشيد، الذي حصد شجرة النبوة، واجتث غرس الإمامة، والذي قد عرفت طرفاً من سيرته السيئة معهم فيما تقدم من الفصول.
موقف العرب من المأمون، ونظام حكمه:
وأما العرب: فإنهم لا يرضون بالمأمون خليفة وحاكما أيضاً، كما أشار إليه الفضل بن سهل .
أما أولاً: فلأن أمه، ومؤدبه، والقائم بأمره، غير عربيين. ولقد عانى العرب ما لله أعلم به، من تقديم أسلافه للموالي، حتى لم يعد لهم معهم أي شأن يذكر، وأصبح العربي أذل من نعجة، وأحقر من الحيوان.
قال المسعودي: «.. وكان [أي المنصور] أول خليفة استعمل مواليه وغلمانه في أعماله، وصرفهم في مهماته، وقدمهم على العرب، فامتثل ذلك الخلفاء من بعده، من ولده، فسقطت، وبادت العرب، وزالت رياستها، وذهبت مراتبها.» (1).
وقال ابن حزم، وهو يتحدث عن العباسيين: «.. فكانت دولتهم أعجمية، سقطت فيها دواوين العرب، وغلبت عجم خراسان على الأمر، وعاد الأمر كسروياً، إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم. وافترقت في دولة بني العباس كلمة المسلمين..» (2).
ويقول الجاحظ: «.. دولة بني العباس أعجمية، خراسانية، ودولة بني مروان عربية..» (3).
إلى آخر ما هنالك، مما يدل على سقوط العرب في تلك الفترة، وامتهانهم، ويبدو أن ذلك من المسلمات. وقد استوفى الباحثون ـ ومنهم أحمد أمين، في الجزء الأول من ضحى الإسلام ـ البحث في هذا الموضوع، فمن أراد فليراجع مظان وجوده.
وإذا ما عرفنا: أن من الطبيعي أن يكون ذهاب رئاسة العرب، وإبادتها، واضطهادها على يد الفرس، الذين كانوا هم أصحاب القدرة والسلطان آنذاك.. فلسوف نجد أن من الطبيعي أن يحقد العرب، الذين كانوا في وقت ما هم أصحاب الجبروت والقوة، على الفرس، وعلى كل من يتصل بهم. ويمت إليهم بسبب، من قريب أو من بعيد.
وأما ثانياً: فلسيرة أسلافه، وأبيه الرشيد بالخصوص، في الناس عامة، ومع أهل بيت نبيهم خاصة، والتي قدمنا شطراً منها في الفصول التي سبقت.
أما الأمين: فقد كان له ـ إلى حد ما ـ شافع عندهم، حيث إنه كان من أب وأم عربيين من جهة. وكان قد منحهم ثقته وحبه، وقربهم إليه، حتى كان وزيره الفضل بن الربيع منهم. من جهة ثانية، فتوسموا فيه أن يجعل لهم. وأن ينظر إليهم بغير العين، التي كان أبوه وأسلافه ينظرون إليهم بها. أو على الأقل: سوف لا تكون نظرته إليهم. على حد نظرة المأمون نحوهم. وذلك ما يجعلهم يرجحونه ـ على الأقل ـ على أخيه المأمون، وإن كان المأمون أفضل، وأسن منه، فلقد كان عليهم أن يختاروا أهون الشرين، وأقل الضررين. حتى إن نصر بن شبث، الذي كان هواه مع العباسيين، لم يقم بثورته ضد المأمون، التي بدأت سنة 198 ه. واستمرت حتى سنة 210 ه. إلا انتصاراً للعرب، ومحاماة عنهم، لأن العباسيين كانوا يفضلون عليهم العجم، حسب تصريحات نصر بن شبث نفسه (4).
وحتى في مصر أيضاً، قد ثارت الفتن بين القيسية، المناصرة للأمين، واليمانية المناصرة للمأمون..
وقال أحمد أمين: «.. إن أغلب الفرس تعصب للمأمون، وأغلب العرب تعصبوا للأمين..» (5) كما أننا نكاد لا نشك في أن تعصب العرب للأمين ليس إلا للسببين المتقدمين، الذين أشرنا إليهما، وأشار إلى أحدهما نصر بن شبث.. ولكن فردينان توتل يرى في منجد الأعلام: أن تعصب العرب للأمين يرجع إلى أن: «المأمون لم يستطع أن يجعل العرب يحبونه، حيث إنه كان يظهر ميلا للإيرانيين، ويقربهم إليه. وقد أعانه الإيرانيون في مبارزاته، وحروبه، وخصوصاً الخراسانيين منهم.».
ولكن الذي يبدو لي هو أن تعصب العرب للأمين لم يكن نتيجة تقريب المأمون للإيرانيين، وتحببه للخراسانيين، وإنما عكس ذلك هو الصحيح، فإن المأمون لم يتقرب من الخراسانيين إلا بعد أن فرغت يده من العرب وأهل بيته، والعلويين.
____________
(1) مروج الذهب، طبع بيروت ج 4 ص 223، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 24، و ص 269، 270، و ص 258، وفي طبيعة الدعوة العباسية ص 279، نقلاً عن المقريزي في: السلوك لمعرفة دول الملوك ج 1 ص 14 مثل ذلك. وليراجع أيضاً كتاب: مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص 23.
(2) البيان المغرب، طبع صادر ص 71.
(3) البيان والتبيين ج 3 ص 366.
(4) التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج 3 ص 104.
(5) ضحى الإسلام ج 1 ص 43.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|