أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-02-2015
19141
التاريخ: 14-11-2014
1992
التاريخ: 23-09-2015
1818
التاريخ: 25-04-2015
1724
|
نشأ في ثقافة
المسلمين اتجاه آخر ركّز على الظاهر اللغوي والمدلولات العرفية البسيطة وحدها ، ليشيع
ثقافة قرآنية مسرفة في التبسيط لا تتخطى مفردات اللغة والفهم العادي (العامي). لقد
استطاع هذا الاتجاه- ولا يزال- أن يجمّد عملية التدبر بالقرآن والفوز في معانيه ، ونجح
في خلق انطباع بالاستغناء عن التفسير الدرائي (من الدراية) التحليلي العميق ، معرّضا
بالتفسير الاجتهادي ومتهما إياه بتجاوز الأفق الذي يحدده الفهم العامي البسيط وما تمليه
الظواهر وحسب.
هذا الاتجاه
وإن كان يؤمن بإمكان المعرفة ويبدو في الظاهر وكأنّه يقف على الطرف النقيض من الاتجاه
الأوّل ، إلّا أنّ تحليل محتواه يكشف عن أنّه هو الآخر اتجاه تعطيلي في جوهره وروحه.
برز هذا المنحى
واضحا في الرعيل الأوّل من الصحابة والتابعين ومن اتبعهم ، وقد جاء نتيجة طبيعية لتصوّر
بثّته مؤسسة الخلافة ودافعت عنه يقضي بغلق باب المعرفة والاكتفاء بالظواهر ، بل أسرفوا
أحيانا حتّى منعوا معرفة الظواهر أيضا بحجة أنّها من التكلّف أو القول على اللّه بغير
علم (1)!
لقد تحوّل
هذا التوجيه الذي غرزته مؤسسة الخلافة ومن يلوذ بها (2)
، إلى منهج في التفكير الإسلامي يقضي بإغلاق باب المعرفة العميقة ، والاكتفاء من آيات
القرآن في هذا المجال بالتلاوة والسكوت أو بالظاهر كحد أقصى ، وإلّا يوصم من يتخطى
هذه التخوم بالبدعة والضلالة.
مع أنّ هذا
الضرب من التفكير شمل حقائق قرآنية كثيرة ، إلّا أنّ قواه تركزت على التوحيد وما يرتبط
به ممّا يعدّ ذروة المعارف القرآنية والسنام الأعلى في آخر كتب السماء. يكتب باحث معاصر
عن هذه الفئة ، إنّها : «حكمت بتعطيل العقول عن معرفته سبحانه ومعرفة صفاته وأفعاله
... فهذا مالك عند ما سئل عن معنى قوله سبحانه : {ثُمَّ اسْتَوى
عَلَى الْعَرْشِْ} ، قال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب
، والسؤال عنه بدعة.
وقد نقل عن
سفيان بن عينيه ، أنّه قال : كلّ ما وصف اللّه به نفسه في كتابه ، فتفسيره تلاوته
والسكوت عليه» (3).
لم أكن أريد
أن اقحم نصوص الإمام الخميني هنا قبل أن يحين وقتها المناسب ، لكن أتساءل : كيف تستوي
هذه الرؤية التعطيلية مع تلك التي يسجل فيها الإمام نصا : «إنّ تمام ما تقصده الكتب
السماوية ، وفي ذروتها القرآن الكريم ، هو تعريف الحقّ تعالى بجميع ما له من الأسماء
والصفات» (4).
كما يقول في
مكان آخر : «وعلى نحو كلي أحد مقاصده [القرآن الكريم] الدعوة إلى معرفة اللّه ، وبيان
المعارف الإلهية من الشئون الذاتية والأسمائية والصفاتية والأفعالية ، وأكثرها في هذا
المقصود هو توحيد الذات والأسماء والأفعال» (5). كما
يشير سماحته في نص ثالث أنّ الغاية القصوى للأنبياء والمقصد الأعلى للشرائع والكتب
الإلهية «بالأخص القرآن الشريف ... هو نشر التوحيد والمعارف الإلهية» (6) ، حتّى ينتهي إلى القول : «لو لا وجود القرآن لا غلق
باب معرفة اللّه إلى الأبد» (7).
تشير هذه النصوص
بوضوح إلى أنّ المسألة لا تقتصر على توفر القرآن الكريم على هذه المعارف ، بحيث لا
يكون على الإنسان معتب إذا ما جهلها ولا يضره شيء إذا ما عزف عنها ، بل المطلوب هو
معرفة اللّه سبحانه من خلال الأسماء والصفات ، وبيان توحيده ونشره بحيث يكون ذلك هو
الغاية ، أو بحسب تعبير أبي حامد الغزالي (ت : 505 هـ) : «كلّ معرفة تحصل قبل معرفته
سبحانه فهي مرقاة إلى معرفته ، والمنزل الأقصى هو معرفة اللّه» (8).
هذا المنحى
لا ينسجم مع تفسير القرآن بالتلاوة والسكوت ، ولا يتسق مع عقلية التبديع (من البدعة)
أو الاقتصار على الظواهر والفهم التبسيطي وحده ، بل باب الفهم مفتوح غير مغلق ، إنّما
تتفاوت الأفهام تبعا لاختلاف الاستعدادات ، حيث يسجل الإمام : «ينبغي أن يعلم أنّ المعارف
قد ذكرت في هذا الكتاب الالهي الجامع ، بدءا من معرفة الذات إلى معرفة الأفعال ، على
نحو تدركه كلّ طبقة على قدر استعدادها» (9).
لقد تحوّل
هذا الاتجاه من خلال التنظير إلى سلطة معرفية ، تقمع بقية الاتجاهات التفسيرية وتلغيها.
ففي البدء أسسوا له وذكروا أنّه يرتكز إلى دعامات أربع ، هي : المأثور النبوي ، ثمّ
الأخذ بقول الصحابي ، ثمّ الرجوع إلى أقوال التابعين ، ثمّ يأتي التفسير اللغوي في
المرتبة الأخيرة (10).
ثمّ انتهوا
على ضوء هذه السلطة إلى تعطيل المعرفة القرآنية وقصرها على ما تسمح به تلك الرؤية دون
غيرها. يكتب السيوطي (ت : 911 هـ) : وفي الجملة ، من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين
وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا ، لأنّهم كانوا أعلم بتفسيره
ومعانيه كما أنّهم أعلم بالحقّ الذي بعث اللّه به رسوله (11).
كان الغزالي
من بين من انتبه إلى خطورة هذا الاتجاه وناقش حججه وردّ عليه قبل قرابة ألف عام. ففي
بحث له عن فهم القرآن ، رفض أبو حامد مبدأ الجمود على الظاهر ، حيث كتب يقول : «فاعلم
أنّ من زعم أن لا معنى للقرآن إلّا ما ترجمه ظاهر التفسير فهو مخبر عن نفسه ، وهو مصيب
في الإخبار عن نفسه ، ولكنه مخطئ في الحكم بردّ الخلق كافة إلى درجته التي هي حدّه
ومحطّه ، بل الأخبار والآثار تدل على أنّ في معاني القرآن متسعا لأرباب الفهم» (12).
ناقش الغزالي
حجج هذا الاتجاه ورفض بحزم توقيف تفسير القرآن على الصحابة وما جاء عنهم ، وعدّ حجر
معرفة القرآن على سلطة الصحابة من بين موانع أربعة تحول دون فهم القرآن ينبغي التخلي
عنها ، ومن الحجب العظيمة التي ينبغي إزالتها كي تنطلق العقول والنفوس في عملية تفاعل
مع كتاب اللّه. كتب في وصف موانع الفهم ، مشيرا إلى هذا البعد ، ما نصه : «رابعها :
أن يكون قد قرأ تفسيرا ظاهرا واعتقد أنّه لا معنى لكلمات القرآن إلّا ما تناوله النقل
عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما ، وإنّ ما وراء ذلك تفسيرا بالرأي» (13) ، ثمّ استفاض في الردّ عليه.
ممّن دخل على
الخط شاكيا من تفشّي النزعة الظاهرية وما تسبّبت به من حرمان لنمو المعرفة القرآنية
الحقيقية وازدهارها ، صدر الدين الشيرازي الذي قدم لبحوثه القرآنية في كتابه «مفاتيح
الغيب» ، بما نصه : «و لقد نشأ في زماننا هذا قوم يرون التعمق في العلوم الإلهية والتدبّر
في الآيات الربانية بدعة ووبالا ، ومخالفة أوضاع الجماهير خدعة وضلالا ... فأصبح الجهل
باهر الرايات ، ظاهر الآيات ، فانكروا العلم وأهله ، واسترذلوا العرفان وفضله ، وانصرفوا
عن الحكمة والدين ، ومنعوا البحث عن طلب اليقين معاندين» (14).
ثمّ انعطف يناقش أهل الظاهر ، ويدعو الإنسان الذي يتحرّى معرفة القرآن ، إلى التحرر
من النظرة القصيرة ، ومن الانكماش على علومه وقناعاته وحسب ، حاثّا إياه أن ينطلق عن
أسآر «القيود الرسمية ، والعقائد العامية ، والآراء الظاهرية ولا تصغ إلى المجادلات
الكلامية» (15).
عند ما ننتهي
إلى مفسر معاصر من وزن السيد الطباطبائي (ت : 1403 هـ) نراه يسجل أنّ الاتجاه الظاهري
الذي يؤمن بأنّه : «يكفي فهم نص القرآن الكريم في دائرة الاعتقاد والعمل ، بذلك الضرب
من الفهم البسيط العادي الذي يتسق مع فهم عامة الناس» استطاع أن يتحول إلى قناعة راسخة
بين الجميع «بين الخاصة والعامة» (16) ، حتّى حكي
عن بعضهم قوله : «إنّ طريق الاحتياط في الدين المندوب إليه في الكتاب والسنة ، الاقتصار
على ظواهر الكتاب والسنة ، والاجتناب عن تعاطي الاصول المنطقية والعقلية» (17).
عند ما يصل
الطباطبائي في تفسيره إلى قوله سبحانه : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] يشير إلى الاتجاه نفسه الذي استطاع أن يوطّد أركانه
في حياة المسلمين منذ القرون الاولى ، فيقول : «للناس في معنى العرش ، بل في معنى قوله
:
{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} والآيات التي في هذا المساق
مسالك مختلفة ، فأكثر السلف على أنّها وما يشاكلها من الآيات من المتشابهات التي يجب
أن يرجع علمها إلى اللّه سبحانه ، وهؤلاء يرون البحث عن الحقائق الدينية والتطلع إلى
ما وراء ظواهر الكتاب والسنة بدعة» (18). بعد جولة
تحليلية في مضمون هذه الدعوى ومناقشة لما ترتكز إليه ، ينتهي إلى أنّها مجافية للعقل
والدين.
ثمّ يلخّص
ما ألحقته من جمود في الفكر القرآني ومن ضرر على كبريات المعارف القرآنية متمثلة بالتوحيد
على مدى قرون ، حين يقرر : «لم ينقل عن طبقة الصحابة بحث حقيقي عن مثل العرش والكرسي
وسائر الحقائق القرآنية ، وحتّى اصول المعارف كمسائل التوحيد وما يلحق بها ، بل كانوا
لا يتعدون الظواهر الدينية ويقفون عليها. وعلى ذلك جرى التابعون وقدماء المفسّرين»
(19).
هكذا يلتقي
الاتجاه الأوّل الذي يؤمن بعدم إمكان الفهم مع الاتجاه الثاني الذي يقصره على الظواهر
والفهم العامي ، في نقطة واحدة هي التعطيل. يقول الإمام الخميني : «فمن تمسك بالظاهر
ووقف عند بابه قصر وعطل» (20).
لا يزال الاتجاه
الظاهري سائدا بين المسلمين تغذّيه عوامل متعدّدة منها تلك النزعات المعادية للنظر
الاجتهادي الدرائي ، وتلك التي تناهض الانسياق مع حقائق كتاب اللّه عبر السفر صوب عوالم
المعرفة والمعنى بعيدا عن الجمود على الظاهر وحده ، تعمقه عملية خلط متعمدة بين ما
هو تفسير وما هي استفادات تربوية ومعنوية لا علاقة لها بالتفسير بمعناه الاصطلاحي.
ثمّ تركزت سلطة هذا الاتجاه أكثر وزاد من رقعة نفوذه ، بعد أن تدخلت لصالحه بعض المنهجيات
المعاصرة التي تنطلق من أنّ «القرآن نص لغوي» (21)
، وأنّ ماهيته تتمثل بالبعد اللغوي وحسب ، ومن ثمّ فإنّ «البحث عن مفهوم «النص» ليس
في حقيقته إلّا بحثا عن ماهية «القرآن» وطبيعته بوصفه نصا لغويا» (22).
الحقيقة أنّ
النزعة الظاهرية المتمركزة من حول اللغة لها في التفسير تأريخ عريق ، يشهد على ذلك
الجهد النقدي المكثّف الذي واجه هذا التمركز منذ أمد مبكر. فقد واجه الغزالي هذه النزعة
بالنقد قبل قرابة عشرة قرون (23) ، وقبل أربعة قرون
من الآن عدّها صدر الدين الشيرازي تبعا للغزالي من موانع فهم القرآن التي ينبغي التخلص
منها ، حيث أجاد وصفها بقوله : «أن يكون مستغرقا بعلم العربية ودقائق الألفاظ ، مصروف
العمر في تحقيقها» (24).
مع الفكر القرآني
للإمام الخميني تجدّد نقد هذه النزعة التي تجمّد القرآن على معاني الألفاظ والبحوث
اللغوية وحدها وتركّز سلطة الظاهر ، حيث قول سماحته : «ليس صاحب هذا الكتاب هو السكاكي
والشيخ ليكون مقصده جهات البلاغة والفصاحة ، وليس هو سيبويه والخليل ليكون منظوره جهات
النحو والصرف» (25).
على ضوء هذه
اللمحات التاريخية والنقدية السريعة ، يمكن أن نتبيّن خطورة النزعة اللغوية المعاصرة
التي تتعامل مع القرآن كنص لغوي وحسب أو كوحدة بيانية وأدبية ، في ترسيخ الاتجاه الظاهري
وتعميقه ، وعزل القرآن عن مقاصده الإلهية الكبرى (26).
إنّ محنة كتاب
اللّه كبيرة مع هذا الاتجاه بما يفرضه من طوق على القرآن.
ففيما يعمّق
هذا المسار مهجورية القرآن عمليا وواقعيا تراه يوحي بازدهار البحث القرآني ظاهرا ،
فيخلق انطباعا بالتقدم الصوري للقرآن كما يعبر السيّد الطباطبائي (27). أمّا مع الإمام الخميني فإنّ هذه المحنة تكبر في وعيه
، حتّى يساوقها مع الهلاك ويعدّها بؤرة الجهل وسبب التداعي في المعارف القرآنية ، حيث
يكتب :
«فإنّ الوقوف
عند الصورة والعكوف على عالم الظاهر وعدم التجاوز إلى اللبّ والباطن ، اخترام وهلاك
، وأصل اصول الجهالات ، واسّ أساس إنكار النبوات والولايات» (28).
بيد أنّ ما
ينبغي الانتباه إليه جيدا أنّ الاتجاه الباطني في المعرفة القرآنية ليس هو الاتجاه
البديل عن الاتجاه الظاهري. فالباطنية كاتجاه في التفسير ليست أقل خطرا في بعدها التعطيلي
وما تؤدي إليه من ترسيخ مهجورية القرآن من الاتجاه الظاهري ، وذلك بحكم منهجها الذي
يفترض أنّ لغة القرآن تتألف من الرموز المغلقة التي تؤشر لمعان باطنية لا يستطيع أن
يلمسها إلّا الأوحدي من الناس (29).
الباطنية في
التفسير كمنهجية تقف على الطرف الآخر والنقيض من الظاهرية ، لا تنتهي إلى نتيجة أقل
من التعطيل ، ومن ثمّ لا تصلح بديلا. يكتب مفسر معاصر عن الاتجاهات التعطيلية ، ما
نص ترجمته : «بغية حصر الحجّية في الرواية والصدود عن القرآن ، ظنّت جماعة أنّ القرآن
أبكم لا لسان له ولم تر فيه إلّا الألغاز والمبهمات غير المفهومة ، على حين ظنّ فريق
آخر أنّ لغته هي عبارة عن الرمز المحض المشير إلى المعارف الباطنية التي لا يلمسها
أحد غير الأوحدي المرتاض ، في المقابل مالت جماعة إلى الابتذال وهي تحسب أن صرف معرفة
العربية كاف لفهم القرآن ، وعدّت الأشخاص العاديين مؤهلين لفهم معاني القرآن ، وأنكرت
من ثمّ الحاجة إلى علم التفسير» (30).
ما دام الحديث
قد بلغ هذه التخوم فمن المفيد أن نستعيد ملاحظة من الإمام حول التفسير العرفاني. فمع
أنّ الإمام يتبنّى هذا الاتجاه وقد انخرط فيه معرفيا وسلوكيا إلّا أنّه يسجل صراحة
بأنّ على حركة التفسير أن لا تجمد عليه وحده ، لأنّ ما يجنيه الفكر القرآني التفسيري
على هذا الصعيد لا يعدو أن يكون وجها من الوجوه يتعين أن يتكامل مع الوجوه الاخرى.
في إشارة بليغة إلى اتجاهات المفسّرين أدلى بها في الدرس الأوّل من دروسه التفسيرية
حول سورة الفاتحة ، قال الإمام : «على سبيل المثال : إنّ العرفاء الذين ظهروا على مدار
عدة قرون وعمدوا إلى كتابة التفسير ، مثل محي الدين في بعض كتاباته ، وعبد الرزاق الكاشاني
في التأويلات ، والملّا سلطان علي في تفسيره ، إنّما ألّفوا في التفسير على وفق طريقتهم
المتمثلة بطريقة المعارف [منهج أهل المعرفة] وقد أجاد بعضهم في الفن [العلم- المعرفة]
الذي يختص به ، بيد أنّ [تفسير] القرآن لا ينحصر بما دوّنوه ، فما فعله هؤلاء لا يعدو
قراءة بعض أوراق القرآن والكشف عن بعض وجوهه» (31).
فكما لا يجوز
لحركة التفسير أن تجمد عند الظواهر اللفظية واللغوية والنزعات الآحادية ، أو تكون مؤطرة
في نطاق الفهم العرفي والأفق المعرفي العامي وحده ، كذلك لا يجوز أن تكون حكرا على
الاتجاه العرفاني أو الإشاري أو الرمزي أو الباطني. كما من الخطأ أن نفهم أنّ الاتجاه
الباطني هو البديل عن الاتجاه الظاهري. إنّ منهج الإمام الخميني في التفسير يرفض تعطيل
القرآن بالجمود على الظاهر ، وفي الوقت ذاته يرفض قصره على بعد واحد حتّى لو كان ذلك
البعد هو البعد العرفاني.
________________________
(1)- عن السيوطي
في الدر المنثور ، قال : سأل أبو بكر عن قوله تعالى : «و أبّا» الآية : {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا
لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس : 31 ، 32] ، فقال : «أيّ سماء تظلّني ، وأيّ
أرض تقلّني إذا قلت في كتاب اللّه ما لا أعلم».
كما أخرج أيضا
أنّ عمر قرأ على المنبر : {فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا
* وعِنَباً وقَضْباً}- إلى قوله {وَأَبًّا } ، قال : كلّ هذا قد عرفناه ، فما الأبّ ؟ ثمّ
نفض عصا كانت بيده ، فقال : هذا لعمر اللّه هو التكلف ، فما عليك أن لا تدري ما الأبّ
، اتبعوا ما بيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه.
ينظر : الدر
المنثور 6 : 317.
(2)- ينظر
التحليل الذي قدمه السيد الطباطبائي لطبيعة الدوافع التي حملت مؤسسة الخلافة إلى اعتماد
هذا النهج بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، عند ما بادرت إلى غلق مجال البحث
العلمي وفتحت الطريق واسعا أمام الفتوحات العسكرية.
راجع رسالة
التشيع في العالم المعاصر : 111 فما بعد.
(3)- الإلهيات
1 : 87. والنصان عن مالك وسفيان أخذهما المؤلف عن : الملل والنحل 1 : 93 ، الرسائل
الكبرى 1 : 32.
(4)- صحيفه
امام 20 : 409.
(5)- الآداب
المعنوية للصلاة : 323- 324.
(6)- آداب
الصلاة : 153.
(7)- صحيفه
امام 17 : 433.
(8)- المقصد
الأسنى في شرح معاني أسماء اللّه الحسنى : 146.
(9)- آداب
الصلاة : 185.
(10)- الإتقان
في علوم القرآن 2 : 179.
(11)- نفس
المصدر : 178.
(12)- إحياء
علوم الدين 1 : 289.
(13)- نفس
المصدر : 285.
(14)- مفاتيح
الغيب : 4.
(15)- نفس
المصدر : 6.
(16)- رسالة
التشيع في العالم المعاصر : 111.
(17)- الميزان
في تفسير القرآن 5 : 259.
(18)- الميزان
في تفسير القرآن 8 : 153.
(19)- نفس
المصدر : 161.
(20)- شرح
دعاء السحر : 62.
(21)- مفهوم
النص ، دراسة في علوم القرآن : 9.
(22)- نفس
المصدر : 10.
(23)- إحياء
علوم الدين 1 : 284.
(24)- مفاتيح
الغيب : 62.
(25)- آداب
الصلاة : 194.
(26)- ينظر
، في المنحى الأدبي للتفسير : دائرة المعارف الإسلامية ، مادة تفسير ، أمين الخولي.
(27)- يسوق
الطباطبائي هذا التعبير في مسار تحليل رائع عن تأريخ التفكير الإسلامي واتجاهاته وما
ألمّ بكتاب اللّه على هذا الصعيد. ينظر : الميزان في تفسير القرآن 5 : 271- 283 ، والنص
المقتبس في الصفحة : 274.
(28)- شرح
دعاء السحر : 59- 60.
(29)- كبحث
تطبيقي لمنهجية التفسير الباطني مقرونا بملاحظات ناقدة ، ينظر : التفسير والمفسّرون
2 : 526- 587.
(30)- تسنيم 1 : 38- 39.
(31)- تفسير سورة حمد : 93- 94.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|