أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2018
1232
التاريخ: 23-4-2018
1071
التاريخ: 22-4-2018
896
التاريخ: 16-9-2017
3637
|
دعنا الان نضع علم الدلالة ضمن اللسانيات ونر ما يعنيه هذا . يمكننا اولا ان نفترض ان علم الدلالة جزء او مستوى في اللسانيات شأنه في ذلك شأن الصوتيات او القواعد . اضافة الى هذا ، فقد وافق كل اللسانيات تقريبا، صراحة او ضمنيا، على نموذج لغوي يكون فيه علم الدلالة في طرف والصوتيات في الطرف الاخر ، وتكون القواعد ( او النحو ) في الوسط (على الرغم من انه ليس من الضروري ان تكون هناك ثلاث مستويات فقط ) ولهذا التقسيم ما يبرره . فان اعتبرت اللغة نظاما للمعلومات ، او بعبارة ادق ، نظاما اتصاليا فستكون وظيفتها عبارة عن ربط رسالة ( المعنى ) بمجموعة علامات ( اصوات اللغة او رموز النص الكتابي ) .. واشار اللساني السويسري فرديناند دي سويسر عام 1916 ( ص 99 ) الى الرسالة بالمرمز اي المدلول ( عليه ) والى العلامات بالرامز اي الدال . ( لقد استعمل لسوء الحظ لفظ رمز للإشارة الى الارتباط بينهما ، ولكن بعض اتباعه المحدثين ادق منه في انهم استعملوها للرامز فقط ) وهناك امثلة كثيرة للأنظمة الاتصالية وكلها بلا شك ابسط بكثير من اللغة . لقد ذكرنا قبل قليل اضوية المرور . وتطلق بعض الحيوانات اصواتا اتصالية . فللجبونات مثلا ( وهي نوع من القرود ) عدد من الصيحات تشير الى اكتشاف الطعام والخطر والمتعة والرغبة بالصحبة . ولهم صيحة معينة يقصد بها فقط تحديد المكان ومنع القطيع من التشتت بعيدا . ( انظر Hockett 1958 ، ص 572 – 3).
وعلى الرغم من ان من المعقول ان ننظر الى اللغة كنظام اتصالي اساسي،
ص8
فان علينا ان لا نبالغ في تشبيه اللغة بالأنظمة الاتصالية الاخرى اكثر مما يجب وذلك لعدة اسباب . اولا ، ليس للغة دائما " رسالة " بالمعنى الحقيقي ، وبالتأكيد ليس بمعنى ايصال المعلومات اذ ان من بين وظائفها الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية على الرغم من ان ذلك صحيح ايضا بالنسبة للأنظمة الاتصالية الحيوانية .
ثانيا، ان كلا من الاشارات والرسائل والرسائل في اللغة ( الدالات Signifiers والمدلولات Signified ) معقدة جدا بحد ذاتها وان العلاقة بينهما اكثر تعقيدا . لهذا السبب فقد قيل بصدق ان اللغة البشرية تختلف في النوع لا في الدرجة عن " اللغات " الاخرى .
ثالثا من الصعب جدا في اللغة ربما من المستحيل ان نحدد بالضبط ما الرسالة . في حين انه ليست هناك مشكلة في الانظمة الاتصالية الاخرى وذلك لإمكان تحديد الرسالة بصورة مستقلة بواسطة اللغة او بواسطة لغة معينة كأن نقول في العربية " الاحمر يعني قف " . اما في اللغة بشكل عام فليس هناك مثل هذا الحل السهل اذ لا يمكن تعريف المعنى ( الرسالة ) بشكل مستقل عن اللغة : اننا لا نستطيع ان نحدد مجموعة معينة من المعاني الا بواسطة مجموعة اخرى منها ، اي اننا لا نستطيع ان نصف اللغة الا بواسطة اللغة .
لقد قلت ان اللسانيات هي الدراسة العلمية للغة . ويتعين على الدراسة العلمية ان تكون تجريبية اذ يجب ان يكون ممكنا بشكل ما ، اختبار وتحقيق بياناتها . ومن السهل ان نطبق هذا على الصوتيات لاننا نستطيع ان نلاحظ ما يحدث – يمكن ان نصغي الى شخص يتكلم .
ويمكن ان نصف عمل اعضاء النطق ، او ان نقيس بدقة بمساعدة الآلات العلمية ، الخواص الطبيعية ( او الفيزيائية ) ، للأصوات التي نطلقها . غير انه ليست هناك لسوء الحظ طريقة سهلة مشابهة لوصف الدلالة . انه من غير الواضح ابدا ما الدليل لاي بيان عن المعنى . وقد ثبت بالبراهين ان بعض
ص9
النظريات التي تدعي العلمية بحماس هي في غاية القصور . والواقع ، فان ما نعنيه بكلمة " علمي " او تجريبي في دراسة اللغة موضوع يستدعي بعض النقاش .
مشكلة اخرى في علم الدلالة هي ان المعاني لا تبدو مستقرة بل انها تعتمد على المتكلمين والسامعين والسياق . مع هذا فان كانت اللسانيات علما وجب عليها ان لا تهتم بالأمثلة المحددة ، بل التعميمات . لهذا السبب فقد افترض عموما ان بالإمكان اجراء التمييز بين النظام اللغوي واستعمال هذا النظام من قبل المتكلمين والسامعين . وليس هناك تعارض حقيقي بين الافتراض ان في الانكليزية قوانين قواعدية وبين الاقرار بأن اغلب كلامنا غير صحيح قواعديا، لأننا نرتكب فجأة بدون تبرير وغير ذلك . فقد يفشل مثلا رجل متمكن تماما من النظام الصوتي في الانكليزية بنطق بعض الاصوات عندما يكون مريضا او ثملا . وهناك على اية حال ، صعوبات كبيرة في تقرير ما هو موجود في النظام او حتى ما اذا كان ممكنا فصل النظام عن استعمالاته . وقد اثار سوسير ( 1916 : 30 -32 أو 1959 : 13 – 15 ) هذه المسألة باطار فكري مختلف ، على كل حال ، في تمييزه بين النظام اللغوي langue والسلوك اللغوي او الكلام parole . وظهر هذا التمييز مجددا عند تشومسكي ( 1965 ص 4 ) بين القدرة Competence والاداء performance ( يختلف تشومسكي كثيرا عن سوسير في طبيعة النظام اللغوي ضمن اللغة او القدرة الا ان التمييز النظري واحد عندهما فكلاهما معنى اساسا ، وكذلك نحن ، باستبعاد ما هو فردي او عرضي بحت ( الكلام او الاداء ) وبالإصرار على ان الدراسة الصحيحة للسانيات هي دراسة اللغة او القدرة . غير ان اللغة او القدرة عند كل من سويسر وتومسكي نوع من النظام النموذجي بدون اية اسس تجريبية واضحة .
ترى هل يمكن اجراء مثل هذا التمييز في علم الدلالة ؟ فمن نافلة القول اننا
ص10
لا يمكن ان نهتم بالسلوك (اللغوي) الفردي البحت . ويذكرنا هذا بلويس كارل مرة اخرى :
"عندما استعمل كلمة" قال هامبتي دامبتي بلهجة ساخرة "فإنها تعني ما اختار لها ان تعنيه ، لا شيء اكثر او اقل " .
أن المعنى الخاص بشخص ما ليس جزءا من الدراسة العامة لعلم الدلالة . والواقع فمن المهم لبعض الاغراض ان نرى كيف ولماذا ينحرف الفرد عن النمط الاعتيادي . ٠ وهذا ضروري في دراسة الادب _ فقد لا يعني الشاعر ما نعنيه انا وانت ومن المهم ايضا في الطب النفسي حيث يكون الشخص غير قادر كما يبدو على استعمال لغته بالطريقة التي يستعملها الاخرون بها . لكن المهم ان ندرك انه لا الدراسات الادبية ولا النفسية للفرد متكون ممكنة بدون النماذج او الانماط السوية العمومية لإجراء ، المقارنات بها .
على كل حال ، فإننا بحاجة الى التمييز ما يبدوانه المعنى الاعتيادي للكلمة والجملة ومعناها في ظروف محددة خاصة . وقد يكون هذا تمييزا بين المعنى والاستعمال او ، كما يقول بعض الفلاسفة واللسانيين ، بين علم الدلالة والذرائعية pragmatics وقد يكون انفع هذه التمييزات تمييز جون لاينز ( ١٩٧٧ ص 6٤٣ ) . بين معنى الجملة المرتبطة مباشرة بالسمات القواعدية والمعجمية للجملة ، ومعنى التفوة utterance الذي يشمل كل الجوانب الثانوية للمعنى ، خاصة تلك المرتبطة بالنص . ويسمح لنا هذا التمييز بان نقول شيئا ونعني شيئا آخر .
ص11
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|