أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2017
647
التاريخ: 3-8-2017
826
التاريخ: 3-8-2017
757
التاريخ: 26-8-2017
574
|
حصار بغداد:
في سنة سبع وتسعين ومائة حاصر طاهر وهرثمة وزهير بن المسيب الأمين محمدا ببغداد فنزل زهير بن المسيب الضبي برقة كلواذي ونصبر المجانيق والعرادات وحفر الخندق وكان يخرج في الأيام عند انشغال الجند بحرب طاهر فيرمي بالعرادات ويعشر أموال التجار فشكا الناس منه إلى طاهر، فنزل هرثمة نهر بين وعمل عليه خندقا وسورا ونزل عبيد الله بن الوضاح بالشماسية ونزل طاهر البستان الذي بباب الأنبار فلما نزله شق ذلك على الأمين وتفرق ما كان بيده من الأموال فأمر ببيع ما في الخزائن من الأمتعة وضرب آنية الذهب والفضة ليفرقها في أصحابه وأمر باحراق الحربية فرميت بالنفط والنيران وقتل بها خلق كثير، واستأمن الى طاهر سعيد بن مالك بن قادم فولاه الاسواق وشاطئ دجلة وما اتصل به وأمره بحفر الخنادق وبناء الحيطان في كل ما غلب عليه من الدروب وأمده بالأموال والرجال فكثر الخراب ببغداد والهدم فدرست المنازل ووكل الأمين عليا افراهمرد بقصر صالح وقصر سليمان بن المنصور إلى دجلة فألح في إحراق الدور والدروب والرمي بالمجانيق وفعل طاهر مثل ذلك فأرسل إلى أهل الأرباض من طريق الأنبار وباب الكوفة وما يليها فكلما أجابه أهل ناحية خندق عليهم ومن أبى حاجته قاتله وأحرق منزله ووحشت بغداد وخربت فقال حسين الخليع :
أتســرع الــــرحلة أغــــذاذا *** عن جــانبي بغـداد أماذا
أما ترى الفتنــة قـــد الفــت *** إلى أولـي الفتنــة شذاذا
وانتقضت بغــداد عمــرانهـا *** عن رأي لا ذاك ولا هذا
هـدمــا وحرقا قـد أباد أهلها *** عقوبــة لاذت بمـن لاذا
ما أحسن الحالات ان لم تعد *** بغـــداد في القلـة بغداذا
وسمى طاهر الأرباض التي خالفها أهلها ومدينة المنصور وأسواق الكرخ والخلد دار النكث وقبض ضياع من لم يخرج إليه من بني هاشم والقواد وغيرهم وأخذ أموالهم فذلوا وانكسروا وذل الأجناد وضعفوا عن القتال إلا باعة الطريق والعراة وأهل السجون والأوباش والطرارين وأهل السوق فكانوا ينهبون أموال الناس، وكان طاهر لا يفتر في قتالهم فاستأمن إليه علي أفراهمرد الموكل بقصر صالح فأمنه وسير غلأيه جندا كثيفا فسلم إليه ما كان بيده من تلك الناحية في جمادى الآخرة واستأمن إليه محمد بن عيسى صاحب شرطة الأمين وكان مجدا في نصرة الأمين فلما استأمن هذان إلى طاهر أشفى الأمين على الهلاك وأقبلت الغواة من العيارين وباعة الطريق والأجناد فاقتتلوا داخل قصر صالح قتالا عظيما قتل فيه من أصحاب طاهر جماعة كثيرة ومن قواده جماعة ولم تكن وقعة قبلها ولا بعدها أشد على طاهر منها، ثم إن طاهرا كاتب القواد الهاشميين وغيرهم بعد أن أخذ ضياعهم ودعاهم إلى الأمان والبيعة للمأمون فأجابه جماعة منهم عبد الله بن حميد بن قحطبة واخوته وولد الحسن بن قحطبة ن ويحيى بن علي بن ماهان ومحمد بن أبي العباس الطائي وكاتبه غيرهم وصارت قلوبهم معه.
وأقبل الأمين بعد وقعة قصر صالح على الأكل والشرب ووكل الأمر إلى محمد بن عيسى بن نهيك والي الهرش فكان من معهما من الغوغاء والفساق يسلبون من قدروا عليه وكان منهم ما لم يبلغنا مثله فلما طال ذلك بالناس خرج عن بغداد من كانت به قوة وكان أحدهم إذا خرج أمن على ماله ونفسه وكان مثلهم كما قال الله { فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13].
وخرج عنها قوم بعلة الحج في ذلك يقول شاعرهم:
أظهروا الحــج ومـا ينوونه *** بل من الهرش يريدون الهرب
كم أناس أصبحوا في غبطة *** وكــل الهرش عليهـــم العطب
وقال بعض فتيان بغداذ :
بكيت دما على بغداذ لما *** فقدت غضارة العيش الأنيق
تبدلنا هموما من سرور *** ومن سعة تبدلنا بضيق
أصابتنا من الحساد عين *** فأفنت أهلها بالمنجنيق
وقوم أحرقوا بالنار قسرا *** ونائحة تنوح على غريق
وصائحة تنادي وأصباحا *** وباكية لفقدان الشقيق
وحوراء المدامع ذات دل *** مضمخة المجاسد بالخلوق
تفر من الحريق إلى انتهاب *** ووالدها يفر إلى الحريق
وسالبة الغزالة مقلتيها *** مضاحكها كلألاء البروق
حيارى هكذا ومفكرات *** عليهن القلائد في الحلوق
ينادين الشقيق ولا شفيق *** وقد فقد الشفيق من الشفيق
ومغترب قريب الدار ملقى *** بلا رأس بقارعة الطريق
توسط من قتالهم جميعا *** لما يدرون من أبي الفريق
فما ولد يقيم على أبيه *** وقد فر الصديق عن الصديق
ومهما أنس من شيء تولى *** فإني ذاكر دار الرفيق
وقال الجرمي قصيدة طويلة نحو مائة وخمسين بيتا أتى فيها على جميع الحوادث ببغداذ في هذه الحرب .
وذكر أن قائدا من أهل خراسان من أصحاب طاهر من هل النجدة والبأس خرج يوما إلى القتال فنظر إلى قوم عراة لا سلاح معهم فقال لأصحابه ما يقاتلنا الا من نرى استهانة بأمرهم واحتقارا لهم فقيل له نعم هؤلاء هم الآفة فقال لهم أف لكن حين تنهزمون من هؤلاء وأنتم في السلاح والعدة والقوة وفيكم الشجاعة وما عسى يبلغ كيد هؤلاء ولا سلاح معهم ولا جنة تقيهم وتقدم الى بعضهم وفي يديه بارية مقيرة وتحت إبطه مخلاة فيها حجارة فجعل الخراساني كلما رمى بسهم استتر منه العيار فوقع في باريته أو قريبا منها فيأخذه ويتركه معه وصاح دانق أي ثمن النشابة دانق قد أحرزه فلم يزالا كذلك حتى فنى سهاك الخراساني ثم حمل عليه الهيار ورمي بحجر من مخلاته في مقلاع فما أخطأ عينه ثم خر فكاد يصرعه فانهزم وهو يقول ليس هؤلاء بناس فلما سمع طاهر خبره ضحك منه ، فلما طال ذلك على طاهر وقتل من أصحابه في قصر صالح من قتل أمر بالهدم والاحراق فهدم دور من خالفه ما بين دجلة ودار الرقيق وباب الشام وباب الكوفة إلى الصراة وربض حميد ونهر كرخايا فكان أصحابه إذا هدموا دارا أخذ أصحاب الأمين أبوابها وسقوفها فيكونون أشد على أهلها فقال شاعر منهم:
لنا كل يوم ثلمة لا نسدها *** يزيدون فيما يطلبون وننقص
إذا هدموا دار أخذنا سقوفها *** ونحن لأخرى غيرها نتربص
فإن حرصوا يوما على الشر جهدهم *** فغوغاؤنا منهم على الشر أحرص
فقد ضيقوا من أرضنا كل واسع *** وصار لهم أهل بها وتعرصوا
يثيرون بالطبل القنيص فإن بدا *** لهم وجه صيد من قريب تقنصوا
لقد أفسدوا شرق البلاد وغربها *** علينا فما ندري إلى أين نشخص
إذا حضروا قالوا بما يعرفونه *** وإن لم يروا شيئا قبيحا تخرصوا
وما قتل الأبطال مثل مجرب *** رسول المنايا ليلة يتلصص
في أبيات غيرها فلما رأى طاهر أن هذا جميعه لا يجفلون به أمر منع التجار عنهم ومنع من حمل الأقوات وغيرها وشدد في ذلك وصرف السفن التي حمل فيها إلى الفرات فاشتد ذلك عليهم وغلت الأسعار وصاروا في أشد حصار فأمر الأمين ببيع الأموال وأخذها ووكل بها بعض أصحابه فكان يهجم غللا الناس في منازلهم ليلا ونهارا فاشتد ذلك على الناس وأخذوا بالتهمة والظنة ثم كان بينهم وقعة بدرب الحجارة قتل فيها من أصحاب طاهر خلق كثير ووقعة بالشماسية خرج فيها حاتم بن الصقر في العيارين وغيرهم إلى عبيد الله بن الوضاح فأوقعوا به وهو لا يعلم فنهزم عنهم وغلبوه على الشماسية فأتاه هرثمة يعينه فأسره بعض أصحاب الأمين وهو لا يعرفه فقاتل عليه بعض أصحابه حتى خلصه وانهزم أصحاب هرثمة فلم يرجعوا يومين فلما بلغ طاهرا ما صنعوا عقد جسرا فوق الشماسية وعبر أصحابه اليهم فقاتلوا اشد قتال حتى ردوا أصحاب الأمين وأعاد أصحاب عبيد الله بن الوضاح إلى مراكزهم وأحرق منازل الأمين بالخيزرانية وكانت النفقة عليها بلغت عشرين ألف الف درهم وقتل من العيارين كثير فضعف أمر الأمين فايقن بالهلاك وهرب منه عبد الله بن خازم بن خزيمة إلى المدائن خوفا من الأمين لأنه اتهمه وتحامل عليه السفلة والغوغاء فأقام بها وقيل بل كاتبه طاهر وحذره قبض ضياعه وأمواله ثم إن الهرش خرج ومعه لفيفة وجماعة إلى جزيرة العباس وكانت ناحية لم يقاتل فيها فخرج إليه بعض أصحاب طاهر فقاتلوه فقوي عليهم فأمدهم طاهر بجند آخر فأوقعوا بالهرش وأصحابه وقعة شديدة فغرق منهم بشر كثير وضجر الأمين وخاف حتى قال يوما وددت أن الله قتل الفريقين جميعا فأراح الناس منهم فما منهم إلا عدو لي أما هؤلاء فيريدون مالي وأما أولئك فيريدون نفسي وضعف أمره وانتشر جنده وأيقن بظفر طاهر به.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
تسليم.. مجلة أكاديمية رائدة في علوم اللغة العربية وآدابها
|
|
|