المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

نشأة النظام الاشتراكي ومؤهلات ظهور الاشتراكيـة
20-2-2020
طاقة الدائر القاسي في الميكانيك الكلاسيكي
14-2-2022
تمييز الطعن الاستئنافي من طرق الطعن الأخرى
22-2-2017
غزوة مؤته
6-2-2017
Keplers First Law
23-11-2020
zinc
10-12-2018


منهج الآمدي في النقد  
  
6251   01:32 مساءً   التاريخ: 26-7-2017
المؤلف : علي علي مصطفى صبح
الكتاب أو المصدر : في النقد الأدبي
الجزء والصفحة : ص :13-15
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017 2682
التاريخ: 22-3-2018 14807
التاريخ: 25-03-2015 24449
التاريخ: 26-7-2017 2202


الآمدي فوجهته وجهة أخرى فهو يبدأ الموازنة بين البحتري وأبي تمام بأن يُورد حجج أنصار كل شاعر وأسباب تفضيلهم له، ثم يأخذ في دراسة سرقات أبي تمام وأخطائه وعيوبه، وأخيرًا ينتهي إلى الموازنة التفصيلية بين ما قال كل منهما في معنى من معاني الشعر يقول: "وأنا ابتدئ بما سمعته من احتجاج كل فريق من أصحاب هذين الشاعرين على الفرقة الأخرى عند تخاصمهم في تفضيل أحدهما على الآخر، وما ينعاه بعضهم على بعض لتتأمَّل ذلك، وتزداد بصيرة وقوة في حكمك، وأن شئت أن تحكم، واعتقادك فيما لعلك تعتقد احتجاج الخصمين به، ونلاحظ أنه يُورد فعلًا حجج كل فريق ورد الفريق الآخر عليه.
لذلك نجد أن الآمدي قد أورد تلك الحجج كما انتهت إليه، وأنها لم تكن من وضعه هو، وأن كل فضيلة فيها هو فضل الجمع والعرض والربط.
وعندما انتهى من هذا الفصل قال: "تمَّ احتجاج الخصمين بحمد الله، وإنما ابتدئ بذكر مساوئ هذين الشاعرين، لأختم بذكر محاسنهما وأذكر طرفا من سرقات أبي تمام وإحالته وغلطه وساقط شعره، ومساوئ البحتري في أخذ ما أخذه من معاني أبي تمام وغير ذلك من غلط في بعض معانيه. ثم بين معنى هذا وذاك فإن محاسنهما تظهر في تضاعيف ذلك وتتكشف، ثم أذكر ما انفرد كل واحد منهما من معانٍ "ملكها ولم يسلكها صاحبه، وأفرد بابًا لما وقع في شعريهما من التشبيه وبابًا للأمثال. ثم أختم الرسالة فأضع عند ذلك بابًا لاختيار المجرد من شعريهما. وأجعله مؤلفًا على حروف المعجم ليقرب متناوله بالاختيار المجرد ويسهل حفظه وتقع الإحاطة به.
وعلى ذلك نستطيع أن نستخلص من أقواله هذه روحه في الدراسة، فهي روح ناضجة، وروح منهجية حذرة ويقظة، وهو يتناول الخصومة كرجل بعيد عنهما يريد أن يحدد عناصرها ويعرضها ويدرسها. فإن قصر حكمه على الجزئيات التي ينظر فيها، فقد يكون البحتري أشعر في باب من أبواب الشعر أو معنى من معانيه، وقد يكون أبو تمام أشعر في ناحية أخرى، أما إطلاق الحكم وتفضيل أحدهما على الآخر جملة، فهذا ما يرفضه الآمدي ولا يجب أن يطلق على أيهما أشعر لتباين الناس في العلم واختلاف مذاهبهم في العشر ولا يرى لأحد أن يفعل ذلك، فيستهدف أحد الفريقين، لأن الناس لم يتفقوا على أي الأربعة أشعر: امرئ القيس، والنابغة وزهير، والأعشى، ولا على جرير، والفرزدق، والأخطل، ولا بشار ومروان. ولا على أبي نواس وأبي العتاهية ومسلم، لاختلاف آراء الناس في الشعر وتباين مذاهبهم فيه.
فإن كنت أدام الله سلامتك ممن يفضل سهل الكلام وقريبه، ويؤثر صحة السبك وحسن العبارة، وحلو اللفظ وكثرة الماء والرونق، فالبحتري أشعر عندك ضرورة.... وإن كنت تميل إلى الصنعة والمعاني الغامضة، التي تستخرج بالغوص والفكرة ولا تلوي على غير ذلك، فأبو تمام عندك أشعر، دون أن أفضل أحدهما على الآخر، ولكني أقارن بين قصيدتين من شعرهما إذا اتفقا في الوزن والقافية وإعراب القافية وبين معنى ومعنى، فأقول أيهما أشعر في تلك القصيدة، وفي تلك، ثم أحكم آلت حينئذٍ على جملة ما لكل فيهما، إذا أحطت علمًا بالجيد والرديء".
إذن فالآمدي لا يريد أن يتحيز لأحدهما على غير بينة أو عن هوى، إنما يلاحظ أن من ينتصر لهذا الشاعر أو ذاك إنما يفعل ذلك لميله إلى اتجاه خاص في الشعر، وأما هو فلا يريد أن يفصح بتفضيل أحدهما على الآخر تفضيلًا مطلقًا، ولكنه يقارن بينهما مقارنات موضوعية. ويترك الحكم الكلي للقارئ. وهذا بلا شك منهج علمي سليم. ومذهب رجل يرى المذاهب المختلفة، ويقبلها. ويسجلها، ثم منهج ناقد دقيق يرفض كل تعميم مخلّ ويقصر أحكامه على ما يعرض من تفاصيل.
ونستطيع أن نقرر أن الآمدي لم يقصد إلى التحيز لأحد الشاعرين ضد الآخر، وذلك إذا أخذنا بأقواله السابقة، ولكننا لا نستطيع أن نكتفي بتلك الأقوال فقد تكون روح الناقد الفعلية مخالفة للخطة التي يعلنها، وقد يكون في نقده ما يتعارض مع تلك الخطة.
يجب أن نفرض فرضًا كهذا، وذلك لأن كل تلك الأقوال لم تمنع النقاد اللاحقين بأن يتهموا الآمدي بالتعصب على أبي تمام، حتى بلغ الأمر أن رأى فيه الباحثون المحدثون مقابلًا للصولي في تعصبه لذلك الشاعر، فمن أين أتت هذه التهمة؟ !!





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.