أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2017
2865
التاريخ: 5-11-2015
4032
التاريخ: 2024-11-01
922
التاريخ: 11-5-2017
3110
|
كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) يلحّون عليه أن يسرع في تقسيم غنائم الحرب، ولكي يدلّل النبي الكريم (صلى الله عليه واله) على حياده الكامل في تقسيم الغنائم قام إلى بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها ثم قال : أيّها الناس والله مالي في فيئكم ولا هذه الوبرة إلاّ الخمس، والخمس مردود عليكم، فادّوا الخياط والمخيط فإن الغلول ( أي الخيانة في بيت المال ) يكون على أهله عارا، ونارا، وشنارا يوم القيامة.
ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قسّم أموال بيت المال بين المسلمين، واما الخمس الذي هو حقه الخاص به فقد وزّعه بين أشراف قريش الحديثي العهد بالإسلام يتألّفهم، ويتألف بهم قومهم، فأعطى من هذا المال لـ : أبي سفيان بن حرب، وابنه معاوية، وحكيم بن حزام، والحارث بن الحارث، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، والعلاء بن جارية وصفوان بن أميّة، وغيرهم ممّن كانوا يعادونه الى الأمس القريب من رؤوس الشرك ورموز الكفر، لكلّ واحد منهم مائة بعير.
وقد كان لهذا العطاء السخيّ أثره الطيب والبالغ في نفوس تلك الجماعة التي شملها رسول الله (صلى الله عليه واله) برحمته، ولطفه، وعنايته، وكرمه، واشتدت رغبتهم في الاسلام، وهذا الفريق هم من يصطلح عليهم في الفقه الاسلامي بالمؤلفة قلوبهم، وهم يشكّلون إحدى مصارف الزكاة بنص القرآن الكريم، ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى بعد ان ذكر قصة هذا التقسيم الخاص للغنائم : وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الاقاويل عندنا.
ولقد شق هذا النوع من الاسلوب في تقسيم الغنائم وهذا النمط من البذل الذي مارسه رسول الله (صلى الله عليه واله)، شقّ على بعض المسلمين، وبخاصة الانصار وقد جهلوا بالمصالح التي كان يراعيها، والأهداف العليا التي كان يتوخّاها رسول الله (صلى الله عليه واله) من هذا النوع من البذل والعطاء ( وهو تخصيص حديثي العهد بالإسلام بأكثر الغنائم ).
لقد كانوا يتصورون ان التعصب القبلي هو الذي دفع بالرسول القائد (صلى الله عليه واله) إلى أن يقسم خمس الغنيمة بين أبناء قبيلته حتى أن احدهم ( وهو ذو الخويصرة التميمي ) قال لرسول الله (صلى الله عليه واله) بكل وقاحة : يا محمّد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم، لم أرك عدلت!!
فغضب رسول الله (صلى الله عليه واله) من كلامه هذا وقال : ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ؟!
فطلب عمر بن الخطاب من رسول الله (صلى الله عليه واله) أن يأذن له بقتله، فلم يأذن له النبي وقال (صلى الله عليه واله) : دعه فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين ( أي يتتبّعون أقصاه ) حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرميّة .
وقد كان هذا الرجل ـ كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) زعيم فرقة الخوارج في عهد حكومة الإمام عليّ (عليه السلام)، فهو الذي قاد تلك الفرقة الخطرة، غير أن النبيّ (صلى الله عليه واله) لم يقدم على عقوبته على ما بدر منه فيما بعد لأن القصاص أو العقاب قبل الجناية يخالف قواعد الإسلام.
ولقد رفع سعد بن عبادة شكوى الأنصار حول كيفية تقسيم الخمس إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال النبي (صلى الله عليه واله) لسعد : اجمع من كان هاهنا من الأنصار في هذه الحظيرة.
فجمع سعد الانصار في تلك الخطيرة، فلما اجتمعوا دخل عليهم رسول الله (صلى الله عليه واله) وعليه جلال النبوة، وهيبة الرسالة، فحمد الله واثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال : يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلاّلا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألّف الله بين قلوبكم ؟
قالوا : بلى الله ورسوله أمنّ وافضل!
قال :ألا تجيبوني يا معشر الانصار ؟
قالوا : وما ذا نجيبك يا رسول الله ولرسول الله المنّ والفضل؟
قال :أما والله لو شئتم قلتم فصدقتم أتيتنا مكذّبا فصدّقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك! وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في شيء من الدّنيا تألّفت به قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟
والذي نفس محمّد بيده لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار.
ثم ترحّم على الأنصار وعلى أبنائهم وعلى أبناء أبنائهم فقال : اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.
وقد كانت كلمات النبي (صلى الله عليه واله) هذه من القوة والعاطفيّة بحيث أثارت مشاعر الأنصار، فبكوا بعد سماعها بكاء شديدا حتى اخضلّت لحاهم وابتلّت بالدموع وقالوا : رضينا يا رسول الله حظّا وقسما!!!
ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه واله) وتفرّقوا.
ان هذه القصة تكشف عن عمق حكمة النبي (صلى الله عليه واله) وعن حنكته السياسيّة البالغة، وكيف أنه كان يعالج المشاكل باساليب مناسبة وبروح الصدق واللطف.
ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) خرج من الجعرانة معتمرا، بعد ان قسم الغنائم، فلما فرغ من عمرته انصرف راجعا الى المدينة، فقدم المدينة في اواخر شهر ذي القعدة، أو أوائل شهر ذي الحجة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|