المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الامام السجاد الى الرفيق الأعلى
15-8-2016
العوامل الرئيسية التي تؤدي الى تطوير وازدهار نخلة التمر
26-5-2016
التلقيح في الزيتون
2024-01-11
Assimilation
2024-05-10
محمد بن يوسف الخطي البحراني
8-2-2018
شبرنكوف ، بافيل الكسيفتش
12-11-2015


تقسيم الغنائم وعمرةُ النبي  
  
4366   02:15 مساءً   التاريخ: 28-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص533-536.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) يلحّون عليه أن يسرع في تقسيم غنائم الحرب، ولكي يدلّل النبي الكريم (صلى الله عليه واله) على حياده الكامل في تقسيم الغنائم قام إلى بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها ثم قال : أيّها الناس والله مالي في فيئكم ولا هذه الوبرة إلاّ الخمس، والخمس مردود عليكم، فادّوا الخياط والمخيط فإن الغلول ( أي الخيانة في بيت المال ) يكون على أهله عارا، ونارا، وشنارا يوم القيامة.
ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قسّم أموال بيت المال بين المسلمين، واما الخمس الذي هو حقه الخاص به فقد وزّعه بين أشراف قريش الحديثي العهد بالإسلام يتألّفهم، ويتألف بهم قومهم، فأعطى من هذا المال لـ : أبي سفيان بن حرب، وابنه معاوية، وحكيم بن حزام، والحارث بن الحارث، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، والعلاء بن جارية وصفوان بن أميّة، وغيرهم ممّن كانوا يعادونه الى الأمس القريب من رؤوس الشرك ورموز الكفر، لكلّ واحد منهم مائة بعير.
وقد كان لهذا العطاء السخيّ أثره الطيب والبالغ في نفوس تلك الجماعة التي شملها رسول الله (صلى الله عليه واله) برحمته، ولطفه، وعنايته، وكرمه، واشتدت رغبتهم في الاسلام، وهذا الفريق هم من يصطلح عليهم في الفقه الاسلامي بالمؤلفة قلوبهم، وهم يشكّلون إحدى مصارف الزكاة بنص القرآن الكريم، ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى بعد ان ذكر قصة هذا التقسيم الخاص للغنائم : وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الاقاويل عندنا.
ولقد شق هذا النوع من الاسلوب في تقسيم الغنائم وهذا النمط من البذل الذي مارسه رسول الله (صلى الله عليه واله)، شقّ على بعض المسلمين، وبخاصة الانصار وقد جهلوا بالمصالح التي كان يراعيها، والأهداف العليا التي كان يتوخّاها رسول الله (صلى الله عليه واله) من هذا النوع من البذل والعطاء ( وهو تخصيص حديثي العهد بالإسلام بأكثر الغنائم ).
لقد كانوا يتصورون ان التعصب القبلي هو الذي دفع بالرسول القائد (صلى الله عليه واله) إلى أن يقسم خمس الغنيمة بين أبناء قبيلته حتى أن احدهم ( وهو ذو الخويصرة التميمي ) قال لرسول الله (صلى الله عليه واله) بكل وقاحة : يا محمّد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم، لم أرك عدلت!!
فغضب رسول الله (صلى الله عليه واله) من كلامه هذا وقال : ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون ؟!
فطلب عمر بن الخطاب من رسول الله (صلى الله عليه واله) أن يأذن له بقتله، فلم يأذن له النبي وقال (صلى الله عليه واله) : دعه فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين ( أي يتتبّعون أقصاه ) حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرميّة .
وقد كان هذا الرجل ـ كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) زعيم فرقة الخوارج في عهد حكومة الإمام عليّ (عليه السلام)، فهو الذي قاد تلك الفرقة الخطرة، غير أن النبيّ (صلى الله عليه واله) لم يقدم على عقوبته على ما بدر منه فيما بعد لأن القصاص أو العقاب قبل الجناية يخالف قواعد الإسلام.
ولقد رفع سعد بن عبادة  شكوى الأنصار حول كيفية تقسيم الخمس إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال النبي (صلى الله عليه واله) لسعد : اجمع من كان هاهنا من الأنصار في هذه الحظيرة.
فجمع سعد الانصار في تلك الخطيرة، فلما اجتمعوا دخل عليهم رسول الله (صلى الله عليه واله) وعليه جلال النبوة، وهيبة الرسالة، فحمد الله واثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال : يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلاّلا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألّف الله بين قلوبكم ؟
قالوا : بلى الله ورسوله أمنّ وافضل!
قال :ألا تجيبوني يا معشر الانصار ؟
قالوا : وما ذا نجيبك يا رسول الله ولرسول الله المنّ والفضل؟
قال :أما والله لو شئتم قلتم فصدقتم أتيتنا مكذّبا فصدّقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك!  وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في شيء من الدّنيا تألّفت به قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟
والذي نفس محمّد بيده لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار.
ثم ترحّم على الأنصار وعلى أبنائهم وعلى أبناء أبنائهم فقال : اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.
وقد كانت كلمات النبي (صلى الله عليه واله) هذه من القوة والعاطفيّة بحيث أثارت مشاعر الأنصار، فبكوا بعد سماعها بكاء شديدا حتى اخضلّت لحاهم وابتلّت بالدموع وقالوا : رضينا يا رسول الله حظّا وقسما!!!
ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه واله) وتفرّقوا.
ان هذه القصة تكشف عن عمق حكمة النبي (صلى الله عليه واله) وعن حنكته السياسيّة البالغة، وكيف أنه كان يعالج المشاكل باساليب مناسبة وبروح الصدق واللطف.
ثم ان رسول الله (صلى الله عليه واله) خرج من الجعرانة معتمرا، بعد ان قسم الغنائم، فلما فرغ من عمرته انصرف راجعا الى المدينة، فقدم المدينة في اواخر شهر ذي القعدة، أو أوائل شهر ذي الحجة.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.