المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28
Integration of phonology and morphology
2024-11-28
تاريخ التنبؤ الجوي
2024-11-28
كمية الطاقة الشمسية الواصلة للأرض Solar Constant
2024-11-28



قلعة خيبر أو بؤرة الخطر  
  
3205   12:44 مساءً   التاريخ: 15-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص386-390.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

يوم طلع نجم الاسلام في أرض المدينة حقدت اليهود على رسول الله، والمسلمين اكثر من قريش، وعملت بمختلف الطرق والحيل من اجل القضاء على الاسلام والإيقاع برسول الله (صلى الله عليه واله) وأصحابه.

ولقد ابتلي يهود المدينة وما حولها بمصير سيّئ نتيجة أعمالهم وتصرّفاتهم السيئة، فقتل فريق منهم، واجلي آخرون مثل قبيلة بني قينقاع وبني النضير من أرض المدينة فسكنوا خيبر  و وادي القرى  أو نزلوا باذرعات الشام.

وكانت خيبر منطقة واسعة وخصبة تقع على بعد اثنين وثلاثين فرسخا من المدينة كان قد سكنها اليهود قبل بعثة النبيّ (صلى الله عليه واله) وبنوا فيها سبع قلاع وحصون قوية لتحصنهم وتحفظهم.

وحيث إن التربة والمناخ في تلك المنطقة كانت قد جعلت من تلك المنطقة مكانا جيدا وصالحا للزراعة جدا، لذلك كان سكانها اليهود قد حصلوا على مهارة كبرى في امور الزراعة وجمع الثروات، وتهيئة وسائل الدفاع والقتال، وإعداد السلاح والقوة.

وكان عدد نفوسها يقارب عشرين الف نسمة بينهم عدد كبير من المقاتلين الشجعان.

إن أكبر ذنب اقترفه يهود خيبر  هو أنهم شجّعوا جميع القبائل العربية على محاربة الحكومة الاسلامية والقضاء عليها، واستطاع جيش الاحزاب المشرك بمساعدة يهود خيبر  أن يتحركوا في يوم واحد من مختلف مناطق الجزيرة العربية لاجتياح المدينة واستئصال المسلمين في أكبر تحالف عسكرى واتّحاد نظاميّ من نوعه في ذلك العصر كما سبق وأن عرفت في قصة معركة الأحزاب  ولكن هذا الجيش المعتدي الظالم تفرّق بفعل تدابير رسول الاسلام الحكيمة وأصحابه بعد شهر من الانتظار خلف الخندق، وتقهقر وعادت أحزابه ومن جملتهم يهود خيبر متشتتة متفرقة إلى أوطانها تجرّ أذيال الخيبة والخسران، واستعادت عاصمة الإسلام استقرارها وأمنها.

إن خيانة، وخباثة ولؤم يهود خيبر حملت رسول الله (صلى الله عليه واله) على أن يقضي على بؤرة المؤامرة ومركز الفساد والخطر هذا، وأن يجرّد سكانها جميعا من السلاح، لأنه كان يخشى أن يعود هذا الشعب المعاند الخبيث ـ ببذل الأموال الطائلة ـ إلى تأليب العرب الوثنيين مرة اخرى ضد المسلمين ويعيدوا قصة الأحزاب مرة اخرى، وخاصة أن تعصّب اليهود لدينهم ومعتقدهم كان أشدّ من تعصّب قريش للوثنية، ولهذا التعصب كان يسلم ألف مشرك وثنيّ ولا يدع يهودي واحد دينه، ومعتقده!!

ثم إنّ عاملا آخر حمل رسول الله (صلى الله عليه واله) على تحطيم قدرة الخيبريين وشوكتهم، وانتزاع السلاح منهم ورصد تحريكاتهم بواسطة فرسانه ورجاله، أنه راسل الملوك والسلاطين، ودعاهم جميعا وبشكل قوي الى الاسلام، فلم يكن من المستبعد أن يستغل كسرى  و قيصر  يهود خيبر فيتعاونوا جميعا للقضاء على الاسلام والنهضة الاسلامية في مهدها، أو تحرك اليهود ذينك الملكين ضدّ الاسلام كما حرّكت من قبل المشركين ضدّ هذا الدين، وتسبّبت في وقوع مشاكل.

خاصة أن الشعب اليهودي كان ضليعا في الحروب التي دارت بين الروم والفرس في تلك العصور، وكان اليهود يتعاونون مع أحد الطرفين.

من هنا رأى رسول الله (صلى الله عليه واله) ان من الحكمة بل ومن الضرورة بمكان أن يطفئ شرارة الخطر هذه إلى الأبد.

وكانت هذه الفرصة أفضل الفرص لهذا العمل، لأنّ بال النبيّ كان قد فرغ من ناحية الجنوب ( أي قريش ) بعد صلح الحديبية، وكان يعلم أنه لو أقدم على عمل ضد اليهود لم تمتد يد من جانب قريش لمساعدتهم، ولكي يمنع من وصول أيّة مساعدات وامدادات لهم من ناحية قبائل الشمال مثل غطفان  الذين كانوا أصدقاء ليهود خيبر والمتعاونين معهم في معركة الأحزاب  نفذ رسول الله (صلى الله عليه واله) خطة سيأتي تفصيلها مستقبلا.

لهذه الاسباب والعوامل والاعتبارات أمر رسول الله (صلى الله عليه واله) المسلمين بالتهيّؤ لغزو خيبر آخر مركز من مراكز اليهود في الجزيرة العربية. وقال : لا تخرجوا معي إلاّ راغبين في الجهاد أما الغنيمة فلا.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه واله) استخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي ، ودفع راية بيضاء الى عليّ بن أبي طالب  (عليه السلام) وأمر بالتوجه إلى خيبر، ولكي تسرع الابل في سيرها اذن لعامر بن الاكوع أن يحدو بالابل لان الابل تستحثّ بالحداء، فأخذ يرتجز قائلا :

والله لو لا الله ما اهتدينا           ولا تصدّقنا ولا صلّينا

إنّا إذا قوم بغوا علينا               وإن أرادوا فتنة أبينا

فأنزلن سكينة علينا                وثبت الأقدام إن لاقينا

وقد عكست هذه الأبيات الجميلة جانبا من هدف هذه الغزوة، فهي تفيد أن اليهود ظلمونا، وأشعلوا نيران الفتنة وقد خرجنا لاطفائها، وتحملنا في سبيل ذلك عناء هذا السفر.

ولقد سرّ رسول الله (صلى الله عليه واله) بمضامين هذه الابيات فدعا لابن الاكوع، وقال : يرحمك الله  وقد استشهد ابن الاكوع هذا في هذه الغزوة.

هذا وقد كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يراعي مبدأ الاستتار في جميع تحركاته العسكرية، فقد كان يحب أن لا يعرف العدوّ بمسيره ومقصده حتى يفاجئ العدو ويباغته، ويحاصره قبل أن يستطيع فعل شيء، هذا مضافا إلى ناحية اخرى وهي أن يظن حلفاء العدوّ الذي يقصده بأنه يقصدهم ويسير إليهم، فيغلقوا على أنفسهم أبواب منازلهم ولا ينضم بعضهم الى بعض.

وربما تصوّر البعض في هذه الغزوة أن رسول الله (صلى الله عليه واله) يقصد منطقة الشمال (شمال المدينة) لتأديب قبائل غطفان وفزارة الذين تعاونوا مع اليهود في معركة الاحزاب، لما وجدوه متوجها نحو الشمال.

ولكنه عند ما وصل إلى منطقة الرجيع  عرج بجيشه صوب خيبر  وبهذا قطع الطريق على أية إمدادات عسكرية من ناحية الشمال إلى خيبر، بقطع خطّ الارتباط بين قبائل غطفان وفزارة ويهود خيبر، فمع ان حصار خيبر طال مدة شهر واحد تقريبا لم تستطع القبائل المذكورة ان تمدّ حلفاءها اليهود بأي شيء.

ولقد خرج مع رسول الله (صلى الله عليه واله) الى خيبر ما يقرب من ألف وستمائة مقاتل، بينهم مائتا فارس.

وعند ما أشرف رسول الله (صلى الله عليه واله) على خيبر قرأ الدعاء التالي الذي يكشف عن نيته الحسنة :

اللهمّ ربّ السماوات وما اظللن

وربّ الارضين وما اقللن

وربّ الشياطين وما اضللن

وربّ الرياح وما أذرين

فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها.

إن هذا الدعاء وما رافقها من حالة التضرع، وذلك أمام أعين ألف وستمائة من الجنود الشجعان الذين كان كل واحد منهم شعلة متقدة من الشوق الى القتال في سبيل الله يكشف عن أن النبي (صلى الله عليه واله) لم يكن يهدف من مسيره إلى هذه الأرض الاستعمار أو الانتقام بل جاء من أجل ان يقضي على بؤرة الخطر التي كان من المحتمل أن يتحول في كل لحظة إلى قاعدة انطلاق للمشركين الوثنيين، حتى لا تهدّد النهضة الاسلامية من هذه الناحية فيما بعد.

وسترى أنت أيّها القارئ الكريم كيف أن رسول الله (صلى الله عليه واله) بعد فتح القلاع والحصون اليهودية، وانتزاع السلاح من سكانها المتآمرين المشاغبين فوض إليهم اراضيهم، واكتفى منهم بأخذ الجزية في مقابل المحافظة على أموالهم وأنفسهم، وبعد أن ربطهم بمعاهدة قوية ملزمة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.