المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

الوجه في ترتب الانفاق على اقامة الصلاة
2023-11-06
مهمة المثقفين
12-4-2017
الابواب
31-1-2023
{ان هؤلاء متبر ما هم فيه}
2024-05-21
ما معنى الهضاب
27-3-2017
الترفع عن ايقاع النفس بالظلم
24-11-2014


سلطة المحكمة الجزائية في تعديل التهمة  
  
9057   01:27 مساءً   التاريخ: 9-5-2017
المؤلف : ايمن صباح جواد راضي اللامي
الكتاب أو المصدر : مدى سلطة المحكمة في تعديل نطاق الدعوى الجزائية
الجزء والصفحة : ص191-215
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

يتصل موضوع تعديل التهمة الذي يقوم به القاضي الجنائي بموضوع التكييف القانوني للوقائع اتصالاً وثيقاً إذ أنه يعني تغييراً للتكييف ولكنه ليس بسياق الاستبعاد لبعض الوقائع سواء ثبت عدم صحتها أو حتى عدم ملائمة التكييف بل باختلافات معينة ، قد تجد المحكمة أنها في مواجهة تفاصيل جديدة، أو عناصر، أو ظروف قد تدخل على الوقائع المحالة لاحقاً من خلال مرحلة المحاكمة مما يقتضي من المحكمة إعطاء تكييف صحيح لتلك الوقائع المحالة مأخوذاً بنظر الاعتبار لمتطبات في مرحلة المحاكمة، وهذا ما يسمى بتعديل التهمة الذي يمثل في الوقت ذاته الاستثناء الثاني الذي تمارسه المحكمة على قاعدة تقيدها بنطاق الدعوى الشخصي والعيني في ما يتعلق بعينية الدعوى.

وحتى يمكن الإحاطة بهذا الموضوع سوف نتناول هذا الموضوع على فرعين الأول: نوضح فيه مفهوم التهمة وتتناول في الفرع الثاني سلطة المحكمة الجنائية في تعديل التهمة .

الفرع الأول

مفهوم التهمة

ينبغي تحديد مدلول التهمة وعناصرها وموجباتها وكما يلي :

أولاً : تحديد مدلول التهمة :

عرف البعض التهمة هي الورقة التي يحررها القاضي لتعيين نوع الجريمة التي يحاكم من أجلها المتهم ومادتها القانونية حتى يكون على بينة من أمره بعد أن يجد القاضي أدلة على المتهم وجب البت في صحتها أو عدمها(1) وقد عُرفت في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي الفقرة ( أ) من المادة (187) حيث نصت : ( تحرر التهمة في ورقة خاصة يتصدرها أسم القاضي ووظيفته وتتضمن أسم المتهم وهويته ومكان وقوع الجريمة وزمانها ووصفها القانوني وأسم المجني عليه والشيء الذي وقعت عليه الجريمة والوسيلة التي ارتكبت بها والمواد القانونية المنطبقة عليها وتؤرخ ويوقعها رئيس المحكمة أو القاضي ) حيث لم يقم المشرع بتقديم تعريف للتهمة ، وإن كان هذا المنظور يتصل بالشكلية التي تكون عليها التهمة فإن التهمة اصطلاحاً  هي إسناد جريمة أو جرائم إلى المتهم دلت التحقيقات الابتدائية والقضائية على ارتكابه الجريمة أو توفر بعض الأدلة على ذلك(2) أو الورقة التي تحررها المحكمة والتي تعين فيها الجريمة المنسوبة إلى المتهم ومادتها القانونية(3). و(إسناد جريمة ونسبتها إلى شخص ما)(4) كما عرفها البعض بأنها (إسناد فعل جرمي إلى شخص ما متى وجدت هناك أدلة تكفي لإجراء محاكمته عن ذلك الفعل)(5). إلا أن أهم هذه التعاريف في رأينا ذلك الذي يبين تفاصيل هذه الواقعة القانونية بأنها المبادرة الكتابية التي تعرب فيها المحكمة للمتهم شفاهاً وتحريراً عن طبيعة الواقعة التي يحاكم عنها أمامها منظوراً إليها من خلال حركتها المكانية والمادية والشخصية وما هي كلمة القانون فيها وجواب المتهم عنها بعد حصول ما يحمل المحكمة على الاعتقاد بتوفر الأدلة ضده(6).

ثانياً : عناصر التهمة :

ومن خلال التعاريف السابقة تبرز لنا عناصر التهمة التي هي وصف لوقائع الجريمة وأدلتها وأشخاصها ووصفها القانوني وما يحيط بأطرافها من ظروف، وبالتالي فإن المرافعة التي تجريها المحكمة مع المتهم لارتكابه الفعل المنسوب إليه تستند إلى تلك التهمة، حيث تبتغي المحكمة من ذلك الحوار الوقوف على تفاصيل الوقائع وإعلام المتهم بالتكييف القانوني المنطبق على الفعل الذي ينسب إليه ارتكابه ومدى علاقته به.

ومن خلال هذا الإجراء يصبح أي تعامل مع التهمة سواء بالتعديل أم التغيير يحتوي على الهدف ذاته الذي تسعى إليه القواعد الأصولية الساندة لمبدأ تقييد المحكمة ألا وهو الحفاظ على حق المتهم في عدم محاكمته عن وقائع لم تكن موجودة داخل مرحلة الاتهام والإحالة، لكون التهمة في جميع الأحوال كإجراء يستشف منه قناعة المحكمة بما تحتويه ورقة التهمة من مسؤولية المتهم عنها(7).

ثالثاً : موجبات التهمة:

التهمة هي إيجاز لماهية الدعوى ينبغي إعلام المتهم بتفاصيل اتهامه، عليه فإن مبدأ توجيه التهمة ضرورة قضائية استوجبتها العدالة لاتهام المتهم بما ينسب إليه من الأدلة المتوافرة ،إلا أن التهمة هي الأساس الذي يبنى عليه سلطة المحكمة بتعديلها أو تغييرها، فلولا التهمة أساساً لما وجد التعديل وكافة شروطه الأخرى، عوضاً عما تمثله من وسيلة إقناع للمتهم والمجتمع بصورة عامة لما تحتويه ورقة التهمة من تفاصيل ومنها الوصف القانوني الذي تضفيه المحكمة على التهمة ومدى كون الجريمة مرتبطة بظرف مشدد أم لا(8). وبالتالي ما يشترط عنه التعديل بها من تنبيه للمتهم للحفاظ على حقوقه في الدفاع.

وقد استوجب القانون شروطاً معينة لصحة أي تهمة، وبالتالي صحة التهمة بعد التعديل منها ما هو شكلي، وما هو موضوعي فضلاً عن مجموعة بيانات هي عبارة عن ذكر المواد القانونية وبعض التفاصيل الموضحة لسير الأحداث الإجرامية كمكان أو وقت ارتكاب الجريمة (9).

الفرع الثاني

سلطة المحكمة في تعديل التهمة

أن التهمة ما هي إلا بيان للتفاصيل المهمة في الدعوى الجزائية المبتغى منها تنبيه المتهم وإفهامه لمركزه القانوني هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن حال تلك التهمة قد لا تكون نهاية تماماً بعد التوجيه فقد تعتري التهمة ومن خلال التحقيقات والمناقشات الجارية اثناء المحاكمة ما يستوجب معه تعديل أو تغيير التهمة بل قد يسحب التهمة لمستلزمات توجيه أخرى، بل يصل حد التعامل مع التهمة إلى إلغائها عند عدم توفر القناعة بإجرام المتهم. وللتهمة تطبيقات تقتضيها ضرورة فرض التهمة أولاً بحيث جعل من التهمة ضرورة لصيانة حقوق الدفاع والوصول إلى المحاكمة العادلة، وبالتالي فإن أي تغيير يرد على التهمة الموجهة إلى المتهم يستتبع شكلية معينة ولذات السبب المسبق ذكره في توجيه التهمة ابتدائياً. أما ما يخص موضوع بحثنا فأن تعديل التهمة يمثل الخروج الصريح عن نطاق الدعوى. يحتل المرتبة الأهم في مضمون الانتهاك اما ما يخص باقي أشكال التعامل مع التهم من تطبيقات كسحب التهمة أو إلغائها فنرى إنها إجراءات شكلية ممهدة ومهيئة لإجراء أهم يستوجبها وهو تعديل أو تغيير تهمة وعليه سوف نتطرق لموضوع تعديل التهمة كاستثناء يخص مبدأ العينية اما سحب التهمة أو إلغائها فسنعرض لها بالقدر الذي يخدم البحث ، وتوضيح العلاقة مع النطاق العيني للدعوى الجزائية(10) .

أولاً : مدلول تعديل التهمة :

ذهب الفقه بأن تعديل التهمة هو (تحوير في كيان ا لواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها في واحد أو أكثر من عناصرها يكون من مستلزماته الاستعانة في ذلك بعناصر أخرى أو بواقعة جديدة تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى وتكون التحقيقات قد شملتها، أي أن التعديل في التهمة يتحقق بإضافة عناصر أخرى إلى الواقعة التي رفعت بها الدعوى)(11). تعديل التهمة هو إجراء مقتضاه ان تعطي المحكمة التهمة تكييفها القانوني الصحيح الذي ترى أنه أكثر انطباقاً على الوقائع الثابتة بما يقتضيه ذلك من إضافة العناصر أو الظروف إلى الواقعة المرفوعة بها الدعوى والتي تثبت من التحقيقات الأولية أو النهائية أو المرافعة في الجلسة ولو كانت لم تذكر بأمر الإحالة أو ورقة التكليف بالحضور. بمعنى أن تعديل التهمة أقرب الى الإبدال أو التغيير في فعل إجرامي أو واقعة بأخرى، وليس مجرد تبادل للنصوص، أي ان تعديل التهمة هو التعامل مع مكونات الأفعال وليس التعامل مع قوالب تلك الأفعال عن النصوص القانونية فحسب . مستندة المحكمة في كل ذلك الى ما يظهر لها من خلال المرافعات من أدلة جديدة أو عناصر(12) . وتعديل التهمة بسب السياق المتقدم إنما هو إضافة وليس معالجة، وبالتالي فإن تخويل محكمة الموضوع الحكم القدرة على تعديل التهمة، إنما يجعل منها امتداداً لسلطة الاتهام وبالتالي فهو خروج واضح عن قاعدة تقيد المحكمة الجنائية بنطاق الدعوى الجزائية الشخصي وخاصة العينية لكون المدخلات المادية المتمثلة بالظروف المضافة أو العناصر المدخلة دون أن تكون موجودة ابتداءاً في وثيقة الاتهام على اختلاف صورها يمثل ذلك الانتهاك وبالتالي فهو يمثل نطاق القاعدة ولكونه استثناءا فلا يمكن التوسع فيه. ونحن لا نتفق مع من يقول بأن تعديل التهمة ليس فيه خروج على قاعدة تقييد المحكمة الجنائية بالوقائع المرفوعة بها الدعوى مستندين برأيهم أن التعديل لا يتضمن الاستناد إلى أساس آخر غير الذي أقيمت به بل يتضمن إضافة ظرف جديد متصل وجزء من الواقعة الأصلية، والرأي المنتقد صحيح إذا لم نأخذ بنظر الاعتبار المفهوم التام للقاعدة وخير مثال عليها النظم الأنكلوسكسونية، فعند  تقدير ان أي تغيير لما يقدمه الاتهام من أوصاف وأفعال ومن ظروف وعناصر إنما هو كتلة واحدة تخضع إلى قاعدة التقييد تلك وأي انتقاص منها في أي جانب إنما هو انتقاص للقاعدة ككل(13). والتعديل للتهمة مثلما يصح أن تقوم به محكمة الموضوع يصح لمحكمة التمييز ان تصدر قرار بتعديل التهمة بل هي غير ملزمة بما يفرضه حكم القانون على المحكمة الأقل درجة من ضرورة تنبيه المتهم لذلك التعديل، لكون محكمة التمييز لم تقم إلا بتعديل وتصحيح خطأ وقعت به محكمة الموضوع (14). يبقى القول بأن تعديل التهمة وكما هو مستنتج من مفهومة هو إجراء تختص به محكمة الموضوع حصراً بافتراض توجيه التهمة كضرورة للتعديل،  فهو دائماً يأتي بعد توجيه التهمة أي في مرحلة المحاكمة وهذا لا يقتصر على تعديل التهمة بل جميع التطبيقات التي ترد على التهمة فهي الأخرى من حيث وقتها بشكل يعقب توجيه التهمة مثل الإلغاء والسحب، وبالتالي فلا نجد لها مثلاً في قضاء التحقيق لعدم وجود توجيه للتهمة أساساً فيه مع الأخذ بنظر الاعتبار الاختلافات الجوهرية بين تعديل التهمة من جهة ومن جهة أخرى سحبها وإلغاؤها خاصة فيما يتعلق بموضوع البحث هنا وهو قاعدة تقييد المحكمة الجنائية إذ يتصل التعديل بها كنطاق لها أما السحب والالغاء فهما اجراءان جنائيان لا يتصلان بشكل مباشر مع قاعدة التقييد .

ثانياً : شروط تعديل التهمة :

هناك شروط لكي تمارس المحكمة حقها الذي منحه إياه القانون بمختلف التشريعات التي أخذت بهذا الحق أي بتعديل التهمة التي أحيلت وقائعها الى المحكمة ابتداءاً، وهذه الشروط هي:

1 . أن تكون العناصر او الظروف الجديدة قد تناولها التحقيق الابتدائي او ثبتت من خلال المرافعة :

أي أن لا تكون تلك العناصر أو الظروف الجديدة مدخلات طارئة على سياق الدفاع وعلى سير الدعوى لم يتناولها التحقيق بمعنى عدم احتواء التعديل الذي تجريه المحكمة على عنصر المفاجأة للمتهم عندما لا تكون تلك العناصر والظروف الجديدة التي استدعى إضافتها تعديل التهمة قد تمت مناقشتها أثناء التحقيق الابتدائي او حتى من خلال مناقشات محكمة الموضوع قبل التعديل، أي أن يكون للوقائع التي تسند الى المتهم أساس من أوراق الدعوى التي كانت تحت نظر الخصوم ودارت حولها المناقشة والمحاكمة والحال نفسه اذا قدمت المحكمة او حتى جهة الاتهام أوراقا او مستندات لم تدر حولها المرافعة او لم يطلع عليها المتهم واعتمدتها أساسا لتعديل التهمة(15).

2 . أن يكون تعديل التهمة أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى :

قد استقر القضاء على ان تعديل التهمة إجراء لا يمكن القيام به عند إصدار الحكم في الدعوى المنظورة كأن يحاكم شخص ما على جريمة فعل فاضح علني ثم يصدر قرار بإدانته على جريمة هتك عرض. حيث ينبغي على المحكمة ان تلفت نظر الدفاع إلى تلك التعديلات ثم أن تتم بمجملها أثناء نظر الدعوى، وليس بعد انتهاء المحاكمة والاستعداد للحكم بشكل يفيد عدم استطاعة المتهم من تقديم دفاعه.

هذا كله لا يعني أن شروط التعديل هما فقط الشرطان المتقدمان لكن يضاف اليهما ما يشترط توافره اتبداءاً من وجود للتكييف، ثم تغيير، أو اختصاص المحكمة عند قيامها بالتعديل، وضرورة إعلام المتهم بذلك التعديل لتمكنه من تحضير دفاعه، وما ينص عليه القانون من شروط يجب توافرها في التهمة سواء الشكلية أو الموضوعية دون تمييزها (أي الجديدة) عن التهمة الأصلية(16).

ثالثاً : ذاتية تعديل التهمة :

قد يبدو لأول وهلة أن هناك تشابه بين سلطة تعديل التهمة مع بعض السلطات الأخرى التي تضطلع بها المحكمة ، ومن هذه السلطات التي قد تختلط مع سلطة التعديل:

1 . تميز تعديل التهمة عن تعديل الوصف القانوني (التكييف) :

تعديل التهمة يختلف عن تغيير الوصف القانوني لأن تعديل التهمة تحوير في كيان التهمة أي في واحد أو أكثر من عناصرها يكون من مستلزماته الاستعانة بعناصر أخرى أو بواقعة جديدة تضاف إلى تلك التي وصفت بها الدعوى فتكون التحقيقات قد شملتها في حين ان تغيير الوصف القانوني للواقعة هو تغيير في الاسم والعنوان حسب مع الإبقاء على جميع عناصر الموضوع كما أقيمت به الدعوى أو استبعاد بعضها لكن دون أية إضافات أخرى(17). أي ان تعديل التهمة يقتضي المساس بكيانها المادي بإضافة فعل محل آخر، في حين أن تعديل الوصف القانوني إنما هو استبدال نص بنص آخر دون المساس بالوقائع.

كما أن تعديل التهمة قد يحتوي في مضمونه على معنى التكييف إلا أنه لا يستوجب أن يحتوي التكييف دائماً على تعديل في التهمة، وهنا يمكن القول بأن تعديل التكييف قد يكون خروجاً على قاعدة تقيد المحكمة، إلا انه أقل انتهاكاً لها حيث أن تعديل التكييف يتعامل مع النص، أما تعديل التهمة فهو يمس القاعدة بجوهرها وليس بقالب النصوص بل بما احتواه من أنموذج قانوني للوقائع .

واذا كان هناك اختلافات بين تعديل التهمة وتغيير التكييف، إلا أنه ثمة رابطة مشتركة بينهما إذ أن كليهما لا تملكه المحكمة الجنائية إلا في اثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى(18).

2 . تمييز تعديل التهمة عن سحب التهمة :

سحب التهمة هو إجراء نادر الحصول يحصل عندما يتضح للمحكمة وبعد توجيهها للتهمة سواء بأدلة جديدة أم من خلال تقدم شاهد أو اعتراف من المتهم تيبن للمحكمة ان المتهم ارتكب جريمة عقوبتها أشد من عقوبة الجريمة التي تم توجيه التهمة بها، أو بسببها تختلف عنها في الوصف، بمعنى ان سحب التهمة يعني السحب لكل تفاصيل التهمة، وليس إضافة لوقائع أخرى على الوقائع المحالة كما هو حال تعديل التهمة، إذن فهو إجراء اشد وأكبر من حيث الانتهاك لقاعدة تقيد المحكمة بعينية الدعوى الجزائية لا يتصل بركن أو عنصر وإنماً بكل التهمة.

ولسحب التهمة حالتان هما:(19)

أ . السحب عندما يكون هناك جريمة عقوبتها أشد من الجريمة الموجهة تهمة عنها.

ب . السحب عندما يختلف الوصف القانوني للجريمة تلك الموجهة إليه التهمة بها.

الحالة الأولى تختلف فيما إذا كان موقف المتهم قد تحول إلى الصعوبة مما يستوجب إعلانه لتحضير دفاعه، وإمهاله الوقت الكافي وبالتالي فإن الجريمة الجديدة إذا كانت صغرى بالنسبة للتهمة الموجهة فلا توجب المحكمة بسحب التهمة الكبرى لكون سير الإجراءات في جميع الأحوال لمصلحة المتهم(20).

لكن لا يمكن للمحكمة أن تسير في إجراءات التهمة الجديدة دون أن تسحب التهمة القديمة، لأن في ذلك خرقاً لحقوق الدفاع ومحاكمة لشخص بتهمتين عن فعل إجرامي واحد.

أما الحالة الثانية فهي عندما يختلف الوصف القانوني للجريمة عن ذلك الذي وجهت التهمة بموجبه فالمحكمة وبعد توجيه التهمة قد ترى من خلال دليل معين، أن الوصف القانوني السليم يوجب سحب التهمة وتوجيه تهمة أخرى وبحسب الوصف الجديد. وهنا يجب ملاحظة أن تغيير الوصف في سحب التهمة ليس نفسه كسلطة مستقلة للمحكمة، أذن سحب التهمة إجراء يتبع توجيه التهمة، أما تغيير الوصف القانوني فهو إجراء يأتي قبل أن توجه التهمة يتضمن عدم التقيد بالوصف القانوني للواقعة المراد الحكم بها والمحالة، بمعنى أن سحب التهمة يأتي بعد التكييف بسبب بروز تفاصيل تدل على وجود تكييف آخر أوجب للتطبيق على الوقائع أو جريمة أشد. وتجدر الإشارة إلى أن سحب التهمة إجراء غير ضروري في حالة التهمة المركبة(21).

بقي ان نقول أن سحب التهمة إجراء تقوم به المحكمة إذا رأت مسوغاً لها أو أن يكون بطلب من الادعاء العام، وفي جميع الأحوال تبين للمحكمة أسباب السحب وتاريخه ويدون في محضر الجلسة، وتحفظ ورقة التهمة المسحوبة مع أوراق الدعوى حيث يستمر جعل التهمة المسحوبة جزءاً من الدعوى قد ترى محكمة التمييز الرجوع إليها(22).

ويترتب على سحب التهمة ذات الأثر المترتب عن الحكم بالبراءة للمتهم منها دون حاجة إلى قرار خاص(23) بل لا يمكن معاقبة المتهم عن التهمة المسحوبة إذا اكتسب القرار الدرجة القطعية(24).

 

3 . تمييز تعديل التهمة عن إلغاء التهمة :

إلغاء التهمة إجراء تقوم به المحكمة كتمهيد للإفراج عن المتهم عند عدم كفاية الأدلة ضده(25). وهذا بطبيعة الحال يختلف عن تعديل التهمة الذي يستهدف إضافة وقائع أو عناصر جديدة للتهمة وليس إلغائها. ويتُخذ هذا الإجراء سواء في محكمة الموضوع أو حتى في مرحلة التمييز لعدم ثبوت الإدانة بحسب التهمة المراد الحكم على المتهم بموجبها(26) .

وعليه فقد توضح لنا أن التهمة ومن خلال تطبيقها تمس بشكل من الأشكال قاعدة التقيد بنطاق الدعوى . وأن اختلفت درجات هذا المساس فهو في سحب التهمة يخرج وبشكل كبير عن نطاق الدعوى ، كون السبب يعني تغيير كبير يصيب تفاصيل التهمة السابقة من وقائع أو إدخال أخرى جديدة . أما تعديل التهمة كإجراء للمحكمة القيام به إذ ما توفرت شروطه فهو وأن عُد خروجاً عن قاعدة التقيد بنطاق الدعوى إلا أن أقل خروجاً من سحب التهمة بما يستوجب على المحكمة أن تلزم به من ضوابط عن ممارستها لتعديل التهمة وكما سوف نناقش لاحقاً . أما إلغاء التهمة فتحقق أنه إجراء أصولي لا يمس قاعدة التقيد بنطاق الدعوى طالما أن المحكمة توصلت الى أن الإدانة غير متوافرة بحق المتهم وفق التهمة المحال بها .

4 . علاقة تعديل التهمة مع النطاق العيني للدعوى الجزائية :

من ناحية العلاقة التي تربط التهمة وتطبيقاتها مع قاعدة التقيد بالنطاق العيني للدعوى الجزائية فالأمر وبحسب ما نراه على خلاف هنا فبالنسبة لمسألة سحب التهمة كإجراء أصولي نراه خروجاً واضح على قاعدة العينية، إذ أنه يحتوي على مضمون على تغيير محتويات التهمة من وقائع وإدخال أخرى حتى وإن تذرعت المحكمة بجدية ما تقدمه.

أما تعديل التهمة فنحن نورده أيضاً كاستثناء على قاعدة العينية يمسها وينتهكها وإن كان على حال اقل خطورة من السحب، كونه يدخل عناصر محل وقائع محالة أصلاً إلى المحكمة وليس التبديل الكامل كحال السحب، أما الألغاء فإنه إجراء اصولي لا يتعلق بقاعدة العينية قدر تعلقه بقيام المحكمة بواجبها على الوجه الأكمل وبشكل سليم، إذ أن عدم وجود الدليل يوجب إلغاء التهمة والحكم بالإفراج فالمحكمة إما أن تتعامل مع الوقائع المحالة بتكيفها على أنها صحيحة وبالتالي تسير إلى الحكم على المتهم أو أنها ترى ومن خلال التحقيق أن المتهم برئ أو أن ما تمكن من أدلة إدانة لا تكفي وبالتالي يستوجب الإفراج عنه دون التطرق لقاعدة العينية بشكل خاص.

مما تقدم اتضح لنا أن تعديل التهمة هو الاستثناء المهم الذي تقوم به المحكمة ويؤدي بالضرورة إلى المساس بعينية الدعوى الجزائية وبشكل يختلف عن سلطة المحكمة بتغيير الوصف القانوني.

 

رابعاً : سلطة المحكمة الجزائية في تعديل التهمة :

قد يكشف التحقيق أمام محكمة الموضوع عن ظروف مشددة لاحقة بالفعل المرفوعة من أجلها الدعوى، يمكن أن تكون غابت على قاضي التحقيق تثبتها في قرار الإحالة وهي بالتالي (أي الظروف المشددة) أما ماثلة في شخص المتهم أو لاحقة بالجريمة ضمن حركتها الإجرامية الواحدة. لذا فيكون من العدل المستساغ أن تعدل المحكمة التهمة إلى وصفها الحقيقي حتى ولو كان التعديل يؤدي إلى وصف قانوني أشد ما دامت الواقعة المرفوعة بها الدعوى لم تتغير(27). فتعديل التهمة إجراء يعطى المحكمة بمقتضاه التهمة وصفها القانوني الصحيح الذي ترى أنه أكثر انطباقاً على الوقائع الثابتة بما يقتضي من إضافة طرف جديد لم يرد في الوصف الأصلي الوارد في قرار الإحالة، وثبت توافره لدى المحكمة من خلال المرافعة في الجلسة(28).

وتجدر الإشارة إلى أن ليس كل تعديل في التهمة يمكن قبوله بالصورة المتقدمة أي كاستثناء، فالواجب هو تغيير هذا التعديل بما لا يؤدي إلى الخروج عن حالة التماثل المطلوبة بين الواقعة الموجهة لها التهمة، والواقعة الأصلية المحالة بها الدعوى، وعليه نرى لابد قبل الدخول في دراسة حالة التعديل أن نميز بين التعديل الذي لا يؤثر على صفة التماثل والتعديل الذي يؤثر على صفة التماثل وكما يلي:(29)

1 . تعديل التهمة الذي لا يؤثر على صفة التماثل :

من أهم ما يمكن أن يميز مثل هكذا تعديل هو أن المشرع لم يوجب التنبيه في حالة حصول التعديل وبالتالي فإن للمحكمة سلطة واسعة فيه أما حالاته فهي:

أ . عند استبعاد بعض العناصر المرفوعة بها الدعوى :

قد يثبت أثناء التحقيق بعض عناصر الجريمة وتنفي أخرى، أي أن مجريات التحقيق والتصدي في مرحلة المحاكمة قد يبين للمحكمة عدم ثبوت الواقعة بعدم ثبوت عناصرها، وهنا يجوز للمحكمة أن تعدل التهمة وفقاً لما تثبت لها وضعية التهمة بعد الاستبعاد دون الحاجة إلى توجيه تهمة جديدة، حيث لا يؤثر ذلك على التماثل بين الواقعتين إذا ما كانت الواقعة المحكوم بها مستغرقة في الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً(30). أما حالات الاستغراق أو الصور التي يكون عليها حال الاستبعاد الذي لا يؤدي بالضرورة بالتأثير على صفة التماثل فهي حالتان :

الحالة الأولى: إذا كانت الواقعة المكونة للتهمة المرفوعة بها الدعوى هي الجريمة التامة، ثم تبين للمحكمة أن الواقعة مجرد شروع يتم استبعاد النتيجة الجرمية(31).

الحالة الثانية : إذا وجهت التهمة عن جريمة مركبة من أفعال عدة ثم ظهر أن المتهم ارتكب جريمة بسيطة من الجرائم المكونة لها وبالتالي عدم الحاجة لتوجيه تهمة جديدة(32).

بقي القول أن التماثل وإن استمر من خلال مثل هكذا حالات للاستبعاد إلا انه يشترط فيه عدم إضافة أي عناصر جديدة للتهمة، مثال إضافة ركن الخطأ بعد استبعاد القتل العمد عند تحويل تهمة من قتل عمد الى قتل خطأ لكون هذا إضافة لعنصر جديد داخل في أركان الجريمة . كما لا يجوز الاساءة لمركز المتهم كأن تكون التهمة التي عوقب من أجلها تندرج بالضرورة في حدود دفاعه عن التهمة التي رفعت بها الدعوى الجزائية ، ولا بد في جميع الأحوال أن يكون ذلك الاستبعاد وما انتهت إليه المحكمة من عناصر توجيه المحاكمة قد استظهرتها من تحقيقاتها النهائية في الجلسات(33). أما ما يتعلق بتطبيق قاعدة الأصلح للمتهم كأن يضاف سبب من أسباب الإباحة أو الدفاع الشرعي أثناء المحاكمة فهذا حتماً لا يضر بمصلحة المتهم وحقه في الدفاع عن نفسه.

ب . تعديل الوقائع بما لا يخرجها عن إطار الواقعة الأصلية في أركانها المكونة للتهمة :

إذا ثبت أمام المحكمة أن هناك تعديلات في وقائع الدعوى دون أن تتأثر التهمة الأصلية في ركنيها المادي والمعنوي ، وبالتالي لا يتأثر التماثل المفترض بين الواقعة الأصلية المرفوعة بها الدعوى والواقعة الجديدة المحكوم بها، ومثال ذلك تغيير وصف الأفعال أو حتى تعديل في تفصيلات بيان التهمة كوقت أو مكان التهمة أو الوسيلة المرتكبة بها ما لم تكن الأخيرة عنصراً من عناصر التهمة الأصلية(34) ، مثال ذلك تعديل الوسيلة المستخدمة في قتل المجني عليه إلى استخدام مادة سامة بدل استخدام مادة متفجرة  ما دام في الحالتين كانت التهمة الأصلية هي القتل العمد .

اذن فالعبرة بعدم المساس بالركن المادي والمعنوي وبالتالي عدم المساس بجوهر الجريمة، وبالتالي عدم وجود ضرورة إلى تعديل التهمة ومن ثم تنبيه المتهم على ذلك دون ان يشمل ذلك تعديل التفاصيل الواردة في بيان التهمة بما لا يخرج الواقعة عن نطاقها كما وردت في أمر الإحالة(35).

ج . عند إضافة الأعذار المخففة :

الأعذار المخففة هي حالات حددها المشرع على سبيل الحصر يلتزم فيها القاضي بأن يهبط بالعقوبة المقررة للجريمة وفقاً لقواعد معينة في القانون(36). والأعذار المخففة نوعان عامة لكل الجرائم كالباعث والاستفزاز الخطير ونقص الإدراك أو الإرادة(37) . في هذه الصورة ايضاً لا يترتب عن إضافة العذر المخفف أي تغيير أو مس بحالة التماثل الواجب توافرها بين الواقعة المرفوعة عنها الدعوى والمحكوم بها وبالتالي عدم حصول ما يسوّغ تغيير التهمة أو تنبيه المتهم عليها . وغاية القول ان الظرف المخفف ما هو إلا متغير خارج عن نطاق التكوين المادي أو حتى المعنوي للجريمة قد يستند إلى ظروف المتهم الاجتماعية، أو ما يظيفه مركزه القانوني من موجبات للتخفيف لا تستند إلى ذات موجبات تغيير التهمة. أي أن التهمة لا تتأثر بالظرف المخفف وأن تأثير الظرف المخفف تنصب على العقوبة المفروضة ليس إلا(38) .

2 . التعديل الذي يؤثر على صفة التماثل ( إضافة الظروف المشددة ) :

يمكن القول ان الاستثناء الثاني عن مبدأ العينية إنما يتضح بصورة تعديل التهمة عندما لا تماثل التهمة المحكوم بها تلك المرفوعة بها الدعوى. ويتخذ هذا الشكل قالب إضافة الظرف المشدد بما يحول الجريمة إلى اخرى وهذا بالتالي ما يستوجب تعديل التهمة. وحتى يستقيم فهم الموضوع يجب التوضيح ابتداءاً معنى الظرف المشدد ومعيار الآخذ به ومن ثم معرفة سلطة المحكمة .

واذا أردنا أن نحدد مدلول الظرف المشدد من حيث أن الظرف المشدد هو الذي يجعل عند إضافته على الواقعة استثناءاً يرد على عينية الدعوى فلا بد هنا تبيان المقصود بالظرف وما المقصود بالظرف المشدد سواء كان ذلك الظرف ماثلاً في المتهم أم لاحقاً بالجريمة ومعها في حركة إجرامية واحدة. الظرف المشدد هو إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة المرفوعة بها الدعوى تؤدي إلى الإساءة إلى مركز المتهم(39). أو هي تلك الظروف التي تؤثر على جسامة العقوبة بالزيادة وبالتالي تحدث تأثيراً في جسامة العقوبة الواجب تطبيقها(40). وهي تلك العناصر التي تلحق بكيان الجريمة فتؤدي إلى زيادة في جسامتها يقابلها تشديد في العقاب المقرر لها(41) أو لأسباب نص عليها المشرع يجب على القاضي فيها – أو يجوز له أن يحكم بعقوبة أشد مما قرره القانون للجريمة فيجاوز بذلك الحد الأقصى المقرر قانوناً أو إحلال عقوبة من نوع أشد محلها(42) . وعلة وجود ظروف التشديد هي منح القاضي مكنه تحقيق الملائمة بين العقوبة التي المراد تطبيقها وظروف الدعوى الواقعية التي تستدعي قدراً من التشديد يجاوز ما يسمح به القانون في النص الخاص بالجريمة(43) ، والظرف المشدد إنما هو واقعة جديدة تكون مع الواقعة المنسوبة للمتهم مضمون الاتهام استناداً إلى التداخل في الحركة الإجرامية التي أتاها المتهم، آخذين بنظر الاعتبار أن تكون الواقعة المنسوبة إلى المتهم هي أساس تلك الإضافة للظرف المشدد. ومن خلال ما تقدم يتبين لنا ان الظروف المشددة احتوى مفهومهاً على معنيين ضيق كونها فقط ظروف تسئ إلى المتهم وآخر واسع قد اجمع الفقه على اعتماده كمفهوم للظرف المشدد بأنها كل واقعة تدخل في الحركة الإجرامية للمتهم سواء كانت تلك الظروف بشكل تبعي للجريمة أم هي بحد ذاتها جريمة مستقلة. بمعنى ان الظرف هنا كاستثناء هو المسوّغ عند الإضافة لتعديل التهمة ليس بمعناه الضيق بل الواسع الملتصق بالتهمة سواء التصاقاً بالواقعة أم ماثلاً في المتهم.

إلا أننا نميل الى الرأي الذي يقول في أن إضافة الظرف المشدد وهي استثناء بحد ذاتها يرد على قاعدة تقييد المحكمة بنطاق الدعوى الجزائية والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، عليه فإن المعنى المطابق للظرف يعد أكثر اتساقاً مع معطيات نظرية وقاعدة البحث(44). ومن خلال ما تقدم يتضح ان الظرف المشدد عند إضافته فهو إما ظرف مشدد يضاف كعنصر تبعي للجريمة فتمييز عن أركانها وشروطها وبالتالي لا يستوجب  وجوده الجريمة، ولا يستوجب من أن وجود الجريمة وجوده. وإما ان ذلك الظرف هو ظرف مشدد يعد بحد ذاته جريمة مستقلة متميزة بأركانها وشروطها عن الجريمة الأصلية، وبالتالي فهو لا يشددها بل يمثل بحد ذاته جريمة. عليه نرى من الأجدى دراسة كل نوع منهما على حدة لاستظهار الحقيقة فيمن يتصل بالقاعدة موضوع البحث.

أ . إضافة الظروف المشددة كعناصر تبعية للجريمة :

بالنظر إلى ما تقدم بيانه من أن الظرف المشدد  يمثل العناصر التي تلحق بكيان الجريمة فتؤدي إلى زيادة في جسامتها يقابلها تشديد في العقاب المقرر لها، بحيث تحل به تلك الظروف أو العناصر كتابعة وليست أصلية بالشكل الذي يميزها عن الركن أو العنصر المكون للجريمة بحيث يمكن للجريمة ان يتحقق دون ان تتوافر ذلك الظرف ولا يمكن العكس(45).

إن أردنا بحث تأثير هذا الظرف المشدد فهو ينصب اساساً على تشديد العقاب بما يرفعه عن حده المقرر أصلا، وهذا الظرف قد يتعلق بصفة الجاني كالطبيب في جريمة الإجهاض أو الجانب المعنوي كسبق الإصرار أو وقت الجريمة كالسرقة في زمن الحرب أو مكان وقوعها كما في السرقة من دور العبادة أو الوسيلة المستخدمة في الجريمة كاستخدام العبوات في القتل(46). وبعيداً عن النقاش الفقهي الذي يدور حول الأخذ بتفسير الظروف الضيق أم تفسيرها بالشكل الذي يوسع منه مفهوماً، مع ترجيحنا للمفهوم الضيق الذي يأتي متناسقاً مع مبدأ حياد القاضي الذي أوضحناه سابقاً والذي يمثل اساس قاعدة التقيد موضوع البحث، ولا يمكن الأخذ بالرأي الواسع للظرف لأن في كثير من الأحيان يمثل الظرف جريمة مستقلة وكما سوف نرى فكيف يمكننا إقرار قدرة المحكمة على إضافة جريمة مستقلة باركانها ووجودها إلى الاتهام الأصلي بحجة سلطة المحكمة في إضافة الظروف المشددة لما فيه من خروج صريح عن نطاق قاعدة التقييد موضوع البحث، كما أن المفهوم الواسع الذي يقول بأن الظرف هو كل واقعة جديدة مرتبطة بالاتهام فكيف إذا كان ذلك الظرف يمثل جريمة مستقلة، وبالتالي يحاكم عليه وكانت عقوبتها أقل جسامة من الجريمة الأصلية وبالتالي كيف تعد ظرفاً مشدداً(47) . ومما ننتهي إليه أن الظروف المشددة التي يمكن للقاضي إدخالها في الدعوى في مرحلة المحاكمة هي بمفهومها الضيق كعناصر تبعية وليست جرائم مستقلة. مقيدة في جميع الأحوال بفرض ان جهة الاتهام عند عدم إضافتها استندت إلى سبب من الواقع كعدم ثبوت ذلك الظرف في التحقيق أما وقد وجدت المحكمة ثبوته في مرحلة المحاكمة فلا جناح عليها في إدخاله أما إذا كان السبب في عدم إدخاله يستند إلى القانون كوجود مانع قانوني فهنا تتقيد المحكمة بوثيقة الاتهام مفعلة لقاعدة تقيد المحكمة فيما لو عد هذا الظرف المشدد جريمة بحد ذاته .

1 . معيار التمييز للظرف المشدد :

يحتل موضوع تحديد معيار لتميز ما يعد ظرفاً وما يعد من الأركان للجريمة أهمية كبيرة لما يترتب عليه من أمور مهمة فما يعد من الأركان تتقيد المحكمة في إضافته وما يعد من الظروف يمكن للمحكمة ان تعمل سلطتها عليه. عليه يمتنع على المحكمة إضافة وقائع أو الأفعال الجديدة أو حتى العناصر التي تعد ركناً وليس ظرفاً للجريمة(48).

هناك معياران رئيسيان للتمييز بين الظرف المشدد والركن هما(49):

الأول : يقوم على أساس التمييز بين العناصر من حيث أهميتها في البناء القانوني للجريمة فيكون العنصر ظرفاً إذا امكن تحققها بدونه وعلى العكس يكون العنصر ركناً إذا كانت الجريمة لا تتحقق بدونه.

الثاني : يقوم على أساس التمييز من حيث الأثر المترتب على إلحاق العنصر بالجريمة فاذا كان ذلك الأثر هو تغيير وصف الجريمة إلى وصف آخر فالعنصر هو ركن أما إذا كان الأثر ينحصر في العقوبة المقررة للجريمة بتشديدها فنحن أمام ظرف مشدد.

مع الأخذ بالنظر أن تقييد الوصف المقصود في المعيار الأخير هو إخراج التهمة من نص قانوني إلى آخر وليس مجرد تحويلها من جنحة إلى جناية أو مخالفة.

2 . سلطة محكمة الموضوع تجاه الظروف المشددة :

لا تخرج سلطات المحكمة على الظرف المشدد عن حالتين:

الحالة الأولى : إذا كانت الظروف المشددة أساساً داخلة في حوزتها، أي موجودة في وثيقة الاتهام فليس أمام المحكمة واجب إلا التعرض لها وفحصها، أما إذا كانت تلك الظروف لم تفحص فالأمر متروك للادعاء العام (النيابة العامة) أن يتسمك ببطلان حكم المحكمة وليس المتهم لانعدام المصلحته في ذلك(50).

أما الحالة الثانية : بالنسبة للظروف الجديدة يمكن للمحكمة ومن خلال المرافعات وما تجريه من تحقيق بهذا الشأن أن تستنبط ظروفاً تطبقها على الواقعة الأصلية كظرف مشدد وليس كركن في الجريمة.

يبقى الاستثناء الوحيد على سلطة المحكمة في إضافة الظروف المشددة هي تلك التي منعت بموجبها سلطة الاتهام نفسها من إضافتها بسبب يستند إلى القانون وليس الواقع(51).

كما يشترط في إضافة الظروف من خلال المرافعات ما يلي:

أ . أن تكون تلك الظروف نتاج المرافعات التي جرت أمام المحكمة نفسها(52).

ب. عدم كون تلك الظروف وقائع مستقلة عما ورد في قرار الاتهام.

ج. يشترط النظام الأنكلوسكسوني الذي يأخذ بنظام المحلفين شرط كون تلك الظروف محلاً للأسئلة الاحتياطية(53).

3 . العلاقة بين سلطة المحكمة في إضافة الظروف المشددة والتقيد بالنطاق العيني للدعوى :

يمثل عمل المحكمة بإضافتها الظرف المشدد من تلقاء نفسها إلى الوقائع التي ينسب إلى المتهم ارتكابها خروجا واستثناءاً خطيراً على قاعدة تقييد المحكمة الجنائية بنطاق العيني للدعوى الجزائية، لأن قيام القاضي بإضافة عناصر جديدة ونسبتها الى المتهم يمثل خروجاً على مبدأ الحياد الذي يفترضه القانون في القاضي، لأن فعله ذاك يجعله إلى جانب الاتهام في مواجهة المتهم بل أن وضع القاضي عندها اذن أشد خطورة لأنه يفصل فيما إضافة بنفسه فهو مدع وحكم وليس كحال النيابة العامة (جهة التحقيق) والادعاء التي تتخذ وضع المدعي فقط بمعنى أن القاضي عندما يضيف ظرفاً مشدداً الى وقائع الدعوى فهو يدعي به ثم يقوم هو نفسه بالحكم وبتالي يجمع سلطة الاتهام والتحقيق مع سلطة الحكم . عليه فالتعارض واضح بين التقيد بالنطاق العيني للدعوى الجزائية وسلطة المحكمة في إضافة الظروف المشددة مما جعل الكثير من الاتجاهات الفقهية تعترض على تلك السلطة سواء باقتصار السلطة لمحكمة دون أخرى (جنايات عن جنح) أو بالنسبة لوضع المتهم الدفاعي والاعتراض بأن ذلك الظرف قد يضر بدفاع المتهم(54). وفي جميع الأحوال فإن فإننا نعتقد مع منطقية الحجج التي عرضها المعترضون عن سلطة المحكمة في إضافة الظرف المشدد، أن أهم ما يعيب تلك السلطة هو خرقها لمبدأ حياد القاضي، وبالتالي خروجها عن التقيد بالنطاق العيني للدعوى الجزائية الذي تجعل بها مبدأ حياد القاضي الأساس الفلسفي المسوّغ لها. وهذا ما جعلنا نضع موضوع إضافة الظرف المشدد كجزء من مطلب تغيير التهمة الذي يمثل أحد الاستثناءات المهمة على النطاق العيني للدعوى الجزائية .

 ب . سلطة محكمة الموضوع في إضافة الظرف المشدد كجريمة مستقلة :

قد يبرز للمحكمة اثناء نظرها للجريمة ظرف مشدد يتصل بالجريمة المنظورة، إلا أنه يمثل في ذلك الوقت جريمة مستقلة من حيث الأركان والوجود عن الجريمة الأصلية، وهنا تتضح درجة الصعوبة التي تتمثل في كيفية الموازنة بين ما يسمح به النص القانوني من جواز إضافة ا لظرف المشدد من جهة وبين عدم جواز إضافة أي واقعة جديدة احتراماً لقاعدة تقيد محكمة الموضوع بعينية الدعوى الجزائية .

وحتى يمكننا الوقوف على حقيقة تلك الظروف وما تمثله من استثناء مهم يرد على النطاق العيني من التعرض للنقاط الآتية :

1 . مفهوم الظرف كجريمة مستقلة :

هي جرائم متكاملة العناصر تصلح وحدها كجريمة ترفع عنها الدعوى الجزائية ابتداءاً وهي بذلك المفهوم لا تختلط مع مفهوم الظرف المشدد بمعناه الدقيق أي كعنصر تابع للجريمة الأصلية(55).ولا يختلف الظرف المشدد كجريمة مستقلة عن افعال الجرائم الأصلية والتي يلتحق بها ذلك الظرف المشدد من حيث العقاب، فكلاهما يخضع الفعل إلى نص من نصوص التجريم وكلاهما يتكون من أركان متكاملة، وما يشترط توافره في الجريمة الأصلية يتعين توافره أيضاً في الجريمة المكونة لهذا النوع من الظروف المشددة(56).       مثال تلك الظروف ارتكاب جريمة السرقة مقترنة بأحد افعالها انتهاك حرمة الغير مثل السرقة مع الكسر أو التسور أو حتى ا لسرقة بالضرب، أو ارتكاب جريمة القتل المقترن بجناية أو جنحة حيث تكون تلك الجناية أو الجنحة في محل ظرف مشدد وهي في الوقت نفسه جريمة بذاتها مستقلة مرتبطة مع الجريمة الأصلية ارتباطاً للغرض ذاته، وبالتالي فإن الظرف ا لمشدد كجريمة مستقلة له طبيعة خاصة ومتميزة عن الجريمة الأصلية(57).

2 . العلاقة بين الجريمة الأصلية والظرف المشدد كجريمة ( جريمة الظرف ):

كان هناك نقاش فقهي طويل حول حقيقة العلاقة بين الجريميتين، فقسم من الفقه اعترف بأن ا لعلاقة هي تعدد للجرائم، لكن أنكر وجود التعدد الحقيقي وانقسم في ذاته إلى تعدد للأوصاف أو تعدد صوري. أما الاتجاه الآخر فقرر ان  التعدد هو تعدد حقيقي، وليس تعدد أوصاف أو صوري، وليس هناك فرق بين التعدد الحقيقي واجتماع جريمة الظرف والأصلية إلا من حيث العقاب حيث الأول يقرر العقاب بالجريمة الأشد اما ارتباط الظرف مع الأصلية الداية مختلفة للردع وهي تنشد به القاب وليس الحكم بالأشد، وإن قال بعض الفقهاء في هذا الفريق أن القدر وإن كان حقيقي إلا أن الجريمتين مجتمعتان كوحدة واحدة بعقوبة واحدة مشددة.(58) .وحقيقة القول ان استثناءنا إلى ما قدمناه مسبقاً من ان الجريمة الأصلية مستقلة بأركانها وشروطها عن جريمة الظرف يحدد بشكل كبير تلك العلاقة فهي تعدد حقيقي للجرائم وليس معنوي لا يحدث فيه اندماج تام بين الجريمتين فكلاهما لها سلوك إجرامي وعناصر متكاملة مستقلة عن تلك الأخرى.

3 . سلطة المحكمة الجزائية في نظر الظروف المشددة كجرائم مستقلة :

من خلال تدقيق قانون الأصول الجزائية العراقي نجد أن هناك العديد من النصوص التي يمكن أن تُعمل المحكمة سلطتها في نظر الظروف المشددة كجرائم مستقلة ومنها نصوص المواد (190) و(191) (59). ومن خلال ما تقدم نرى ان سلطة محكمة الموضوع في إضافة الظرف المشدد كجريمة مستقلة الى حيثيات الاتهام إنما يكون بحد ذاته الخروج الأكبر ضرراً على مبدأ تقييد المحكمة الجنائية بالاتهام المقدم لها بما احتواه من تفاصيل حيث على المحكمة تعديل التهمة كاستثناء يحتوي على حالتين لإضافة الظرف المشدد كعنصر تبعي  وكجريمة مستقلة يكون في الأخير اكثر وضوحاً في انتهاك فإن التقيد لا يهدر في الجريمة التي  يكون فيها الظرف كعنصر تبعي للجريمة الأصلية . وهذا ما دعى الكثير من الفقهاء الى القول بعدم جواز إضافة الظرف المشدد كجريمة مستقلة الى الاتهام مستندين على مبدأ التقييد وعلى الطبيعة المستقلة للجريمتين.(60) وضمن سياق شرح سلطة المحكمة يظهر لنا التساؤل الآتي ما الحكم في حالة براءة المتهم من الجريمة الأصلية بالنسبة لجريمة الظرف من حيث استقلال كلا الجريمتين أساساً الفقه الفرنسي والمصري يفرق بين حالة دخول جريمة الظرف المشدد سلطة المحكمة أساس أم لا فاذا كان الدخول موجود فعند براءة المتهم يمكن محاكمته عن جريمة الظرف المشدد وحدها، أم إذا لم يكن الفعل الظرفي قد احيل إلى المحكمة أي ان المحكمة قد استظهرته فلا يمكن الحكم عليه، وإن اتجه جانب من القضاء المصري إلى الحكم في مثل هكذا حالة، أن قيام المحكمة بتلك السلطة الخطيرة إنما يهدد قاعدة التقييد بأن جعل للقاضي الجنائي أن يضيف ظرفاً مشدداً يُعد جريمة مستقلة متكاملة وبشكل مباشر دون إجراء أي تحقيق ابتدائي إلى مرحلة المحاكمة وبشكل مباشر كان الأجدر بالقضاء والفقه القانوني ان يضع تلك السلطة بالشكل الذي يوائم فيه تلك الإضافة أو الإدخال مع التفهم السليم للقاعدة تقيد محكمة الموضوع بالنطاق العيني للدعوى الجزائية، هذا مما يدل وبشكل واضح على عدم التفهم السليم لتلك القاعدة من قبل المدرسة الفرنسية عما هو عليه الحال في المدرسة الانكلوسكسونية الراعية للقاعدة(61). كان المشرع العراقي ذات المسلك الذي اتخذه المشرع الفرنسي والمصري في عدم الموائمة بين التطبيق السليم لقاعدة التقييد ومضمون سلطات المحكمة بخصوص تعديل التهمة بل زاد في ذلك اسلوب عرض تخويل المحكمة لسلطات التعديل الذي يبرز في مضمون المادة (190) بفقريتها حيث لم ينص صراحة على حق التعديل وإنما أورده بشكل مبهم خالط فيه بين تعديل التهمة وسحب التهمة وتوجيه تهمة جديدة، حيث نص فيه ( إذا تبين أن الجريمة المسندة الى المتهم أشد عقوبة من الجريمة التي وجهت إليه التهمة عنها أو كانت تختلف عنها في الوصف فعليها سحب التهمة وتوجيه تهمة جديدة تحاكمه عنها ) . عليه فإننا نرى ان من الأجدر قانوناً النص صراحةً على مثل هكذا استثناء مهم قد يسبب سوء فهمه إهدار قاعدة تقييد وعدم احترامها، وخير مثال يحتذى به للإشارة على التعديل نص المادة (308) من قانون الإجراءات الجنائية المصري التي تنص (للمحكمة تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة التي تثبت من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة وإن كانت لم تذكر بأمر الإحالة..)(62).

_________________

1- ينظر : عبد الرحمن خضر ، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ، بغداد، ج3، مطبعة الكتاب العربي، ط4، بدون سنة طبع ، ص289.

2- ينظر : عبد الأمير العكيلي ود. سليم حربة ، أصول المحاكمات الجزائية، مطبعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1981،  ص81.

3-  ينظر : د. سامي النصراوي ، دراسة في أصول المحاكمات الجزائية ، مطبعة دار الحكمة الموصل ، 1990 ، ص35.

4- ينظر : د. محمد ظاهر معروف، المبادئ الأولية في أصول الاجراءات الجنائية، ج1، دار الطبع والنشر الأصلية، بغداد، 1972، ص94.

5-  ينظر : د. عباس الحسيني ، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد، ج2، مطبعة الأرشاد، بغداد، 1980، ص105.

6- ينظر : د. ياسين خضير عباس المشهداني، التهمة وتطبيقها في القضاء الجنائي، دار الثقافة عمان، 2002 ، ص21 .

7- تنص الفقرة ( أ ) من المادة (187) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي السابقة ذكرها على أن: ( تحرر التهمة … يوقعها رئيس المحكمة أو القاضي )  .

8- ينظر : د. ياسين خضير عباس المشهداني ، المرجع السابق، ص25-26.

9- للتفصيل ينظر : د. ياسين خضير عباس المشهداني، المرجع السابق، ص23 وما بعدها، د. غالب عبيد خلف، التهمة توجيهها وتعديلها ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون ، جامعة بغداد ، 1996، ص17-35.

10- تنص المادة (190) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن : ( إذا تبين أن الجريمة المسندة الى المتهم أشد عقوبة من الجريمة التي وجهت إليه التهمة عنها أو كانت تختلف عنها في الوصف فعليها سحب التهمة وتوجيه تهمة جديدة تحاكمه عنها ) .

11- د. رؤوف عبيد ، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري ، ط8 ، مطبعة النهضة العربية ، القاهرة ، 1970 ، ص623، وينظر في هذا الخصوص د. فوزية عبد الستار ، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني ، دار النهضة العربية ، بيروت ، 1975 ، ص499.

12- ينظر : د. محمود عبد ربه القبلاوي ، التكييف في المواد الجنائية ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2003 ، ص308.

13- ينظر: د. محمود عبد ربه القبلاوي ، المرجع السابق، ص309.

14- ينظر: د. ياسين خضر عباس المشهداني ، التهمة وتطبيقها في القضاء الجنائي ، دار الثقافة ، عمان ، 2002 ، ص105.

15- ينظر: د. محمود محمود مصطفى ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، ط2 ، مطبعة جامعة القاهرة ، القاهرة ، 1988 ، ص404.

16- للمزيد من التفاصيل في هذا الجانب ينظر: د . محمود عبد ربه القبلاوي ، ص308 وما بعدها.

17- ينظر : د. رؤوف عبيد ، المشكلات العملية، المرجع السابق، ص246.

18- ينظر: د. محمود عبد ربه القبلاوي ، المرجع السابق، ص318.

19- تنص الفقرة ( أ ) المادة (190) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي السابق الإشارة إليها .

20- تعد جريمة صغرى لهذا الغرض كل جريمة أخف عقوبة من غيرها، بمعنى آخر هي كل جريمة فقد بعض عناصرها أو بعض نتائجها فالضرب المفضي إلى الموت جريمة صغرى من جريمة القتل العمد فقدت ركن تعمد القتل، وجريمة الشروع بالقتل العمل جريمة صغرى من القتل العمد، حيث تنص المادة (192) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن : ( إذا ظهر أن المتهم ارتكب جريمة صغرى بالنظر الى الجريمة التي وجهت إليه التهمة عنها فتمضي المحكمة في محاكمته وتصدر حكماً فيها دون حاجة لتوجيه تهمة جديدة إليه ويعتبر الشروع في الجريمة جريمة صغرى ) .

21- قد تشابه حالة التهمة المركبة حالة الجريمة الصغرى في أن المحكمة غير ملزمة بسحب التهمة على ان المتهم لا يضار في دفاعه طالما أن المحكمة قد وجهت التهمة إليه ابتداءاً وهي تضم كافة الأفعال الجرمية التي يحاكم عنها، لأن الجريمة تعد بمثابة جريمة صغرى، للتفصيل ينظر : الأستاذ عبد الأمير العكيلي ود. سليم حربة ، المرجع السابق، ص148.

22- تنص المادة (222) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن :  ( يحرر بما يجري في المحاكمة محضر يوقع القاضي أو رئيس المحكمة جميع صفحاته ويجب أن يشتمل على تاريخ كل جلسة وما اذا كانت علنية أم سرية وأسم القاضي أو القضاة الذين نظروا الدعوى والكاتب وممثل الإدعاء العام وأسماء المتهمين وباقي الخصوم ووكلائهم وأسماء الشهود وبيان الأوراق التي تليت والطلبات التي قدمت والإجراءات التي تمت والخلاصة القرارات التي صدرت وغير ذلك مما يكون قد جرى في المحاكمة ) .

23- تنص الفقرة (ج) من المادة (190) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن : ( يترتب على القرار بسحب التهمة نفس الأثر المترتب على الحكم بالبراءة منها ) .

24- عبد الأمير العكيلي و د . سليم حرية ، أصول المحاكمات الجزائية ، مطبعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1980 ، ص148.

25- تنص الفقرة (ج) من المادة (182) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن : ( إذا تبين للمحكمة أن الأدلة لا تكفي لإدانة المتهم فتصدر قراراً بإلغاء التهمة والإفراج عنه ) .

26- ينص البند (6) من الفقرة ( أ ) من المادة (259) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن : ( نقض الحكم الصادر بالإدانة والعقوبات الأصلية والفرعية وأية فقرة حكمية أخرى وبراءة المتهم أو إلغاء التهمة والإفراج عنه وإخلاء سبيله ) .

27- ينظر: د. غالب عبيد خلف ، التهمة توجيها وتعديلها ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد ، 1996 ، ص109 ، عبد الحميد الشواربي ، سلطة المحكمة الجنائية في تكيف وتعديل وتغيير وصف الاتهام ( فقهياً وقضائياً ) منشأة المعارف ، الإسكندرية م 1989 ، ص7.

28- ينظر: د. رؤوف عبيد ، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1978 ، ص246.

29- التماثل المقصود هو التماثل الذي يحدث بين الواقعة المرفوعة بها الدعوى والواقعة المحكوم بها بعد توجيه التهمة، وهو المفترض مسبقاً وإلا عد خروجاً عن مبدأ المحاكمة العادلة وحُكم بالبطلان.

30- ينظر: د. كاظم عبد الله الشمري ، حدود الدعوى الجزائية أمام محكمة الموضوع. بحث منشور في مجلة جامعة بابل المجلد (8) العدد (6) تشرين الثاني 2003، ص11.

31- تنص المادة (192) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي السابق الإشارة إليها .

32- تنظر المادة (191) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على أن : ( اذا وجهت التهمة عن جريمة مركبة من عدة أفعال ثم ظهر أن المتهم ارتكب جريمة بسيطة من الجرائم المكونة لها فتمضي المحكمة في محاكمته عنها وتصدر حكماً فيها دون حاجة لتوجيه تهمة جديدة) .

33- للتفصيل ينظر : د. كاظم عبد الله الشمري، حدود الدعوى الجزائية أمام محكمة الموضوع، المرجع السابق، ص12.

34- تنص الفقرة (ب) من المادة (406) من قانون عقوبات العراقي على أن : ( إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة أو مفرقعة أو متفجرة ) .

35- ينظر: د. كاظم عبد الله الشمري، حدود الدعوى الجزائية أمام محكمة الموضوع، مرجع سابق، ص13.

36- ينظر : د . محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط6 ، دار النهضة العربية  ، القاهرة ، 1989 ، ص820.

37- ينظر : د . كاظم عبد الله الشمري ، تفسير النصوص الجزائية ، المرجع السابق ، ص370 . وتنص الفقرة (1) من المادة (128) من قانون العقوبات العراقي على أن : ( الأعذار أما أن تكون معفية من العقوبة أو مخففة لها ولا عذر إلا في الأحوال التي يعينها القانون وفيما عدى هذه الأحوال يعتبر عذراً مخففاً ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناء على استفزاز خطير من المجني عليه بغير حق ) . وتنص المادة (60) من القانون ذاته على أنه : ( … أما إذا لم يترتب على العاهة في العقل أو المادة المسكرة أو المخدرة أو غيرها سوى نقص أو ضعف في الإدراك أو الإرادة وقت ارتكاب الجريمة عُد ذلك عذراً مخففاً ) .

38- وتنص المادة (24) من قانون العقوبات العراقي على أنه : ( لا يتغير نوع الجريمة إذا استبدلت المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف سواء كان ذلك لعذر مخفف أم لظرف قضائي مخفف ما لم ينص القانون على غير ذلك ) .

39- ينظر: د. عبد الحميد الشواربي ، المرجع السابق، ص99.

40- ينظر : د. مأمون محمد سلامة ، قانون العقوبات العام، ص221، أشار إليه: الدكتور محمود عبد ربه القبلاوي ، المرجع السابق، ص321.

41- ينظر: د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، قاعدة تقييد المحكمة الجنائية بالاتهام ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1973 ، ص302.

42- ينظر : د . كاظم عبد الله الشمري ، تفسير النصوص الجزائية ، المرجع السابق ، ص383 .

43- لمراجعة هذه الآراء ينظر: د.عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص305-307.

44- هناك تقسيمان للظروف المشددة فهي بحسب طبيعتها تنقسم الى ظروف مادية ( موضوعية ) إذا ما تعلقت بالجانب المادي للجريمة وظروف شخصية إذا تعلقت بشخصية الجاني حيث تظهر أحد التمييز بين النوعين فالمادية تشمل الفاعلين للجريمة والشركاء أما الشخصية فهي تسري على صاحبها فقط . وهناك ظروف مشددة عامة وظروف مشددة خاصة لجريمة معينة . مثل الظروف المشددة لجريمة القتل التي وردت في المادة (406) أما العامة فهي تلك التي تتوجه الى جميع الجريمة دون اختيار وقد نصت عليها المادة (135) من قانون العقوبات العراقي التي نصت في فقرتها . يعتبر من الظروف المشددة ما يلي :

1 . ارتكاب الجريمة بباعث دني .                                                         

2 . ارتكاب الجريمة بانتهاز فرصة ضعف إدراك المجني عليه أو عجزه عن المقاومة أو في ظروف لا يمكن الغير من الدفاع عنه . 

3 . استعمال طرق وحشية لارتكاب الجريمة أو التمثيل بالمجني عليه .                    

4 . استغلال الجاني في ارتكاب الجريمة صفته كموظف أو إساءته استعمال سلطته أو نفوذه المستمدين من وظيفته .  حيث أثرها على جسامة الجريمة فقسموها الى ظروف وجوبية التشديد وظروف جوازية .

45- ينظر: د.عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص304.

46- تنص المادة (51) من قانون العقوبات العراقي على أن : ( إذا توافرت في الجريمة ظروف مادية من شأنها تشديد العقوبة أو تخفيفها سرت آثارها على كل من ساهم في ارتكابها فاعلاُ كان أو شريكاً علم بها أو لم يعلم . أما إذا توافرت ظروف مشددة شخصية سهلت ارتكاب الجريمة فلا تسري على غير صاحبها إلا إذا كان عالما بها . أما ما عدا ذلك من الظروف فلا يتعدى أثرها شخص من تعلقت به سواء كانت ظروفاً مشددة أو مخففة ) .

47- ينظر: د.عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص305 وما بعدها، كتفصيل لترجيح المفهوم الضيق على المفهوم الواسع للظرف المشدد.

48- ينظر : د. محمد علي سويلم ، تكيف الواقعة الإجرامية ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق جامعة عين شمس ، 1999 ، ص203.

49- ينظر : د . علي حسين الخلف و د . سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1982 ، ص138 .

50- ينظر: د. عبد الحميد الشواربي ، المرجع السابق، ص99.

51- ينظر: د.عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق، ص313.

52- ينظر: د.عبد الحميد الشواربي ، المرجع السابق ، ص100 .

53- ينظر: د.عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص313 .

54- ينظر: د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص315.

55- ينظر: د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص320.

56- ينظر: د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق ، ص320.

57- تنص المادة (405) من قانون العقوبات العراقي على أن : ( من قتل نفساً عمداً يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت ) . وأما المادة (406) فتنص بفقراتها على الظروف المشددة الخاصة بجريمة القتل إذن هي تعد ظرفاً مشدداً كجريمة مستقلة عن المادة (405) ومثالها الفقرة (د) من المادة (406) التي تنص على أن : ( إذا كان المقتول من أصول القاتل ) . حيث تعد هذه الحالة ظرفاً مشدداً لجريمة القتل .

58- ينظر: د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي، المرجع السابق، ص324-328 .

59- تنص الفقرة ( أ ) من المادة (190) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي السابق الإشارة إليها .

60- للتفصيل ينظر: د. محمود عبد ربه القبلاوي ، المرجع السابق، ص342.

61- ينظر: د. عبد المنعم عبد الرحيم العوضي ، المرجع السابق، ص344 وما بعدها.

62- ينظر: د. رياض رمزي ، الحقوق الدستورية في قانون الإجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2003 ، ص199-200. ينظر نص المادة (308) من قانون الإجراءات الجنائية المصري .

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .