أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
9055
التاريخ: 29-1-2016
2614
التاريخ: 29-1-2016
4860
التاريخ: 10-5-2017
9347
|
نصت المادة (229) الأصولية على أن: "لا يكون الحكم الصادر من غير المحكمة الجزائية حجة أمام المحكمة الجزائية فيما يتعلق بصحة الواقعة المكونة للجريمة أو وصفها أو ثبوت ارتكاب المتهم إياها"(1). فهذه المادة تقرر قاعدة استقرت في الفقه وجرت عليها أحكام القضاء, ومؤداها أنه إذا أقيمت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية وصدر فيها حكم نهائي قبل رفع الدعوى الجنائية، فإن هذا الحكم لا تكون له حجية أمام القضاء الجنائي لا فيما يتعلق بإثبات وقوع الجريمة، ولا من ناحية صحة إسنادها إلى المتهم أو عدم صحته، ولا من ناحية وصفها القانوني, فيبقى للمحكمة الجنائية الحرية في تكوين عقيدتها في هذا الشأن دون أن تتقيد بالحكم المدني السابق صدوره من المحكمة المدنية(2). وعلة عدم تقيد المحكمة الجنائية بالحكم الصادر من المحكمة المدنية, هو أن القانون قد خول المحاكم الجنائية سلطة واسعة من الإثبات تكفل لها كشف حقيقة الواقعة كي لا يعاقب بريء أو يفلت مجرم من العقاب فترك لها الحكم في الدعوى حسب اقتناعها، وهذا ما يستوجب عدم تقييدها بالأحكام الصادرة من المحاكم المدنية التي تتبع طرق معينة في الإثبات, وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأن: "للمحكمة الجنائية أن تقضي بتزوير سند ومعاقبة مقترف التزوير بالرغم من صدور حكم بصحة هذا السند من المحكمة المدنية"(3), كما قضي بأن: "الحكم المدني الصادر بصحة الديون المدعى بأنها تشمل فوائد ربوية لا يكون له قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للدعوى الجنائية المرفوعة بشأن جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا المدعى به"(4). وبما أن الحكم في الدعوى المدنية لا تأثير له على الدعوى الجنائية, فكذلك لا يكون له تأثير فيما يتعلق بالمسائل المدنية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية ويكون للمحكمة الجنائية الفصل فيها بكامل حريتها على الرغم من سبق الفصل فيها من قبل المحاكم المدنية, لكن إذا كانت المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة الجنائية بحسب موضوعها (المسائل الفرعية), فيجب على المحكمة الجنائية أن توقف الفصل في الدعوى الجنائية حتى يفصل في تلك المسائل من قبل المحكمة المختصة, فالحكم الذي يصدر أو يكون قد صدر من المحكمة ا لمدنية يكون حجة أمام المحكمة الجنائية(5)gm, وهذا ما نصت عليه المادة (458) إجراءات جنائية مصرية التي ورد فيها: "تكون للأحكام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية في حدود اختصاصها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية في المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية", واستنداً على ذلك فإن حكم الطلاق الصادرة من المحكمة الشرعية يعد حجة للمرأة في دعوى الزنا, كذلك تكييف العقد الذي تم بناءاً عليه تسليم المال إلى المتهم هل هو عقد من عقود الأمانة أم لا, وتحديد ملكية المال المتنازع عليه, فهذه كلها مسائل فرعية يجب الفصل فيها وفقاً لقواعد القانون الخاص, فإذا سبق للمحكمة المدنية الفص فيها بحكم نهائي, فإن هذا الحكم يكون حجة أمام المحكمة الجنائية, والسبب في ذلك هو أن الفصل في المسائل المدنية العارضة هو أصلاً من اختصاص المحاكم المدنية(6). أما الأحكام التي تنشئ حالة قانونية كالحجز أو الإفلاس, فقد اختلف الفقه حولها(7)، فيرى البعض بأنها تكون حجة بالنسبة للأفعال التي تقع بعد صدورها لا السابقة عليها, ويرى البعض الآخر أن الحكم الصادر في مثل هذه الحالات لا تكون لها قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم الجنائية, سواءاً بالنسبة للحوادث السابقة أو اللاحقة أخذاً بالمبدأ القائل: "بأن الأحكام المدنية ليست حجة أمام المحاكم الجنائية", وهذا الرأي الأخير هو ما نؤيده. فإذا كان القضاء الجنائي غير ملزم التقيد بالأحكام المدنية وليس لها حجة عليه إلا فيما يتعلق بالمسائل الفرعية التي يجب الفصل فيها من قبل المحاكم المدنية, فإن القضاء المدني ملزم باحترام الأحكام الجنائية وعدم مخالفتها, وكل ذلك مرده إلى ما تتمتع به القواعد الجنائية الإجرائية من ذاتية خاصة, ولعل العلة في ذلك تكمن في توافر الضمانات المختلفة التي قررها المشرع في الدعوى الجنائية ابتغاء الوصول إلى الحقيقة فيها لارتباطها بأرواح الأفراد وحرياتهم وشرفهم واعتبارهم وأموالهم, الأمر الذي تتأثر به مصلحة الجماعة بشكل مباشر لا مصلحة فرد منها, مما يقتضي أن تكون الأحكام الجنائية محل ثقة على الإطلاق وأن تبقى آثارها نافذة على الدوام, وهذا يستلزم حتماً أن لا تكون هذه الأحكام معرضة في أي وقت لإعادة النظر في الموضوع الذي صدرت فيه حتى لا يجر ذلك إلى تخطئتها من قبل أي جهة من جهات القضاء.
___________
1- ويقابل هذا النص في التشريع المصري نص المادة (457) إجراءات جنائية.
2- ينظر: د. عمر السعيد رمضان, مبادئ قانون الإجراءات الجنائية, دار النهضة العربية, القاهرة 1967, ص209.
3- ينظر نقض مصري في 13 نوفمبر 1930, مجموعة القواعد القانونية, ج2, رقم 95, ص93, أشار إليه د. عدلي عبد الباقي, شرح قانون الإجراءات الجنائية, الجزء الثاني, دار النشر للجامعات المصرية, القاهرة 1953, ص626.
4- ينظر نقض مصري في 8 أبريل 1940, مجموعة القواعد الجنائية, ج5, رقم 91, ص165, أشار ليه د. عدلي عبد الباقي, المرجع السابق, ص626.
5- ينظر: المستشار محمد علي سكيكر, المدونة الجنائية الشاملة الميسرة, الجزء الثاني, منشأة المعارف, الإسكندرية 2005, ص1471.
6- ينظر: د. عمر السعيد رمضان, المرجع السابق, ص210.
7- في كل هذه الآراء ينظر: د. عدلي عبد الباقي, شرح قانون الإجراءات الجنائية, ج2, المرجع السابق, ص627.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|