أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2014
2193
التاريخ: 2023-05-05
1200
التاريخ: 17-9-2021
2475
التاريخ: 2023-10-09
2778
|
الاطلاق في اللغة: التخلية والارسال: اطلقت الأسير، أي خليته. وناقة طلق وطلق: لا عقال عليها، والجمع اطلاق، وبعير طلق وطلق: بغير قيد. فالطاء واللام والقاف اصل صحيح مطرد واحد وهو يدل على التخلية والارسال(1).
والتقييد في اللغة: من القيد: وهو واحد القيود. وقد قيدت الدابة. وقيدت الكتاب: شكلته. وهؤلاء اجمال مقاييد، أي مقيدات، يقال قيدته اقيده تقييدا، فالقاف والياء والدال كلمة واحدة وهي القيد وهو معروف ثم يستعار في كل شيء يحبس(2).
والمطبق والمقيد اصطلاحا: (المطلق الدال على الماهية بلا قيد، وهو مع المقيد كالعام مع الخاص قال العلماء متى وجد دليل على تقييد المطلق صير اليه والا فلا، بل يبقى المطلق على اطلاقه والمقيد على تقييده لان الله تعالى خاطبنا بلغة العرب. والضابط ان الله اذا حكم في شيء بصفة او شرط ثم ورد حكم آخر مطلقا نظر فان لم يكن له اصل يرد اليه الا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به وان كان له اصل غيره لم يكن رده الى احدهما باولى من الآخر)(3).
وبعبارة أوضح:
(المراد بالطلق في القرآن الكريم، هو اللفظ الذي لا يقيده قيد، ولا تمنعه حدود، ولا تحتجزه شروط، فهو جار على اطلاقه. والمقيد بعكسه تماما، فهو: الذي يقيد بقرينة لفظية دالة على معنى معين بذاته لا تتعداه الى سواه)(4). وهذه التعريفات للمطلق والمقيد لا تبتعد كثيرا في مؤداها عن المعنى اللغوي الذي انبثق عنه، وما يعني البحث هو ما يترتب منه على ما فهمه المفسرون من المطلق والمقيد والذي نتج عنه التنوع في التفسير، فالإطلاق تناول واحدا غير معين، والتقييد تناول واحدا معينا او موصوفا بوصف زائد، فقد يرى بعض المفسرين بقاء المطلق على اطلاقه، ومنهم من يقول بتقييد هذا المطلق بقيد معين:
مثال: ذلك عتق الرقبة في كفارة اليمين وكفارة الظهار، فقد وردت مطلقة: كما في قوله تعالى:
{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89].
وفي كفارة الظهار قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة : 3].
ووردت مقيدة كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92].
فحمل بعض المفسرين المطلق على المقيد وقالوا لا تجزئ الرقبة الكافرة، وابقى بعضهم المطلق على اطلاقه(5).
ويبقى المطلق على اطلاقه ما لم يرد ما يقيده، واذا دار اللفظ بين الاطلاق والتقييد في مورد واحد فانه يحمل على الاطلاق، لان الأصل بقاء الشيء على ما كان عليه(6) (كإطلاق صوم الأيام في كفارة اليمين، وقيدت بالتتابع في كفارة الظهار والقتل، وبالتفريق في صوم التمتع، فلما تجاذب الأصل تركناه على اطلاقه)(7)، اما لو جاء في مورد مطلقا وفي آخر مقيدا والمتعلق واحد حمل المطلق على المقيد، فان من عمل بالمقيد فقد وفي بالعمل بدلالة المطلق والمقيد، ومن عمل بالمطلق فقد عمل على وفق دلالة المطلق من دون ان يفي بالعمل بدلالة المقيد، فكان الجمع هو الواجب والأولى وهو العمل بالمقيد(8).
وامثلته في القرآن الكريم كثيرة، منها ما في قوله تعالى:
{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].
فالمقصود بـ(صدقاتهن) المهر، فالزم الله تعالى إعطاء المهر، لكنه مطلق من جهة انه على نحو الأجرة على البضع او هو ثمن ومثمن كالبيع والشراء او على نحو آخر، فقيده بقوله (نحلة).
ولما كان (صدقاتهن نحلة) مركبا من مطلق ومقيد، فانه دعا المفسرين الى انعام النظر والتأمل في المعنى المراد من خطاب الله تعالى وما هو المقصود بخطابه جل وعز، فمن تلك التفسيرات، قولهم:
1- النحلة: العطية، وهي الهبة من دون عوض من غير جهة مثانة(9). وذلك ان الاستمتاع مشترك بين الزوجين والزوج ينفرد ببذل المال، فكأنها تأخذه بغير عوض(10).
2- لم يرد بالنحلة العطية، وانما أراد بالنحلة الانتحال وهو التدين، لأنه يقال: انتحل فلان مذهب كذا أي دان به، فكانه تعالى قال: ((وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)) أي تدينا(11).
3- النحلة: عطية من الله تعالى في شرعنا للنساء، لان في شرع من قبلنا كان المهر للأولياء، وان لا يحبس الاولياء المهور اذا قبضوها(12).
4- النحلة: عطية من الله تعالى في شرعنا للنساء، ومراد الخطاب منع المتشاغرين من الشغار(13)، والالتزام بجعل النكاح بمهر، الا ما اختص بالنبي (صلى الله عليه واله)(14).
5- ان النحلة حال من المعطي وهو الزوج، أي يعطيها مهرها كملا ان دخل بها، ونصفه ان لم يدخل(15).
6- النحلة: عطية: من الأزواج لهن وانتصابها على المصدر، والاعتراض على الانتصاب على الحالية، فالحال قيد للعامل فيلزم كون الايتاء قيدا للإيتاء، والشيء لا يكون قيدا لنفسه، ورد بان النحلة ليست مطلق الايتاء بل هي نوع منه(16).
7- ان النحلة هو وصف للصدقات، أي يكون الاعطاء تبرعا من دون مخاصمة ولا مطالبة منهن(17).
8- النحلة دين وشريعة ومذهب، ويكون انتصاب (نحلة) على انه مفعول لأجله، أي لأجل الدين والشريعة..(18).
9- ان النحلة بمعنى الانتحال وهو إضافة الشيء الى من ليس هو له(19).
10- النحلة: المسماة المعلومة من بيان اوصافها وحدودها وتعدادها(20).
11- النحلة: الواجب بمعنى انه لا ينبغي نكاح المراة الا بصداق واجب، أي لا يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق(21).
12- النحلة: ما نحلة رسول الله (صلى الله عليه واله) للنساء من ثبوت المهور لهن على الرجال(22).
فبالرغم من اتفاقهم على هذا التقييد اختلف تنوع فهمهم وافاداتهم من ناتج التقييد، فكيف وهذا التقييد قد جاء متصلا؟ بيد ان التقييد قد يكون بأدوات مختلفة، وقد يكون منفصلا يخضع لسياقات متغايرة، فقد يختلف المفسرون(23) في اصل التقييد، بمعنى ان منهم من يرى المطلق قد قيد بقيد معين قد لا يراه الآخر صالحا لتقييد ذلك المطلق، كالقيود التي افترضها بعضهم قيودا توضيحية او تقبيحية او غالبية او لازمة او للتأكد.. وبعضهم عدها قيودا احترازية، واختلافهم في حد الغلبة، بانه متى يعد القيد غالبيا؟ هل المدار على العرف ام العرف الخاص او غير ذلك.
كما قد يقع الاختلاف عند تعدد المطلقات في جملة ورد فيها قيد واحد، فهل يقيد الأخير من المطلقات ام يسري على الجميع؟ وقد يتفرع على ذلك أمور كثيرة، مما حفز اذهان المفسرين على إطالة التأمل وتتبع الاحتمالات مع اختلاف أدوات كل مفسر واستعداداته، مما خلف ثروة طائلة في التفسير.
ـــــــــــــــــــ
1) ينظر: الجوهري – الصحاح ج4/ 1518 وابن منظور – لسان العرب =10/ 226 وابن فارس – معجم مقاييس اللغة =3/ 420.
2) ينظر: الجوهري – الصحاح ج2/ 529 وابن فارس ج5/ 44.
3) السيوطي – الاتقان ج2/ 82.
4) محمد حسين علي الصغير – (مصطلحات أساسية في علوم القرآن/5) محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا – 2006- جامعة الكوفة.
5) ينظر: الجصاص – احكام القرآن: 3/ 568.
6) ينظر: الطوسي – عدة الأصول: 1/ 333 – 335 ومحمد تقي الرازي – هداية المسترشدين: 2/ 95.
7) ينظر: الزركشي – البرهان: 2/ 17.
8) ينظر: الآمدي – الاحكام: 3/ 4.
9) ينظر: الطوسي – التبيان: 3/ 109.
10) ينظر: الطبرسي – مجمع البيان: 16.
11) ينظر: الراوندي – فقه القرآن: 2/ 102.
12) ينظر: الآلوسي – تفسير الآلوسي: 4/ 198.
13) نكاح الشغار: ان يزوج الرجل ابنته من رجل على ان يزوجه ابنته، وكلتاهما بغير مهر، وهو من انكحة الجاهلية التي ابطلها الإسلام. محمد قلعجي – معجم لغة الفقهاء: 263.
14) ينطر: الطبري – جامع البيان: 4/ 321 والثعالبي – تفسير الثعالبي: 2/ 166 – 170.
15) ينظر: الطوسي – التبيان: 3/ 109 والقرطبي – تفسير القرطبي: 5/ 24.
16) ينظر: أبو السعود – تفسير ابي السعود: 2/ 143.
17) ينظر: الرازي – تفسير الرازي: 9/ 180.
118) ينظر: أبو السعود – تفسير ابي السعود: 2/ 143.
119) ينظر: الرازي – تفسير الرازي: 9/ 180.
20) ينظر: البغوي – تفسير البغوي: 1/ 392.
21) ينظر: ابن كثير – تفسير ابن كثير: 1/ 462.
22) ينظر: السيوطي – الدر المنثور: 2/ 119 – 120.
23) ينظر: أبو حيان الاندلسي – تفسير البحر المحيط: 1/ 335 و 606 وج3/ 169 وج6/ 391 والرازي – تفسير الرازي: 10/ 58 والزركشي – البرهان: 3/ 394 والآلوسي – تفسير الآلوسي: 1/ 258 وج2/ 38 وج4/ 198 وج5/ 43 وج6/ 114 -66 وج15/ 172 وج19/ 156 والطباطبائي – الميزان: 8/ 246 وج16/ 211 و 335 وج19/ 194.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|