المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

السمات الأساسية للمنهج التجريبي
9-3-2022
في ما يعمل لأمن من السفر
22-04-2015
بابل والبابليون
31-10-2016
الحسن بن محمد بن أحمد الحذاء
23-3-2017
معايير تقييم وتخطيط الخدمات الصحية - المعايير الوصفية والكمية العامة- معيار صيدلي- شخص
2023-02-16
q-Sine
31-8-2019


بقية قصةِ هجرةِ النبيّ  
  
3238   11:15 صباحاً   التاريخ: 4-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص602-604.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

انتهت المراحلُ الاُولى لنجاة رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وفق تخطيط صحيح بنجاح فقد لجأ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) في منتصف اللّيل إلى غار ثور واختبأ فيه وبذلك أفشل محاولة المتآمرين عليه.

ولقد كان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) طوال هذا الوقت مطمئناً لا يحسُّ في نفسه بأيّ قلق أو إظطراب حتّى انه طمأن رفيقَ سفره عندما وجده مضطرباً في تلك اللحظات الحساسة بقوله : لا تَحْزَنْ اِنَّ اللّه مَعَن .

وبقي هناك ثلاث ليال محروساً بعين اللّه تعالى ومشمولا بعنايته ولطفه وكان يتردّد عليه (صـلى الله علـيه وآله) في هذه الاثناء علىٌ (عليه‌ السلام) وهند ابن ابي هالة ( ابن خديجة ) على رواية الشيخ الطوسي في أماليه وعبد اللّه بن أبي بكر وعامر بن فهيرة راعي اغنام أبي بكر ( بناء على رواية كثير من المؤرّخين ).

يقول ابن الاثير : كان عبد اللّه بن ابي بكر يتسمَّع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلا وكان يرعى غنمه نهاره على مقربة من الغار وكان إذا غدا من عندهما عفى على أثر الغنم .

يقول الشيخ الطوسي في أماليه : عند ما دخل علي (عليه‌ السلام) وهند على رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) في الغار ( بعد ليلة الهجرة ) أمر رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) عليّاً أن يبتاع بعيرين له ولصاحبه فقال أبو بكر : قد كنتُ أعددت لي ولك يا نبي اللّه راحلتين نرتحلهما إلى يثرب.

فقال رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : إني لا آخذهما ولا أحدهما إلاّ بالثمن. ثم أمر (صـلى الله علـيه وآله) عليّاً (عليه‌ السلام) فدفع إليه ثمن البعيرين .

وكان من جملة وصايا رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) لعليّ (عليه‌ السلام) في الغار في تلك الليلة ان يؤدي أمانته على أعين الناس ظاهراً وذلك بأن يقيم صارخاً بالابطح غدوة وعشياً : ألا من كان له قبل محمّد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤدِ إليه أمانته .

ثم أوصاه (صـلى الله علـيه وآله) بالفواطم ( والفواطم هن : فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) الحبيبة لديه والأثيرة عنده وفاطمة بنت أسد اُمّ عليّ (عليه‌ السلام) وفاطمة بنت الزبير ومن يريد الهجرة معه من بني هاشم ) وأمره بترتيب أمر ترحيلهم معه إلى يثرب وتهيئة ما يحتاجون إليه من زاد وراحلة.

وهنا قال (صـلى الله علـيه وآله) عبارته الّتي تذرَّع بها ابن تيمية في دليله الأول : انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بامر تكرهه حتّى تقدم عليَّ .

فالملاحظ للقارئ هو أن رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إنما قال هذه العبارة عندما أمره باداء أمانته وذلك بعد انقضاء قضية ليلة المبيت.

أي انه أمر علياً بذلك وقال له تلك العبارة وهو يتهيّأ للخروج من غار ثور.

يقول الحلبي في سيرته : وصى رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) في احدى الليالي وهو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته واداء امانته ظاهراً على اعين الناس .

وثم ينقل عن مؤلف كتاب الدر ما يقتضي انه اجتمع به عند خروجه من الغار.

وخلاصة القول : انه مع رواية شيخ جليل من مشائخ الشيعة الامامية كالشيخ الطوسي بالاسناد الصحيحة أن الأمر بردّ الودائع والامانات صدر من جانب النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) إلى عليّ (عليه‌ السلام) بعد ليلة المبيت لا يحقّ لنا أن نعارض هذا النقل الصحيح ونعمد إلى الهاء العامة بالتوافه وأما رواية مؤرخي اهل السنة هذا المطلب بشكل آخر يوحي ظاهرُه بأن جميع وصايا النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) لعليّ تمت في ليلة واحدة هي ليلة الهجرة ( ليلة المبيت ) فقابلٌ للتفسير والتوجيه لأنه لا يبعد أن عنايتهم كانت مركزة على رواية أصل الموضوع ولم يكن لظرف صدور هذه الوصايا والأوامر ووقت بيانها اهمية عندهم.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.