أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-10-2021
2040
التاريخ: 6-9-2017
2159
التاريخ: 24-4-2017
2011
التاريخ: 10-7-2019
3018
|
تبلغ العادات التربوية والتمارين الاصلاحية المتواصلة درجة من القوة في التأثير بحيث تتغلب على الصفات الوراثية وتحدث وضعا جديدا في الافراد، يقول الإمام علي (عليه السلام) بهذا الصدد:(العادة طبع ثان)(1).
ان الرئتين في الإنسان خلقتا لاستنشاق الهواء، فالذي يدخن السيجارة لأول مرة، ويرسل دخانها الى اعماق رئتيه يحس باضطراب عجيب، اذ يحس بدوار في رأسه، يبدأ بالسعال، تنتابه حالة التقيؤ تملأ الدموع عينيه، وهكذا ينقلب حاله على اثر الدخان وهذا بديهي، لان الرئة لم تصنع للدخان بل للهواء النقي. ولكن بتكرار التدخين تعتاد الرئة على الدخان، وتتخلى عن طبعها الأولي الذي كان ينفر من الدخان. وهكذا ينقلب ما كان يبعث على النفور والاضطراب الى اداة للتسلية والترويح عن النفس وهنا نقول بان الرئة قد تربت على استنشاق الدخان، وعلى اثر التكرار حصلت على طبع ثانوي وتركت طبعها الأول، ولهذا السبب فإنها ترتاح لعملها غير الطبيعي وتستمر عليه، ان الانبياء لم يأتوا لان يحولوا المجانين الوراثيين الى عقلاء، او يجعلوا من البلداء الفطريين نوابغ. لان هذا لا يمكن ان يحدث... لان الانبياء يريدون ان يخضعوا البشر الى مراقبة ايمانية وعملية في خصوص الصفات القابلة للتغيير على ضوء التربية الصحيحة، لإيصالهم الى السعادة والكمال الإنساني اما بالنسبة الى الذين ينتمون الى اصول عائلية شريفة فينمون فيهم قابليتهم ومواهبهم ويخرجون الفضائل الكامنة من مرحلة الاستعداد الى مرحلة الفعلية لكيلا ينحرفوا عن الصراط المستقيم في مسير حياتهم. ويحفظوا ثروتهم الوراثية العظيمة من الملكات والفضائل، لكيلا يقعوا في هوة الفساد والجهل والطيش على اثر مصاحبة الفساد والجهال الطائشين، واما بالنسبة الى الذين ورثوا الصفات البذيئة من ابويهم فيعمل الانبياء على اطفاء الاستعدادات الكامنة نحو الفساد الموجودة فيهم بالتربية الصحيحة التدريجية واتخاذ الاساليب الاخلاقية الدقيقة. وبذلك يخرجونهم من طبائعهم الاولى الى طبائع جديدة حاصلة من احياء الخير والصلاح في نفوسهم وتكون النتيجة ان يحوز هؤلاء على درجة لا باس بها من الكمال.. هذا العمل امر ممكن من نظر العلم والدين. فما اكثر اولئك الذين كانوا متصفين بصفات رذيلة ثم زرع الاسلام في نفوسهم بذور الخير والصلاح واقتلع جذور الشر والفساد، فوصلوا بفضل التربية الاسلامية الرصينة الى اوج السعادة. (لوحدانية الانسان اصل مزدوج. فهي تأتي في وقت واحد من تركيب البويضة التي ينشأ منها كذلك من تطوره ونموه وقت تاريخه.. ان الخصائص الوراثية في البويضة ليست الا ميولا او امكانيات وهذه الميول تصبح حقيقية او تظل تقديرية تبعا للظروف التي تواجهها النطفة. فالطفل، ثم المراهق، ابان نموهم... وهكذا يتوقف اصل الانسان على الوراثة والنمو معا. ولكننا لا نعلم ما هو الدور الذي يلعبه كل منها في تكويننا هل الوراثة اكثر اهمية من النمو. او العكس؟.. ان الملاحظات والتجارب تعلمنا ان الدور الذي تلعبه الوراثة والنمو يختلف في كل فرد. وان قيمتها النسبية لا يمكن تحديدها عادة)(2)، ويرى العلماء ان التربية عامل قوي جداً حيث تقدر احيانا على ان توقف عمل الخواص الوراثية السيئة وتعود بالأفراد الى طريق السعادة والكمال وقد لا تعطي التربية نتيجة حتمية كاملة... وهذا يتبع الخصوصيات الفطرية للأفراد حيث انها متفاوتة، ولكن الثابت اننا يجب ان ننظر الى جميع الافراد بعين القابلية ويحتمل ان تؤثر فيهم الاساليب التربوية الصالحة. فان كانت هناك استعدادات كامنة للخير والكمال فأنها تظهر بفضل التربية الصالحة وتخرج من مرحلة القوة الى مرحلة الفعل (3) كما يقول : (الاستعداد بالدقة، فيجب علينا ان نفترض انه مناسب وان نتصرف تبعا لذلك. فمن المحتم ان يتلقى كل فرد تعليما يؤدي الى نمو صفاته المحتملة الى ان يتبين بصفة قاطعة ان هذه الصفات غير موجودة)(4).
وبما ان الاسلام لم تفته صغيرة ولا كبيرة، من الوسائل المؤدية بالبشر الى السعادة والكمال، لم تفته هذه الناحية فركز تعاليمه الروحية على اسس التربية الصالحة، وان الاسلام يدعو جميع الناس من أي طبقة كانوا الى الايمان والطهارة، ولذلك فهو يرى كل فرد ـ مهما كانت خصائصه العائلية الوراثية واستعداداته الفطرية - قابلا لتلقي الايمان والخلق الفاضل.. وهو لا يخيب امل أي فرد، بل يحاول البحث في اعماق فطرته للوصول الى القيم الحية التي يمكن ان تنمي وتستخرج من بين زوايا النفس وتجلي فتبعث على الحياة من جديد.
_____________
1ـ غرر الحكم ودرر الكلم ص19.
2ـ الانسان ذلك المجهول ص194.
3ـ الطفل بين الوراثة والتربية : ص129.
4ـ الانسان ذلك المجهول ص198.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|