أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-3-2016
7344
التاريخ: 1-2-2021
2619
التاريخ: 20-3-2016
5434
التاريخ: 20-3-2016
7152
|
ان المصلحة المحمية في جريمة انتهاك حرمة المسكن هي احترام حق الانسان في خصوصيته وهي واحدة من اهم مقومات الحرية الفردية(1) ، سواء ارتكب الجريمة احد الافراد ام ارتكبها احد ممثلي السلطة العامة (الموظف العام) ، ولما كانت الحرية قيمة انسانية معنوية، فالمشرع لا يحمي حرية المكان وانما يحمي حرية الانسان ، اذ ان حرية الانسان في اختيار مسكنه وحريته في تغييره مظهراً لحماية الحق لحرمة المسكن ، ومن ثم فان حرية المسكن ترتبط بحرية الفرد في التنقل من مكان الى اخر(2) ، وعلى ذلك فالاعتداء عليها قد يكون نموذجاً بجريمة اخرى غير تلك الجريمة التي تحمي حرمة المسكن بوصفها احد جوانب الحرية الفردية . فضلاً عن ان هناك فارقاً بين المصلحة محل الحماية والهدف من حماية ذلك المحل ، فالمصلحة المتمثلة بالحفاظ على الامن والسكينة والهدوء انما هي نتائج لحماية الحـرية الفردية ، فالحرية الفردية هي محل الحماية في جريمة انتهاك حرمة المسكن ، اما الامن والسكينة والهدوء فهي نتائج لتلك الحماية ، وعليه فوجود الحق في حرمة المسكن ليس رهنا بالقانون ، بل ان حمايته فقط توجب تدخل القانون لاقراره ثم حمايته من الاعتداء عليه ، كما ان حرمة المسكن ليست ضرورة لممارسة جانب كبير من حقوق الانسان فحسب ، بل هي نتيجة لممارسة تلك الحقوق في المكان الخاص(3) . ولتحديد مدلول الركن الخاص في هذه الجريمة يجب امعان النظر الى صاحب هذا الحق، اذ انه حق شخصي يولد مع الانسان ويكتسبه لمجرد كونه انساناً ويبقى محتفظاً به في المجتمع ، ولا يجوز لسـلطة ما ان تنزعه منه ، على الرغم من انه حق نسبي ، بمعنى انه قد يحدث ما يستوجب تقيده بصفة مؤقتة من اجل المصلحة العامة ، الا ان هذا القيد رهن بواقعة معينة ، ويخضع لضوابط محددة ، لذلك الحق في حرمة المسكن لا يمنع من تفتيش المسكن ، متى توافرت ضوابط هذا التفتيش(4) . فضلاً عن ان حرمة المسكن من الحقوق الفردية ، بمعنى ان ممارسة هذا الحق تقتضي ان يترك الانسان منعزلاً في مسكنه ، فلا يتصور ان يتمتع الانسان بحرمة المسكن ما لم يترك وشانه منفردا بحياته واسراره الخاصة التي يريد الا يطلع عليها احد . ولما كان الفاعل في الجريمة هو مرتكب الفعل الذي تتوافر فيه جميع عناصر الركن المادي كما عرفه القانون(5) وفي هذه الجريمة هو كل شـخص ليس له الحق في الدخول او في البقاء في المسكن ، ولكن هناك حالات قد تكون محلاً للجدل ، ومن هنا سنبين صفة الجاني في كل من نموذجي جريمة انتهاك حرمة المسكن :الجاني في جريمة انتهاك حرمة المسكن التي يرتكبها الفرد : صفة الجاني في هذه الجريمة محل البحث ركن من اركانها بانتفائها لا تقوم الجريمة ، فعناصر الجريمة هي التي تتحقق بالسلوك الاجرامي للفاعل والتي لا غنى عنها لاكتمال النموذج القانوني لها ، غير ان هناك حالات قد تكون محلا للجدل ، مثل مالك المسكن المؤجر ، فالمؤجر يمنح المستأجر حق السكن فيه ، ثم يكتسب الاخير تبعا لذلك حماية القانون حتى في مواجهة ذلك المالك ، فالساكن له الحق في ممارسة حريته دون ازعاج ، فالقانون لا يحمي الملكية ولا يحمي الاشياء انما يحمي امن الشخص وسـكينته في مكان سكنه ، بوصفها من الوسائل التي تكفل ممارسة حريته الفردية ، ومن ثم لا يحق للمالك دخول هذا المسكن اواحد ملحقاته دون سبب مشروع لذلك كأن يحتفظ بحق مشترك على هذه الملحقات بوصفها ملحقات مسكنه الاخر ، ومن ثم فهي تمثل جزءاً من مسكنه ، وتبعا لذلك لا يمكن ان يكون فاعلا في الجريمة بدخوله او بقائه في أي من تلك الملحقات ، وكذلك الحال بالنسبة الى اجراء الاصلاحات او الترميمات او غيرها(6) ، مما ينص عليه عقد الايجار .اما بالنسبة الى الشريك فينبغي التفرقة بين ان يكون السكن مشتركا بين اكثر من شخص، وبين ان يكون كل شخص ساكن مستقلاً عن الاخر ، فبالنسبة الى الحالة الاولى : القاعدة ان من له حق الدخول او البقاء في المسكن لا يمكن ان يصبح فاعلا في جريمة انتهاك حرمة المسكن ومثال ذلك : الغرفة التي يستأجرها اكثر من شخص لا يرتكب أي منهم اعتداء على حرمة المسكن طالما انه لم يفقد الحق في السكن فيها ، كما هو الحال في المنزل العائلي(7) .
يمكن الاشارة في هذا المقام الى مسألتين ، الاولى ان صفة الجاني في هذه الجريمة ليست شرطاً موضعياً للعقاب ، على أساس ان الشرط الموضعي للعقاب هو كل حدث غير مرتبط بنشاط الجاني وغير مؤكد تحققه في المستقبل ، ولكنه ضروري لاكتمال الشكل القانوني للجريمة والعقاب عليها(10) ، لذا فان صفة الجاني في الجريمة محل البحث ليست حدثاً مستقبلياً بل هي سابقة على الفعل او معاصرة لوقوعه ، وهي صفة مؤكدة في الجاني ، فضلاً عن ان شرط العقاب دائما عنصر خارجي عن السلوك الفردي كما يرتكبه الفاعل ، وجوهري من اجل عقابه ، في حين ان صفة الجاني هنا متعلقة بشخص الفاعل وهي ليست امراً لازماً للعقاب على الفعل ، فعدم توافرها لا يعني عدم العقاب على الفعل ، بل انعدامها يؤدي الى العقاب تحت نص اجرامي اخر(11) . اما المسألة الثانية فهي ان صفة الجاني ركن من اركان هذه الجريمة ، ذلك ان المشرع حينما يستلزم في النص التجريمي الاصلي وقوع الجريمة في ركنها المادي من شخص معين له صفة خاصة ، انما يراعي في ذلك اعتبارات معينة تتعلق بذات الفعل الاجرامي ، أي ان المشرع يقدر خطورة ذلك الفعل ، ويقرر له العقاب بالنظر الى شخص مرتكبه (12) . ومن ثم فان الصفة التي يتخذها الجاني في هذه الجريمة هي صفة الموظف العام(13) ، على الرغم من ان بعض (14) الفقه تردد بشأن تعريف الموظف العمومي بين الاخذ بمفهوم القانون الاداري له ، وبين الاخذ بالمفهوم الواسع باعتبار ان القانون الجنائي له ذاتية مستقلة ، غير ان الراجح في الفقه(15) ان الموظف العام في القانون الجنائي أوسع من تعريف القانون الاداري له ، اذ انه يحدد وفقا للمعيار الموضوعي ، بمعنى ان من يباشر الوظيفة العامة يعد موظفاً عمومياً في عرف المشرع الجنائي بصرف النظر عن العلاقة القانونية التي تربط الشخص بالجهة العامة(16) .
________________
1- ينظر : د. عبد الوهاب العشماوي ، حرمة المسكن وحصانته وقضاء المحكمة الدستورية العليا ، مجلة الامن العام ، العدد (106) ، السنة (27) ، 1984م ، ص 4 .
2- ينظر : د. حمدي عبد الرحمن ، فكرة الحق ، ص 64 .
3- ينظر : د. حامد راشد ، الحماية الجنائية للحق في حرمة المسكن (دراسة مقارنة) رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1987م ، ص109 .
4- راجع الفصل الثالث من هذه الاطروحة.
5- ينظر : د. احمد فتحي سرور، أصول قانون العقوبات، القسم العام، ط (2)، دار النهضة العربية،القاهرة، 1972م ، ص522 ، وينظر: كذلك د. مأمون محمد سلامة ، قانون العقوبات/ القسم العام ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1979م ، ص86 .
6- ينظر : د. حامد راشد ، مصدر سابق ، ص 178 .
7- ينظر : قرار محكمة النقض الايطالية الذي اشار اليه د. حامد راشد ، مصدر سابق ، ص179 والمتضمن اعتبار الأبنة المتزوجة فاعلاً في انتهاك حرمة المسكن ، لانها دخلته رغم ارادة والديها ، اذ ان حقها في المسكن قاصر على منزل الزوجية .
8- ينظر : د. احمد فتحي سرور, الوسيط في قانون الإجراءات، ج(1) دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص459 ، وينظر كذلك : د. مأمون محمد سلامة ، الاجراءات الجنائية في التشريع الليبي ، ط (1) ، مطبعة دار الكتب ، بيروت ، 1971م ، ص 494 .
9- ينظر : د. حامد راشد ، مصدر سابق ، ص179-180 .
10- وللتفرقة بين الشروط المفترضة في الجريمة والشروط الموضوعية للعقاب ينظر : في عرض الاتجـاه ، د. عبد العظيم مرسي وزير ، الشروط المفترضة في الجريمة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1983م، ص27 وما بعدها .
11- ينظر : د. حامد راشد ، مصدر سابق ، ص 181-182 .
12- ينظر : د. مامون محمد سلامة ، جرائم الموظفين ضد الادارة العامة في ضوء المنهج الغائي ، مجلة القانون والاقتصاد ، العدد الاول ، السنة (39) ، 1969م ، ص157 .
13- تنص المادة (19/2) من قانون العقوبات العراقي على : " المكلف بخدمة عامة : كل موظف او مستخدم اوعامل انيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه والوزراء واعضاء المجالس النيابية والادارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين (السنديكيين) والمصفين والحراس القضائيين واعضاء مجالس ادارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشات التي تساهم الحكومة او احدى دوائرها الرسمية وشبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت ، وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة باجراء بغير اجر ، لا يحول دون تطبيق احكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة انتهاء وظيفته او خدمته او عمله متى وقع الفعل الجرمي اثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة فيه" . كما ان بعض التشريعات تنص صراحة على ان يكون الجاني موظفاً عاماً او مستخدماً ، او مكلفاً بخدمة كما اشارت الى ذلك المادة (128) من قانون العقوبات المصري ، وكذلك المادة (181) من قانون العقوبات الاردني.
14- ينظر : د. عبد المهيمن بكر ، القسم الخاص من قانون العقوبات / الجرائم المضرة بالمصلحة العامة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1976م ، ص 35 . هامش رقم (1) .
15- ينظر : د.سليمان محمد الطماوي ، القضاء الاداري ، (قضاء التأديب) بدون مكان نشر،1971، ص99.
16- ينظر : د. مأمون محمد سلامة ، جرائم الموظفين ضد الادارة العامة في ضوء المنهج الغائي، مجلة القانون والاقتصاد ، العدد الاول ، السنة (39) ، 1969م ، ص 158 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|