المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

صالح بن كيسان
19-8-2016
العوامل المؤثرة في النقل - العوامل الطبيعية- المناخ
3-2-2023
Ashing Filter Papers
17-4-2017
تفاعلات هاليد الألكيل
27-12-2016
What information about a genetic condition can statistics provide
14-10-2020
اصل المعينيين وموقعهم الجغرافي
11-11-2016


القيمة التربوية للأولاد عند الإمام زين العابدين (عليه السلام)  
  
3510   10:41 صباحاً   التاريخ: 21-4-2017
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : التربية الفاشلة وطرق علاجها
الجزء والصفحة : ص156-163
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / مفاهيم ونظم تربوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2019 2183
التاريخ: 17-2-2017 7685
التاريخ: 10-1-2021 2606
التاريخ: 29-4-2017 2640

يظهر في هذا الدعاء المبارك اهتمام الإمام (عليه السلام) بصلاح الأولاد ويطلب من الله تبارك وتعالى أن يعينه على ذلك , وهو يعطينا الحافز الكبير للاهتمام بهم ورعايتهم :

قال (عليه السلام) : اللهم ومُنَّ عليَّ ببقاء ولدي وبإصلاحهم وبإمتاعي بهم إلهي امدد لي في إعمارهم وزد لي في آجالهم ورب لي صغيرهم وقو لي ضعيفهم وأصِحَّ لي أبدانهم وأديانهم وأخلاقهم وعافهم في أنفسهم وفي جوارحهم وفي كل ما عُنيتُ به من أمرهم و أدرر لي وعلى يدي أرزاقهم واجعلهم أبرارا أتقياء بصراء سامعين مطيعين لك ولأوليائك محبين مناصحين و لجميع اعدائك معاندين ومبغضين آمين اللهم اشدد بهم عَضُدي وأقم بهم أودي وكثر بهم عددي وزين بهم محضري وأحيي بهم ذكري واكفني بهم في غيبتي وأعني بهم على حاجتي واجعلهم لي محبين وعليَّ حدبين مقبلين مستقيمين لي ، مطيعين غير عاصين ولا عاقين ولا مخالفين ولا خاطئين وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم وهب لي من لدنك معهم أولادا ذكورا واجعل ذلك خيرا لي واجعلهم لي عونا على ما سألتك و أعذني وذريتي من الشيطان الرجيم فإنك خلقتنا وأمرتنا ونهيتنا ورغبتنا في ثواب ما أمرتنا ورهبتنا عقابه وجعلت لنا عدوا يكيدنا سلطته منا على ما لم تسلطنا عليه منه أسكنته صدورنا وأجريته مجاري دمائنا لا يغفل إن غفلنا ولا ينسى إن نسينا يؤمننا عقابك ويخوفنا بغيرك إن هممنا بفاحشة شجعنا عليها وإن هممنا بعمل صالح ثبطنا عنه يتعرض لنا بالشهوات وينصب لنا بالشبهات إن وعدنا كذبنا وإن مَنَّانا أخلَفَنا وإلا تصرف عنا كيده يضلنا وإلا تقنا خباله يستزلنا اللهم فاقهر سلطانه عنا بسلطانك حتى تحبسه عنا بكثرة الدعاء لك فنصبح من كيده في المعصومين بك اللهم أعطني كل سؤلي واقض لي حوائجي ولا تمنعني الاجابة وقد ضمنتها لي ولا تحجب دعائي عنك وقد أمرتني به وامنن علي بكل ما يصلحني في دنياي واخرتي ما ذكرت منه وما نسيت أو أظهرت أو أخفيت أو أعلنت أو أسررت واجعلني في جميع ذلك من المصلحين بسؤالي اياك المنجحين بالطلب إليك غير الممنوعين بالتوكل عليك المعوذين بالتعوذ بك الرابحين في التجارة عليك المُجارين بعزك الموسع عليهم الرزق الحلال من فضلك الواسع بجودك وكرمك المعزين من الذل بك والمجارين من الظلم بعدلك والمعافين من البلاء برحمتك والمغنين من الفقر بغناك والمعصومين من الذنوب والزلل والخطاء بتقواك والموفقين للخير والرشد والصواب بطاعتك والمحال بينهم وبين الذنوب بقدرتك التاركين لكل معصيتك الساكنين في جوارك اللهم اعطنا جميع ذلك بتوفيقك ورحمتك و أعذنا من عذاب السعير وأعط جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات مثل الذي سألتك لنفسي ولولدي في عاجل الدنيا وآجل الاخرة إنك قريب مجيب سميع عليم عفو غفور رؤوف رحيم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (1) .

ـ شرح دعاء الإمام (عليه السلام) :

قال الشيخ محمد جواد مغنية : قوله (عليه السلام) : (اللهم ومن علي ببقاء ولدي) يتمنى الوالد طول الحياة لولده ؛ لأنه امتداد لوجوده , وذكره , وأجله ,وعمره (وبإصلاحهم لي) اجعلهم من أهل الإيمان , والصلاح كي يطيعوك شاكرين , ويسمعوا مني غير عاصين (وبإمتاعي بهم ...)

التقوى بهم في شيخوختي , ويخدموني في ضعفي , وعلتي (ورب لي صغيرهم) مدني بالعون

من فضلك على تربيتهم تربية صالحة نافعة .

قوله (عليه السلام) : (وقو لي ضعيفهم ,وأصح ...) أسألك يا إلهي أن يكون أولادي بالكامل أصحاء أقوياء , ,أبرار أتقياء ... وليس معنى هذا أن يهمل الوالد شأن أولاده بالمرة , ويترك تدبيرهم لله وهو واقف ينظر , ويتفرج , بل معناه أن يأخذ للأمر هبته من أجلهم , ويكافح بلا كلل , وملل , في سبيلهم متوكلا على الله مستعينا به في التوفيق , وبلوغ الغاية , والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا , كيف ! وقد أمر بالجهاد , والنضال وقال فيما قال : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }[التوبة:105] , وندد بمن يعيش كلا على سواه في الآية: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }[النحل:76]

وما من شك أن من ترك الكدح , والعمل من طاقته , وقدرته بزعم الاتكال على الله ـ فقد تمرد على أمره تعالى, ووضع رأيه فوق مشيئة الخالق, وإرادته من حيث يريد, أو لا يريد, وتواتر عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله): (اعقلها وتوكل) (2), وقال حكيم قديم : (إن الله سبحانه أمرنا بالتوكل عليه في العمل لا في البطالة , والكسل) (3) .

وبكلام آخر إن التربية من صنع الإنسان, ولها اسس, وقوانين تماما كالصناعة, والزراعة وغيرهما , والإمام (عليه السلام) في دعائه هذا يسأل الله سبحانه أن يمهد له السبيل الى التنفيذ, والقيام بما فرضه عليه من تربية الِأولاد, والعناية بهم, والكدح من أجلهم, وسبق الكلام عن ذلك (4), وايضا قد يأتي بأسلوب ثالث , أو رابع .

قوله (عليه السلام) : (وأدرر لي وعلى يدي أرزاقهم) ما داموا صغارا , وأطفالا حتى إذا بلغوا أشدهم سعوا في الأرض وأكلوا من كد اليمين. وفيه إيماء الى أنه ينبغي للإنسان أن يحتاط ويحترز من أن يترك ايتاما بلا مال , ولا راع ، وكفيل , وفي الحديث : (إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) .

وقريب منه قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].

وأجهل خلق الله بالله , ودينه , وسنته , وشريعته , من ترك العلاج للشفاء, والسعي للرزق زاعما - بلسان حاله, وأفعاله – أنه قد أخذ من الله عهدا أن يعطيه ما يحتاج بمجرد نية التوكل دون أن يسرح , ويتزحزح ! إن الله سبحانه هو الذي يشفي المريض, ما في ذلك ريب, ولكن بالعلاج, ويطعم الجائع, ولكن بالسعي تماما كما يخلق الحيوان من النطفة, والشجرة من النواة, والليل, والنهار من دوران الأرض... وهكذا كل ما في السماوات, والأرض من أسباب ومسببات, ترد الى السبب الأول كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:2، 3] قوله (عليه السلام) : (عضدي) العضد : الساعد وهو من المرفق الى الكتف, والمراد به هنا القوة, والمساعدة, قال سبحانه: {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [القصص:35]

أي يساعدك ويعينك (أوَدِي): ثقلي , وحملي , قال عز من قائل :{وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] أي لا يثقله حفظهما (حدبين):مشفقين ...

قوله (عليه السلام): (واعذني وذريتي...) واضح وتقدم (5) . قوله (عليه السلام) : (فإنك خلقتنا وأمرتنا...) خلق سبحانه الإنسان, ومنحه العقل, والقدرة, والحرية, وبهذه العناصر الثلاث مجتمعه يستحق الثواب على الطاعة, والعقاب على المعصية (ورهبتنا عقابه) أي خوفتنا عقاب عصيان ما أمرتنا به, ونهيتنا عنه (وجعلت لنا عدوا) وهو الوسواس الخناس الذي يغلي في الصدور من الحقد, والحسد , والعزم على غيرهما من المآثم ... والدليل على إرادة هذا المعنى قوله: (أسكنته صدورنا, وأجريته مجاري دمائنا) , أما قوله: (سلطته منا على مالم تسلطنا عليه) فمعناه أن هذا الوسواس الخبيث لا هو يذهب من تلقائه , ولا نحن نستطيع الفرار منه... وهذا صحيح لا ريب فيه, ومن أجل ذلك لا يحاسب سبحانه, ويعاقب على أي شيء يدور, ويمور في النفس من الافكار , والنوايا السوداء إلا إذا ظهرت, وتجسمت في قول, أو فعل .

قوله (عليه السلام): (يؤمننا عقابك) يضمن لنا الأمن , والأمان من غضبك , عذابك (ويخوفنا بغيرك) ومن ذلك أن الله سبحانه قال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}[البقرة: 267], والنفس الأمارة, أو الوسواس يخوفنا الفقر, إن أطعنا, وأنفقنا (إن هممنا بفاحشة شجعنا عليها...) يشير بهذا الى جهاد النفس التي تحاول التغلب بالهوى على العقل, والتقوى (ويصب لنا بالشبهات) وأظهر لنا الأفكار الخاطئة التي تلبس الحق ثوب الباطل , والباطل ثواب الحق , وتوقع السذج البسطاء في الشك , والحيرة .

قوله (عليه السلام): (إن وعدنا كذبنا...) قال سبحانه وتعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[النساء:120] (وإلا تصرف عنا كيده يضلنا) اقتباس من الآية : {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[يوسف:33] أي إن لم تعني على نفس أكن من الجاهلين (وإلا تقنا خباله): فساده (يستزلنا) يوقعنا بالزلل, والخطايا (فأقهر سلطانه عنا بسلطانك...)هب لنا من لدنك صبرا عن الحرام , ونصرا على الهوى حتى لا نعصيك في جميع الحالات (تحبسه عنا بكثرة الدعاء لك) حثثت على الدعاء, ووعدت بالإجابة, وقد دعونا أن تصد عنا كل مكروه, وتوسلنا بك, وأكثرنا, فكن لدعائنا مجيبا, ومن ندائنا قريبا .

قوله (عليه السلام): (اللهم أعطني كل سؤلي... ) مطلوبي وهو قضاء حوائجي , فقد أنزلتها بك دون سواك (ولا تمنعني الإجابة , وقد ضمنتها لي) بقولك: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: 60], ثم بين الإمام (عليه السلام) هذه الحوائج بقوله: (وامنن علي بكل ما يصلحني...) هذا هو هم المؤمن, وهمته: الصلاح , وعمل الخير في الدنيا, والنجاة , والخلاص في الآخرة , لا التكاثر, والتفاخر (ما ذكرت منه , وما نسيت...) واضح , وتقدم مثله (6) .

قوله (عليه السلام): (واجعلني في جميع ذلك من المصلحين بسؤالي إياك...) أسترشدك بدعائي بكل ما فيه صلاحي في الدنيا, وفوزي في الآخرة (غير الممنوعين بالتوكل عليك أنت يا إلهي تسمع الشاكين إليك, ولا تمنع المتوكلين عليك, وأنا منهم, وأيضا أنا من (المعودين بالتعوذ بك) لقد عوذت الذين يتعوذون بك , ويلوذون , أن لا تردهم خائبين (الرابحين في التجارة عليك) أي منك كقوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}[المطففين: 2] أي من الناس, والمجرور متعلق بالراجين, والمعنى من عمل صالح لوجه الله تعالى زاده من فضله والإمام يسأل الله أن يجعله من العاملين له لا لسواه , ومن (المجارين بعزك) : المحفوظين بعناية الله, وحراسته (الموسع عليهم الرزق الحلال...) ولا شيء أجل وأحل من لقمة يأكلها المرء بكدحه, وسعيه لا بالرياء ورداء الصلحاء .

قوله (عليه السلام) : (المعزين من الذل بك ) أي بطاعتك , وكم من أناس طلبوا العز بالنسب, والثراء والخداع والرياء فاتضعوا, وذلوا (والمجارين من الظلم بعدلك) أجرني بعدلك , وقدرتك من كل ظالم (والمعافين من البلاء برحمتك...) ارحمني برحمتك, وامنن علي قبل البلاء بعافيتك , وأيضا اغنني بفضلك عن الناس , وأبعدني بعنايتك عن الخطأ والخطيئة , ووفقني للعمل

بطاعتك...

وكل ذلك تقدم مرارا وتكرار . وأخيرا اجعلني في الآخرة من (الساكنين في جوارك) ومن سكن في جوار العظيم الكريم فهو في حرز حارز , وحصن مانع من كل سوء .

قوله (عليه السلام): (اللهم اعطنا جميع ذلك...) إشارة الى كل ما تقدم من صحة الأبدان, والأديان الى وفرة الأرزاق, والسكنى في جوار الرحمان (وأعط جميع المسلمين, والمسلمات...) ختم الإمام دعاءه هذا بالرجاء أن يوفق سبحانه , ويسهل السبيل الى ما ذكر , وسأل لنفسه  ولذويه, وأهل التوحيد؛ لأن من أخص خصائص المؤمن أن يكون متعاونا مع الجميع, وفي الحديث :(للمؤمن على أخيه المؤمن ثلاثون حقا... ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه) (7) .

(المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائل الأعضاء بالسهر والحمى)(8) هذا, الى أن العلاقة ما بين أفراد المجتمع الواحد حتمية لتشابك المصالح, ووحدة المصير, انتهى.

____________

1ـ الدعاء الخامس والعشرون من الصحيفة السجادية .

2- انظر , صحيح الترمذي : 4/77 فتح الباري : 3/304 , الجامع الصغير م 1/180 , كنز العمال ك 3/101 ح 5687 و5695 , شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 20 / 306 , صحيح ابن حبان 2/ 510 .

3- انظر المبسوط للسرخسي : 30/247 .

4- انظر , الدعاء العشرون من الصحيفة . 

5- انظر, الدعاء الثالث والعشرون من الصحيفة .

6- انظر , الدعاء الثاني والعشرون من الصحيفة .

7- انظر كتاب الاختصاص للشيخ المفيد : 234 , أمالي الطوسي : 478 , المجموع 9/153 , المحلى : 11/143 .

8- روي هذا الحديث بألفاظ جاء في حواشي الشرواني :9/189 , كتاب المؤمن , 38 ح 85 , الكافي : 2/166 , شرح اصول الكافي : 9/34 , العهود المحمدية :588 , البداية والنهاية : 7/47 , فيض القدير شرح الجامع الصغير : 3/235.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.