أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2017
6538
التاريخ: 25-3-2022
2534
التاريخ: 14-2-2019
2972
التاريخ: 2024-09-09
275
|
يحمل القادة الالهيون العظماء وأصحاب الرسالات السماوية على كواهلهم مسؤوليات كبرى ومهام عظمى تلازم ـ في الأغلب ـ التعرض للمتاعب والمصاعب والعذاب وتحمل الأذى بل وربما التعرض للقتل والاغتيال وكلما كبرت الاهداف عظمت المشاكل والمتاعب.
وعلى هذا الاساس فان نجاح القادة الرساليّين يتوقف على مدى صبرهم واستقامتهم في وجه الاتهامات والمضايقات وفي وجه الأذى والعذاب؛ لأن الصبر والتحمل في جميع مراحل الجهاد والعمل هو الشرط الاساسيّ للوصول إلى المقصود وإلى تحقيق الهدف المنشود والغاية المطلوبة.
من هنا ليس لقائد حقيقي أن يخشى كثرة العدو وليس له ان ينسحب أو يضعف لقلّة الاتباع والمؤيدين وبالتالي ليس له أن يقلق للنوائب فتخور عزيمته أو ترخو إرادته مهما عظمت حلق البلاء واشتدت ومهما تزايدت أو تواترت.
إنّنا نقرأ في تاريخ الأَنبياء وقصصهم اُموراً يعسر على الإنسان العاديّ هضمها ويصعب تصوُّرها.
فعن نوح النبيّ (عليه السلام) نقرأ أنه دعا قومه تسعمائة وخمسين عاماً ولم تنتج هذه الدعوة الطويلة المضنيةُ سوى قلة من المؤمنين والمؤيدين الذين لم يتجاوز عددهم الواحد والثمانين وهذا يعني أنه لم يوفق في كل اثنى عشر عاماً الا لهداية شخص واحد.
إنَّ إرادة الصبر وقوَّة التحمّل والتصبر تظهر لدى الإنسان شيئاً فشيئاً فلابدّ أن تتلاحق حوادثٌ صعبةٌ ولابد أن يمرَّ المرء بنوائب مزعجة حتّى تأنس روحُه بالأمور الثقيلة والقضايا الصعبة.
لقد قضى رسولُ (صـلى الله علـيه وآله) شطراً من حياته قبل البعثة في رعي الغنم في الصحاري والقفار ليكون بذلك صبوراً في تربية الناس الذين سيكلَّف بقيادتهم وهدايتهم وليستسهل كل صعب في هذا المجال.
إن ادارة المجتمع البشريّ من أصعب الأمور الّتي تواجه القادة ورجال الاصلاح، والمقدرة على الإدارة هذه لا تسنح ولا تتهيَّأ لأَحد إلاّ بعد مزاولة الاُمور الصعبة وممارسة الأعمال الشاقة وربما يكون قيام النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) برعي الغنم من هذا الباب ولهذا جاء في الحديث:
ما بَعثَ اللّهُ نَبيِّاً قَطُّ حَتّى يَسْتَرْعيْه الغَنم ليُعلّمهُ بذلِكَ رعْيَةَ النّاسِ .
لقد قضى النبيُّ (صـلى الله علـيه وآله) شطراً من عمره الشريف في هذا المجال وينقل كثيرٌ من ارباب السير والمؤرخين هذه العبارة عنه (صـلى الله علـيه وآله) : ما مِنْ نَبيّ إلاّ وَقَدْ رَعى الغَنم قِيْلَ : وَأَنتَ يا رَسُول اللّه؟
فقال : أنا رَعيْتُها لأَهْل مَكَّة بِالقَراريْطِ .
إنَ شخصية عظيمة يُفتَرضُ فيها أن تواجه ـ في المستقبل ـ أشخاصاً عنودين كأبي جهل وابي لهب وأن تصنع ممن انحطت أفكارهم حتّى أنهم سجدوا لكل حَجر ومَدر أفراداً لا يخضعون لأي شيء سوى ارادة الحق ومشيئته لابدَّ أن تتسلح قبل ذلك بسلاح الصبر وتتجهز بأداة التحمل وتتزود مسبقاً بقدرة الاستقامة على طريق الهدف وهذا لا يكون إلاّ بتعويد النفس على هذه الصفات وحملها على مشاق الاعمال .
ويمكن أن نذكر هنا سَبباً آخر أيضاً وهو ان رجلا حرّ النفس والعقل كرسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) تجري في شرايينه وعروقه دماء الغيرة والشجاعة كان يشق عليه ان يشاهد كل ذلك الظلم والحيف الّذي كان يمارسه طغاة مكة وعتاة قريش وزعماؤها الظالمون القساة بحق الضعفاء والمحرومين وكذا كان يشق عليه ان يرى تظاهرهم بالعصيان والفسوق في حرم اللّه وعند بيته المعظم.
إن اعراض سُكّان مكة عن عبادة اللّه الواحد الحق وطوافهم حول تلك الأصنام الخاوية هي ـ بلا ريب ـ أسوأ واقبح ما يكون في نظر الرجل الفاهم والعاقل العالم واثقل ما يكون عليه.
من هنا رأى النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) أن يقضي ردحاً من الزمن في الصحاري والقفار وعند سفوح الجبال الّتي كانت يومئذ بعيدة بطبيعة الحال عن تلك المجتمعات الفاسدة وأحوالها وأوضاعها ليستريح ( أو يتخلص ) بعض الشيء من آلامه الروحية الناشئة مِن رؤية تلك الأوضاع المزرية والأحوال المشينة.
على أَنَّ هذا الأمر لا يعني أن للرجل المتقي أن يسكت على الفساد والظلم ويقرّ عليهما.
ويفرّق بين حياته وحياة الآخرين ويعتزل عنهم ويتخذ موقف اللامبالاة تجاه الأوضاع المنحرفة والاحوال الشاذة بل ان النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) لما كان مأموراً من جانب اللّه سبحانه بالسكوت والانتظار؛ لأنه لم تكن ظروف البعثة والهداية قد توفرت وتهيأت بعد لذلك اتخذ (صـلى الله علـيه وآله) مثل هذا الموقف.
ولقد كان هذا العمل ( أي الاشتغال برعي الاغنام في البراري والقفار وعند السهول وسفوح الجبال ) فرصة جيدة؛ لأن يتمكن النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) من النظر في خلق السماوات والتطلع في النجوم والكواكب وأحوالها وأوضاعها وبالتالي الامعان في الآيات الأنفسية والآفاقية التي هي جميعاً من آيات وجود اللّه تعالى ومن مظاهر قدرته وحكمته وعلمه وإرادته.
ان قلوب الأنبياء والمرسلين مع أنها منوَّرة بمصابيح المعرفة المشرقة ومضاءة بأنوار الايمان والتوحيد منذ بدء فطرتها وخلقتها ولكنهم مع ذلك لا يرون انفسهم في غنىً عن النظر في عالم الخلق والتفكر في الآيات الالهية إذ من خلال هذا الطريق يصلون إلى أعلى مراتب الايمان ويبلغون اسمى درجات اليقين وبالتالي يتمكنون من الوقوف على ملكوت السماوات والأرضين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|