أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-29
180
التاريخ: 2023-05-06
1310
التاريخ: 22-04-2015
2177
التاريخ: 2023-03-23
1173
|
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة : 9].
استدل
المحقق الكاشاني في رسالته بالآية الشريفة على عينية وجوب الجمعة ، فقال : اتفق المفسرون
على ان المراد بالذكر المأمور بالسعي اليه في الآية ، صلاة الجمعة ، او خطبتها ، او
هما معاً ، كما نقله غير واحد من العلماء.
فكل
من تناوله اسم الايمان مأمور بالسعي اليها ، واستماع خطبتها وفعلها ، بعض الاوقات فعليه
الدليل ، قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ، وفي الآية مع الامر الدال على الوجوب ضروب
التأكيد وانواع الحث ما لا يخفى.
قال
زين المحققين الشهيد الثاني في رسالته التي الفها في تحقيق هذه المسألة واثبات الوجوب
العيني في زمان الغيبة ، وبسط القول فيه بما ملخصه.
ان تعليق
الامر في الآية انما هو على النداء الثابت شرعيته لفريضة الوقت ، اربعا كانت او اثنتين
، وحيث ينادي لها يجب السعي الى ذكر الله ، وهو صلاة الجمعة ركعتين واستماع خطبتها
، وكأنه قال : اذا نودي للصلاة عند الزوال يوم الجمعة فصلوا الجمعة ، او فاسعوا الى
صلاة الجمعة وصلوها.
قال
: وهذا واضح الدلالة لا اشكال فيه ، ولعله السر في قوله تعالى : «فاسعوا الى ذكر الله» ولم يقل فاسعوا اليها ، وانما علقه
على الاذان حثاً على فعله لها ، حتى ذهب بعضهم الى وجوبه لها لذلك.
وكذا
القول في تعليق الامر بالسعي ، فانه امر بمقدماتها على ابلغ وجه ، واذا وجب السعي اليها
وجبت هي ايضا بطريق الاولى ، ولا معنى لا يجاب السعي اليها مع عدم ايجابها ، كما هو
ظاهر (1) انتهى كلامه.
اقول
: وبالله التوفيق (2) « اذا » الشرطية ليست بناصبة
في العموم لغة ، لكونها من سور المهملة ، ودعواهم ان المستعملة في الآيات الاحكامية
تكون بمعنى « متى » و« كلما » فتفيد العموم عرفاً ، نحو {إِذَا
قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة : 6] {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل : 98]
{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا} [النساء
: 86] غير مسلمة.
وعموم
الاوقات في الايات ليس لدلالتها عليه ، بل للأجماع والاخبار.
والمراد
بالنداء الاذان ، يعني : اذا اذن في يوم الجمعة للصلاة. واللام فيها للعهد ، والمعهود
صلاة الظهر المذكورة في قوله { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ} [الإسراء : 78] وامثالها.
وهي
ـ اي : الظهر ـ اول صلاة صلاها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وهي الصلاة الوسطى
التي خصها الله من بين الصلوات اليومية بالأمر بالمحافظة
عليها
، بعد الامر بالمحافظة على الجميع ، كما دلت عليه الاخبار وصرحت به الاخيار.
وذلك
لان اللام منها لا يحتمل ان يكون للجنس ولا للاستغراق ، وهو ظاهر ، ولا للعهد الذهني
؛ لانه موضوع للحقيقة المتجددة في الذهن ، وارادة الفرد المنتشر منه محتاجة الى القرينة
، وليست فليست ، مع انه غير مستلزم للمطلوب ، فتعين كونه للعهد الخارجي ، ولا عهد في
موضع من القرآن بصلاة الجمعة.
فان
قلت : العهد الخارجي على ثلاثة اقسام : الذكري ، وهو الذي تقدم لمصحوبه ذكر ، نحو
{أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل : 15 ، 16] والعلمي
، وهو الذي تقدم لمدخوله علم ، نحو { بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ
طُوًى} [طه : 12] {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}
[الفتح : 18] لان ذلك كان معلوما عندهم. والحضوري ، نحو {الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة : 3] فيجوز ان يكون المراد هنا الثاني
، اذ لا مانع له دون الاول.
قلت
: هذا مع انه خارج عن موضع استدلالهم انما يصح ان لو ثبت بطريق صحيح ان نزول الآية
انما كان بعد علمهم بوجوب صلاة الجمعة ، واشتهارها وشيوعها فيما بينهم ، ودون ثبوتها
خرط القتاد.
وكيف
لا؟ وهم انما يثبتون اصل وجوبها بالآية ، فكيف يصح هذا الاحتمال والحال هذه ؟ بل صرح
بعض مثبتي وجوبها بأنها ما كانت معهودة ولا مشروعة قبل نزولها.
هذا
و« من » : اما للابتداء ، وعلامته صحة ايراد « الى » او ما يفيد معناه في
مقابلتها
، اي : اذا نودي ناشئاً من مؤذني يوم الجمعة الى الصلاة ، فعليكم السعي الى ذكر الله
، فاللام هنا مفيدة لمعنى الانتهاء ، كالباء في قولنا « اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
».
واما
بمعنى « في » كما اومأنا اليه ، فانه في الظروف كثيراً ما يقع بمعناه ، {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت : 5] وكنت من
قدامكم ، ولعله من اظهر الوجوه ، فان المراد بالنداء هنا ما يقع في وسط الجمعة وعرضه
، لا ما يقع في اوله وابتدائه ، تأمل فيه.
واما
للتعليل ، مثله { مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا
نَارًا} [نوح : 25] ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (3).
واما
للتبيين ، وهو اظهار المقصود من امر مبهم ، فهو هنا بيان لـ « اذا » لان قولك وقت نداء
الصلاة « وجب عليكم السعي اليها » مبهم ، فاذا قلت : الذي هو يوم الجمعة ، ظهر المقصود
ورفع الابهام.
واما
للتبعيض ، ومعناه : اذا نودي بعض يوم الجمعة.
واما
زائدة على القول بجوازها في الآيات.
وفي
الآية صنوف التأكيد وضروب الحث والمبالغة في طلب الخير والاستباقة اليه ، حيث عبر عن
الذهاب الى ذكر الله بالسعي المفيد للإسراع في المشي والمبالغة فيه ، ثم امر بترك البيع.
ثم قال
: السعي والترك انفع لكم عاقبة ان كنتم من اهل العلم ، وهو مشعر بأن من لم يفعلهما
فهو ليس من اهله ، بل هو ممن لم يميز بين الخير والشر والصلاح والفساد ، ولم يفرق بين
الضار والنافع.
ولعل
الوجه فيه ان يوم الجمعة يوم مبارك مضيق على المسلمين ، وهو يوم العمل والتعجيل ، وفيه
ساعة مباركة لا يسأل الله عبد مؤمن فيها شيئاً الا اعطاه ، وفيه يضاعف العمل ، ويغفر
للعباد ، وينزل عليهم الرحمة ، من وافق منكم يوم الجمعة فلا يشتغلن بشيء غير العبادة.
ولكن
الناس لما لم يحيطوا به علماً ، وكانوا فيه من الزاهدين ، ومنه ومن فضائله من الغافلين
، حثهم عليه وامرهم بترك جميع اسباب المعاش في ذلك الوقت ، وقال « هو خير لكم » لان
ما عندكم ينفد وما عند الله باق ، والعاقل لا يؤثر الفاني على الباقي.
هذا
والاضافة في ذكر الله للعهد ، لان تعريفها باعتباره ، لا تقول غلام زيد الا لغلام معهود
باعتبار تلك النسبة ، لا لغلام من غلمانه ، وإلا لم يبق فرق بين النكرة والمعرفة ،
والمعهود هو الصلاة ، لانه لم يسبق غيرها.
ولذلك
قال المستدل قدس سره بعد ما بلغ الى درجة الفهم والانصاف ، وتخلى عن التعصب والاعتساف
في تفسير الصافي وهو كاسمه : فان الاسماء تنزل من السماء « فاسعوا الى ذكر الله » يعني
الى الصلاة ، كما يستفاد مما قبله ومما بعده.
ولم
يقيدها بالجمعة ، ولا استدل بها على وجوبها ، بل اكتفى بذكر نبذ من الاخبار ، كما هو
دأبه في هذا التفسير ولذلك وضعه.
ثم قال
: والاخبار في وجوب الجمعة اكثر من ان تحصى (4).
وقد
عرفت ان المراد بالصلاة في الآية هو الظهر ، فمن ادعى ان المراد بالذكر صلاة الجمعة
او خطبتها ، او هما معاً ، فعليه الدليل ، قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين.
وبالجملة
الاستدلال بالآية على وجوبها العيني موقوف على اثبات تلك
لما تقرر في الاصول من ان الخطابات العامة المشافهة الواردة على لسان الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ليست خطابات لمن بعدهم ، وانما يثبت حكمها لهم بدليل آخر من نص او اجماع او غيرهما ، واما بمجرد الصيغة فلا.
فالآية بانفرادها لا تدل على وجوبها العيني في هذا الزمان ، بل لا بد في الدلالة عليه من انضمام امر آخر من نص او اجماع ، وهما غير ظاهرين.
__________________
(1)
الشهاب الثاقب : 15 ـ 16.
(2) الغرض من هذا التفصيل الايماء الى كيفية الاستدلال بالآية ، وطريقة الاستنباط منها ، وفيه تعريض على المستدل ، فان المراد بكون آية مثلاً دليلا على حكم ، انه يستنبط من منطوقها او مفهومها ذلك الحكم ، ويستدل بها عليه بعد العلم بضوابط الاستدلال من غير ان يستعان فيه بقول زيد وعمرو « منه ».
(3) عوالي اللآلي : 1 / 44 ح 55.
(4) الصافي : 5 / 175.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|