أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-7-2019
3019
التاريخ: 4-7-2021
2817
التاريخ: 20-4-2017
3471
التاريخ: 26-6-2019
2414
|
هناك فرق بين التربية والاخلاق، مع ان الاخلاق نفسها نوع من التربية، وهي بمعنى اكتساب خلق حالة وعادة، اذن فما هو الفرق بين التربية والاخلاق؟ ان التربية... تشير الى مفهوم التنمية والبناء فقط، ومن جهة نظر التربية لا يوجد فرق في كيفية التربية، أي انه في مفهوم التربية لم تقحم القداسة كي نقول: ان (التربية) معناها تنمية الشخص بنحو يتمكن معه على خصائص ترفعه عن مستوى الحيوان، بل ان التربية الروحية تربية ايضاً. وهذه الكلمة تطلق على الحيوانات ايضا فبالإمكان تربية الكلب ليكون سلوكه جيدا مع صاحبه، وليكون حارسا للماشية من خطر الذئب او لحراسة البيت، فكل هذه الامور تربية. وان هذه الجيوش التي تشكلها اغلب الدول الاستعمارية من الجناة الذي يدربون على الاجرام، بنحو لا يتورعون معه من ارتكاب أي جريمة ويمتثلون لكل امر من دون ان يفكروا فيه، ان هذا العمل تربية ايضاً. واما في مفهوم الاخلاق فقد لوحظت القداسة، ولذا لا تستعمل كلمة الاخلاق في الحيوانات فمثلا لو انهم قاموا بتربية حصان، فلا يقال لهم انهم علموه الاخلاق؛ لان الاخلاق مختصة بالإنسان، ويمكن فيها نوع من القداسة ولذا لو اردنا ان نتكلم بحسب المصطلح علينا ان نقول: ان فن الاخلاق وفن التربية ليسا متحدين بل توجد اثنينية بينهما، فان فن التربية يطلق حينما يكون المراد مطلق التنمية ، باي صورة كانت وهذا يكون تابعا للهدف لتنميته واما علم الاخلاق أو فن الاخلاق فلا يكون تابعاً لأغراضنا حتى نقول: إن الاخلاق هي اخلاق كيفما قضت التنمية والانشاء، كلا فان هناك لونا من القداسة في مفهوم الاخلاق، فعلينا ان نجد الملاك والمعيار لهذه القداسة، فيقول بعضهم ان المعيار والملاك في الفعل الخلقي، يكون مبنياً على حب غيره لا على اساس حب الذات؛ لان الانسان لا يمكن ان يكون فعله الارادي كالتكلم او المشي بلا هدف. ولكن في بعض الاحيان يكون مراد الانسان من الفعل الذي يأتي به هو تحصيل المنفعة لنفسه. او دفع الضرر عنها.
وهذا الشيء لا نسميه فعلا خلقيا لان كل كائن حي بحكم طبيعته يتجه غريزياً نحو ما يؤمن منافعه وما يدفع عنه الضرر ولكن ما ان يخرج فعل الانسان عن نطاق (الانا) ويتحلى بحب غيره لأجل جلب المنافع لهم او دفع الضرر عنهم فانه يكون فعلا خلقياً، من الممكن ان نعبر عن هذه النظرية بهذا التعبير (ان معيار الفعل الخلقي هو الايثار) لكن في بعض الاحيان يؤثر الانسان غيره على نفسه لأجل حب الشهرة والسمعة او لأجل التعصب القومي والعشائري، او لأجل ان يتخلد اسمه في التاريخ وغير ذلك وما هم الا انانيون كبار. فأذن لا يمكن جعل مجرد الايثار معيارا للفعل الخلقي، بل المعيار هو كل فعل (لو لم يكن الله موجودا لا يبيح كل شيء ومراده انه سيوف لا يكون هناك أي شيء يمنع الانسان من ان يرتكب العمل المنافي للخلق لولا وجود الله، وقد اوضحت التجربة انه في الموضع الذي يفرق فيه بين الدين والاخلاق تكون الاخلاق متأخرة جداً، ولم ينجح أي من المذاهب الخلقية اللا دينية في برامجه. وان القدر المسلم به وهو ان الدين في الاقل ضروري لا يكون دعامة للأخلاق الانسانية، من هنا يرتفع الهتاف بتعابير مختلفة، ان البشر مهما تقدموا في الصناعات وصنع الحضارة، فانه قد يتأخرون في الاخلاق. لماذا؟ لأنه لم يكن وجود للمذاهب الخلقية فان المذاهب الخلقية القديمة لم تكن سوى اعتقادات، وبمقدار ما يضعف الدين والايمان، تضعف الاخلاق، وهنا يجب ان نعير قيمة عالية للأيمان في الاقل لأنه دعامة الاخلاق، وان لم يكن هو الضامن والمتكفل الوحيد لتطبيقها ويرى بعضهم ان الاخلاق نسبية خاصة، وان التغيرات الاقتصادية تقوم بتغيير الاخلاق دائماً. فان الاخلاق في عصر العبيد غير الاخلاق في عصر الزراعة وان الاخلاق في عصر الزراعة غير الاخلاق في عصر الالة. وان الكثير من الامور كالأمور المرتبطة مثلا بالمرأة والرجل والعفة وغيرها من اخلاق مرحلة الزراعة، وان العهد الصناعي يستوجب اخلاقا اخرى ويستندون ايضا الى هذه الكلمة المنسوبة لأمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تقسروا اولادكم على آدابكم، فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم)(1)، ان الذين يؤمنون بنسبية الاخلاق ويقولون مثلا كانت العفة في يوم ما صفة حسنة في المجتمع على مستوى حاجة المجتمع وظرفه؛ لان الحياة كانت زراعية وكان مقتضى حياة المصلحة، لذاك ان من المستحسن التأكيد على تأصيل العفة. ولكن بعد ذلك ظهرت الحياة الالية وجرت المرأة في خضم المجتمع وداخل المعامل. فالعفاف كان يوما ما خصلة جيدة واما الان فانه ليس كذلك فان هذا الكلام غير صحيح. فان العفة معناها انصياع القوة الشهوانية لسلطان العقل والايمان وعدم الخضوع لقوة الشهوة. اذن العفة جيدة في جميع الاحوال. نعم ان خروج المرأة الى المجتمع لضرورة تتطلبها الحاجة، او قيام المرأة بدورها او تكليفها الشرعي، فهذا لا يعني فقدانها عفتها وبالأخص اذا كانت ملتزمة بالحجاب الشرعي، وانما الذي يتغير هو الحال او الفعل فمثلا ان الحاجة تتطلب وجود طبيبة لان الشرع يحرم للطبيب ان يمس جسد المرأة والنظر الى عورتها.
المسألة الاخرى المرتبطة بنسبية الاخلاق هي التربية، اذ لو كانت الاخلاق نسبية فسوف لا يمكننا ان نضع قواعد ثابتة ومناسبة للتربية.
ولذا تكون هذه النظريات واهية الا اذا استقرت على اساس من الاعتقاد الديني بالله (سبحانه وتعالى) اذن تعريف الفعل الخلقي هو: ذلك الفعل الذي لا يكون الهدف منه المنافع المادية الفردية سواء فعله الانسان لأجل احساسه بحب النوع او لأجل الفعل او لأجل روحه او لأجل استقلال روحه وعقله او لأجل الذكاء فاذا لم يكن فيه (الأنا) والمنفعة الفردية يكون الفعل خلقيا. بل ان الفعل الخلقي هو الفعل الذي لا يكون هدفه تحصيل المنافع المادية الدنيوية سواء كان الاثر الذي ينشأ منه في هذه الدنيا هو ايصال النفع الى الغير او أي شيء اخر.
وبناءً على هذا فان الجذر الرئيسي الذي يجب سقيه هو الاعتقاد بالله وفي ضوء الاعتقاد بالله لا بد من تقوية احساسي حب النوع وتنمية حس الجمال وتقوية الاعتقاد بالروح المجردة والعقل المجرد والعقل المستقل عن الجسد (2).
_____________
1ـ شرح نهج البلاغة : 20/267
2ـ التربية والتعليم في الاسلام.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|