أقرأ أيضاً
التاريخ: 23/9/2022
1235
التاريخ: 26/12/2022
1372
التاريخ: 27/9/2022
1514
التاريخ: 25-09-2014
4753
|
قال تعالى : {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة : 7].
قيل : المراد بهم المسلمون ، فان نعمة الاسلام رأس جميع النعم.
أقول : وذلك لان من انعم الله عليه بنعمة الاسلام لم يبق نعمة الا اصابته ، لاشتمالها على سعادة الدارين.
واجل نعمة انعم الله بها على عباده هي نعمة العقل ، ونعني به ما من شأنه ان يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان ، ثم توفيقه لهم على تحليتهم انفسهم بالأخلاق الزكية ، والتخلية عن الملكات الردية.
فانها مستتبعة لجميع الخيرات الدنيوية ، من فعل الطاعات وترك السيئات وغيرهما ، والاخروية مع الحور والقصور وغيرهما مما هو موجود في الجنة من انواع الملذات ، فانها كلها تنشأ من تلك الاخلاق ، الا انها لا يلزم آثارها الا بعد المفارقة الى الاخرة.
وذلك لان الجنة الصورية ، وهي الابواب والجدران وما فيها من الانهار والاشجار والحور والقصور وغيرها ، صورة الاخلاق الحميدة والافعال الحسنة الناشئة منها ، والعلوم والآراء المطابقة للواقع.
كما ان النار الصورية وما فيها من العقارب والحيات وغيرهما من انواع المؤذيات ، صورة اضدادها من الاخلاق الذميمة والملكات الردية ، والعلم بالأشياء على خلاف ما هي عليه. وفوق كل ذلك هو المعارف الالهية ، واقتناؤها من فروع العقل.
قال الفاضل العارف كمال الدين بن ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة عند قوله ـ عليه السلام ـ « درجات متفاضلات » : اعلم ان الذ ثمار الجنة هي المعارف الالهية ، والنظر الى وجه الله ذي الجلال والاكرام ، والسعداء في الوصول الى نيل هذه الثمرة على مراتب متفاوتة.
فالأولى من اوتي الكمال في حدس القوة النظرية ، حتى استغني عن معلم بشري رأساً ، واوتي مع ذلك ثبات قوة المفكرة واستقامة وهمه ، منقاداً تحت قلم العقل ، فلا يلتفت الى العالم المحسوس بما فيه ، حتى يشاهد عالم المعقول بما فيه من الاحوال ، ويستثبتها في اليقظة.
فيصير العالم وما يجري فيه متمثلا في نفسه ، فيكون لقوته النفسانية ان تؤثر في عالم الطبيعة ، حتى تنتهي الى درجة النفوس السماوية ، وتلك هي النفوس القدسية اولات المعارج ، وهم السابقون السابقون اولئك المقربون ، وهم افضل النوع البشري واحقه بأعلى درجات السعادة في الجنة (1).
وبما قررناه ظهر ان الجنة بما فيها من انواع اللذات والملذات الجسمانية والروحانية من توابع العقل والاخلاق الزكية وفروعهما ، فهما من اجل النعم على الانسان.
وأما غيرهما من النعم الجسمانية والروحانية ، فانها خلقت لتكون وصلة ووسيلة اليهما ، فهذه الآية اذا تلاها تال ، فينبغي له ان يراد بالنعمة المذكورة فيها هاتين النعمتين الجليلتين ، فانهما نعمتان مشتركتان بين جميع المنعمين عليهم من الانبياء والصديقين والمقربين والشهداء والصالحين.
وأما غفران الذنوب بعد التوبة او بدونها ، فليس بنعمة مشتركة بينهم ، فكيف يراد من النعمة المذكورة فيها ، فتأمل.
اعلم ان كلمة « غير » وضعت للمغايرة ، وهي مستلزمة للنفي ، فتارة يراد بها اثبات المغايرة ـ كما في « غير المغضوب عليهم ولا الضالين » فتكون اثباتا في حكم النفي لتضمنه اياه ، فيجوز تأكيده بـ « لا ».
واخرى يراد بها النفي ، كقولك انا غير ضارب زيد ، اي : لست ضاربا له ، لا اني مغاير لشخص ضارب له ، فلفظة « لا » مزيدة لتأكيد ما في « غير » من معنى النفي.
ثم في عدوله سبحانه عن اسناد الغضب الى نفسه جل شأنه مع التصريح بأسناد عديله اعني النعمة اليه عز سلطانه تشييد لمعالم العفو والرحمة ، وتأسيس لمباني الجود والكرم حتى كأن الصادر عنه هو الانعام لا غير ، وان الغضب صادر عن غيره.
ومثله بل احسن منه قوله عز اسمه {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } [الحجر : 49 ، 50].
وفي الخبر عن سيد البشر ـ صلى الله عليه وآله ـ انه قال : ليغفرن الله تعالى يوم القيامة مغفرة ما خطرت قط على قلب احد ، حتى ان ابليس ليتطاول لها ان تصيبه (2).
اقول : وكيف لا يكون كذلك ، وهو عز اسمه كتب على نفسه الرحمة ، وآية رحمته {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف : 156] وهو الجواد المطلق الذي لا يرحم لمنفعة تعود اليه ، ولا مضرة يدفعها عنه ، وكل رحيم سواه فرحمته لغرض من الاغراض : اما ثناء دنيوياً ، او اجراً اخروياً ، او رقة ناشئة من الجنسية ، او نحو ذلك.
_________________________
(1) شرح نهج البلاغة : 2 / 277.
(2) بحار الانوار : 7 / 287.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|