أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-30
1343
التاريخ: 4-1-2017
2285
التاريخ: 2024-08-26
351
التاريخ: 15-8-2017
2017
|
هل القرآن قاعدة الهداية؟ كيف ربى القرآن الكريم المسلمين؟ وما هي الاساليب التربوية المستعملة قرآنيا في مجالات التربية وكيف أثرت في المسلمين؟.
إن أثر القرآن في التربية هو اثر القاعدة والاساس الذي ترتكز عليه الهداية؛ لأن اساليبه هي العقل والعاطفة، وهي الاساليب التي تنفذ الى عقل الانسان والى قلبه، فالقرآن هو كتاب الله، والله تعالى هو الهادي، ومن الطبيعي ان يكون كتاب الله هو الذي يمثل قاعدة الهداية واسلوبها ومفرداتها لان الله انزله ليكون نورا، كما ذكر ذلك {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[المائدة: 16]، إذن، فإن اثر القران ان يكون نورا يفتح عقل الانسان على خط الهدى، وقلبه على الاحساس بالهدى، وحياته على السير في طريق الهدى وكان القرآن الكريم هدى لرسول الله (صلى الله عليه واله)؛ لان الله انزل عليه الكتاب ليفعّل له آياته وليعيش النبي (صلى الله عليه واله) كل وحي الله، وعلى ضوء هذا فان هدى رسول الله (صلى الله عليه واله) من هدى القرآن.
لان الرسول كان يتأدب بآداب القرآن بل كان يتحدث بتفاصيل ما اجمله القرآن، وكان يتحدث بالقرآن كله، ولذلك فالقرآن هو الاساس في الهداية لان الله اراده ان يكون قاعدة الهدى، فعندما تنطلق مع نبي فعلى اساس {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر:7] وعلى اساس {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21] اما اننا كيف نفهم القرآن؟ فان علينا ان نفهمه من خلال وعي معانيه على اساس القواعد العربية التي ركزت على منهج فهم الكلام العربي، ولا سيما القرآن يمثل قمة هذا الكلام في البلاغة، واما كيف نعي القرآن في حركة الواقع، فعلينا ان نحرك القرآن في واقعنا لندخله الى بيوتنا ليحدثنا عما نفعله هناك، وان ننطلق معه في كل ساحات الصراع وفي كل ساحات الواقع؛ لان القرآن هو الكتاب الحركي الذي يرافق الدعوة الاسلامية.
فمنذ البداية وجه القرآن المسلمين الى ان يفكروا، حيث اراد ان يخرجهم من الجحود الذي عاشوه في تقديس الماضي وتقديس عقائد الاباء والاجداد. اراد ان يحطم هذه الصخور الفكرية التي حجرت عقولهم وقلوبهم فعندما كان النبي (صلى الله عليه واله) يناقشهم ويدعوهم كان يقولون كما ذكر في القرآن {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف:23].
ذلك ان يكون مقدسا فلا تقدس الاخطاء ولا تقدس الضلال فكم ترك الاول من اثار للآخر فالذين فكروا، فكروا بعقولهم، وعقولهم هي نتائج ثقافتهم وبيئتهم والظروف الموضوعية التي انتجت تلك العقول التي ربما عاشت في افق ضيق. اما الان فقد تكون الافاق اوسع وقد يكون فهمنا للغة افضل وفهمنا لروح الاسلام ولروح القرآن اكثر ولذلك عندما يأتينا فكر جديد علينا ان لا نستعمله مباشرة، ولكن اذا كنا نملك العلم علينا ان نناقشه ونفهم النظرية ونناقشها حتى نكتشف فيها نقاط الضعف او نقاط القوة لنعرف كيف نحدد موقعنا، لا ان ننطلق على اساس الغوغائية. فمن ينطلق من عقل الغوغاء يعيش ظلال الجهل والتخلف لمجرد ان المسالة اصحبت تعبيرا عن مألوف. فثمة فرق بين ان يكون الشيء مألوف لك وبين ان يكون معقولا. ومشكلتنا هي الفرق بين المعقول وبين المألوف فالناس عادة يتبعون المألوف وبعضهم يشعر بالغربة اذا اراد ان يترك افكاره، وقد تكون افكاره نتيجة بيئة مختلفة. القرآن اراد للناس ان يتفكروا في خلق السماوات والارض {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا}[آل عمران:191]. ان القرآن اراد ان يربي المسلمين على العلم، وليس للمال قيمة كما ذكر في القرآن {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]. وان العقل قيمة {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الرعد:19]. وان كل من انطلق من عقل يفكر ومن علم يتحرك ومن شعور ينفتح فانه لا بد ان يلتقي بالحقيقة من قريب او بعيد ثم انطلق القرآن بعد ذلك يتبع الاسلوب العاطفي الانفعالي؛ لان بعض القضايا تحتاج الى اسلوب ينطلق من القلب، وهناك ايضاً اساليب تنطلق من العقل والاساليب العاطفية، ولذلك زاوج القرآن بين الاسلوب العقلي واسلوب العاطفة في هذا المجال؛ لان الانسان مركب من عقل وعاطفة، وهكذا انطلق الى الناس من اجل ان يحرك فيهم القيم الاخلاقية ليرغبهم فيها لان الانسان مفطور على الترغيب والترهيب فعندما تقرأ القرآن الكريم فأننا نجد ان هناك اعلى وسائل التربية ولا سيما التربية في اسلوب الحوار حيث إن القرآن الكريم انطلق ليحرر الحوار من كل ذات، فعندما تريد ان تتحاور مع الانسان تختلف معه في شيء فاحترام قناعته وعليه في المقابل ان يحترمك قناعتك. فاذا اردت اقناع الاخر فعليك ان تحترم انسانيته وتحترم عقله، لا ان تقول له: انك كافر.. انت زنديق.. انت كذا.. انما ينبغي أن تقول له: تعال نتفاهم فهناك حقيقة نحن مختلفان عليها، وربما لم اصل اليها لوحدي، وربما لم تصل اليها انت لوحدك. ان اسلوب الحوار في الاسلام لم تستطع كل اساليب الحوار المطورة في العالم ان تقترب منه، فضلا عن ان تتقدم عليه فمعنى قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[سبأ:24]. انه ليس هناك (ذات) وليس هناك (انا وانت) بل هناك قضية ضائعة بيننا وعلينا ان نتعاون للوصول اليها. ومشكلتنا اننا نقرأ القرآن، ولا نقف عند هذه الآيات {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 12]. {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر:9] {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق:37]. والقلب والعقل في القرآن {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:10]. فالقرآن يعلمنا ان نحترم العقل، وعلينا ان نحترم عقولنا في كل قضايانا التي نثيرها او نتحرك فيها او ننتجها او نختلف فيها.
فكان اهل البيت (عليهم السلام) يعدون القرآن الاساس في تقويم كل فكر وكانوا يقولون (اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه)، فان القرآن ليس كتاب للبركة وحسب، ولكنه كتاب للوعي والتربية والاخلاق (1).
___________
1ـ الندوة ج2ص310 بتصرف الكاتب.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يعلن إطلاق المسابقة الجامعية الوطنية لأفضل بحث تخرّج حول القرآن الكريم
|
|
|