أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2017
1501
التاريخ: 20-7-2018
3503
التاريخ: 25-10-2016
1390
التاريخ: 18-7-2018
3771
|
استمر العداء ضاربًا أطنابه بين الجارتين اللدودتين آشور وعيلام، وقد آثرنا التعبير عن هذه الأخيرة بنطق إلام وهو أقرب إلى لغة أهلها التي لا تتضمن العين السامية مع إلحاقه في كثير من الحالات أو إبداله باسم عيلام الشائع استخدامه في المؤلفات العربية. وظلت الانتصارات والهزائم الوقتية الخاطفة دولة بين الفريقين، حتى فت في عضد إلام اختلاف حكامها على أنفسهم بحيث انقسموا فريقين ووقفت جيوشهما بعضها لبعض بالمرصاد على ضفتي نهر الهدهد كما ذكر أحد التقارير الآشورية(1). فتدخل الآشوريون في مشاكلهم لزيادة نارها وتأليب فريق على فريق، ثم أتت النهاية السياسية لعيلام على يد "جيش" آشور بانيبال فدمر عاصمتها سوسة تدميًرا شاملًا، وذكرت نصوصه أنه استولى على كل كنوزها ولم يدع في قصورها ملوكها شيئًا إطلاقًا إلا وأمر بحمله معه، حتى أواني الطعام والشراب والغسيل، ولم يدع معبدًا فيها إلا أمر بنهبه وتدميره وأسر معبوداته، ولم يدع مقبرة ملكية فيها إلا وأمر بفتح توابيتها وإخراج عظامها ثم نقلها إلى آشور، حتى يحرمها الخلود في أرضها على حد قوله. وزاد في نصوصه أنه ود لو حمل تراب سوسة معه إلى آشور(2) "حتى يحرمها البقاء على وجه الأرض إلى أبد الآبدين. وبذلك أخذ بثأر البابليين القدماء عن غير قصد، مما فعله الإلاميون معهم في نهاية القرن الثاني ق. م حينما دمروا عاصمتهم وحرموها كنوزها وآثارها حتى الحجرية منها "كنصب تشريعات حمورابي وأمثاله"(3).
وظلت انتصاراته على سوسه هذه مجالًا خصبًا لتصورات فنانيه، فأخرجوا لوحات كبيرة مبدعة صوروا فيها ساحة الحرب تموج بالهرج والمرج، يقتتل فيها المشاة والخيالة وفرسان العربات، يدقون الرؤوس بالمقامع ويطعنون النحور والظهور بالحراب والسهام ويحزون الرقاب بالسيوف والخناجر. ويهرع بعضهم لنجدة بعض، وينحني بعضهم على جثة قتيل ليسلبه خوذته وسلاحه وجعبة سهامه، بينما يجثو بعض المغلوبين طلبًا للرحمة، ويلقي بعضهم بنفسه في النهر التماسًا للنجاة. وصوروا القلاع فوق قمم الجبال وعند ملتقى الأنهار يهدمها الغزاة ويشعلون النار فيها، فيغادرها أهلها ليلحقوا بأفراد جيشهم الذين ركبهم اليأس وساروا مشاة وفرسانًا يستحث بعضهم بعضًا، وقد تكدس شيوخهم وأطفالهم فوق عربات مرتفعة متسعة لكل منها عجلتان كبيرتان وجواد واحد يستحثه سائقه بصوت طويل. ثم صوروا العاصمة سوسه خاوية على عروشها إلا من أطلال البيوت والنخيل، بيضية يحيط بها خندق ومجرى ماء، ويقع على مبعدة منها نهر كرخا وقد امتلأ مجراه بجثث القتلى والخيول الشاردة والنافقة وبقايا العربات المحطمة. وخرج من المدينة المستضعفون من أهلها رجالًا ونساءً شيوخًا وصغارًا، يصفق بعضهم وينشدون نشيدًا مغتصبًا على أنغام الأوتار ليداروا به بطش الفاتحين، ويمشي بعضهم رافعين أكفهم في ضراعة رتيبة ذليلة، بحيث تحافظ الأم على رفع يدها والتمتمة بفمها بينما تمسك طفلها بيدها الأخرى وتنظر إليه حسيرة كسيرة الفؤاد، أو تنظر إلى من يسير خلفها تسأله عما سيئول إليه مصيرها ... أما رأس تيومان ملك إلام فكانت أداة رصع الفنانون بها صورهم الغريبة، فصوروا ملكهم يقطعها بيده في ساحة القتال، وصورها معلقة في رقبة حليفة دونانو الجمبولي الذي اقتيد إلى العاصمة بعد أن قطع لسانه وسلخ جلده، ثم ذبح كما تذبح الخراف، وصورها مرة ثالثة تتدلى من شجرة في مجلس شراب مولاهم.
غير أن انتصار آشور على إلام لم يكن خيرًا كله، فقد تحملت إلام حتى ذلك الحين كبح جماح بقية العشائر الإيرانية من ورائها، ولا سيما الجبلية منها، فلما انزاح هذا الحاجز بزوالها، وقع العبء على آشور وحدها فأحست بأن زيادة التوسع أصبحت تؤدي إلى زيادة المشاكل أمامها.
___________
(1)Ibid No. 289.
(2) ديلابورت: المرجع السابق - ص419 - 421.
(3) Frankfort, The Art And Architecture ... , Pls. 103-107.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|