أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2017
1494
التاريخ: 24-10-2016
1898
التاريخ: 13-1-2017
2574
التاريخ: 2023-07-25
1064
|
اتسع المجال العربى في عصوره القديمة لما كان يتعدى شبه الجزيرة إلى قرب بوادي الشام والعراق وسيناء أيضًا. وبهذا المعنى الواسع ورد أقدم لفظ مكتوب مؤكد لتسمية العرب في النصوص المسمارية الآشورية خلال القرن التاسع قبل الميلاد. ولا يعني وروده في هذا القرن بداية ظهوره أو بداية ظهور العرب بحال من الأحوال. فهناك قرائن تدل على قدم وجود العرب بخصائصهم وخصائص لغتهم منذ عهود سبقته بآمال طويلة. ومن الباحثين من يحتمل ورود تعبير قريب من تعبير العرب في نص مسماري من عهد نارام سين الملك السامي الآكدي خلال القرن الثالث والعشرين ق. م وإن كانت قراءته لا تزال موضعًا للجدل.
وكان التوسع الآشوري قد امتد في القرن التاسع ق. م إلى بوادي الشام وضغط على ما في جنوبها من مناطق التجمعات العربية. وحاولت دويلات المنطقة أن تقف في وجه تقدمه بتكوين حلف كبير بزعامة إمارة دمشق وما حولها. وهنا ذكرت نصوص شلما نصر الثالث الملك الآشوري في عام 853 ق. م.
أنه انضم إلى هذا الحلف فيمن انضموا إليه ألف راكب جمل من رجال جنديبو أريبي (أو الأريبي). ويعتبر لفظ جنيديبو تحريفًا لاسم جندب أو جندبة. كما يعتبر لفظ أريبي تحريفًا لصفة العربي. وقد لقب جنديبو هذا بلقب الملك، ويبدو أنه كان يعيش بقبيلته العربية أو يتردد بها على البادية الواقعة إلى الجنوب الشرقي من دمشق. وإذا صح أنه اشترك في الحرب ضد الآشوريين بألف راكب جمل فعلًا لدل ذلك على سعة نفوذه وكثرة رجاله قياسًا على إمكانات عصره.
وتعددت إشارات النصوص الآشورية بعد ذلك إلى الجماعات العربية القريبة من دولتها والواقعة على طرق التجارة الواصلة إليها. ورددت القول بانتصارات ملوكها العراقيين وجيوشهم على هذه الجماعات وتلقي الجزى منها. وهي أخبار تحتمل الصدق كما تحتمل الشك. فيحتمل صدق بعضها على أساس عدم تعادل كفتي الفريقين من حيث العدد والعدة ومن حيث وفرة الموارد. ولكن يتعين الشك في بعضها الآخر على أساس أنها أخبار تواترت من جانب واحد وهو الجانب الآشوري الذي سجل انتصارات أصحابه دون هزائمهم. وجلي أنه لو كان خصومه من العرب الشماليين قد استخدموا الكتابة حينذاك وسجلوا بها أخبارهم، لأمكن مقارنة أخبار الجانبيين ببعضهما البعض والخروج منهما بما هو أقرب إلى الصحة. وعلى أية حال فإن ما ذكرته النصوص الآشورية نفسها عن تعدد حروب الجانبين يدل ضمنًا على استمرار مقاومة القبائل العربية التي اعتمدت على مهارتها في الكر والفر وقتال الصحراء، ووعورة مناطقها، وعملها على مضايقة خصومها عن طريق تهديد قوافل تجارتهم. واستطاعت على الرغم من قلتها النسبية أن تسجل صفحات مجيدة في الدفاع عن أرضها واستقلالها.
ذكرت النصوص المسمارية الآشورية أسماء ممالك وقبائل عدة مثل سبأ وقيدرى وتيماء ومصوري وتمودي وخايابا ومساء ... إلخ. وكان أهم ما تضمنته فيما نكتفي به مؤقتًا وفيما يفيد التاريخ العربي العام هو أنها ذكرت أسماء خمس ملكات عربيات على أقل تقدير حكمن في جهة ما من شمال شبه الجزيرة العربية فيما بين أواسط القرن الثامن ق. م، وبين أواسط القرن السابع ق. م. ولم تحدد مكان دولتهن صراحة، ولكنها ذكرت خلال الحديث عنهن أحيانًا اسم أداوماتو وذلك مما دفع إلى احتمال حكمهن في دومة الجندل أو بقربها في منطقة الجوف الشمالي، كما نسبت إلى إحداهن كهانة معبودتها الكبرى دلبات، وذلك مما قد يعني بدوره أن حكمهن اعتمد على تقاليد دينية جعلت رياسة الكهنوت لكبريات نساء الأسرة المالكة وسمحت لهن بوراثة الحكم واحدة بعد أخرى أو بنتًا بعد أمها.
وهكذا أشارت النصوص المسمارية في القرن الثامن ق. م إلى ملكتين عربيتين أطلقت على كل منهما لقب ملكة أريبي. وذكرت أقدمهما باسم زبيبي تحريفًا عن زبيبة، وأضافت أنها اعترفت بالطاعة لدولة آشور وأدت الجزية إلى ملكها. وذكرت الثانية باسم سمسى (تحريفًا عن شمس) في مناسبتين: مناسبة أدت الجزية فيها إلى الملك الآشوري كسابقتها، ومناسبة أخرى خلعت فيها هذه الطاعة وساعدت البدو الآراميين أعداء الآشوريين. وتركت رجالها يهددون القوافل الآشورية، فحاربتها القوات الآشورية وخربت بلدتين في أرضها وأجبرتها على الطاعة، ثم عين الملك الآشوري مندوبًا له في عاصمتها يتلقب بلقب قيبو أي قيم كي يشرف على سياستها ويكتب إليه عن أمرها.
ولم يكتف الآشوريون بأن يسجلوا نصرهم على قوم شمس كتابة فقط، وإنما أسرفوا في تصويره بما أشبع كبرياءهم، وبقي منه ما يصور فارسين آشوريين على جوادين يلاحقان برمحيهما محاربًا عربيًا يجري مسرعًا ببعيره ويلتفت إليهما في ضراعة بعد أن أصيب بعيره بسهم في جنبه كاد يرديه. وصوروا عددًا من قتلى جيش الملكة وقتلى حلفائها ممدين على الثرى تحت سنابك الجوادين. وزادوا فصوروا امرأة بثوب كاس تسير باكية تلطم وجهها بكفها أو تستره خجلًا بكفها وتمسك باليد الأخرى جرة كبيرة ويعقبها عدد من نياقها. وليس من المستبعد أنهم أرادوا أن يرمزوا بها إلى الملكة شمس نفسها وإلى عجزها واستسلامها وعودتها إلى رعاية الإبل.
وأشارت النصوص الآشورية في القرن السابع ق. م إلى ملكتين عربيتين أخرتين: يتيئة وتلخونو، تحريفًا فيما يبدو عن اسمي يطيعة وتلهونة، وذكرت عن يطيعة أنها ناصبت الآشوريين العداء وربما تحالفت مع كبير الآراميين في العراق مردوك أيبا ليدينا الثاني ضد الملك الآشوري. وأسندت قيادة جيشها إلى أخيها بسقانو تحريفًا فيما يبدو عن الباشق. ولكن الجيوش الآشورية هزمت جيشها وأسرت أخاها.
وسلكت الملكة تلهونة (أو تلخونو) مسلكها الخاص في سبيل الدفاع عن أرضها ومصالحها، فتحالفت مع من ذكرته النصوص الآشورية باسم خزا إيلي أو حزائيل، ملك قبائل قيدار المجاورة لأرضها في منطقة الجوف. وعهدت إليه بقيادة جيشهما المشترك ضد الآشوريين، ولكن حلفهما فشل في أداء مهمته، على الأقل في حدود ماروته المصادر الآشورية، وفرت الملكة إلى أداوماتو (دومة؟) فلحقت بها القوات الآشورية على الرغم من وعورة الطريق وضيقت الحصار عليها حتى أسرتها هي أو الملكة أبكالاتو كما أسرت ابنتها تبؤة، واستولت على تماثيل معبوداتها، ويبدو أنه فت في عضد الملكة أنه نشب خلاف بينها وبين حليفها حزائيل عقب هزيمتها الأولى أو خلال حصار أداوماتو، فخرج إلى قلب البادية ونجا نفسه مؤقتًا وعز على الجند الآشوريين أن يتعقبوه وإن كانوا قد دمروا بلده، واستولوا على تماثيل بعض معبوداته.
ولعله كان من جراء طول المقاومة والرغبة في إعادة السلام إلى الطرق التجارية أن اتبع البلاط الآشوري سياسة المهادنة، فتعهد الأميرة العربية الصغيرة تبؤة بالتربية والرعاية رغبة في أن تشب وفية مخلصة للملكية الآشورية وعندما بلغت سنًا مناسبة اعترف بها ملكة على قومها.
وربطت النصوص الآشورية بين ملكة عربية أخرى وبين إيا إيلو بن حزائيل ملك قيدار كحليفة له ضمن ملوك صغار آخرين، وذكرت هذه الملكة باسم بائيلو ملكة أخيلو. واعتبر اللغوي إذوارد جلازر اسم بائيلو تحريفًا عن الاسم العربي باهلة، كما قرب اسم أخيلو إلى اسم ديار أخلة أو أجلة في منطقة الخرج في نجد. وبرر رأيه بما روته المصادر المتأخرة عن سكنى قبيلة باهلة التي يشبه اسمها اسم الملكة القديمة في هذه الديار، ولكن لازال رأيه هذا في مرحلة الفروض.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|