المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02
اقليم المناخ المتوسطي (مناخ البحر المتوسط)
2024-11-02



صلة الانبياء بعالم الغيب ما هو الا حصيلة تخيُّلاتهم ورجوعهم إلى بواطنهم وتعمّقهم في نفوسهم والتفكير في اصلاح اممهم  
  
802   10:58 صباحاً   التاريخ: 12-1-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : العقيدة الاسلامية على ضوء مدرسة اهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص 126
القسم : العقائد الاسلامية / الحوار العقائدي / * النبوة /

[جواب الشبهة] :

إنّ «الوحيَ» الذي هو أهَمُّ طريقٍ من طُرُق إتّصال الاَنبياء بعالمِ الغيب ليس ناشئاً عن الغريزة أو العقل بل هو علم خاص يفيضُ به اللهُ تعالى على الاَنبياء خاصّة، ليبَلّغُوا الرسالاتِ الاِلَهيّة إلى البشر.

إنّ القرآنَ يصفُ الوحيَ قائلاً: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 193، 194].

إنّ هذه الآية تفيد أنّ معرفةَ الاَنبياء بالرّسالات الاِلَهيّة ليست نابعةً وناشئةً من استخدام أشياء كالحواسّ الظاهريّة وما شابه ذلك، بل ينزل به مَلَك الوحيِ على قلب النبي.

وعلى هذا الاَساس لا يمكن تحليل حقيقة الوحي المعقّدة وتفسيرها بالمقاييس العادية.

وفي الحقيقة إنّ نزول الوَحْي هو أحدُ مظاهر الغيب الّتي يجبُ الاِيمانُ بها وإنْ لم تتضَح لنا حقيقةُ هذه الظاهرة كما يقول: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3].

إنّ الّذين يريدونَ مقايسة كلّ شيء، وتفسيرها بالمقاييس الماديّة والاَدوات الحِسيّة، ويريدون صَبَّ الحقائق الغيبيّة في قوالب حِسّية يفسرون ظاهرة «الوحي» بصور مختلفة، جميعها باطلة في نظرنا، وفيما يأتي نقدُ هذه التفسيرات والتحليلات في عدة نقاط:

أ: ثمت فريق يعتبر الاَنبياء من نوابغ البشر، ويعتبرون الوحي حصيلة التفكير، ونتيجةً لفعاليات حواسّهم الباطنية.

إنّ حقيقة «الروح الاَمين» في تصور هذا الفريق هي روحُ هؤلاء النوابغ الزكية، ونفوسُهم الصافية النقية، وإنّ الكتب السماويّة كذلك ليست سوى أفكارهم السامية وتصوّراتهم الراقية.

إنّ هذا النوع من التفسير والتحليل لظاهرة الوحي ليس سوى الانبهار بالعِلم التجريبيّ الجديد الذي يعتمد الاَساليب الحسيّة ـ لا غير ـ وسيلةً لتفسير كلِّ حقائقِ الوجودِ.

إنّ المشكلة الهامّة في هذه النَظَريّة هي منافاتُها لما قاله الاَنبياء والرُسُلُ الاِلَهيّون.

فالاَنبياء والرُسُل يصرِّحون ويعلنُون باستمرار بأنّ ما أتوا به إلى البشر ليس إلاّ الوحي الاِلَهيّ.

وعلى هذا الاَساس يكون التفسيرُ السالفُ للوحي مستلزماً لتكذيب الاَنبياء، وهذا ممّا لا يليقُ بمقامِ الاَنبياء الرفيع ومنزلِتهم المرموقة، وصدقهم، وصلاحهم الذي أخبر بها التاريخُ الثابتُ.

وبعبارةٍ أُخرى: إنّ المصلِحِين على نوعين:

مصلحون يَنسبون برامجَهم إلى الله، ومصلحون آخرون يَنسبُون برامجهم إلى أنفسهم، ويَطْرحونها على المجتمع على أنّها وليدةُ عقولِهِم، وأفكارهم. وقد تكون كلتا الطائفتين مخلِصتين، تتسمان بالاِخلاص والخير. وعلى هذا لا يمكن عد هذين الصنفين من رِجالِ الاِصلاحِ صنفاً واحداً.

ب : ثمّت فريقٌ آخرٌ يعتبر الوحيَ ـ منطلقاً من نفسِ الدافعِ الذي ذُكر في النظرية المتقدّمة ـ نتيجةَ تجَلّي الحالات الرُّوحِيّة في النبي.

إنّ النبيَّ ـ حسب زَعْم هذا الفريق ـ بِسبَبِ إيمانه القويّ باللهِ، وفي ضوءِ عبادَتهِ الكثيرة للهِ يصل إلى درجة يجدُ في ذاتهِ طائفةً من الحقائق العالية ويتصوّر أنّ هذه الحقائق أُفيضت وأُلقيت إليه من عالم الغيب فيما لا يكون لِما توصل إليه من الحقائق المذكورة من منشأٍ سوى نفسه ذاته ليس إلاّ.

إنّ أصحاب هذه النظرية يقولون: نحن لانشُكُ مطلقاً في صدق الاَنبياء بل نعتقد بأنّهم شاهدُوا حقائق عالية، ولكنّ الكلامَ هو في منشأ هذه الحقائق العالية.

فالاَنبياء يتصوّرون أنّ منشأ هذه الحقائق هو عالم الغيب، الخارج عن هذا العالم المادي، أي أنّ هذه الحقائق قد أُلقيتْ إليهِم من ذلك العالَم، على حين يكون منشأ ذلك أنفسهم، لا غير.

إنّ هذه النظرية ليست كلاماً جديداً بل هي في الحقيقة طرحٌ مجدَّدٌ لاَحدى النظريّات التي كانت مطروحةً في العَهد الجاهليّ حول الوحي ولكن في لباسٍ جديدٍ.

وحاصلُ هذه النظرية هو أنّ الوحيَ ما هو الاّ حصيلة تخيُّلات الاَنبياءِ، ورجوعهم إلى بواطنهم وتعمّقهم في نفوسهم، وأنّهم بسبب كثرة ا لتفكّر في الله، وعبادته، والتفكّر في إصلاح أُممهم، وأقوامهم تمثّلت هذه الحقائق دفعة أمام عيونهم، فَظَنُّوا أنّها أُلقِيَت إليهم مِن عالَم الغيب.(1) وهذا هو ـ بشكلٍ من الاَشكال وبنحومّا ـ نفسُ تصوُّر الجاهليّين حول الوحي إذ قالوا: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} [الأنبياء: 5].

إنّ القُرآنَ الكريم ردَّ على هذه النظرية بشدّةٍ وأكَّدَ على أنّ النبيَّ صَدقَ في ادّعائهِ رؤيةَ مَلَكِ الوَحي، فهو لم يخطأ لا في قلبهِ ولا في بصره إذ يقول: { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } [النجم: 11]

ويقول: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17].

وهذا يعني أنّ النبي رأى حقاً (مَلَك الوحي) بعين الرأس وبعين القلب، بعين الظاهِر وبعين الباطن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السيد محمد رشيد رضا، الوحي المحمّدي ص 66.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.