المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

عدم اليأس
17-12-2020
المراجع العامة الحديثة في التراث
31-3-2019
مسؤولية الإدارة بدون خطا في العراق
3-4-2017
معنى كلمة فرد‌
10-12-2015
كيفيّة حدوث مرج البحر
3-5-2017
بيع الاموال المرهونة بناء على طلب الدائن المرتهن
30-7-2017


الخلاف في مسائل العدل  
  
947   11:02 صباحاً   التاريخ: 20-11-2014
المؤلف : العلامة الحسن بن يوسف المطهر الحلي
الكتاب أو المصدر : نهج الحق وكشف الصدق
الجزء والصفحة : ص 72
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / مواضيع عامة /

 إعلم: أن هذا أصل عظيم تبتني عليه القواعد الإسلامية، بل الأحكام الدينية مطلقا. وبدونه لا يتم شئ من الأديان، ولا يمكن أن يعلم صدق نبي من الأنبياء على الاطلاق ....

 وبئس ما اختار الإنسان لنفسه مذهبا، خرج به عن جميع الأديان، ولم يمكنه أن يعبد الله تعالى بشرع من الشرايع السابقة واللاحقة، ولا يجزم به على نجاة نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مطيع في جميع أفعاله من أولياء الله تعالى وخلصائه، ولا على عذاب أحد من الكفار والمشركين، وأنواع الفساق والعاصين، فلينظر العاقل المقلد هل يجوز له: أن يلقى الله تعالى بمثل هذه العقائد الفاسدة، والآراء الباطلة، المستندة إلى اتباع الشهوة، والانقياد إلى المطامع؟.

[ ومن المسائل الخلافية : ]

قالت الإمامية، ومتابعوهم من المعتزلة: إن الحسن والقبح عقليان، مستندان إلى صفات قائمة بالأفعال، أو وجوه واعتبارات يقع عليها.

وقالت الأشاعرة: إن العقل لا يحكم بحسن شيء البتة ولا بقبحه، بل كل ما يقع في الوجود من أنواع الشرور: كالظلم، والعدوان، والقتل،

والشرك، والالحاد، وسب الله تعالى، وسب ملائكته وأنبيائه وأوليائه فإنه حسن (1).

* * *

وقالت الإمامية ومتابعوهم من المعتزلة: إن جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب، ليس فيها ظلم، ولا جور، ولا كذب ولا عبث، ولا فاحشة، والفواحش، والقبائح، والكذب، والجهل، من أفعال العباد، والله تعالى منزه عنها، وبرئ منها.

وقالت الأشاعرة: ليس جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب

(وصوابا ظ) لأن الفواحش والقبائح كلها صادرة عنه تعالى، لأنه لا مؤثر غيره (2).

* * *

وقالت الإمامية: نحن نرضى بقضاء الله تعالى: حلوه ومره، لأنه لا يقضي إلا بالحق.

وقالت الأشاعرة: لا نرضى بقضاء الله كله، لأنه قضى الكفر، والفواحش، والمعاصي، والظلم، وجميع أنواع الفساد (3).

* * *

وقالت الإمامية والمعتزلة: لا يجوز أن يعاقب الله الناس على فعله،

ولا يلومهم على صنعه، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15].

وقالت الأشاعرة: لا يعاقب الله الناس إلا على ما لم يفعلوه، ولا يلومهم إلا على ما لم يصنعوه، وإنما يعاقبهم على فعله فيهم، وسبه وشتمه، ثم يلومهم عليه، ويعاقبهم لأجله، ويخلق فيهم الأعراض، ثم يقول:

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر: 49] ، ويمنهم من الفعل، ويقول:

{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا } [الإسراء: 94](4).

* * *

وقالت الإمامية: إن الله تعالى لم يفعل شيئا عبثا، بل إنما يفعل لغرض ومصلحة، وإنه إنما يمرض لمصالح العباد، ويعوض المؤلم بالثواب، بحيث ينتفي العبث والظلم.

وقالت الأشاعرة: لا يجوز أن يفعل الله شيئا لغرض من الأغراض، ولا لمصلحة، ويؤلم العبد بغير مصلحة ولا غرض، بل يجوز أن يخلق خلقا في النار، مخلدين فيها، من غير أن يكونوا قد عصوا أو لا (5).

* * *

وقالت الإمامية: لا يحسن في حكمة الله تعالى أن يظهر المعجزات على يد الكذابين، ولا يصدق المبطلين، ولا يرسل السفهاء، والفساق، والعصاة.

وقالت الأشاعرة: يحسن كل ذلك (6).

* * *

وقالت الإمامية: إن الله سبحانه لم يكلف أحدا فوق طاقته.

وقالت الأشاعرة: لم يكلف الله أحدا إلا فوق طاقته، وما لا يتمكن من تركه وفعله، ولامهم على ترك ما لم يعطهم القدرة على فعله، وجوزوا أن يكلف الله مقطوع اليد الكتابة، ومن لا مال له الزكاة، ومن لا يقدر على المشي للزمانة (7): الطيران إلى السماء، وأن يكلف العاطل الزمن المفلوج خلق الأجسام، وأن يجعل القديم محدثا، والمحدث قديما، وجوزوا: أن يرسل رسولا إلى عباده بالمعجزات، ليأمرهم بأن يجعلوا الجسم الأسود أبيض دفعة واحدة، ويأمرهم بالكتابة الحسنة، ولا يخلق لهم الأيدي والآلات، وأن يكتبوا في الهواء بغير دواة ولا مداد، ولا قلم، ولا يد ما يقرؤه كل أحد (8). وقالت الإمامية: ربنا أعدل وأحكم من ذلك.

* * *

وقالت الإمامية: ما أضل الله تعالى أحدا من عباده عن الدين، ولم يرسل رسولا إلا بالحكمة، والموعظة الحسنة.

وقالت الأشاعرة: قد أضل الله كثيرا من عباده عن الدين، ولبس عليهم وأغواهم، وأنه يجوز أن يرسل رسولا إلى قوم لا يأمرهم إلا بسبه، ومدح إبليس، فيكون من سب الله تعالى، ومدح الشيطان واعتقد التثليث

والالحاد، وأنواع الشرك، مستحقا للثواب والتعظيم، ويكون من مدح الله تعالى طول عمره، وعبده بمقتضى أوامره، وذم إبليس دائما، في العقاب المخلد، واللعن المؤبد.

وجوزوا أن يكون فيمن سلف من الأنبياء، ممن لم يبلغنا خبره، من لم يكن شريعته إلا هذا (9).

وقالت الإمامية: قد أراد الله تعالى الطاعات، وأحبها، ورضيها، واختارها، ولم يكرهها، ولم يسخطها، وأنه كره المعاصي، والفواحش. ولم يحبها، ولا رضيها، ولا اختارها.

وقالت الأشاعرة: قد أراد الله من الكافر: أن يسبه ويعصيه، واختار ذلك، وكره أن يمدحه، قال بعضهم: أحب وجود الفساد، ورضي بوجود الكفر (10).

* * *

وقالت الإمامية: قد أراد النبي صلى الله عليه وآله من الطاعات ما أراد الله عز وجل، وكره من المعاصي ما كرهه الله عز وجل.

وقالت الأشاعرة: بل أراد النبي صلى الله عليه وآله كثيرا مما كرهه الله عز وجل، وكره كثيرا مما أراد الله (11).

* * *

قالت الإمامية: قد أراد الله تعالى من الطاعات ما أراده أنبياؤه، وكره ما كرهوه، وأراد ما كره الشياطين من الطاعات، ولم يرد ما أرادوه من الفواحش.

وقالت الأشاعرة: بل قد أراد الله سبحانه ما أرادته الشياطين من الفواحش، وكره ما كرهوه من كثير من الطاعات، ولم يرد ما أرادته الأنبياء، من كثير من الطاعات، بل كره ما أرادته منها (12).

* * *

وقالت الإمامية: قد أمر الله عز وجل بما أراده ونهى عما كرهه.

وقالت الأشاعرة: قد أمر الله عز وجل بكثير مما كرهه، ونهى عما أراد (13).

فهذه خلاصة أقاويل الفريقين في عدل الله تعالى.

* * *

وقول الإمامية في التوحيد يضاهي قولهم في العدل، فإنهم يقولون:

 

إن الله عز وجل واحد لا قديم سواه، ولا إله غيره، ولا يشبه الأشياء، ولا يجوز عليه ما يصح عليها من التحرك، والسكون، وأنه لم يزل ولا يزال حيا، قادرا، عالما، مدركا، لا يحتاج إلى أشياء يعلم بها، ويقدر ويحيي، وأنه خلق الخلق، أمرهم، ونهاهم، ولم يكن آمرا وناهيا قبل خلقه لهم.

وقالت المشبهة: إنه يشبه خلقه. ووصفوه بالأعضاء، والجوارح، وأنه لم يزل آمرا وناهيا، ولا يزال قبل خلق خلقه، ولا يستفيد بذلك شيئا، ولا يفيد غيره، ولا يزال آمرا وناهيا ما بعد خراب العالم، وبعد الحشر والنشر، دائما بدوام ذاته تعالى (14).

وهذه المقالة في الأمر والنهي ودوامها مقالة الأشعرية أيضا، وقالت الأشاعرة أيضا: إنه تعالى قادر، عالم، حي، إلى غير ذلك من الصفات، بذوات قديمة، ليست هي الله تعالى، ولا غيره، ولا بعضه، ولولاها لم يكن قادرا، عالما، حيا (15) تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

* * *

وقالت الإمامية: إن أنبياء الله وأئمته منزهون عن المعاصي، وعما يستخف وينفر، ودانوا بتعظيم أهل البيت الذين أمر الله تعالى بمودتهم، وجعلها أجر الرسالة، فقال: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].

وقال أهل السنة (16): إنه يجوز عليهم الصغائر، وجوزت الأشاعرة عليهم الكبائر.!.

ترجيح أحد المذهبين :

فلينظر العاقل في المقالتين، ويلمح المذهبين، وينصف في الترجيح، ويعتمد على الدليل الواضح الصحيح (17)، ويترك تقليد الآباء، والمشايخ الآخذين بالأهواء (18)، وغرتهم الحياة الدنيا (19)، بل ينصح نفسه، ولا يعول على غيره (20)، ولا يقبل عذره غدا في القيامة: إني قلدت شيخي الفلاني (21)، أو وجدت آبائي وأجدادي على هذه المقالة (22). فإنه لا ينفعه ذلك يوم القيامة، يوم يتبرأ المتبعون من أتباعهم، ويفرون من أشياعهم.

وقد نص الله تعالى على ذلك في كتابه العزيز (23). ولكن أين الآذان السامعة، والقلوب الواعية، وهل يشك العاقل في الصحيح من المقالتين، وأن مقالة الإمامية هي أحسن الأقاويل، وأنها أشبه بالدين (24)، وأن القائلين بها هم الذين قال الله فيهم: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 17، 18]. فالإمامية هم الذين قبلوا هداية الله تعالى، واهتدوا بها، وهم أولوا الألباب.

ولينصف العاقل من نفسه: إنه لو جاء مشرك يطلب (وطلب) شرح أصول دين المسلمين في العدل، والتوحيد، رجاء أن يستحسنه، ويدخل فيه معهم، هل كان الأولى أن يقال له: حتى يرغب في الإسلام، ويتزين في قلبه أنه من ديننا، أن جميع أفعال الله تعالى حكمة وصواب، وأنا نرضى بقضائه، وأنه منزه عن فعل القبايح والفواحش، لا تقع منه، ولا يعاقب الناس على فعل يفعله فيهم، ولا يقدرون على دفعه عنهم، ولا يتمكنون من امتثال أمره، أو يقال: ليس في أفعاله حكمة وصواب، وأنه يفعل السفه والفاحشة (وأنه أمر بالسفه والفاحشة) ولا نرضى بقضاء الله، وأنه يعاقب الناس على ما فعله فيهم، بل خلق فيهم الكفر والشرك، ويعاقبهم عليهما، ويخلق فيهم اللون، والطول، والقصر، ويعذبهم عليها.

وهل الأولى أن نقول: من ديننا أن الله لا يكلف الناس ما لا يقدرون عليه، ولا يطيقون؟ أو نقول: إنه يكلف الناس ما لا يطيقون، ويعاقبهم على ترك ما لا يقدرون على فعله؟.

وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى يكره الفواحش، ولا يريدها، ولا يحبها، ولا يرضاها، أو نقول: إنه يحب أن يشتم، ويسب، ويعصى بأنواع المعاصي، ويكره أن يمدح، ويطاع، ويعذب الناس لما كانوا كما أراد ولم يكونوا كما كره؟.

وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى لا يشبه الأشياء، ولا يجوز عليه ما يجوز عليها؟ أو نقول: إنه يشبهها؟

وهل الأولى أن نقول: إن الله تعالى يعلم، ويقدر، ويحيي، ويدرك لذاته؟ أو نقول: إنه لا يدرك، ولا يحيي، ولا يقدر، ولا يعلم إلا بذوات قديمة، لولاها لم يكن قادرا، ولا عالما، ولا غير ذلك من الصفات؟

وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى لما خلق الخلق أمرهم ونهاهم، أو نقول: إنه لم يزل في القدم ولا يزال بعد فنائهم طول الأبد يقول: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، لا يخل بذلك أصلا؟.

وهل الأولى أن نقول: إنه تعالى تستحيل رؤيته، والإحاطة بكنه ذاته؟ أو نقول: إنه يرى بالعين إما في جهة من الجهات له أعضاء وصورة، أو يرى لا في الجهة.

وهل الأولى أن نقول: إن أنبياءه وأئمته منزهون عن كل قبيح وسخيف، أو نقول: إنهم اقترفوا المعاصي المنفرة عنهم، وأنه يقع منهم ما يدل على الخسة والذلة، كسرقة درهم، وكذب، وفاحشة، ويدومون على ذلك، مع أنهم محل وحيه، وحفظة شرعه، وأن النجاة تحصل بامتثال أوامرهم القولية والفعلية؟.

فإذا عرفت: أنه لا ينبغي أن يذكر لهذا السائل عن دين الإسلام، إلا مذهب الإمامية دون قول غيرهم، عرفت عظم موقعهم في الإسلام، وتعلم أيضا بزيادة بصيرتهم، لأنه ليس في التوحيد دليل ولا جواب عن شبهة إلا من أمير المؤمنين عليه السلام، وأولاده عليهم السلام أخذ، وكان جميع العلماء يستندون إليه على ما يأتي، فكيف لا يجب تعظيم الإمامية، والاعتراف بعلو منزلتهم، فإذا سمعوا شبهة في توحيد الله تعالى، أو في عبث بعض أفعاله انقطعوا بالفكر فيها عن كل أشغالهم فلا تسكن نفوسهم، ولا تطمئن قلوبهم حتى يتحققوا جوابا عنها، ومخالفهم إذا سمع دلالة قاطعة على أن الله عز وجل لا يفعل الفواحش والقبايح، ظل ليله ونهاره مهموما مغموما، طالبا لإقامة شبهة يجيب بها حذرا: أن يصح عنده أن الله تعالى لا يفعل القبيح، فإذا ظفر بأدنى شبهة قنعت نفسه، وعظم سروره بما دلت الشبهة عليه، بأنه لا يفعل القبيح، وأنواع الفواحش غير الله تعالى، فشتان بين الفريقين، وبعد ما بين المذهبين.

_____________

(1) شرح التجريد للقوشجي ص 373، والفصل لابن حزم ج 3 ص 66، والملل والنحل ج 1 ص 101.

(2) الملل والنحل 1 ص 96، وعقائد النسفي، وشرحه للتفتازاني ص 109، والفصل لابن حزم ج 3 ص 69.

(3) شرح العقائد، وحاشيته للكستلي ص 113، والملل والنحل ج 1 ص 94، والتفسير الكبير ج 26 ص 201.

(4) أقول: ذكر الفضل في المقام مقالة الأشاعرة وأوضحها، وليراجع:

. الفصل لابن حزم ج 3 ص 54، وشرح العقائد ص 109.

(5) التفسير الكبير ج 17 ص 11 و ج 28 ص 232، وشرح التجريد للقوشجي ص 375.

(6) الفصل لابن حزم ج 3 ص 1، والمنخول للغزالي، وذكره الفضل في المقام موضحا له.

 (7) الزمانة: بفتح الزاي المعجمة: العاهة، عدم بعض الأعضاء، تعطيل القوى.

(8) الملل والنحل ج 1 ص 96 و 102، والفصل لابن حزم ج 3 ص 54، وشرح العقائد ص 102 و 123.

(9) وقد قرر مقالتهم هذه متكلمهم الفضل بن روزبهان في المقام، وليراجع: الفصل لابن حزم ج 3 ص 142. وشرح العقائد ص 109 و 129، وفي حاشيته للكستلي.

(10) وقد قرر ذلك أيضا الفضل في المقام، وحاول توجيهه، وليراجع: الملل والنحل ج 1 ص 96، وشرح العقائد ص 113، وذكره ابن قيم الجوزية، في: شرح منازل السائرين.

(11) التفسير الكبير ج 17 ص 218، ويأتي ما هو الحق في ذلك في مسألة النبوة.

(12) أقول: إذا فرض أن الله تعالى هو الفاعل لأفعال البشر، ولا مؤثر إلا هو، فلا بد أن يكون مريدا لما يقع من الفواحش التي هي مراد الشياطين، ومراد الشياطين مكروه للأنبياء، وقد أراد الله منهم ما هو مكروه للأنبياء، وما أراده الأنبياء من الطاعات لم يردها الله تعالى في الشياطين والفساق.

(13) التفسير الكبير ج 1 ص 142، والفصل لابن حزم ج 1 ص 142، وشرح العقائد، وفي حاشيته للكستلي ص 109 - 113.

(14) قال أبو منصور البغدادي في كتابه: الفرق بين الفرق ص 37 (ط مصر): " إن المشبهة صنفان، صنف شبهوا ذات الباري بذات غيره، وصنف آخر شبهوا صفاته بصفات غيره، وكل من هذين الصنفين متفرقون إلى أصناف شتى ".

أقول: إن أحمد بن حنبل، ومن تبعه من الحنابلة، وغيرهم، كأبي الحسن الأشعري، والوهابية، قد وافقوا في التشبيه في كلا الصنفين. راجع: " الإبانة في أصول الديانة " للأشعري، والملل والنحل ج 1 ص 92 و 93 و 103 و 108، وتأريخ الكامل ج 6 ص 248، وتفسير الكشاف ج 1 ص 310، ومنهاج السنة ج 2 ص 240 إلى 278، والرسائل الخمس المسماة بالهدية السنية ص 97، 99، وفي الرسالة الخامسة ص 105، ومجموعة الرسائل ج 1 ص 429.

(15) الملل والنحل ج 1 ص 95.

(16) مراده الأعم من المعتزلة، والأشاعرة.

(17) كما قال الله تعالى: { هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 203] الأعراف: 203 وقال تعالى: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] 57.

(18) كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ } [التوبة: 23] ، وقال تعالى:

{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]

(19) كما قال تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } [الأنعام: 70].

(20) كما قال تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56].

(21) كما قال تعالى: { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } [هود: 113] ، وقال تعالى:

{فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الروم: 57].

(22) كما قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28].

(23) أقول ينص كتاب الله: على أن يوم القيامة يوم تكشف فيه الأسرار، ويتذكر فيه الإنسان ما سعى، ويرى أنه لا يغادر من عمله صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها في صحيفة عمله، قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى} [النازعات: 34، 35], وقال تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] ، وقال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } [البقرة: 166، 167] .

(24) فقد ورد على لسان الرسول الأعظم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، في نزول وتفسير قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 7،8] أنهم يوم القيامة راضين مرضيين، وهم الذين وعدهم نبيهم: بأن موعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الأمم للحساب، تدعون غرا محجلين.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.