أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1427
التاريخ: 2024-07-09
418
التاريخ: 2023-02-22
1251
التاريخ: 19-1-2023
1160
|
اولا : مرحلة التبليغ .
قال تعالى : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [ سورة الاعراف : 85]
مر نظيره في الآية 59 من هذه السورة.[ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ] وشعيب من أنبياء العرب كهود وصالح ، وأهل مدين عرب ، وكانوا يسكنون أرض معان من أطراف الشام .
« قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » . البينة كل ما يتبين به الحق ، سواء أكان برهانا عقليا ، أم معجزة خارقة للعادة ، وليس من شك ان شعيبا قد جاء قومه بمعجزة تدل على نبوته ، والا كان متنبئا ، لا نبيا . ولا نص في القرآن يدل على نوع هذه المعجزة ، فتعيينها بالذات كما في بعض التفاسير قول على اللَّه بغير علم .
« فَأَوْفُوا الْكَيْلَ والْمِيزانَ ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ » . ويومئ هذا النص إلى انهم كانوا يسيئون المعاملة في البيع والشراء ، وان ذلك كان فاشيا فيهم ، ولذلك أمرهم بإيفاء الكيل والميزان بعد أن أمرهم بتوحيد اللَّه ، ثم أمرهم بالعدل وعدم البخس في جميع الحقوق مادية كانت كالمبيعات ، أو معنوية كالعلم والأخلاق ، فلا يصفون العالم بالجهل ، والأمين بالخيانة .
« ولا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها » . مر تفسيره في الآية 56 من هذه السورة ، فقرة اللَّه أصلح الأرض والإنسان أفسدها « ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » ذلك إشارة إلى الخمسة المتقدمة ، وهي عبادة اللَّه ، والوفاء بالكيل والوزن وعدم البخس والإفساد .
« ولا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وتَبْغُونَها عِوَجاً » . هذا بيان وتفسير لقوله : <<ولا تفسدوا في الأرض >> لأن معناه دعوا الناس وشأنهم ، ولا تلقوا عليهم الشبهات ، ولا تتوعدوهم وتهددوهم ان أرادوا الإيمان باللَّه ورسوله ، ولا تمنعوا من آمن أن يقيم شعائر الدين ، وتصدوه عن طريق اللَّه القويم ، وتحاولوا أن تحملوا الناس على سلوك الطريق العوجاء التي تسيرون عليها . . وأوضح تفسير لهذه الآية وأوجزه ما روي عن ابن عباس انهم كانوا يقعدون على الطريق ، ويخوفون الناس أن يأتوا شعيبا ، ويقولون لهم انه كذاب ، فلا يفتننكم عن دينكم .
« واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ » . جعلهم اللَّه أغنياء بعد أن كانوا فقراء ، وأقوياء بعد أن كانوا ضعفاء ، وكثيرين بعد أن كانوا أقلاء ، فوجبت عليهم الطاعة والشكر للَّه { وانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } أي وإلا أصابكم ما أصاب من أفسد الأرض مثل قوم نوح وهود وصالح ولوط .
{ وإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا } . آمن بشعيب جماعة ، وكفر به آخرون ، فدعا الجميع إلى التعايش السلمي ، وان تترك كل طائفة وشأنها ، ولا يتعرض أحد لأحد بأذى ، سواء اختار الكفر ، أم الإيمان ، ثم تنتظر الطائفتان إلى ان يحكم اللَّه بينهما { وهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ } . ولا رد لهذا المنطق ، وبأي شيء ترد من يقول لك : انتظر فيك حكم اللَّه ؟
ثانيا : مرحلة المواجهة مع زعماء القوم .
قال تعالى : { قالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا } [ سورة الاعراف : 90]
قدمنا ان شعيبا دعا المترفين الكافرين إلى المسالمة والتعايش مع الذين أمنوا به ، وان يترك الخيار لمن يشاء أن يدخل في الدين الذي يشاء . . ولكن المترفين رفضوا دعوته ، وخيروه بين أمرين لا ثالث لهما : اما أن يخرج هو ومن آمن معه من بلدهم ، واما أن يعود الذين آمنوا به إلى الكفر ، ويعود هو إلى موقفه السابق - قبل النبوة - لا مؤيد لدينهم ولا مفند ، وبكلمة ان قولهم : « أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا » معناه أن يرجع الوضع الذي كان قبل النبوة إلى ما كان .
« قالَ أَولَوْ كُنَّا كارِهِينَ » ؟ . هذا هو منطق المنصف المخلص ، لا يحمل أحدا على ما يكره ، ولا يحب أن يحمله أحد على ما لا يريد ، ثم هل يكون الإيمان بالإكراه ؟ . وهل المؤمن حقا يؤثر الإقامة في الوطن على دينه وعقيدته ؟ .
{ قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها } . طلب المشركون من شعيب (عليه السلام)أن يرتد عن الإيمان إلى الشرك ، فقال لهم : ان الارتداد افتراء على اللَّه ، وعاقبة الافتراء عليه تعالى وبال وعذاب ، وقد أنجانا اللَّه منه ، فكيف نفتري عليه ؟ . . اما ان الارتداد افتراء على اللَّه فواضح ، لأن معناه ان الشرك باللَّه خير وأبقى من الإيمان بوحدانيته « وما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا » . ضمير فيها يعود إلى ملة الكفر والشرك ، والتعليق هنا على مشيئة اللَّه تعليق على المحال ، لأن اللَّه لا يشاء الكفر والشرك ، فهو تماما كقوله تعالى : ولا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ .
{ وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } تقدم نظيره في الآية 80 من سورة الأنعام .
{عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا } . ومن توكل عليه لا يخشى التهديد والوعيد ، لأنه على علم اليقين بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع . { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ } . بعد أن يئس شعيب منهم وتأكد من إصرارهم على الكفر التجأ إلى اللَّه ، وتضرع إليه أن يحكم ويفصل بينه وبين من كفر من قومه ، لأنه تعالى هو مصدر القوة والعدل .
ثالثا : مرحلة المواجهة الحاسمة .
قال تعالى : {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ }[سورة الاعراف : 90].
توجه المشركون أولا إلى شعيب صاحب الدعوة يهدون ويتوعدون ، ولما يئسوا منه تحولوا إلى الذين آمنوا به يحاولون فتنتهم عن دينهم ، وقالوا لهم فيما قالوا : انكم لخاسرون في اتباعكم شعيبا ، وهذا دأب من لا حجة له إلا الإغواء والإضلال .
{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} . هذا هو الجواب الصحيح لمن عاند وتمرد ، وأبى إلا الضلال والفساد ، وتقدمت هذه الآية بالحرف 78 من هذه السورة .
« الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا » . لقد أتى العذاب عليهم وعلى ديارهم وجميع آثارهم ، حتى كأنهم لم يعرفوا هذه الحياة وتعرفهم . . وكل امرئ مجزي بما أسلف عاجلا أو آجلا . « الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ » . قال الذين أشركوا للذين آمنوا : انكم لخاسرون فكانت العاقبة خسرانهم وهلاكهم ، وربح المؤمنين ونجاتهم . . والعاقل لا يقول للمترف الهناء لك ، وللمستضعف الويل لك ، لأن للدهر مخبآت ومفاجآت ، والأمور بخواتيمها ، وإنما كرر « الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً » تأكيدا لخسرانهم وهوانهم .
{ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي ونَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ } . كيف أحزن على من أهلك نفسه بنفسه مصرا على الكفر باللَّه وكتبه ورسله ، والاستهزاء بمن آمن به واتبع صراطه القويم .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|