أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-10-2019
2325
التاريخ: 21-10-2019
1576
التاريخ: 7-2-2017
2309
التاريخ: 2023-06-06
1198
|
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يشفع لأبي طالب:
بعد حذف السند، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هبط علي جبرئيل. وقال لي: يا محمد إن الله عز وجل مشفعك في ستة: بطن حملتك، آمنة بنت وهب، وصلب أنزلك، عبد الله بن عبد المطلب، وحجر كفلك، أبو طالب، وبيت آواك، عبد المطلب، وثدي أرضعك، حليمة بنت أبي ذؤيب - السعدية -.
دفاع أبو طالب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه المجيد {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31] (1). كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت. لقد وقفت قريش في بادئ الأمر من دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موقف اللامبالاة الذي لا يخلو من الهزء والسخرية، مقرونة بالبهت والتكذيب، وهي التي كانت تدعوه بالصادق الأمين.
وكانت تظن أن الأمر لا يعدو أن يكون لغرض في نفس محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد أن يحققه بتلك الدعوة، كالزعامة مثلا، أو الجاه، أو الثراء، إلى غير ذلك، على الرغم مما سمعوا ولمسوا من مقدمات البعثة وبشائرها. ولكنهم سرعان ما أدركوا خطأهم بعد ما انتشرت دعوته، ونشط أتباعه وازدادوا، وأعلنوا عقائدهم بالتوحيد وبالربوبية، ونبذ عبادة الأصنام وبالمساواة بين طبقات الناس، وعدم الفرق بين الغني والفقير، والعبد والمولى، واشتد تماسكهم يوما بعد يوم، إلى غير ذلك من أسباب النهضة. فعظم عليهم ذلك وخرجوا من حدود اللامبالاة، والأناة، والصبر، وتشاور مشيخة قريش وزعماؤهم جديا في الأمر، من أين يبتدئون وأي طريق يسلكون لإيقاف هذا الزحف المدمر لهم، والسيل الهادر الذي أصبح يهدد كيانهم؟
وإن طريق العنف في بادئ الأمر مع الداعي الأول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما يخلق لهم مشاكل، وربما تشتعل حرب داخلية بينهم، حيث إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منعة بسبب حماية عمه أبي طالب، الذي استأثر بقلبه، وأصبح أحب إليه من أهله وأولاده، بل ونفسه أيضا، ومن وراء أبي طالب من يأتمر بأمره من بني هاشم، وهم أطوع له من بنانه، فإذا أصابوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بسوء فسيقف له أبو طالب ومن ورائه جميع بني هاشم، وستصبح مكة مسرحا لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر. لقد وضعت قريش كل ذلك في حساباتها، وما عليهم إذا إلا أن يدخلوا من باب آخر، لا يتسم بطابع العنف والقوة. فاجتمعوا في دار الندوة، وقر رأيهم أن يراجعوا أبا طالب ليكون سفيرا بينهم وبين ابن أخيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاجتمعوا إليه وقالوا: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل أبناءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه، فردهم أبو طالب ردا رقيقا، ولكن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ازداد ظهورا ودعوة في دين الله، وكثر أنصاره والمؤمنون برسالته. فتوترت أجواء مكة وأصبح محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث الكل، القريب منهم والبعيد، ومن جهة أخرى تواصت قريش فيما بينها بالشدة وعدم المهادنة، ثم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى يؤكدون عليه عزمهم، قائلين له: يا أبا طالب، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا، وقد استنهيناك من ابن أخيك، فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على ذلك، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك حتى يهلك أحد الفريقين. فعظم ذلك على أبي طالب لما اشتدت قريش في أمرها وأكثروا الضغط عليه، وإنذاره بالحرب إن لم يرد ابن أخيه عن تسفيه آلهتهم.
كما أنهم عرضوا عليه أن يملكوه عليهم، ويشاطروه أموالهم، ويقدموا له ما يشاء أن تراجع عن موقفه. عند ذلك جاءه أبو طالب وقال له: يا بن أخي، أبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عماه، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته ثم استعبر باكيا وقام من مجلس عمه، فناداه أبو طالب: ادن مني يا ابن أخي، فأقبل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: يا بن أخي، قل ما شئت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا، وأنشد يقول:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى أوسد في التراب دفينا
أخفق القرشيون في إعراضهم وإرهابهم أمام ثبات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على مبدئه ورسالته، وأدركوا أن ما يصبون إليه من خذلان أبي طالب لابن أخيه بعيد المنال، وضرب من الخيال. اشتدت قريش على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن آمن معه من قريش وغيرها، وجعلوا يرسمون الخطط، ويكررون المحاولات للحد من تقدم دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) برسالته، وإيقاف نشاطه. حتى أن عتبة بن الربيع وهو من سادات قريش في مكة لما شاهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جالسا في جوار البيت وحده، قال: يا معشر قريش، ألا أقوم لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ قالوا: بلى قم يا أبا الوليد. فقام إليه عتبة وجلس إلى جنبه وقال له: يا ابن أخي، إنك منا حيث علمت من البسطة في العشيرة، والمكان والنسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم سفهت أحلامهم، وفرقت جماعتهم، وعبت آلهتهم ودينهم، وكفرت من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها. يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعناه لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا.. إلى آخر العروض المغرية التي عرضها عليه، وكان يحدثه بأسلوب هادئ لين، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يستمع إليه، فلما انتهى من حديثه قال له: أفرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم. قال: إسمع مني، ثم تلا عليه هذه السورة {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 1 - 5] (2). ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتلو عليه ما بقي من سورة فصلت حتى انتهى من السجدة فخر لله ساجدا ورفع رأسه واتجه إلى عتبة وقال: أسمعت يا أبا الوليد؟ فلم يدر ما يجيبه، وقام عنه ورجع إلى أصحابه مأخوذا بجمال ما رآي وما سمع، مدهوشا بعظمة هذا الرجل، لقد رآى أمامه رجلا لا كالرجال، رجلا من نوع آخر، غير الذين عرفتهم مكة أو عرفهم العالم بأسره. ومضى يقص على أصحابه ما شاهد وسمع من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: لقد سمعت منه، ولا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها لي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه. قالوا: لقد سحرك الرجل يا أبا الوليد ببيانه ولسانه. فقال: هذا هو رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.
وفاة الأم:
ومما يذيب القلب حسرة أن أم المؤمنين خديجة (عليها السلام) توفيت قبل مضي عام واحد على خروجها وخروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبه من شعب أبي طالب (3)، والزهراء بعد لم تذق طعم الحياة، وتتنفس الصعداء وتتلمس الراحة، حين فجعت بوفاة أمها الرؤوم، فأخذ هذا الحادث المفاجئ منها مأخذا عظيما، وصدع روحها الشفيفة ومشاعرها الحساسة وصدمها صدمة ذوت لها زهور الأمل، وانهمرت دموعها الساخنة على فقد أمها الحبيبة، وهي تبحث عنها في كل مكان، فإن يتم الأم أعظم عاطفيا من يتم الأب لدى الطفل. وجعلت تلوذ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتدور حوله وتقول: أبه أبه أين أمي؟! فنزل جبرئيل فقال له: ربك يأمرك أن تقرأ فاطمة السلام وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب، لا تعب فيه ولا نصب (4).
رحيل الكفيل والوزير:
توفي أبو طالب وخديجة في السنة العاشرة من المبعث الشريف (5)، فحزن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك حزنا شديدا، وسمي ذلك العالم ب(عام الأحزان)، لأنه فقد ناصريه وحامييه في مكة، شريكة حياته ووزيرته وأم أولاده (خديجة)، وسنده ومانعه (أبا طالب). فتغيرت حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) في داخل البيت وخارجه، واشتدت عليه قريش ووصلوا من أذاه بعد وفاة أبي طالب ما لم يكونوا يصلون إليه في حياته، حتى نثر بعضهم التراب على رأسه، وحتى أن بعضهم طرح عليه رحم الشاة وهو يصلي.
____________
(1) الفرقان الآية 31.
(2) سورة فصلت: الآية 1 - 5.
(3) مناقب ابن شهرآشوب: 1 / 174.
(4) ينابيع المودة: 313، البحار: 16 / 1.
(5) مناقب ابن شهرآشوب: 1 / 174.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|