أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2017
1689
التاريخ: 28-9-2020
2695
التاريخ: 30-7-2019
2438
التاريخ: 11-6-2021
2415
|
فدك وخيبر:
وأما قول السيد[رحمه الله] : واغتصبا بالقهر نحلة ذات الفضل والخفر؛ فاعلم أني أولاً أسوق لك بعض ما ذكره البستي في ذلك أيضاً فأقول: إنه ذكر أن الأصل في هذا الباب أن الناس قد اختلفوا في فدك وخيبر فمنهم من قال: كان ذلك في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن مات، ثم تناوله أبو بكر، وأن فاطمة لم تنازع فيه، وإنما استعلمت عن وجه الحكم، فلما عرفت سكتت وأعرضت وكفت، ومنهم من قال: [إنها] ادعت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نحلها إياه، ثم إنها طولبت بالبينة؛ فأتت برجل وامرأة فقيل لها: إما مع الرجل رجل وإما مع الإمرأة امرأة، فعدلت إلى الميراث فحاجها أبو بكر بقوله صلى الله عليه وآله وسلم :(( إنَّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)). فتركت المنازعة عند ذلك.
ومنهم من قال: إنها ادعت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيام حياته أنحلها إياه، فلما لم يقبل قولها وقول شاهدها؛ عدلت إلى الميراث.
فلما منعت الميراث احتجت وانصرفت راضية بما جرى، غير أنَّا لا نعلم أن القوم هل فسقوا بردَّها أم لا؟
ومنهم من قال: نعلم أن ردها فسق من حيث أن مالها أخذ ظلماً، ومن حيث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله)). ومن أخذ مالها فقد آذاها لا محالة.
قال البستي: والذي نقول في ذلك: إن فدك وخيبر كانا لها، ومعلوم أنها ادعت وناظرت أبا بكر، وأهل البيت أجمعوا على ذلك عنها، وكذلك أصحاب التواريخ، ومن يحكي أيام أبي بكر وأخبار فاطمة ذكروا مناظرتها في أمر فدك، فمن أنكر ذلك؛ فقد أنكر بيعة أبي بكر، وإمامته وجلوسه مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإذا ثبت دعواها في فدك بهذه الطريقة فالذي نقول: إنها ما ادعت إلا الحق؛ لكونها معصومة؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم بشرها بالجنة، وعهد إليها أنها أول أهله تلحق به، وأن منزلها ومنزل أمير المؤمنين علي بحذاء منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأنه قال: ((سيدات نساء العالمين أربع : آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة ابنة خويلد، وفاطمة بنت محمدً)). فإذا ثبت أنها من أهل ولاية الله سبحانه لزم القطع بأنها كانت محقة في دعواها غير مبطلة.
قال الفقيه حميد : إن الخلاف بين الناس في إقدام أبي بكر على ذلك مترتب على ما تقدم من قول الإمامية، وبعض الزيدية، والقول الثاني، والثالث، وروى الفقيه حميد في كتاب (محاسن الأزهار) أن البخاري روى بسنده، عن عائشة: أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممَّا أفاء الله عليه بالمدينة، وفدك، وما بقي من خمس خيبر، إلى أن قالت: فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منه شيئاً؛ فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك وهجرته، ولم تكلمه حتى توفيت، وقد عاشت بعد النبي ستة أشهر، فلما ماتت دفنها علي -عليه السلام- ليلاً وصلى عليها، ولم يؤذن بها أبا بكر.
قال الفقيه حميد: وروى صاحب (المحيط بالإمامة) : أن أبا بكر أخرج وكيل فاطمة من فدك، وطالبها بالبينة بعد شهر من موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاءها وكيلها، فقال: أخرجني أبو بكر؛ فسارت فاطمة إلى أبي بكر ومعها أم أيمن، ونسوة من قومها فقالت: فدك بيدي أعطانيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعرض صاحبك لوكيلي فقال: يا بنت محمد، أنت عندنا مصدقة إلا أن عليك البينة، فقالت: يشهد [لي] علي بن أبي طالب، وأم أيمن، فقال: هاتي؛ فشهدا وكتب لها صحيفة فختمها ؛ فأخذتها فاطمة فاستقبلها عمر، فقال: يا بنت محمد، هاتي الصحيفة، فأخذها ونظر فيها فتفل فيها، ومزقها، فاستقبلها علي بن أبي طالب -عليه السلام- وقال: مالك -يا بنت محمد غضبى ؛ فذكرت له ما صنع عمر فقال: ما ركبوا من أبيك ومني أعظم من هذا، قال: فمرضت فجاءا يعودانها، فلم تأذن لهما فجاءا من الغد فأقسم علي عليها؛ فأذنت لهما، فدخلا وسلما، فردت عليهما سلاماً ضعيفاً، ثم قالت: سألتكما بالله الذي لا إله إلا هو هل سمعتما من رسول الله ً يقول: ((من آذى فاطمة فقد آذاني )) فقالا: اللهم، نعم. قالت: فأشهد أنكما قد آذيتماني.
قال الفقيه حميد: وقد تقرر في الأخبار أن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها، ومتى كان الخبر مقطوعاً به كان الحال في عصمتها ظاهراً جلياً، لأن النبي ً أخبر بذلك مطلقاً.
قال: وهذا يقتضي أن يكون غضبها من قضية أبي بكر؛ لأنها وقعت خطئاً وإن الله قد غضب لغضبها في ذلك.
قال: وهذا يقتضي أن يكون قضاؤه باطلاً.
قلت: وأما الإمام المهدي فذكر في (البحر) أن قضية أبي بكر صحيحة، وأنها لو كانت باطلة لنقضها علي وبنو هاشم.
وروى أن زيد بن علي سئل عن ذلك؟ فقال: لو كنت إياه ما قضيت إلا بما قضى به أبو بكر.
قال الفقيه حميد: وعلى الجملة فالحال ظاهر عند العترة أن فاطمة ماتت وهي غاضبة من ذلك.
قال: وقد سئل الإمام العلامة القاسم بن إبراهيم -عليه السلام- عن الشيخين؟ فقال: كانت لنا أم صديقة ماتت وهي غضبانة عليهما، ونحن نغضب لغضبها.
وفي [مثل] ذلك يقول بعض أهل البيت -عليهم السلام-:
أتموت البتول غضبى ونرضى.... ما كذا يفعل البنون الكرام
يا أبا حفص الهوينا فما كنت.... ملياً بذاك لولا الحمام
قال بعض أهل السير: إن معاوية بعد موت الحسن بن علي أقطع مروان ثلث فدك، فلم يزل على ذلك حتى خلصت له بعد خلافته، فوهبها لابنه عبد العزيز فوهبها عبد العزيز لابنه عمر، فلما ولي عمر الخلافة كانت أول ظلامة ردَّها دعا الحسن بن الحسن بن علي فدفعها إليه، وكانت بيد أولاد فاطمة مدة ولايته.
فلما ولي يزيد بن عاتكة قبضها منهم، فصارت بأيدي بني مروان، كما كانت يتداولونها حتى انتقلت الخلافة عنهم، فلما ولي السَّفاح ردَّها على عبد الله بن الحسن ثم قبضها أبو جعفر، ثم ردَّها ابنه المهدي على ولد فاطمة، ثم قبضها ابنه موسى، ثم هارون، فلم تزل في أيديهم حتى ولي المأمون فردَّها على الفاطميين.
قالوا: إنه جلس يوماً للمظالم فأول رقعة وقعت في يده نظر فيها فبكى وقال للذي على رأسه: ناد وكيل فاطمة، فقام شيخ عليه دراعة، وعمامة، وخف، وتقدم فجعل يناظره في فدك، والمأمون يحتجُّ عليه، وهو يحتجُّ على المأمون، ثم أمر أن يسجل لهم بها، فقرأ السجل على المأمون فأنفذه؛ فقام دعبل الخزاعي إلى المأمون، فأنشد الأبيات التي أولها:
أصبح وجه الزمان قد ضحكا.... برد مأمون هاشم فدكا
فلم تزل في أيدي الفاطميين إلى أيام المتوكل، فأقطعها بعض عماله، وكان فيها إحدى عشرة نخلة غرسها رسول الله ً بيده، فكان بنو فاطمة يأخذون ثمرها، فإذا قدم الحاج أهدوا لهم منه فيصلونهم فيصير إليهم من ثمن ذلك مال جليل، فصرم ذلك الوالي الذي أقطعه إياه المتوكل ذلك النخل صرمه له بعض وكلائه، فعاد ذلك الوكيل إلى البصرة ففلج وذكر ابن أبي الحديد عقيب ذلك: أن عمر بن عبد العزيز لما ولي ردَّ فدك على ولد فاطمة، وكتب إلى واليه على المدينة وهو أبو بكر بن عمر بن حزم يأمره بذلك، فكتب إليه: إن فاطمة قد ولدت في آل عمر وآل فلان[وفلان] فعلى من أردَّ منهم؟ وكتب إليه: أما بعد: فإني لو كتبت إليك آمرك بذبح شاة لكتبت إليَّ أجماء أم قرناء؟ أو كتبت إليك بذبح بقرة لسألتني ما لونها؟ فإذا ورد إليك كتابي هذا فاقسمها في ولد فاطمة من علي، والسلام.
قال : فنقمت بنو أمية[ذلك] على عمر بن عبد العزيز، وعابوه وقالوا: أهجنت فعل الشيخين، وخرج إليه عمرو بن قيس في جماعة من أهل الكوفة، فلما عاتبوه على فعله قال: إنكم جهلتم وعلمت، ونسيتم وذكرت: إن أبا بكر محمد بن حزم، حدثني عن أبيه، عن جده، أن رسول الله ً قال: ((فاطمة بضعة مني يسخطني ما أسخطها، ويرضيني ما أرضاها)) وإن فدك كانت صافية على عهد أبي بكر وعمر، ثم صار أمرها إلى مروان فوهبها لعبد العزيز [أبي] فورثتها أنا وإخوتي [عنه] فسألتهم أن يبيعوني حصتهم [منها] فمن بايع وواهب حتى استجمعت لي، فرأيت أن أردَّها على ولد فاطمة، فقالوا : فإن أبيت إلا ذلك فامسك الأصل واقسم الغلة، ففعل.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|