أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2021
2591
التاريخ: 15-11-2019
1386
التاريخ: 22-1-2020
1740
التاريخ: 30-3-2021
1739
|
الأسئلة التي تفرض نفسها على كلّ شخص في الدنيا هو: لماذا جعل الله تعالى ولادة الإمام علي (عليه السلام) في الكعبة ؟ ولماذا لم يولد فيها أحد سواه ؟
ولماذا أجاز الله تعالى ولادة علي (عليه السلام) في الكعبة المقدّسة ولم يسمح لعيسى (عليه السلام)بالولادة في بيت المقدس ؟
وإليك متن حديث الولادة المباركة عن لسان الصحابي سعيد بن جبير عن يزيد بن قعنب مرفوعاً :
كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبدالمطّلب وفريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد ـ أُمّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وكانت حاملةً به لتسعة أشهر ، وقد أخذها الطلق فقالت :
ربّ ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وإنّه بنى البيت العتيق ، فبحقّ النبيّ الّذي بنى هذا البيت ، وبحقّ المولود الّذي في بطني لما يسّرت عليَّ ولادتي .
قال يزيد بن قعنب : فرأينا البيت وقد انفتح من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا ، والتزق الحائط ، فرُمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنَّ ذلك أمرٌ من أمر الله عزَّوجلَّ .
ثمَّ خرجت في اليوم الرّابع وبيدها أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ثمَّ قالت:
إنّي فُضِّلتُ على مَن تقدَّمني من النساء ، لأنَّ آسية بنت مزاحم عبدت الله عزَّوجلَّ سرّاً في موضع لا يحبُّ أن يُعبد الله فيه إلاّ اضطراراً, وأنَّ مريم بنت عمران هزَّت النخلة اليابسة بيدها حتّى أكلت منها رطباً جنيّاً ، فإنّي دخلتُ بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنّة وأوراقها ، فلمّا أردتُ أن أخرج هتف بي هاتف :
سمّيه علياً فهو علي يقول تعالى : « شققت اسمه من اسمي وادّبته بأدبي ووقّفته على غامض علمي »([1]).
قال العلاّمة الحّليُّ (رحمه الله) : وأمّا حال ولادته فإنَّه (عليه السلام) ولد يوم الجمعة الثّالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ; ولم يولد فيها أحد سواه لا قبله ولا بعده ; وكان عمر النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله) ثلاثين سنة ، فأحبَّه وربّاه ، وكان يطهِّره في وقت غسله ، ويجرِّعه الّلبن عند شربه ، ويحرِّك مهده عند نومه ... ويقول :
« هذا أخي وولييِّ وذخري وناصري وصفيِّي وكهفي وصهري ووصيِّي وأميني وخليفتي » وكان يحمله دائماً ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها([2]).
وقال برهان الدين الحلبيّ: فلم يزل عليٌّ (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)([3]).
وللسيد الحميري المتوفّى سنة173 قصيدة منها :
ولدته في حرم الإله وأمنه *** والبيت حيث فناؤه والمسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة *** طابت وطاب وليدها والمولدُ
في ليلة غابت نحوس نجومها *** وبدت مع القمر المنير الأسعد
ما لُفّ في خرق القوابل مثله *** إلاّ ابن آمنة النبي (محمّد) (صلى الله عليه وآله)
وللعلاّمة الشيخ حسين نجف المتوفّى سنة1252 قصيدة نقطف منها محل الحاجة:
جعل الله بيته لعلي *** مولداً ياله علاً لا يضاهى
لم يشاركه في الولادة فيه *** سيّد الرُّسل لا ولا أنبياها
علم الله شوقها لعلي *** علمه بالذي به مَن هواها
إذا تمنّت لقاءه وتمنّى *** فأراها حبيبه ورآها
ما ادّعى مدّع لذلك كلاّ *** من ترى في الورى يدوم ادّعاها
فاكتست مكّة بذلك افتخاراً *** وكذا المشعران بعد مناها
بل به الأرض قد علت إذ حوته *** فغدت أرضها مطاف سماها
أو ما تنظر الكواكب ليلاً *** ونهاراً تطوف حول حماها
وإلى الحشر في الطواف عليه *** وبذاك الطواف دام بقاها
وقال السيّد الحميري المتوفّى سنة 173هجرية :
ولدته في حرم الإله وأمنه *** والبيت حيث فناؤه والمسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة *** طابت وطاب وليدها والمولد
في ليلة غابت نحوس نجومها *** وبدت مع القمر المنير الأسعد
ما لفّ في خرق القوابل مثله *** إلاّ ابن آمنة النبي محمّد
لقد حصلت معجزات كثيرة في العصر النبوي الشريف على رأسها مقتل أصحاب الفيل القادمين لهدم الكعبة ، والمعاجز التي رافقت ولادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كلامه وبركته وولادة وصيّه الإمام علي (عليه السلام) في جوف الكعبة والصفات الإنسانية الراقية التي وهبها له الله تعالى ، وأعقب ذلك انتصار الإسلام ودخول الناس في الدين أفواجاً .
فكان الإمام علي (عليه السلام) والكعبة معجزتان من معاجز الله سبحانه فقد انشقّ جدار الكعبة احتراماً لعلي (عليه السلام) وبعد ثلاثين سنة صعد الإمام علي (عليه السلام) على كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحطّم أصنام الكعبة([4]).
ولد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد ولادة النبي (صلى الله عليه وآله) بثلاثين سنة أي قبل البعثة النبوية بعشر سنوات وهو المشهور([5]).
وقد ولد أمير المؤمنين (عليه السلام) من شيخ الأبطح أبي طالب وفاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
وقال العلماء لم يولد أحد في جوف الكعبة قبل الإسلام وبعده غير الإمام علي (عليه السلام)([6]). وعندما جاءها المخاض أرسل الله لها صوتاً بالذهاب الى الكعبة ولمّا طافت بها انشقّ لها جدار الكعبة فدخلت في جوفها وولدت عليا (عليه السلام) .
ذكر الحاكم في المستدرك على الصحيحين : وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه في جوف الكعبة([7]).
وقال الشبلنجي وابن الصبّاغ المالكي والكنجي الشافعي : (ولد علي (عليه السلام) بمكّة داخل البيت الحرام يوم الجمعة ثالث عشر من رجب (13 رجب) الحرام سنة ثلاثين من عام الفيل ، قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، وقيل بخمس وعشرين سنة ، وقبل المبعث باثنتي عشرة سنة ، وقيل بعشر سنين ,ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه)([8]).
وقال أحمد بن عبدالرحيم الدهلوي الشهير بشاه ولي الله والد عبدالعزيز الدهلوي مصنِّف التحفة الاثني عشرية في كتابه إزالة الخفاء :
تواترت الأخبار أنَّ فاطمة بنت أسد وَلَدت أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) في جوف الكعبة فإنَّه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ، ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبله ولا بعده([9]).
ومن الذين ذكروا ولادة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكعبة : المسعودي([10]) وابن الجوزي في التذكرة([11])، والحلبي([12])، وعلي الحنفي([13])، وابن الأثير([14])، وعبدالرحمن الصفوري الشافعي([15])، ومحمد مؤمن الشبلنجي([16])، وحبيب الله الشنقيطي([17]).
ومن الشيعة : الحسن بن محمد بن الحسن القمّي في تاريخ قم ، والشريف المرتضى في خصائص الأئمّة ، والشيخ المفيد في مسار الشيعة 51 ، ومئات المصادر الأُخرى, وقال عدد من العلماء : لم يولد في الكعبة أحد سواه([18]).
[لم يولد في الكعبة غيره]:
وقد حاول الزبير بن بكّار (حسداً لمنزلة الإمام علي (عليه السلام) في ولادته في جوف الكعبة) إيجاد منقبة لأحد الصحابة توازي منزلة الإمام علي (عليه السلام) تلك على خطى معاوية بن أبي سفيان ، للانتقام من وصي المصطفى فانتخب عدوّاً لبني هاشم ألا وهو حكيم بن حزام الطليق ابن عمّه ، الذي تلكّأ عن بيعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)مع مجموعة زيد بن ثابت ومحمد بن مَسْلَمة) وكان عثمانيّاً متصلّباً([19]). فاختلق له فضيلة الولادة في الكعبة([20])!
وآل الزبير من المحاربين لأهل البيت (عليهم السلام) وكان عبدالله بن الزبير قد همَّ بإحراق بني هاشم جميعاً أثناء حكمه للحجاز([21]) فحصر بني هاشم في بيت وجعل الحطب حوله بمستوى جداره وخيّرهم بين الموت بالنار والبيعة له ! ولم يتورّع عن إحراقهم في داخل الحرم المكّي([22]). ويشارك حكيم بن حزام بني الزبير في حقدهم على أهل البيت (عليهم السلام) ,وبلغت عداوة حكيم بن حزام لبني هاشم درجة عالية إذ جاء : لمّا كان يوم بدر جمعت قريش بني هاشم وحلفاءهم في قبّة وخافوهم ، فوكّلوا بهم من يحفظهم ويشدّد عليهم منهم حكيم بن حزام([23])!
وقد خرج حكيم بن حزام وأبو سفيان وصفوان بن أُميّة وعبدالله بن أبي ربيعة إلى معركة حنين لا لنصر الإسلام بل كما قال الواقدي : ينظرون لمن تكون الدائرة واضطربوا خلف الناس والناس يقتتلون([24]), أي تسبّبوا في هزيمة المسلمين ، فكانوا من المنافقين إلى نهاية عمرهم .
وبنو الزبير وحكيم بن حزام من قبيلة بني عبد العزّى القرشية فأراد الزبيريون رفع شأن قبيلتهم وفقاً لأعراف الجاهلية .
والذي يقرأ مصادر هذه الحادثة يجد أنّه لم يولد في الكعبة أحد سوى علي (عليه السلام) ، ومن البعيد أن يجمع الله تعالى هذه الفضيلة لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعدوّه الطليق حكيم بن حزام المحارب لله ورسوله المستمر على النفاق .
والله هو القائل على لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله) : « ياعلي لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق »([25]), و: « اللهمّ والي من والاه وعادي من عاداه، وانصر من نصره وأخذل من خذله »([26]).
وتجتمع في حكيم بن حزام صفات الطليق الكافر الذي أُكره على دخول الإسلام ، وأبوه حزام بن خويلد ممّن قُتِل في حرب الفجّار الآخر([27]). وكان عثمانيّاً متصلّباً ، ومن المنحرفين عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ومن قبيلة الزبير بن العوّام وابن عمّه([28]), وقد انفرد بتلك الرواية المزيّفة الزبير بن بكّار وعمّه مصعب بن عبدالله وهما من أبناء عبدالله بن الزبير بن العوّام المعادين لأهل البيت (عليهم السلام) .
وقال أحمد بن علي السليماني : إنّ الزبير بن بكّار كان من عداد من يضع الحديث . وقال مرّة عنه: منكر الحديث([29]).
ومات حكيم بالمدينة سنة أربع وخمسين، وبلغ ثراؤه أنّه باع داراً له (دار الندوة) من معاوية بستّين ألف دينار([30])!
وكان هذا المبلغ عظيماً بحيث أنّ معاوية عندما اشترى بيت حويطب بن عبد العزّى في المدينة بأربعين ألف دينار استشرف لذلك الناس([31]), ولمّا استعظم الناسُ ذلك قال لهم معاوية : وما أربعون ألف دينار لرجل له خمس من العيال([32]), واستنقص عبدالله بن الزبير حكيم بن حزام لبيعه دار الندوة من معاوية([33]).
وحبّ حكيم بن حزام للمال دفعه إلى احتكار الطعام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)([34]).
وبينما جاهد الأنصار والمهاجرون طيلة سنوات عديدة بقي معظمهم يعيشون حالة الفقر والعوز، في حين كان رجال مكّة يجمعون الأموال ويدعمون الكفر !
وفي حنين أوّل معركة لطلقاء مكَّة بعد إكراههم على دخول الإسلام ورغم انهزامهم من ساحة القتال، بقيت أعينهم تصبوا للاستحواذ على الغنائم ! وعلى رأس هؤلاء أبو سفيان وأبناؤه وحكيم بن حزام . فقد قال حكيم بن حزام : سألت النبي (صلى الله عليه وآله) بحنين مئة من الأبل فأعطانيها ، ثم سألته مئة فأعطانيها([35])!
الظاهر أنّ كثرة أمواله مثيرة للشكّ فنسبوا بعضها كذباً إلى عطايا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كي يسكت الناس ! بينما عاد الأنصار إلى المدينة بأيد خالية ! وهم مسرورون بصحبتهم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
مَن سمَّاه عليّاً النبي أم أبو طالب ؟
جاء في كتاب خصائص العشرة للزمخشريّ : أنَّ النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله) تولّى تسميته بعليٍّ ، وتغذيته أيّاماً من ريقه المبارك ، يمصّه لسانه ، فعن فاطمة بنت أسد أمِّ عليٍّ (عليه السلام)قالت : لمّا ولدته سمّاه (صلى الله عليه وآله) عليّاً ، وبصق في فيه ، ثمَّ إنّه ألقمه لسانه ، فما زال يمصّه حتّى نام »([36]).
صبا الإمام علي (عليه السلام) ورضاعه:
قال الإمام (عليه السلام) تعريفاً بنفسه : « ولقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله)بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ; وضعني في حجره وأنا وليد ، يضمّني إلى صدره ، ويكفني في فراشه يمسّني جسده ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشّيء ثمَّ يلقمنيه ; وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ، ولقد كنت أتَّبعه اتّباع الفصيل إثر أُمّه ، يرفع لي في كلِّ يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ; ولقد كان يجاور في كلِّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجةُ ، وأنا ثالثهما ; أرى نور الوحي والرِّسالة ، وأشمّ ريح النّبوَّة ، ولقد سمعت رنَّة الشَّيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله) ، فقلت : يا رسول الله ! ما هذه الرَّنَّة ؟
فقال : هذا الشَّيطان قد آيس من عبادته ; إنَّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلاّ أنَّك لست بنبيٍّ ولكنَّك لوزير ، وإنَك لعلى خير »([37]).
قال ابن أبي الحديد : وروي عن جعفر بن محمّد الصّادق (عليهما السلام) قال : « كان عليُّ (عليه السلام) يرى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الرسالة الضّوء ، ويسمع الصّوت ; وقال (صلى الله عليه وآله)له : لولا أنِّي خاتم الأنبياء لكنت شريكاً في النّبوَّة ، فإن لا تكن نبيّاً فإنَّك وصيّ نبيٍّ ووارثه ، بل أنت سيِّد الأوصياء وإمام الأتقياء »([38]).
وعاش الإمام علي (عليه السلام) في كنف رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صباه مثلما عاش النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) في كنف عمّه أبي طالب فكان علي (عليه السلام) يهتدي بهدى رسول الله و يتربّى بتربيته المعصومة عن الخطأ ويتخلّق بأخلاقه فكان علي (عليه السلام) كما أراد محمد (صلى الله عليه وآله) في كل شيء , إضافة إلى أنّهما كانا من نور واحد كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) : « كنت أنا وعلي نوراً واحداً قبل أن يخلق الله تعالى آدم فلمّا خلق الله تعالى آدم انقسم ذلك النور إلى قسمين فقسم أنا وقسم علي »([39]).
التربية النبويّة لعلي (عليه السلام):
لقد تعلّق أبو طالب برسول الله (صلى الله عليه وآله) فاعتنى به عناية خاصّة ليس لها نظير في عالم العرب فقد أصرّ على أخذه إلى الشام وعمره (صلى الله عليه وآله) تسع سنين خوفاً عليه واهتماماً به ثمّ اعتنى به وحامى عنه وعن دينه بجاهه وأولاده بجسمه وروحه اللذان أعطاهما في هذا السبيل ، فعاش رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع عمّه الصدّيق إثنين وأربعين عاماً في حماية كاملة ودعم تامّ .
وتبعاً لتلك التربية السليمة الهادفة فقد أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً من عمّه أبي طالب فربّاه في حجره الشريف وغذّاه بيده الشريفة وهذّبه بنفسه الزكيّة وعلّمه علمه السماوي وزوّجه ابنته فاطمة (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين .
قال محمد بن إسحاق عن تربية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : كان ممّا أنعم اللهُ عليه أن كان في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الإسلام وذلك أنَّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للعبّاس عمّه ، (وكان من أيسر بني هاشم) : ياعبّاس إنَّ أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، فانطلق بنا إليه لنخفّف من عياله ، آخذ من بنيه رجلاً وتأخذ أنت رجلاً فنكفهما عنه([40]) قال العبّاس : نعم . فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا إنّا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما أبو طالب : إذا تركتما عقيلاً وطالباً فاصنعا ما شئتما .
فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) فضمّه إليه ، وأخذ العبّاس جعفراً فضمّه إليه ، فلم يزل الإمام علي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بعثه الله تعالى نبيّاً فاتّبعه الإمام علي (عليه السلام) وآمن به وصدّقه ، ولم يزل جعفر عند العبّاس حتى أسلم واستغنى عنه([41]).
فكان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) تلميذاً مخلصاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) تعلّم منه أخلاقه وآدابه وعلمه ، وأصبح ختنه ووصيّه وخليفته ووزيره وأضحى منه مثل هارون من موسى (عليه السلام) لا يخالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نصّ ولا يعارضه في أمر فقال فيه النبي (صلى الله عليه وآله) : « علي إمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين يوم القيامة »([42]).
فمنزلة الإمام علي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) تختلف عن منزلة سائر الأصحاب ; ففي طول مدّة حياة الإمام علي (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والممتدة لثلاثة وثلاثين سنة كان فيها الإمام علي (عليه السلام) يعيش في كنف أُستاذ البشريّة محمد (صلى الله عليه وآله) ويستقي من علومه ويتهذّب بسلوكه وأخلاقه .
_________________
([1]) أمالي الصدوق 9 / 114، ومعاني الأخبار 10 / 62.
([2]) الحلّي، كشف الحق ونهج الصدق ص109، طب بغداد، المظفّر، دلائل الصدق 1 / 506.
([3]) الحلبي ، السيرة الحلبية 1 / 268 ، السيرة النبوية لزيني دحلان المطبوع بهامش السيرة الحلبية .
([4]) راجع تاريخ اليعقوبي 2 / 58 ـ 61 ، المستدرك 3 / 6 .
([5]) الطبقات 3 / 21 ، الكافي 1 / 376 ، اعلام الورى 153 ، تاريخ الخميس 1 / 286 الإرشاد المفيد 9 ، مناقب آل أبي طالب 2 / 78 ، تاريخ الخلفاء 166 ، الفصول المهمّة ، ابن الصبّاغ 12 ، الإستيعاب 3 / 30 ، سيرة ابن هشام 1 / 262 المستدرك ، الحاكم 3 / 111 ، المناقب الخوارزمي 17 ، ذخائر العقبى ، البداية والنهاية 3 / 26 ، البحار 35 / 7 .
واختلف الآخرون في سنة ولادته (عليه السلام) منهم من قال ولد قبل البعثة بسبع سنين وقيل اثنتي عشرة سنة أو أكثر، التهذيب 7/336، تاريخ الخميس 1/279، المعارف، ابن قتيبة 51، ذخائر العقبى 58تاريخ بغداد 1/134، سنن البيهقي 6/206، أسد الغابة 4/16 ـ 18 مجمع الزوائد 9/102نهاية الإرب 8/181، فتح الباري 7/57.
([6]) المستدرك، الحاكم 3 / 483 ، كفاية الطالب ، الكنجي الشافعي 406 ، 407 ، أُسد الغابة 4 / 31 ، نزهة المجالس 2 / 204 ، الآلوسي في شرح الخريدة الغيبية 15 ، شرح الشفا 1 / 151 ، حياة أمير المؤمنين ، محمد صادق الصدر 30 ، الفصول المهمة ، ابن الصباغ 12 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين ، ابن المغازلي 7 ، السيرة الحلبية 1 / 139 ، تذكرة الخواص 10 ، مروج الذهب 2 / 2 ، المناقب ، محمد صالح الترمذي ، آئينة تصوف 1311 .
([7]) المستدرك 3 / 550 ح6044 .
([8]) نور الإبصار ، الشبلنجي 76 ، الفصول المهمة ، ابن الصبّاغ 29 ، كفاية الطالب ، الكنجي الشافعي 407 .
([9]) وأخرج الرواية أيضاً محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في كتاب سرح الخريدة في شرح القصيدة العينيَّة لعبدالباقي أفندي العمري 15 .
([10]) مروج الذهب 2 / 2.
([11]) تذكرة خواص الأُمّة 10.
([12]) السيرة النبوية 1 / 150.
([13]) شرح الشفا 1 / 151 .
([14]) أُسد الغابة 4 / 31 .
([15]) نزهة المجالس 2 / 204.
([16]) نور الأبصار 76 .
([17]) كفاية الطالب 37.
([18]) نور الابصار ، الشبلنجي 76 ، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ 12 ، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي 406 ، ومستدرك الحاكم 3 / 483 ، وتلخيصه للذهبي ، ومناقب الإمام أمير المؤمنين لابن المغازلي 7 .
([19]) قاموس الرجال 3 / 387 .
([20]) تهذيب التهذيب، ابن حجر 2 / 384.
([21]) شرح النهج 20 / 147 ، مروج الذهب 3 / 86 طبع الميمنية .
([22]) مروج الذهب 3 / 86 طبع الميمنية ، البدء والتاريخ ، البلخي 2 / 247 ، شرح النهج 20 / 147 .
([23]) طبقات ابن سعد 4 / 11.
([24]) مغازي الواقدي 2 / 895 .
([25]) مسند أحمد بن حنبل 1 / 84 ، 3 / 349 ، صحيح مسلم 1 / 61 ، سنن النسائي 8 / 116 .
([26]) سنن الترمذي 2 / 298 ، سنن ابن ماجة 12 ، المستدرك ، الحاكم 3 / 109 ، 533 ، سنن النسائي 5 / 130 ح8464 ، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 503 ، المعجم الكبير ، الطبراني 5 / 166 ح4969 ، مجمع الزوائد 9 / 104 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 112 ، أُسد الغابة 4 / 108 ، تفسير الرازي 12 / 49 ، الدر المنثور 3 / 117 ، الإمامة والسياسة 1 / 97 ، البداية والنهاية 5 / 231 ، المناقب ، الخوارزمي 160 ، 190 ، مسند أحمد بن حنبل 4 / 281 ، الكافي ، الكليني 1 / 294 ، دعائم الإسلام ، النعماني 1 / 16 .
([27]) تهذيب الكمال 7 / 172.
([28]) الإصابة ، ابن حجر 1 / 349 ، الإستيعاب 1 / 320 هامش الإصابة .
([29]) ميزان الاعتدال، الذهبي 2 / 66.
([30]) المعارف ، ابن قتيبة 311 .
([31]) استَشْرَفَهُ حقّه: ظلمه، أقرب الموارد 1 / 585.
([32]) الاستيعاب، ابن عبد البر، بهامش الإصابة 1 / 384.
([33]) الإصابة 2 / 45 .
([34]) وسائل الشيعة، كتاب التجارة 316.
([35]) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 7 / 237 ، طبقات ابن سعد 2 / 152 ، مغازي الواقدي 2 / 945 .
([36]) الحلبي ، السيرة الحلبية 1 / 268 ، السيرة النبويّة لزيني دحلان المطبوع بهامش السيرة الحلبية .
([37]) نهج البلاغة، الخطبة 190.
([38]) الأميني، الغدير 6 / 37.
([39]) كشف الغطاء 1 / 10 ، الثاقب في المناقب ، الطوسي 288 ، المناقب ، ابن شهر آشو 2 / 278 ، فضائل الصحابة ، ابن حنبل 2 / 662 ، العمدة ، ابن بطريق 209 ، الطرائف ، ابن طاووس 16 .
([40]) عيون الأثر 1 / 124، 125، الكامل، ابن الأثير 2 / 59، تاريخ الطبري 2 / 57.
([41]) عيون الأثر 1 / 124، 125، الكامل، ابن الأثير 2 / 59، تاريخ الطبري 2 / 57.
([42]) مستدرك الحاكم 3 / 137 ، مجمع الزوائد 9 / 102 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|