أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2016
1002
التاريخ: 27-11-2016
2144
التاريخ: 22-9-2016
741
التاريخ: 5-10-2018
1155
|
...إن الأسهم الستة ترجع إلى سهمين، ثلاثة منها للإمام، و هي سهم اللّه و الرسول و ذي القربى، و ثلاثة إلى قرابة الرسول، وهي سهم اليتامى و الفقراء، و أبناء السبيل. و الذي تقتضيه القواعد، و أصول المذهب، و دلت عليه النصوص ان في زمن الحضور، والتمكن من الوصول إلى الإمام (عليه السّلام) يعطى له جميع الخمس بدون استثناء، و لا يجوز التصرف في شيء منه إلّا بإذنه. أما كيف يصنع به الإمام، و انه يوزع القسم الثاني منه على الطوائف الثلاث مقتصدا في كل طائفة على قدر كفايتها، وما زاد فهو له، و ان أعوزهم شيء أتمه من نصيبه، أما التعرض و الحديث عن هذا فلا جدوى منه، بخاصة في زماننا.
وأما في زمن الغيبة، و هو عصرنا الذي نحن فيه فالمشهور بين العلماء قديما و حديثا أن سهم القرابة، و هم اليتامى و المساكين و أبناء السبيل يعطى لهم ابتداء بدون توسط الحاكم الشرعي و الترخيص منه، على شريطة أن يكونوا من أهل الولاية الاثني عشرية، و ان يكون كل من اليتيم و المسكين من أهل الحاجة الذي لا يملك مؤنة سنته، و ان يكون ابن السبيل منقطعا في غير بلده، و فقيرا في غربته، و ان كان غنيا في بلده، و ان يكون سفره في غير معصية. و لا يجب البسط و توزيع القسم الثاني على الطوائف الثلاث: اليتامى و المساكين و أبناء السبيل، بل يجوز لك أن تعطي جميع ما عليك من الخمس لسيد واحد محتاج، على أن لا تزيد شيئا على ما يكفيه لمدة سنة، و لو كان العطاء في دفعة واحدة، و من أجاز ذلك في الزكاة منعه في الخمس. و قال صاحب الجواهر: لا أجد فيه خلافا، أما نحن فنمنعه فيهما معا، و ذكرنا الدليل في باب الزكاة.
ولا يجوز لمن عليه الخمس ان يعطي شيئا منه لمن تجب نفقته عليه، تماما كما هي الحال في الزكاة.
ونكرر أن هذا الذي قلناه عليه عمل المشهور قديما و حديثا، و تقتضيه الأدلة كتابا و سنة و إجماعا، حتى أصبح وجوب هذا النوع من الخمس من ضرورات الدين و الإسلام، و قيل: انه سقط في زمن الغيبة بعد وجوبه، و أبيح للشيعة أكله بعد تحريمه عليهم، و نقول: لقد ثبت وجوبه بالقطع و اليقين، و سقوطه مشكوك، و إطلاق الأدلة و شمولها لزمن الغيبة و الحضور محكم، أما الروايات التي استدل من استدل بها على السقوط ففيها أكثر من علة، و قد نقلها و تبسط في درسها و تمحيصها الشيخ الهمداني في الجزء الثالث من مصباح الفقيه، فليراجع.
أما سهم الإمام (عليه السّلام) ، و هو نصف الخمس و حكمه في زمن الغيبة فقد تعددت فيه الأقوال، و تضاربت، و أنهاها صاحب الحدائق إلى أربعة عشر قولا، و المهم منها القول ببقاء سهم الإمام، و عدم سقوطه في زمن الغيبة، و وجوب صرفه في تأييد الدين و دعمه، و على العارفين بتعاليمه و مبادئه، و على الفقراء الصالحين المخلصين من أهل الولاية. و القول الثاني بقاؤه، و لكن يضاف إلى سهم السادة، و يعطى لليتامى و المساكين من قرابة الرسول. القول الثالث يسقط في الأرباح، و فاضل مؤنة السنة فقط، دون سائر الأصناف الستة الباقية. القول الرابع يسقط إطلاقا، و يباح للشيعة أكله، و لا يجب عليهم دفع شيء منه.
هذي هي أهم الأقوال، أما الأدلة فهي على أنواع ثلاثة:
الأول: ما دل على وجوب إخراج الخمس إطلاقا في زمن الغيبة و زمن الحضور بدون فرق بين سهم الإمام، و سهم السادة، و هي الآية الكريمة {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ } [الأنفال: 41] . و الروايات الكثيرة عن أهل البيت (عليهم السّلام) ، و ذكرنا طرفا منها فيما تقدم، و منها قول الإمام (عليه السّلام) : الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل، أو كثير.
الثاني: ما يدل على التشديد في إخراج الخمس، و عدم سقوطه إطلاقا في حضور الإمام و غيبته، كقوله (عليه السّلام) : «لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئا، حتى يصل إلينا حقنا». و قوله (عليه السّلام) : «أما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام». و هذا النوع يعزز النوع الأول و يدعمه.
الثالث من الأدلة: ما يدل على التحليل و الإباحة، و سقوط الخمس مطلقا أيضا في الحضور و الغيبة، كقول الإمام (عليه السّلام) : « و كل من والى آبائي فهم في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب». و قوله: «الا و ان شيعتنا من ذلك- أي الخمس- و أبناءهم في حل». و لا يمكن الجمع بين النوع الثاني الذي أثبت الوجوب و عدم السقوط مطلقا في الحضور و الغياب، و بين النوع الثالث الذي نفاه و اباحه للشيعة مطلقا أيضا- لا يمكن الجمع بينهما بحمل الإثبات على زمن الحضور، و النفي على زمن الغياب، لأنه جمع اعتباطي صرف، لا دليل عليه من الشرع، و لا من العرف.
وأيضا لا يمكن الجمع بينهما بحمل الإثبات على الاستحباب، و حمل النفي على الوجوب، لأن مقتضى ذلك هو عدم وجوب الخمس من الأساس، حتى في زمن الحضور، و هذا تماما كنفي وجوب الصوم و الصلاة، و الحج و الزكاة. أما الوجوه الأخرى التي ذكرت، أو تذكر للجمع بين النوعين فليست بأفضل من هذين المحملين، و اذن، فالتعارض بين ما دل على عدم السقوط في زمن الغيبة، و بين ما دل على السقوط لا مفر منه (1)، و عليه فلا خلاص من أحد أمرين: امّا ان نلتزم ببقاء وجوب الخمس بما فيه سهم الإمام في زمن الحضور و الغياب معا، و امّا أن نلتزم بعدم وجوبه كذلك، و لا سبيل إلى قول ثالث. و من التزم بالثاني يخرج عن الإسلام، لأنه ينكر ما ثبت بضرورة الدين، فيتعين الأول حتما، و هو بقاء الوجوب و عدم السقوط في الغياب، تماما كالحضور بلا أدنى تفاوت.
وعلى هذا يصرف سهم الإمام في زمن الغيبة في السبيل الذي نعلم برضا الإمام به، كتأييد الدين، و ترويج الشريعة، و من أظهر مصاديق هذا الترويج في عصرنا الحاضر تعيين أساتذة قديرين، لإلقاء الدروس و المحاضرات في فقه آل البيت بالجامعات الزمنية الغربية منها و الشرقية. أمّا الإنفاق من سهم الإمام (عليه السّلام) على المتطفلين و المرتزقة، و على الذين يتاجرون بالدين فإنه من أعظم المحرمات، و أكبر الكبائر و الموبقات، و في عقيدتي ان إلغاء سهم الإمام أفضل ألف مرة من أن يأخذه أحد هؤلاء، و من إليهم، لأنه تشجيع للجاهل على جهله، و للمغرور على غروره، و للضال على ضلاله.
وقد اطلعت، و أنا ابحث و انقب عن مصادر هذه المسألة و أقوال الفقهاء القدامى و الجدد، و آرائهم في سهم الإمام حال غيابه، اطلعت على كلمات لصاحب الجواهر، تدل على قداسته و عظمته في الإخلاص و التقوى، و بعد النظر، قال: «ان مثلنا ممن لم تزهد نفسه بالدنيا لا يمكنه الإحاطة بالمصالح و المفاسد، كما هي في نظر الإمام، فكيف يقطع برضاه، مع عدم خلوص النفس من الملكات الرديئة، كالصداقة و القرابة، و نحوهما من المصالح الدنيوية، فقد يفضل البعض لذلك، و يترك الباقي في شدة الجوع و الحيرة».
وسر العظمة في هذا الكلام أنّه جعل «خلوص النفس من الملكات الرديئة» هو السبيل الصحيح إلى معرفة المصالح و المفاسد كما هي في واقعها، و عند الإمام (عليه السّلام) ، أمّا مجرد التحقيق و التدقيق و التفريع فما هو بشيء عند صاحب الجواهر، لأنه ليس بطريق و لا وسيلة إلى معرفة المصالح و المفاسد التي شرعت على أساسها الشرائع، و أنزلت لبيانها الأديان و أرسلت الرسل، و أداها عنهم الأئمة الأطهار، و العلماء الأبرار.
وتسأل: لو افترض ان من عليه الخمس يعلم مواقع الخير التي ترضي اللّه و الرسول من مصرف سهم الإمام، أو أنّه يستطيع أن يعلم ذلك من خبير به، و لكنه غير الحاكم الشرعي، فهل له أن يعمل بعلمه، و ينفق سهم الإمام فيما اعتقد أنه يرضي اللّه و الرسول دون أن يرجع إلى الحاكم الشرعي، أو لا بد من الرجوع إليه، بحيث إذا أنفق شيئا من سهم الإمام بدون الترخيص منه لم يفرغ ذمته، حتى و لو صادف الواقع؟
الجواب:
المشهور على وجوب الرجوع إلى الحاكم، و لكن هذا من المشهورات التي لا أصل لها، و لا دليل عليها من كتاب، أو سنة، أو عقل، بخاصة إذا صادف الإنفاق كله الواقعي، مع نية القربة المفروض تحققها، بل قام الدليل على ضد و عكس هذه الشهرة. ذلك أن الواجب هو الأداء و الوفاء بسهم الإمام، و اشتراط الرجوع إلى الحاكم قيد زائد، فينفى بالأصل. هذا، إلى أنّه لا واسطة في الإسلام بين اللّه و الإنسان، و ان اللّه جل و علا يتقبل من العبد عباداته و أعماله بدون شفيع، ما دام مخلصا في قصده، مؤديا لحقه، مطيعا لأوامره.
وحيث لا دليل على وجوب الرجوع إلى الحاكم في سهم الإمام و مصرفه، فقد ذهب جماعة من الفقهاء إلى ما قلناه، منهم الشيخ المفيد، و صاحب الحدائق، و السيد الحكيم، فقد جاء في المستمسك لهذا السيد ما ننقله بالنص و الحرف:
«و من ذلك يظهر أن الأحوط ان لم يكن الأقوى إحراز رضاه (عليه السّلام) - أي رضا الإمام- في جواز التصرف، فإذا أحرز رضاه بصرفه في جهة معينة جاز للمالك تولي ذلك بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي».
وقال صاحب الحدائق: لم نقف له- أي لوجوب الرجوع إلى الحاكم- على دليل، و غاية ما يستفاد من أخبار أهل البيت (عليهم السّلام) نيابة الحاكم في القضاء و المرافعات، و الأخذ بحكمه و فتواه، أما دفع الأموال إليه فلم أقف له على دليل لا عموما، و لا خصوصا».
والأمر كما قال صاحب الحدائق: ان نيابة الفقيه عن الإمام انما هي في القضاء و الإفتاء، لا في قبض الأموال، و للفقيه أيضا الولاية في كل ما تدعو إليه الحاجة و الضرورة، كالولاية على الأوقاف التي لا ولي خاص لها، و على الأيتام الذين لا ولي خبري لهم، و ما إلى ذاك مما لا بد منه، و لكن هذا شيء، و عدم فراغ الذمة من دين الخمس بعامة، أو سهم الإمام بخاصة إلّا بالرجوع إلى الحاكم شيء آخر.
أمّا من قال: ان الحاكم الشرعي اعرف بالمواضع التي يجب ان يصرف فيها سهم الإمام فنجيبه بأن هذا تسليم و اعتراف بأن العبرة بمعرفة المواضع و المواقع المطلوبة، لا بالرجوع إلى الحاكم.
الأنفال:
الجهة الرابعة من مباحث الخمس الأنفال، جمع نفل، و له في اللغة معان شتى، منها الغنيمة، و الهبة، و الزيادة. يقال هذا نفل على ذاك، أي زيادة عليه، و في الشرع ما يختص بالإمام منتقلا إليه من الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) .
قال اللّه جل و علا {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } [الأنفال: 1]و قال الإمام (عليه السّلام) : الأنفال كل أرض خربة باد أهلها، و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، و لكن صالحوا صلحا، و أعطوا بأيديهم على غير قتال، و له - أي للإمام - رؤوس الجبال ، و بطون الأودية، و الآجام ، و كل أرض ميتة لا رب لها ، وله صوافي الملوك، ما كان في أيديهم من غير غصب، لأن الغصب كله مردود.
وقال: الأنفال للّه، و للرسول، فما كان للّه فهو للرسول، يضعه حيث يشاء، و ما كان للرسول فهو للإمام.
الفقهاء :
قالوا: الأنفال كلها للإمام منتقلة إليه من النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) ، لأنه خليفته، و وارثه، و هي على أنواع:
1- الأرض التي تملك من غير المسلمين بدون قتال، سواء انجلى عنها أهلها و تركوها للمسلمين، أو مكنوهم منها طوعا مع بقائهم فيها.
2- الأرض الموات، سواء أملكت، ثم باد أهلها، أم لم تملك من الأساس، كالمفاوز و سواحل البحار.
3- رؤوس الجبال، و بطون الأودية، و الآجام- أي الإخراج.
4- كل ما اختص به سلطان الحرب، منقولا، أو غير منقول، على شريطة أن لا يكون مغتصبا من مسلم، أو معاهد.
5- ما يصطفيه لنفسه من غنائم الحرب قبل القسمة، فإذا اختار منها الفرس أو الثوب أو الجارية فهو له من الأنفال.
6- ميراث من لا ميراث له. والأنفال بشتى أقسامها و أنواعها تعطى للإمام، و لا يجوز التصرف بشيء منها إلّا باذنه و رضاه في حال حضوره. أمّا في حال الغياب، كهذا العصر فقد أحلها للشيعة، و جعلها لهم، و لما يعود على الإسلام بالخير و الصالح العام. و يدل على ذلك قول الإمام (عليه السّلام): «ما كان لنا فهو لشيعتنا». و قوله: «كل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون، و محلل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا».
وقال الشهيد الثاني في آخر الخمس ما نصه بالحرف: «الأصح إباحة الأنفال حالة الغيبة». و يأتي في باب احياء الموات قول الإمام: «من أحيا أرضا ميتة فهي له».
وقوله: «الأرض للّه، و لمن عمرها». و يأتي أيضا ان ميراث من لا وارث له يعود لبيت مال المسلمين. قال صاحب الحدائق في آخر باب الخمس: «و ظاهر جملة من متأخري المتأخرين القول بالتحليل مطلقا، و هو الظاهر من أخبار أهل البيت (عليهم السّلام) ، و يدل عليه جملة من الروايات، كرواية يونس بن ظبيان، و معلى بن خنيس، و صحيحة أبي خالد الكابلي، و صحيحة عمر بن يزيد، و منها الأخبار الكثيرة الواردة في إحياء الموات، و ميراث من لا وارث له، و نحو ذلك».
وقال السيد الحكيم في المستمسك: «لا يبعد استمرار السيرة على التصرف فيما للإمام من الأرض بأقسامها المتقدمة، بل عموم الابتلاء بها من غير نكير، بل لو لا الحل لوقع أكثر الناس في الحرام».
وغير بعيد أن يكون المراد من الروايات الدالة بظاهرها على سقوط الخمس مطلقا هو سقوط الأنفال خاصة، دون الأصناف السبعة التي سبق الكلام عنها، و على هذا يرتفع التعارض و التضاد بين الروايات المثبتة للخمس إطلاقا في زمن الغياب و الحضور، و الروايات النافية له كذلك، فنحمل روايات النفي على تحليل الأنفال، و روايات الإثبات على وجوب الخمس و بقائه في الأصناف السبعة، و متى اختلف الموضوع و تعدد زال التعارض حتما.
____________________
(1) و يمكن القول بأنّه لا تعارض أصلا بين الروايات المثبتة للخمس، و الروايات النافية، لاختلاف الموضوع، و تعدده، حيث نحمل الروايات المثبتة على ارادة الخمس في الأصناف السبعة و بقاءه في زمن الغيبة و الحضور، و الروايات النافية على الأنفال التي يأتي الكلام عنها في آخر الفصل، فلاحظ فقرة «الأنفال».
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|