أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
689
التاريخ: 15-11-2016
835
التاريخ: 15-11-2016
753
التاريخ: 15-11-2016
805
|
[نص الشبهة]
إِنَّ القائلين بالثَّنوية يقولون إِنَّ الله سبحانه خير محض ، فكيف خلق العقارب السّامة والحيَّات القاتلة و الحيوانات المفترسة و السباع الضواري.
[جواب الشبهة]
...أنَّ اتصاف هذه الظواهر بالشرور اتصاف قياسي وليس باتصاف نفسي ، فالعقرب بما هو ليس فيه أي شر ، و إنما يتصف به إذا قيس إلى الإِنسان الذي يتأذَّى من لسعته ، فليس للشرّ واقعية في صفحة الوجود ، بل هو أمرُ انتزاعي تنتقل إليه النفس من حديث المقايسة ، ولولاها لما كان للشرّ مفهوم و حقيقة. و إليك توضيح هذا الجواب.
إِنَّ الصفات على قسمين : منها ما يكون له واقعية كموصوفه ، مثل كون الإِنسان موجوداً ، أو أَنَّ كل متر يساوي مائة سنتيمتر. فاتصاف الإِنسان بالوجود والمتر بالعدد المذكور ، أَمران واقعيان ثابتان للموجود ، توجه إليه الذهن أَم لا. حتى لو لم يكن على وجه البسيطة إِلاّ إنسان واحد أو متر كذلك فالوصفات ثابتان لهما.
ومنه ما لا يكون له واقعية إلاّ أَنَّ الإِنسان ينتقل إلى ذلك الوصف ، أَو بعبارة صحيحة ينتزعه الذهن بالمقايسة ، كالكبر و الصغر ، فإِنَّ الكبر ليس شيئاً ذا واقعية للموصوف و إنما يُدْرَك بالقياس إلى ما هو أصغر منه.
مثلا : الأرض توصف بالصِغَر تارة إذا قيست إلى الشمس ، و بالكِبَر أخرى إذا قيست إلى القمر. و لأجل ذلك لا يدخلان في حقيقة الموصوف ، و إِلا لما صح وصف الأرض بوصفين متعارضين.
إذا عرفت انقسام الأَوصاف إلى القسمين ، فعليك تحليل مفهوم الشر على ضوء هذا البيان فنقول: إِنَّ كون العقرب موجوداً و ذا سمَّ ، من الأمور الحقيقية. و أما كونه شرّاً ، فليس جزءاً من وجوده ، و إِنما يتصف به سمّ العقرب إذا قيس إلى الإِنسان و تضرره به أو فقدانه لحياته بسببه ، و إِلاّ فانه يعدّ كمالا للعقرب و موجباً لبقائه. فإذا كان كذلك سهل عليك حلّ عقدة الشرور من جوانبها المختلفة.
أَما من جانب التوحيد في الخالقية و أنَّه ليس من خالق في صفحة الوجود إلاّ الله سبحانه و هو خير محض ليس للشر إليه سبيل، فكيف خَلَقَ هذه الموجودات المتسمة بالشر ، فالجواب أنَّ المخلوق هو ذوات هذه الأشياء و ما لها من الصفات الحقيقية، وأَما اتصافها بالشر فليس أمراً حقيقياً محتاجاً إِلى تعلق العلّة ، بل هو أَمرٌ قياسي يتوجه إليه الإِنسان ، عند المقايسة.
وإلى هذا المعنى تؤول كلمات الفلاسفة القدامى إذ قالوا :
« 1 ـ الشر أمرٌ عدمي ، و ليس أَمراً موجوداً محتاجاً إلى العلّة.
2 ـ الشَّر ليس مجعولا بالذات بل مجعول بالعَرَض.
3 ـ إذا تصفحت جميع الأشياء الموجودة في هذا العالم المسمَّاة عند الجمهور شروراً ، لم تجدها في أَنفسها شروراً ، بل هي شرور بالعَرَض خيْرات بالذات » (1).
ونحو ذلك الأخلاق الذميمة فإنها كلها كمالات للنفوس السَّبُعِيّة و البهيمية و ليست بشرور للقوى الغضبية و الشَّهَوِيَّة. و إِنما شِرِّيَّة هذه الأَخلاق الرذيلة بالقياس إلى النفوس الضعيفة العاجزة عنِ ضبط قواها عن الإِفراط والتفريط وعن سوقها إلى مسلك الطاعة الذي تناط به السعادة الباقية.
وكذلك الآلام و الأوجاع والغموم و الهموم فهي من حيث كونها إدراكات ، و من حيث وجودها أو صدورها من العلل الفاعلة لها ، خيرات كمالية ، و إِنما هي شرور بالقياس إلى متعلقاتها.
وأمَّا من جانب توصيفه سبحانه بالحكمة و الإِتقان في الفعل و العمل ، فليس في خلق هذه الحوادث و الموجودات شيء يخالف الحكمة ، فإنه سبحانه خلق العقارب والحيّات و الضواري و السباع بأحسن الخلقة و أعطاها ما يكفيها في الحياة {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50]. و إِنما تتسم هذه الحوادث و الموجودات بالشر ويتراءى أنها خلاف الحكمة من حيث المقايسة ، و هو أمر ذهني لا خارجي.
إلى هنا خرجنا بهذه النتيجة وهي أَنَّ هناك عاملين دفعا الإِنسان إلى تصور أَنَّ الشَّر ، أَمرٌ عيني خارجي يعد إيجاده على خلاف الحكمة والعدل و أَنَّه عصيان عن النظم و هما :
1 ـ النَّظرة إلى الأَشياء من منظر الأنانية و تناسي سائر الموجودات.
2 ـ تصور أنَّ الشر له عينية خارجية كالموصوف ، و الغفلة عن أَنَّه أمرٌ عدمي يتوجه إليه الذهن عند المقايسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ إشارات المرام ص 54.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|