أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-1-2016
2094
التاريخ: 22-8-2020
2132
التاريخ: 31-10-2020
2174
التاريخ: 2024-07-15
519
|
ماذا تفعل تجاه ابناءك لو كنت احد الاشخاص التالين الثلاثة :
لو كنت : فقيراً؟
لو كنت : غنياً؟
لو كنت : شخصا مرموقا او عظيما؟
اولا: ماذا لو كنت فقيراً؟ أي لو كان دخلك محدوداً او كنت تعيش في ضائقة مالية فماذا تفعل وكيف يجب ان تتصرف مع ابنائك؟. حينما يخرج ابنك إلى المدرسة، وهو لا يرتدي غير الاقمصة والملابس العتيقة البالية، ويصادف زملائه في الدراسة، وقد لبسوا افضل الاقمصة والثياب الجديدة الانيقة، ان هذا الموقف –لا شك- سيترك اثرا في نفس الطفل، ويجعله يشعر بنقص او دناءة عن الأطفال الاخرين.
وكذا لو كان المسكن متواضعاً ولا تعتبر له قيمة بين القصور والبيوت العاليات – وبالخصوص- لو كان البيت خرباً او فيه عيوب يذهب بماء الوجه.
فالطفل – مثل الكبير- يدخله الخجل والحياء من رؤية منظر بيتهم المتداعي امام الاصدقاء والاتراب.
وهكذا الامر ايضاً بالنسبة للطعام ، والشراب، فأطفال الجيران، او تلاميذ المدرسة يتساءلون فيما بينهم عن وجبات الغذاء او العشاء في اليوم الفائت، ما هي ، وماذا كانت؟ ويتفاخر بعضهم بان وجبة غذائهم كانت دسمة وشهية.
امام هذه المواقف يظل طفلك يشعر بالحرج والنقص.. ويفكر ترى اليس الاخرين افضل منه؟!
وتزداد المسالة سوءا فيما لو كان الاب يعير اهتماما للأغنياء، ويعتبرهم اصحاب القيمة العليا، ويشعر تجاههم بحقارة وتذلل.
والخطورة في الأمر، ان يخلق هذا الوضع (عقدة الحقارة) في نفسية الابناء، ويجعلهم يشعرون بنقص في شخصيتهم امام الاخرين، وبالتالي يؤدي بهم الامر إلى التراجع وعدم الاقدام في الصراع مع مشاكل الحياة التي تتناولهم في كل الأوقات.
وللتخلص من هذه النتائج السيئة، عند الأطفال المحرومين، يرى خبراء التربية ضرورة اتباع الوصية التالية : (لا تجعل قيمة للمال، في نفسك وفي ولدك، وحال – دائما - ان تعلم ابناءك بان قيمة الإنسان في عقله وعمله، وخلقه، ليست في ماله).
ولذلك فان (اكرم الحسب حسن الخلق) كما قال الإمام علي (عليه السلام).
فالأخلاق الحسنة هي التي يجب أن تكون مقياسا للتفاضل والرفعة، لقد جاء في الحديث عن الإمام علي (عليه السلام) ايضاً : (كم من وضيع رفعه حسن خلقه).
وعلى هذا الاساس يجب ان نعلم ابناءنا بان المال لربما يكون مصدرا لشقاء الإنسان وعذابه اذا ما بخل الإنسان به واستغنى، ومنع رفده عن الناس.
وفي هذا الصدد نجد ان الاسلام قد إعتبر ان العمل الشائن والمقيت ان يجعل الإنسان للمال قيمة، وللغني وزناً لا لصفة غير الغنى وقد قال الإمام الرضا (عليه السلام) : (من لقي فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف سلامه على الغنى لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان)(1).
ويقول الإمام علي (عليه السلام) : (لا تضعوا من رفعته التقوى، ولا ترفعوا من رفعته الدنيا)(2).
لماذا .. ذلك لان القيمة الحقيقية يجب أن تكون للإنسان، لا لماله، لان ماله زائل، بينما هو يبقى كانسان.
هذا بالإضافة إلى أننا اذا ما اصبحنا نعير اهتماما لصفات العلم والأخلاق اكثر من أي شيء اخر، فان هذا يعني التقدم بعينه.
بينما الامة التي تعبد المال، وتجعل القيمة العليا للدينار والدرهم.. نجد ان هذه الامة تسحق الإنسان بسهولة، لأنها سبق وان سحقت القيم الإنسانية فيه.
بهذه النظرة المعتدلة للمال يستطيع الابوان ان يجعلا المناعة في ابنائهما ضد عقدة الحقارة والنقص امام
الاغنياء والمترفين.
وبهذه الطريقة استطاع المسلمون الحفاة ان ينتصروا على حضارة الفرس والروم وكل الأسياد الوهميين الذين كانوا يحكمون الناس لا لصفة حسنة كانت عندهم او لعلم غزير كان لديهم، وانما للقوة والمال الذي كان وراء ظهورهم.
ثانياً : لو كنت غنياً .
قبل ان نتطرق إلى ما يجب ان تتصرف به حيال ابنائك، نود القول بان الغنى والنعمة الوافرة، والحياة المرفهة السعيدة، ليست من الامور المقيتة في الإسلام، بل هي من الامور الحسنة والمطلوبة، فالقرآن يقول :{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الأعراف:32].
ونحن نقرأ في الدعاء المروي عن الإمام السجاد (عليه السلام) ونقول : (اللهم ارزقني من فضلك الواسع، الحلال الطيب رزقاً واسعاً، وحلالا طيبا، بلاغا للدنيا والآخرة ، صبا صبا هنيئا مريئاً من غير كد ولا منٍّ من احد من خلقك الا سعة من فضلك الواسع).
كما وهناك احاديث كثيرة تذم الفقر مثل الحديث الذي يقول: (الفقر الموت الأكبر).
بناء على ذلك، فليس المطلوب ان لا تملك المال، وانما المطلوب ان لا يملكك المال.
ومن هذا المنطلق عليك –ايضا- ان لا تعير اهمية للقيم المادية، واعلم ان الامام علي (عليه السلام) يقول : (ليس الخير ان يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير ان يكثر علمك وان يعظم حلمك).
اذن.. فالقيمة التي يجب ان نعتز بها ليست المال، وانما هي قيمة العلم والأخلاق . وهذا هو – بالضبط - ما يجب ان تقوله لأبنائك حتى لا ينامون على حرير المال، ويظنون انهم فوق البشر، وافضل من الناس جميعاً، وهم – في حقيقة الامر – لا يملكون من الكفاءات العلمية، والمواصفات الإنسانية والتي بدونها يفقد الإنسان انسانيته، ويصبح عبدا للمال والمتجر، ولا يهمه سوى نفسه.
فخير هدية تقدمها لابنك – اذا كنت غنياً - ان تجعله لا يؤمن بالمادة كأساس للرقي والتقدم، وتدفعه لان يبحث عن الصفات الاصيلة والاخلاق الحميدة والعمل الصالح.
كما لا تنسى ان تنمي فيه الكرم والعطاء وخدمة الناس، وفعل الخير، ومساعدة الفقراء والمحرومين، واحترامهم.
وذكّرهم – دائما - بان لا يحقّروا فقراء المسلمين، ولا يروا لأنفسهم فضلا او علوا عليهم.
فان الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) يقول : (من استذل مؤمنا او مؤمنة، او حقره لفقره او لقلة ذات يده شهره الله (تعالى) يوم القيامة ثم يفضحه)(4).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (من حقر مؤمنا مسكينا لم يزل الله له حاقرا ماقتاً حتى يرجع عن محقرته اياه)(5).
ثالثا : لو كنت شخصية مرموقة .. او كنت عظيما من العظماء .. او عالما من العلماء!
هنالك مقولة مشهورة تقول : (ابن العظيم لا يصبح عظيما!).
لماذا؟
الجواب : ليس لان هنالك اشكال او خلل في تكوين ابناء العظماء، وليس هناك قصور في عقولهم –مثلا- حتى لا يكونوا مثل ابائهم.
وانما هنالك شيء واحد، هو الذي يعيقهم –غالباً- من ارتقاء سلم العظمة والنبوغ، وهو : (العيش على امجاد ابائهم، ووراثة سمعتهم، وشرف عظمتهم بين الناس).
وهذا ما نجده بالفعل، فان كثيرا من الناس انما ينطلقون في درب العلم وارتقاء سلالم العظمة، انما تكون – من جملة- دوافعهم القوية، هو حب ان يكونوا شيئا مذكوراً في الحياة او لفت انظار الناس حولهم حتى يشار اليهم بالبنان.
بيد ان هذا الدافع قد لا يكون لدى ابناء العظماء.. او ليس الناس يلتفون حولهم، ويتمنون الجلوس اليهم، والتحدث معهم.. فلماذا اذن التعب، والنصب او ليس يكفيهم ما ورثوه من ابائهم من الشرف والعظمة؟!
هذا من جانب، ومن جانب اخر نجد ان من العوامل الأخرى التي لا تحالف ابناء العظماء من بلوغ
درجة ابائهم، هو عامل انشغال الاباء بأنفسهم والآخرين، دون أن تكون لهم فرصا كافية للاهتمام بأبنائهم
بشكل مطلوب.
وعلى أي حال، لا ينبغي اهمال هذه الملاحظة، لما لها من نتائج لا تحمد عقباها، ولربما قد تسيء إلى شخصية الابناء، وتترك اثرا سلبيا قد يكون – على اقل الاحتمالات - باعثا للشعور بالعظمة الجوفاء!
ولكي تنقذ ابنك وتنجيه من كل النتائج والاحتمالات الخطرة، التي يمكنها ان تحدث، يرى العلماء ان تتبع الوصايا التالية في هذا الصدد :
1ـ إخلق له دوافع أخروية.. أي إجعل الدافع الوحيد فيه هو دافع العمل لليوم الاخر، يوم يقوم الناس ليوم الحساب، وليس دافع السمعة والسلطة، والعلو في الدنيا.
وتستطيع ان تحقق هذا العمل عبر تغيير المنطلق في ابنك منذ الصغر، فعلى سبيل المثال: لو كان ابنك يريد ان يصبح عالما او طبيباً فليكن المنطلق ليس من اجل الحصول على المادة او السمعة او الشهرة، وانما ليكن منطلقه تحقيق رضا الله عز وجل عبر خدمة الناس والبلاد.
وهكذا في كل شيء.. ليكن سعيه وعمله من اجل الحصول على الاجر الأخروي والفوز بالجنة.
ولتأكيد هذا المنطلق في الطفل، نرى من الضروري له التحدث عن الجنة وما أعدّ الله (تعالى) للمؤمنين من خير ونعيم.
2ـ دعه يعتمد على تكوين شخصيته بعيدا عنك.
وذكّره دائما، بالحكمة التالية : (ليس الفتى من قال كان ابي .. وانما الفتى من قال ها انا ذا)!
ومن هنا نجد ان الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) كان يقول لابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) : (بنية! لا يخدعك الناس، يقولون ابنة محمد.. فاني لا اجزيك من الله شيئاً).
وهكذا يجب ان تقول – انت – لأبنائك - حتى لا ينخدعوا بما ليس فيهم او لديهم، ولا بد ان نعرفهم حقيقتهم، من اجل أن لا يناموا على أحلامهم الكاذبة، وينطلقوا في الحياة بجد واجتهاد.
وليكن الحديث التالي نصب اعينهم، حيث يقول الله (عز وجل) في الحديث القدسي : (خلقت الجنة لمن اطاعني، ولو كان عبدا حبشياً، وخلقت النار لمن عصاني، ولو كان سيدا قرشياً).
وحذرهم ان يكونوا مثل تلك الامرأة الصلعاء التي حينما سئلت عن شعرها أين هو؟ اشارت إلى شعر زوجة اخيها وامتدحته كثيراً.
3ـ امنع الناس من التعامل الخاطئ معهم.
يحدث احيانا كثيرة ان الناس، ولأنهم يعظموك، ويردوك، فانهم يحبون كل شيء يمت اليك بصلة، وابناؤك اول من تنزل عليهم بركاتك، ويأتون في الدرجة الثانية بعدك في التقديس والتعظيم والاكرام،
والمحبة، ليس لأنهم عظماء، وانما لأنهم ينتمون اليك وإلى شخصك الكريم فقط.
ولا نرى باسا في ذلك ضمن حدود المعقول .. فالحديث الشريف يقول : (جاهدوا تورثوا ابناءكم عزاً).
ولكن .. اذا ما كانت النتائج معكوسة، ووجدنا ان اثارها على الابناء ستكون بشكل سلبي.. عندئذ يجب التدخل وتنبيه الناس بطريقة فنية إلى تغيير تصرفهم حيال الابناء، والمسالة مهمة حتى اذا ما اضطر الاب بان يصرح بعدم رضاه للطريقة الخاطئة التي تتم معاملة اطفاله، مثل تدليلهم، وتقبيلهم – بصورة كثيرة - واجلاسهم في الاحضان - بالرغم من تجاوزهم مرحلة الطفولة - التغاضي عن اخطائهم، والضحك في وجههم عند اقترافهم بعض الاخطاء المتعمدة، والسكوت على كل شيء يفعلونه لا نرتضيه ـ نحن - من اطفال الاخرين، بل وحتى من اطفالنا.
هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى .. على الاب العزيز – في مثل هذه الحالات - ان يرشد ابناءه إلى الاعلان عن رفضهم وعدم ارتياحهم لكل من يتصرف معهم خارج الحدود المتعارف عليها.
كما وعليه ـ ايضا - ان يقول لهم ان ما يواجهونه من الاحترام والتقدير البالغ، ليس لأنهم على شيء، وانما هو خلق كريم وتفضل من الناس اعتادوا عليه.
________________
1ـ بحار الأنوار : ج69/ص38.
2ـ بحار الأنوار : ج69/ص41.
3ـ الاعراف : 32.
4ـ بحار الانوار :ج69/ص44.
5ـ بحار الأنوار ج69/ص44.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|