أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2014
2281
التاريخ: 2-12-2014
2997
التاريخ: 14-11-2014
2771
التاريخ: 14-11-2014
2147
|
هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (1) . (97 – 161 هـ) . كان إماماً في علم الحديث وغيره من العلوم . وأجمع الناس على دينه وورعه وزهده وثقته ، وهو احد الأئمة المجتهدين (2) .
أخذ العلم عن جم من الأقطاب : كجابر الجعفي وسمالك بن حرب والأعمش وشعبة وعاصم بن بهدلة وابن أبي ليلى وابن أبي نجيح وابن جريح وعطاء بن السائب وابن إسحاق ، وأمثالهم كثير . وعده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) ممن أسند عنه (3) .
وأخذ عنه الأعلام من الخلف : كأبان بن تغلب ــ ومات قبله ــ وحفص بن غياث وروح بن عبادة وسفينا بن عيينة والطيالسي والأعمش ــ وهو من شيخوخة ــ وكذا شعبة ــ وكان من أقرانه ــ ومالك بن أنس وابن إسحاق ــ وهو من شيوخه ــ ومعمر بن راشد ــ كان من اقرانه ــ ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان ، وخلق كثير .
عن شعبة وابن عيينة وابن معين وغير واحد : إنه أمير المؤمنين في الحديث . وعن المروذي عن أحمد ــ وذكر سفيان ــ : لم يتقدمه في قلبي أحد . ثم قال : أتدري من الإمام ؟ الإمام سفيان الثوري . وقال شعبة : إن سفيان ، ساد الناس بالورع والعلم . قال الخطيب : كان إماماً من أئمة المسلمين ، وعلماً من أعلام الدين ، مجمعاً على إمامته ؛ بحيث يستغنى عن تزكيته ، مع الإتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد إلى غيرها من نعوت وأوصاف ذكرتها الأئمة بشأنه (4) .
وكان يحيى بن سعيد القطان يفضله على مالك بن أنس في كل شيء : في الحديث ، وفي الفقه ، وفي الزهد .. على ما رواه عنه يحيى بن معين . وكان يقول : رأي سفيان أحب إلى من رأي مالك . لا يشك في هذا (5) . كما وأن فضيل بن عياض كان يفضل الثوري في فقيه على أبي حنيفة ، يقول : وكان ــ والله ــ سفيان أعلم من أبي حنيفة (6) .
***************
كان سفيان الثوري قد نشأ في الكوفة ، وفي أحضان حضارتها النابعة من صميم الإسلام ، والنابضة بحيوية الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وعلى ذلك تضامت معالم العلم والولاء ف ديار كوفان ، وفي هذا الجو الوضيء نبغ الثوري وأمثاله من علماء وفقهاء ومحدثين كبار . فلا غرو من مدرسة الكوفة أن تتجه اتجاهها في التشيع الأصيل ، وجرياً مع القادة من آل بيت الرسول .
نعم ، كان سفيان الثوري ذا نزعة شيعية ، وفق بيئته ، والتربية التي تربى عليها ، على يد أفلاذ الشيعة العلماء الكبار .
لكن هناك رواية عن زيد بن الحباب ( مات سنة 203 هـ) أن أربعة من المحدثين ــ عمار بن رزيق الضبي ، وسليمان بن قرم الضبي ، وجعفر بن زياد الأحمر ، وسفيان الثوري ــ خرجوا يطلبون الحديث ، وكانوا يتشيعون .فخرج سفيان إلى البصرة فلقي عبد الله بن عمون بن أرطبان ( توفي : 152 هـ) وأيوب بن أبي تميمة كيسان الختياني ( توفي : 131 هـ) ، فترك التشيع (7) .
لا شك أنه حديث مفتعل ؛ إذ كيف ينخلع جهبذ ــ توطدت أركانه على أساس حكيم ــ عن ذاتياته التي تلقاها من فول ، لمجرد لقاء نفر لا شأن لهم سوى تعاطي الحديث ! وكان سفيان مفضلاً عليهما بفقهه ودرايته ، وليس لمجرد روايته ، كما كان غيره (8) .
ثم إن زيداً لا يذكر مستنده في هذا النقل ؛ حيث إنه لم يدرك حياة ابن عون ولا أيوب في الوقت الذي لقيهما الثوري فيما فرض ، ولا بد أنه قبل الثلاثين بعد المائة ! ولعلّه لم يولد زيد بعد حينذاك! فمن الذي حضر المشهد وحدث زيداً بما شهد ، بعد أمد غير قصير ؟!
على أن زيد بن الحباب كان كثير الخطأ ، وكان مدلساً يقلب حديث الثوري ــ كما قال أحمد وابن معين ــ فضلاً عن روايته عن المجاهيل وفيها المناكير ــ كما قال ابن حبان ــ (9) .
فيا ترى كيف يصدق قول مثله ــ وبهذا الإسناد المنقطع ــ على مثل الثوري ذلك العبد الصالح الذي كابد الأمرين في مكافحة الظلم ، وجاهد ف نشر العلم ، وتثبيت معالم الدين (10) .
** ** **
هذا ، وفي رواياتنا ما يشي بذمه ، وأنه كان منحرفاً في عقيدته ، وربما ريمه يكونه صاحب بدعه ! لكنها روايات واهية الإسناد مضطربة المفاد :
فقد روى الكشي حديث اعتراض الثوري على الإمام الصادق ارتياده ثياباً جياداً . فمرة ينسبه إلى ابن عيينة ، واخرى إلى الثوري . يروي عن العياشي عن الحسين بن اشكيب عن الحسن بن الحسين المروذي ــ مجهول ــ قال : سمعت بعض (؟) أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر الحديث (11) . فالإسناد ، سلسلة المجاهيل .
وذكر أيضاً أنه وجد في كتاب أبي محمد جبريل بن أحمد الفاريابي ، يتحدث عن ابن عيسى عن أبن الفضيل عن عبد الله بن عبد الرحمان ــ ولعله الأصم كان من كذابة أهل البصرة ــ عن الهيثم بن واقد عن ميمون بن عبد الله ــ مجهول ــ قال : أتى قوم أبا عبد الله من الأمصار يسألونه الحديث ... وذكر أحاديث نسبوها إلى الثوري ــ وفيها الأعاجيب المستنكرة ؟، باد عليها ملامح التعمّل والافتعال ــ يبدو أنها صنعت لغرض ما ! وفي آخره كلام الإمام الصادق (عليه السلام) بشأن البصرة وذم اهلها ، وأنهم أهل القول بالقدر الذي فيه الفرية على الله ، وبغض اهل البيت ، وكذبهم على آل الرسول ، واستحلال الكذب عليهم .
ولعلّه إشارة إلى ما رمى به الحسن البصري من العداء لأهل البيت ، وقوله بالقدر ، وكذا سفيان الثوري على ما اتهمه خصومه . الأمر الذي يؤكد على دسّ في هذا الحديث حتماً ، بعد ما عرفت من ولاء الحسن لآل البيت وإخلاصه الموادة في آل الرسول . أما سفيان فأجدر به أن يكون موالياً للعترة ، بعد كونه تربية معهد الولاء لأهل البيت .
ثم إن هذا القاتل ذهب عنه أن سفيان الثوري كان إمام أهل الكوفة ، فبها نشأ وترعرع ، وتربى على أحضانها ، وظل عاكفاً على أعتابها مدة حياته ، ولم يخرج من الكوفة خروجاً بلا عودة إلا بعد الخمس وخمسين ومائة (12) ، أي قبيل وفاته بست سنوات . وظل هارباً من سطوة السلطان إلى أن أقضى نحبه في إحدى مختبآته بالبصرة ، سنة إحدى
وستين بعد المائة . ومع ذلك فقد وهموا بشأن الرجل ، فحسبوه إمام أهل البصرة ، في حين أنه لم يكد يحضرها إلا خائفاً يترقب !
هذا المحقق التستري يأتي برواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) يذكر فيها سفيان ، وينعته يفقيهكم ــ مخاطباً لعبد الرحمان بن الحجاج ، وهو بصري في زعم التستري (13) ــ في كلام له مع الإمام بشأن تجويزه الإحرام لأهل مكة ، للحج من الجعرانة (14) . يحاول نصح الإمام أن لا يفعل (15) .
وقد استشعروا الذم بشأنه من هذا الحديث (16) . والحديث مضطرب في نصه (17) .
وذكر ابن النديم ــ عند الكلام عن الزيدية ــ : أن اكثر المحدثين [ الأوائل] على هذا المذهب ، مثل سفيان بن عيينة وسفيان الثوري وصالح بن حي وولده غيرهم (18) .
وذكر أبو الفرج الأصفهاني ــ في ترجمة عيسى بن زيد بن علي ــ أنه اتى سيفيان الثوري يسأله عن مسألة من السيرة ، فأبى أن يجيبه خوفاً من السلطان ، ولما عرفه أنه عيسى بن زيد ، ترحب به وعانقه وأجلسه في مكانه ، وجلس بين يديه واجاب مسألته ، وهو يبكي عطفاً عليه . ثم أقبل وعاتقه واجلسه في مكانه ، وجلس بين يديه واجاب مسألته ، وهو يبكي عطفاً عليه . ثم أقبل على الجلساء ، وقال : إن حب بني فاطمة والجزع لهم مما هم عليه من الخوف والقتل والتطريد ليبكي في قلبه شيء من الإيمان . ثم قال لعيسى : قم ، بأبي انت ، فأخف شخصك ، لا يصيبك من هؤلاء شيء نخافه ... (19) .
وذكر السيد محسن الأمين العاملي أن ابن رسته ، عد سفيان الثوري ــ في كتابة الأعلاق النفسية ــ من الشيعة . وفي هامش البيان والتبيين للجاحظ ، تعليق حسن السندوبي المصري ( ج2 ، ص87) : سفيان الثوري ، كان من التابعين وأهل الحديث مع الفقه والورع والتقوى ، وكان شيعي الرأي ، طلب للقضاء فلم يقبل ، فطلبه السلطان ليأخذه بتشيعه ، ففر وظل متوارياً بالبصرة حتى مات ودفن عشاء . وفيه يقول الشاعر :
تحّرز سفيان وفرّ بدينه وأمسى شريك مرصداً للدراهم (20)
قال الذهبي : قد كان سفيان رأسياً في الزهد والتأله والخوف ، رأسياً في الحفظ ، رأسياً في معرفة الآثار ، رأساً في الفقه ، لا يخاف في الله لومة لائم ، من أئمة لائم ، من أئمة ، من أئمة الدين ــ إلى قوله ــ : وفيه تشيع يسير . (إذا كان يقدم علياً على عثمان) (21) ...
غير أن الحقيقة تشهد بأن سفيان كان على تشيع وفير ، وبمعناه الشامل في كلا جانبي الولاء والتبري من الأعداء . نعم ، كان على أتقاء شديد رغم صراحة لهجته وعدم خشيته من لومة لائم ، وكان كلّما حاول التصريح بمكنون ضميره منعته الأحباء حفاظاً على نفسه . يروي أبو نعيم بإسناده إلى مؤمل بن إسماعيل ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول : منعنا الشيعة أن نذكر فضائل علي عليه السلام (22) .
وهل كان زيدياً كما حسبه ابن النديم أو إمامياً كما قد يقال ؟ فهذا لم يثبت ولا شاهد له ، ولا فهم أصحابنا ذلك بشأنه . ومن ثم قال العلامة ــ وتبعه ابن داود ــ : سفيان ليس من أصحابنا (23) ، أي إمامياً حسب المصطلح . لكنه ثقة أمين خاضع الولاء لآل بيت الرسول، فرحمه الله عليه .
وقد اخذ برواياته الأصحاب فيما رواه عن جابر الجعفي وعن الإمام الصادق وعن السكوني وغيرهم (24) .
وله في التفسير كتاب في حجم صغير براوية أبي جعفر محمد عن أبي حذيفة النهدي عنه . صححه وربته وعلق عليه وقام بنشره " امتياز على عرشي" مدير مكتبة الرضا برامبور ــ الهند (25) . وذكر المحقق في المقدمة كلام سفيان : " سلوني عن المناسك والقرآن ، فإني بها عالم " . مما يدل على اضطلاعه التام بعلمي الفقه والتفسير ، فكان جديراً بالاهتمام بشأن هذا التفسير الصغير في حجمه ، الكبير في محتواه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نسبة إلى بطن من همدان وبطن من نميم وسفيان هذا من تميم ( أنساب السمعاني : ج1 ، ص517) .
2- وفيان الأعيان ، ج2 ، ص386 ، رقم 266 .
3- رجال الطوسي ، ص212 .
4ـ راجع : تهذيب التهذيب ، ج7 ، ص353 ، رقم 2389 ؛ تاريخ بغداد ، ج9 ، ص152 رقم 4763 .
5- راجع : تاريخ بغداد : ج9 ، ص164 .
6- حلية الأولياء ، ج6 ، ص358 .
7ـ ذكره الطبري في منتخب ذيل المذيل ، ص142 ، ملحق المجلد الثامن من التاريخ .
8- هذا عبد الله بن المبارك يقول : ما أحد من الفقهاء أفضل من سفيان بن سعيد ما ادري ما عبد الله بن عون ؟! (تاريخ بعداد ، ج9،ص157 ) . كما وأن ايوب يرى الثوري رجلاً منفصلاً ، بقول : ما قدم علينا من الكوفة أفضل من سفيان الثوري ( حلبة الأولياء ، ج6 ، ص360) . وكان سفيان يخشى على أيوب عنايته بمجرد الحديث . كان يقول : ما خفت على أيوب شيئاً سوى الحديث. يريد : إعجابه بنفسه (حلبة الأولياء ، ج6 ، ص369) .
9- راجع : تهذيب التهذيب ، ج3 ، ص404 .
10- راجع قضاياه مع سلطان الوقت " المهدي العباسي " وتشرده في البلاد هرباً منه ( وفيات الأعيان ، ج2 ، ص386 ، رقم 266) ؛ ( حلبة الأولياء ، ج6 و 7 ) .
11ـ رجال الكشي ، رقم 739 و 740 .
12- تهذيب الكمال ، ج7 ، ص363 .
13ـ قاموس الرجال ، ج5 ، ص149 ( طـ حديثة) .
14- موضع بين مكة والطائف هي إلى مكة أقرب . منها أحرم النبي مرجعه من غزاة حنين ( معجم البلدان ، ج2 ، ص142) .
15- الكافي ، ج4 ، ص300 .
16- قاموس الرجال ، ج5 ، ص149 ( طـ ح) .
17- إذ فيه ما لم يعمل به الأصحاب ، ولأجار الأخذ به إلا بتأويل بعيد ، كالطواف والسعي بعد الإجرام بالحج وقبل الذهاب إلى عرفات والإحرام بالحج من الجعرانة الذي هو خلاف النصوص ، وعليه وقع اعتراض الثوري حسب ظاهر الرواية . وغير ذلك مما يجده المراجع في مظانه ، والله العالم .
18- الفهرست لان النديم ، ص267 .
19- مقاتل الطالبيين : تحقيق السيد أحمد صقر ، ص416 .
20ـ أعيان الشيعة ، ج7 ، ص264 . وشريك هذا قد قبل الفضاء بالكوفة من قبل المهدي العباسي ، لما ان رفضه سفيان . وقد وبخه سفيان على ذلك ( راجع : وفيات الأعيان ، ج2 ، ص387 و 390 ، رقم 266) .
21- سير أعلام النبلاء ، ج7 ، ص241 .
22- حلية الأولياء ، ج7 ، ص27 .
23- خلاصة الرجال ، ص228 ؛ رجال ابن داود ، ص248 ، رقم 217 .
24- روى عنه الكليني بالإسناد إليه في الكافي ، والشيخ في التهذيب والاستبصار ( معجم رجال الحديث ، ج8 ، ص161 ، رقم 5242) .
1ـ معجم المفسرين ، ج1 ، ص211 – 212 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|