أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2014
3330
التاريخ: 26-02-2015
1909
التاريخ: 3-04-2015
3846
التاريخ: 27-11-2014
2582
|
قـال ابو نعيم الاصبهاني : فأما ابو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي ، فكان من الممتحنين ، امـتحن فلم تأخذه في اللّه لومة لائم صاحب عبادة وجماعة وعفة وقناعة وكان كاسمه بالطاعات سعيدا ، ومن المعاصي والجهالات بعيدا (1) .
قـال ابـن الـمديني : لا اعلم في التابعين اوسع علما من سعيد بن المسيب قال : واذا قال سعيد : مضت السنة ، فحسبك به قال : هو عندي اجل التابعين .
وقال ابو حاتم : ليس في التابعين انبل منه .
وقال سليمان بن موسى : كان افقه التابعين .
وقال ابو زرعة : مدني قرشي ثقة امام .
وقال قتادة : ما رأيت احدا قط اعلم بالحلال والحرام منه .
وقال ابن شهاب : قال لي عبد اللّه بن ثعلبة : ان كنت تريد هذا ـ يعني الفقه ـ فعليك بهذا الشيخ ، سعيد بن المسيب .
وعن عمرو بن ميمون بن مهران عن ابيه ، قال : قدمت المدينة فسالت عن اعلم اهلها ، فدفعت الى سعيد بن المسيب .
قال مكحول : طفت الارض كلها في طلب العلم فما لقيت اعلم منه .
قال احمد بن حنبل : مرسلات سعيد صحاح ، لا نرى اصح من مرسلاته .
وقال الشافعي : ارسال ابن المسيب عندنا حسن (2) .
قـال ابـن خـلكان : كان سعيد بن المسيب سيد التابعين من الطراز الاول ، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع ، وهو احد الفقهاء السبعة بالمدينة (842) ولد سنة (15) وتوفي سنة (95).
واسـنـد ابـن سـعـد ـ كـاتـب الـواقـدي ـ الى الامام ابي جعفر الباقر(عليه السلام) قال : سمعت ابي ، على بن الحسين (عليه السلام)يقول : (سعيد بن المسيب اعلم الناس بما تقدمه من الاثار ، وافقههم في رايه ).
وله ترجمة مسهبة في الطبقات ، وفيها من احواله وقضاياه العجيبة الشي الكثير (3) .
اضف الى ذلك ما ورد بشأنه من الثناء عليه عند اصحابنا الامامية :
واول شيء ، انه تربية الامام امير المؤمنين (عليه السلام) ، رباه في حجره بوصية من جده (حزن ) فقد نشأ وتـرعـرع فـي اهـل بيت العلم والورع والطهارة ، كما واصبح من خلص اصحاب الامام على بن الـحـسـين زين العابدين ، واحد الاوتاد الخمسة الذين ثبتوا على الاستقامة في الدين على ما وصفهم الـفـضـل بن شاذان قال : ولم يكن في زمان على بن الحسين في اول امره الا خمسة انفس : سعيد بن جبير ، سعيد بن المسيب ، محمد بن جبير بن مطعم ، يحيى بن ام الطويل ، ابو خالد الكابلي .
وكان يرى من الامام السجاد(عليه السلام) النفس الزكية ، لم يعرف له نظيرا ولا رأى مثله كما كان يرى في مـثاله القدوسي مثال داود القديس (عليه السلام) تسبح معه الجبال بالعشي والاشراق والطير محشورة كل له اواب .
روى الـكشي باسناده الى الزهري عن ابن المسيب ، قال : كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج عـلى بن الحسين سيد العابدين فخرج وخرجت معه ، فنزل في بعض المنازل ، فصلى ركعتين فسبح فـي سجوده ، فلم يبق شجر ولا مدر الا سبحوا معه ، ففزعنا فقلت : نعم ، يا ابن رسول اللّه (صلى الله عليه واله)فقال : هذا التسبيح الاعظم ، حدثني ابي عن جدي رسول اللّه ، انه لا يبقي الذنوب مع هذا التسبيح فقلت : علمنا.
وروى عـن مـحـمـد بـن قـولـويه باسناده الى اسباط بن سالم عن الامام موسى بن جعفر(عليه السلام) في حـديـث حـواريي (4) النبي والائمة (عليه السلام) ، وعد من حواريي الامام زين العابدين : جبير بن مطعم ، ويحيى بن ام الطويل ، وابا خالد ، وسعيد بن المسيب .
كـما روى عنه باسناده الى ابي مروان عن ابي جعفر قال : سمعت على بن الحسين يقول : (سعيد بن الـمـسـيـب اعـلم الناس بما تقدمه من الاثار وافهمهم ـ او افقههم ـ في زمانه ) (5) وقد تقدم الحديث ، برواية ابن خلكان عن ابي مروان ايضا ، مع اختلاف في العبارة الاخيرة : (افقههم في رايه ).
وروى الـشـيـخ الـمـفـيد باسناده الى ابي يونس محمد بن احمد قال : حدثني ابي وغير واحد من اصـحـابـنـا ، ان فـتـى من قريش جلس الى سعيد بن المسيب ، فطلع على بن الحسين ، فقال القرشي لابـن الـمـسـيـب : مـن هـذا يـا ابـا محمد؟ قال : هذا سيد العابدين على بن الحسين بن على بن ابي طالب (عليه السلام) (6) .
و روى الـحـميري باسناده الى البزنطي قال : وذكر عند الرضا(عليه السلام) القاسم بن محمد بن ابي بكر خال ابيه ، وسعيد بن المسيب ، فقال : (كانا على هذا الامر) (7) .
و روى ثـقة الاسلام الكليني ـ في باب مولد الصادق (عليه السلام) ـ باسناده الى اسحاق ابن جرير ، قال : قال ابـو عبد اللّه (عليه السلام) : (كان سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ابن ابي بكر ، وابو خالد الكابلي ، من ثقات على بن الحسين (عليه السلام) (8) .
و في مناقب آل ابي طالب لابن شهر آشوب بشان كرامات الامام زين العابدين (عليه السلام) ، روايات عن سعيد بن المسيب ، تدل على مبلغ ولائه لآل البيت ومدى صلته بسيد الساجدين ، فراجع (9) .
ولـلـمـحـقـق الـبـحـرانـي ـ فـي حـاشـيـة البلغة ـ استظهار تشيعه من كلام الشيخ في اوائل التبيان (10) .
وهو الذي روى قضية بجدل الجمال وقطعه لأصبع السبط الشهيد ، وتعلقه بأستار الكعبة ، آيسا من رحمة اللّه (11) .
وقـد عـده الـشيخ من اصحاب الامام زين العابدين ومن السابقين الاولين قال : سعيد بن المسيب بن حـزن ابـو مـحـمـد المخزومي سمع من الامام على بن الحسين ، وروى عنه (عليه السلام) وهو من الصدر الاول (12) .
وقـد اسـتـوفـى الـسـيد الامين الكلام بشأنه وشان ولائه لآل البيت ، وذكر انه صحب عليا امير المؤمنين (عليه السلام) ولم يفارقه حتى في حروبه ونقل عن ابن ابي الحديد وغيره بعض الطعن عليه ، وفنده على اسلوب حكيم (13) .
نموذج من تفسيره
اخـرج ابـو نـعـيم ـ في الحلية ـ باسناده الى يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ، في قوله تعالى : {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء : 25] ، قال : (الذي يذنب الذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ، ولا يعود في شيء قصدا) (14) .
وهذا ادق تفسير للآية الكريمة فان الاية قد فسرت على وجوه :
1ـ فقيل : هم المسبحون عن ابن عباس وعمرو بن شرحبيل .
2ـ وقيل : المطيعون المحسنون عن ابن عباس ايضا.
3ـ هم المطيعون واهل الصلاة عن قتادة .
4ـ الذين يصلون بين المغرب والعشاء عن ابن المنكدر يرفعه ، وكذلك عن الامام الصادق (عليه السلام).
5ـ يصلون صلاة الضحى عن عون العقيلي .
6ـ الراجع من ذنبه التائب الى اللّه .
وهذا المعنى الاخير هو الراجح ، واختلفوا في شرائطه وكيفيته :
فمن سعيد بن جبير : الراجعون الى الخير.
وعن مجاهد : الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر اللّه منها.
و عـن عـطـا بن يسار : يذنب العبد ثم يتوب ، فيتوب اللّه عليه ، ثم يذنب فيتوب اللّه عليه ، ثم يذنب الثالثة فان تاب تاب اللّه عليه توبة لا تمحى .
وعن عبيد بن عمير : الاواب : الحفيظ ان يقول : اللهم اغفر لي ما اصبت في مجلسي هذا.
لـكـن سـعيد بن المسيب فسرها بالذي يذنب ويتوب ثم يذنب ويتوب ، ولكن ليس يعود في شيء من ذنـوبـه قـصـدا ، وانـمـا هـو شيء فـرط مـنه وهذه النكتة الظريفة هي بيت القصيد ، نظرا لان (الاواب ) مـبالغة في الاوب والرجوع والمراد : الكثرة والتكرار فيه ، لكنه هل هو مطلق ، ام الذي يصدر منه الذنب لا تمردا وعصيانا ، وانما هو شيء قد يفرط منه او تغلبه نفسه ثم يتذكر عن قريب ؟.
قال تعالى : {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء : 17] .
وقال : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف : 201].
و هذا هو معنى اللمم المغفور في الاية الكريمة : {الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم : 31، 32] .
قـال الامام الصادق (عليه السلام) : (اللمم : الرجل يلم بالذنب فيستغفر اللّه منه قال : ما من ذنب الا وقد طبع عـلـيه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلم به قال : اللمام : العبد الذي يلم بالذنب ليس من سليقته ) اي من طـبيعته وفي رواية قال : (الهنة بعد الهنة ) اي الذنب بعد الذنب يلم به العبد وفي اخرى : ( هو الذنب يلم به الرجل ، فيمكث ما شاء اللّه ثم يلم به بعد) (15) .
فالعبد قد تغلبه نفسه فيرتكب اثما ليس من دابه ، ومن ثم يتذكر فيتوب الى اللّه مما اغترف ، وهكذا فلو عاد ليس من عادته ، وتاب تاب اللّه عليه ، ان اللّه هو التواب الرحيم .
و هـذه هـي الـنـكـتـة الدقيقة التي جات الاشارة اليها في تفسير ابن المسيب ( ولايعود في شيء قـصدا) ، وهذا المعنى هو الذي يفيده صدر الاية {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء : 25] .
و الـى هذا المعنى يشير التفسير الوارد عن الامام ابي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ، قال : (و الاواب : النواح المتعبد الراجع عن ذنبه ) وهكذا روي عن مجاهد بن جبر ايضا (16) .
الـنـواح : مبالغة في النوح ، وهو الذي ينوح على نفسه وندبها ندما على ما فرط منه ، منيبا مستغفرا اوابا وتدل اداة الاعراض (عن ) على ندم بالغ ، وعزم صارم على الترك ابدا.
و امـا مـا روي من التفسير ب (الصلاة ) بين المغرب والعشا ، فهذا من الوسيلة التي يجب ابتغاؤها الـى اللّه عـز شـانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } [المائدة : 35] ومن ثم سميت صلاة الاوابين .
روى هشام بن سالم عن الامام ابي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) ، قال : صلاة اربع ركعات ، يقرا في كل ركعة خـمـسـين مرة (قل هو اللّه احد) هي صلاة الاوابين (17) وقد ورد الترغيب في التنفل بأربع ركعات بعد المغرب ، لا يدعهن العبد في حضر ولا سفر (18) .
من نوادر حكمته :
و لـما ان جرد ليضرب على امتناعه من البيعة للوليد وسليمان ابني عبد الملك ، قالت امرأة : ان هذا لمقام الخزي فقال سعيد : (من مقام الخزي فررنا) (19) .
و قـال : (يد اللّه فوق عباده ، فمن رفع نفسه وضعه اللّه ، ومن وضعها رفعه اللّه الناس تحت كنفه يـعـمـلـون اعـمـالـهـم ، فـاذا اراد اللّه فـضـيـحـة عـبـد ، اخرجه من تحت كنفه ، فبدت للناس عورته ) (20) .
و قـال : (لا خـيـر فـيمن لا يحب هذا المال ، يصل به رحمه ، ويؤدي به امانته ، ويستغني به عن خلق ربه ) (21) .
و روي عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) انه سال فاطمة (سلام الله عليها ) : ما خير للنسا؟ قالت : ان لا يرين الرجال ولايرونهن فذكره للنبي (صلى الله عليه واله) فقال : (انما فاطمة بضعة مني ).
و ايضا عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) (من اتقى اللّه عاش قويا وسار في بلاده آمنا) (22) .
و قـال : (لا تـمـلـؤا اعـيـنـكـم مـن اعوان الظلمة الا بأنكار من قلوبكم ، لكي لا تحبط اعمالكم الصالحة ) (23) .
و كان معبرا للرؤيا ، معروفا بذلك فوجه اليه عبد الملك بن مروان من يساله عن منامه ، كان قد رأى كـانـه قد بال في المحراب اربع مرات قال ، فانه ولي الوليد وسليمان ويزيد وهشام ، وهم اولاد عبد الملك لصلبه (24) .
______________________________
1- الحلية ، ج2 ، ص 161 رقم 170.
2- تهذيب التهذيب لابن حجر ، ج4 ، ص 84 ـ 88.
3- وفيات الاعيان ، ج2 ، ص 375 رقم 262.
3- طبقات ابن سعد ، ج5 ، ص 88 ـ 106.
4- الحواري : من الحوار ، اي صاحب السر.
5- اختيار معرفة الرجال ، ج1 ، ص 43 وص 332ـ335.
6- الارشاد للمفيد ، ص 257 (ط نجف ).
7- قرب الاسناد(ط حجرية ) ، ص 157 الجز الثالث .
8- الكافي الشريف ، ج1 ، ص 472 كتاب الحجة .
9- المناقب ، ج4 ، ص 133 و134 وص 143.
10- تنقيح المقال للمامقاني ، ج2 ، ص 31 رقم 4870.
11- بحار الانوار ، ج45 (ط بيروت ) ، ص 316.
12- رجال الطوسي ، ص 90.
13- راجع : اعيان الشيعة للسيد محسن الامين العاملي طبعة دار التعارف ، ج7 ، ص 249 ـ255.
14- حـلـيـة الاولـيـاء ، ج2 ، ص 165 وراجـع : مجمع البيان للطبرسي ، ج6 ، ص 410 وجامع البيان للطبري ، ج15 ، ص 51 ـ 52.
15- تفسير الصافي للمولى محسن الفيض ، ج2 ، ص 626.
16- راجع : مجمع البيان للطبرسي ، ج6 ، ص 410.
17- مجمع البيان ، ج6 ، ص 410.
18- راجـع : وسـائل الـشيعة للحر العاملي ، ج3 ، ص 63 باب 24 اعداد الفرائض والنوافل وج5 ، ص 247 و249.
19- الحلية ، ج2 ، ص 172.
20- المصدر نفسه ، ص 166.
21- المصدر نفسه ، ص 173.
22- المصدر نفسه ، ص 175.
23- الحلية ، ج2 ، ص 170 ، وابن خلكان ، ج2 ، ص 378.
24- ابن خلكان ، ج2 ، ص 378.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|