أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
680
التاريخ: 13-11-2016
807
التاريخ: 14-11-2016
623
التاريخ: 14-11-2016
663
|
اعتمدت اقتصاديات قتبان وسلطة حكامها على ما اعتمدت عليه أغلب الدول العربية الجنوبية. من التجارة الداخلية والتجارة الخارجية، وتنمية الثروة الزراعية والصناعية. وربما الثروة الرعوية أيضًا. ثم الاستفادة في الوقت نفسه من تحصيل المكوس والضرائب على هذه وتلك. ووجدت مسلة حجرية صغيرة داخل العاصمة تمنع نقشت عليها بعض تنظيمات التجارة الداخلية والضرائب في عهد الملك شهر هلال بن يدع أب، وهدفت إلى ضمان حقوق الدولة في ضرائب التجارة، وحماية مصالح المواطنين التجار والمستهلكين. وتركيز تجارة العاصمة في سوق شمر، وإلزام التجار الأغراب بتبليغ الدولة عن شئون تجارتهم سواء للإذن بممارستها أو لتقدير الضرائب عليها.
وجاء في هذا المرسوم على سبيل المثال أنه إما تاجر في تمنع أو في برم، مهما كانت تجارته، يجب أن يدفع ضريبة في تمنع ليكون له دكانه في سوق شمر. وهذا حق وواجب لكل تاجر أياما كانت قبيلته. فإذا أسس دكانه أصبح له الحق في أن يتاجر وحده أو يشارك غيره. دون اعتراض من مدير شمر. وإذا سمح مدير شمر للتجار القتبانيين بأن يتجولوا بين القبائل للتجارة وأعلن ذلك أصبح حقًا لهم. فإذا أخطروه بأن أجنبيًا نافسهم في هذه التجارة أو خدع أحدهم، غرم هذا الأجنبي خمسين وزنة ذهبية.
ومن أدي ضريبة سوق تمنع ليتاجر فيها. فتاجر مع قبيلة أخرى، فقد حقه في ممارسة هذه التجارة، وذلك حفاظًا على حق القتبانيين الذي خصصه الملك.
وإذا أجر مواطن داره أو مختنًا لتاجر أصبح ملزمًا بأداء ضريبة السوق في تمنع إلى الملك. من تجارة المستأجر وما تغله، فإن لم تكف دفعها مما يملكه ومن كسبه الخاص.
وإذا باع شخص تجارة جملة. وكان ينبغي أن تباع في سوق شمر، وجب أن يجري بيعها بالتجزئة عن طريق وسطاء قتبانيين.
وإذا دخل تاجر سوق شمر بتجارة يود أن يبيعها ليلًا، وجب على الناس أن ينفضوا من حوله حتى يطلع النهار.
وانتهى المرسوم بالنص على أن للملك حق السيادة على كل معاملة وكل تجارة تجري في منطقته وهذا أمر ينبغي على كل ملك تال أن يؤيده.
ويبدو أن ما يستخرج حتى الآن من كميات الملح من نهاية وادي بيحان، وعلى أعماق مختلفة فيه، ثم يصدر بعضه إلى مناطق أخرى من الجنوب العربي. كان يمثل موردًا اقتصاديًا له اعتباره كذلك في العصور القديمة.
ومن أجل خدمة وتشجيع قوافل التجارة الخارجية أو تجارة المرور (الترانزيت) لا سيما فيما يختص بالبخور بأنواعه ومشتقاته، ومن أجل إحكام الإشراف عليها في الوقت نفسه. مد القتبانيون الطرق البرية ومهدوها. ومن أهمها طريق ممر مبلقة (العقبة) الذي بذل فيه مجهود بارع بالنسبة لعصره وبيئته ليصل عبر الجبال بين وادي بيحان ووادي حريب. وتعبره القوافل المتجهة من عدن إلى نواحي مأرب في سبأ. عبر الأراضي القتبانية. وقد مهدت أرضيته بالأحجار باتساع يتراوح بين أربعة وخمسة أمتار. وامتد نحو ثلاثة أميال بين ارتفاع وانخفاض بانحناءات كثيرة في أجزاء شقتها الطبيعة وأجزاء أخرى مهدتها يد الإنسان على مدرجات جبلية تحمي جوانبها جدران منحوتة أو مبنية، وأقيم على كل من طرفي هذا الطريق الطويل حوض للماء لخدمة القوافل وسقاية الإبل. ووردت ثلاثة نصوص من عهد الملك يدع أب ذبيان بن شهر تحدثت عن تعبيده في أيامه. ولوحظ أن هذا المجهود كان يمكن توفيره باستخدام طرق سهلي آخر يمتد من غرب العاصمة تمنع رأسًا إلى وادي حريب، لولا حرص القتبانيين على التحكم في التجارة التي تمر في منطقتهم ورغبتهم في إطالة مسالكها داخل أرضهم ليحصلوا أكبر نسبة من المكوس عليها. ونظرًا للأهمية الاقتصادية لهذا الطريق نشأت بعض البلدان حوله. ومنها ذو غيلان (حصن الحضيري) عند مدخله. وبجوارها هجر بن حميد على جانبه الشرقي. وحنو الزرير على جانبه الغربي. ولعلها قامت في بداية أمرها كمحطات للقوافل ومراكز لتحصيل المكوس ثم اتسع عمرانها.
ومهد القتبانيون طريقًا آخر في ممر نجد مرقد على الحافة الصحراوية بين وادي بيحان ووادي حريب أيضًا. ورصفوه. وتمر القوافل خلاله بين جدارين يبلغ سمك الواحد منهما نحو المتر، وقام فيه مركز لتحصيل المكوس من قوافل التجارة المتجهة إلى حريب التي تبعد عنه بنحو خمسة أميال. أو الخارجة منها فى اتجاهها إلى بيحان والعاصمة تمنع.
وتوفر للاستثمار الزراعي دور كبير آخر في اقتصاديات قتبان، ولا سيما في سهل بيحان وحريب. وبدأت مشروعات الري في وادي بيحان منذ القرن الخامس ق. م. وهو واد كبير ينحدر من المرتفعات الجنوبية ناحية الشمال التقريبي ويبلغ متوسط اتساعه بين ثلاثة وأربعة كيلو مترات، وإن زاد عن ذلك كثيرًا أو قل عنه في بعض أجزائه. وفي انحداره تتعاقب على جانبيه تكوينات بركانية من الشست والكوارتز. ثم لا تلبث هذه التكوينات حتى تختفي تحت رملة السبعتين الصحراوية الضخمة. وقامت على البداية الشمالية للوادي مدينة تمنع عاصمة قتبان. كما قامت على بدايته الجنوبية حاضرة أخرى تعرف الآن باسم بيحان القصاب ولازالت أغلب آثارها لم تكتشف بعد.
وعادة ما كانت مياه الأمطار الموسمية تصل إلى وادي بيحان على هيئة السيول فتملأ مجراه الذي يمتد نحو 65 كيلو متر بعد أن يترك الجبال. وباتساع يتراوح بين مائة ومائتي متر عرضًا. وقد تنقطع هذه السيول لعدة سنوات، وتتشرب الأرض الرملية جانبًا منها -ولكن مواسمها وسيولها القديمة أرسبت على مدرجات الوادي مع توالي الأزمنة طبقات كثيفة من الطمي تراوح عمقها في بعض مواضعها بين 15 وبين 18مترًا.
ولا ندري هل استفاد القتبانيون خبرة ما من نتائج مشروعات الري في أراضي جارتهم سبأ وقلدوها أم لا؟ ولكن الدلائل تشير إلى أنهم أحسنوا استغلال أوضاع واديهم فأنشأوا فيه شبكة مائية ضخمة. يفهم من وصف المتخصصين لها أن مجاري المياه الرئيسية منها، والتي تتلقى معينها من سيول الأمطار الموسمية، امتدت كيلو مترات طويلة وبلغ اتساع بعضها نحو 40 مترًا وارتفعت عن مستوى الأرض الزراعية بنحو أربعة أمتار ولهذا بنيت فيها أهوسة ساعدت على نقل مياه الري من المجاري المرتفعة إلى أهوسة أخرى فرعية منخفضة في مستوى الحقوق. حيث تتوزع منها على قنوات كثيرة صغيرة. وكانت سرعة توزيع المياه على هذه الفروع الصغيرة مما يضمن الاستفادة بها. وعادة ما كسيت منحنيات الترع بمداميك حجرية تتراجع مع جوانب المجرى إلى الخلف لتمنع تآكلها.
وقامت منشآت ري أخرى وشقت ترع في وادي حريب الذي يقع إلى الغرب من وادي بيحان ويصل بينهما وادي مبلقة عبر الجبال. ووادي حريب أعرض من وادي بيحان ولكنه أقصر. وامتدت الترع والمنشآت المائية إلى وديان فرعية تتصل به (مثل وادي العين ووادي مقبل ووادي مبلقة ووادي وهبة). ولاتزال بعض أطلال مباني هذه المشروعات المائية ظاهرة بينما غطت الأكوام على بعضها الآخر، وتآكلت بقيتها نتيجة لارتفاع المجاري المائية عن الحقوق المنزرعة كما أسلفنا مما جعل عوامل التعرية تعمل عملها فيها. ولاتزال تتناثر في الوديان نتيجة لهذه المشروعات بعض حفر وجذور ما كان ينمو فيها من نخيل التمر والدوم وأشجار المر الذي أشار الرحالة استرابون في القرن الأول ق. م. إلى شهرة قتبان بالاتجار فيه وإنتاج بعض أنواعه.
ومارس القتبانيون إنشاء السدود ضمن مشروعات الري. على نطاق ضيق. ومنها سد فرعي في منطقة الحضرة يحتمل إرجاعه إلى القرن الرابع ق. م. لصد مياه وادي حماد. وشيد بأسلوب بسيط بني بأكوام من الرديم والطين الجاف دعمت واجهتها المواجهة لتيار الماء بالأحجار كما دعمت أعاليها بالأحجار أيضًا. وثمة بقايا سد آخر بجوار بيحان القصب.
ومن المشروعات المائية القتبانية أيضًا حر الصهاريج. ولا تزال تتوزع على قمة جبل ريدان وسفوحه آثار صهاريج قتبانية كان البعض منها يتسع لآلاف الجالونات. ويبدو أنها وزعت على مستويات مختلفة بحيث إذا فاض الماء في أحدها نزل الفائض منها إلى ما يليه. وحفرت هذه الصهاريج في الأرض وكسيت من الداخل بلياثة من أسفلها حتى الارتفاع المحتمل لما تختزنه من الماء. واختلف الرأي في توقيت إنشائها بين ما يعاصر العصر الفارسي في القرن الخامس ق. م. وبين القرن الميلادي الأول.
ولم تغن كل هذه المشروعات القتبانية عن حفر الآبار العادية في المناطق التي تحتاجها، ويحتمل أنه كانت تتسرب إليها المياه الزائدة في المزارع فتختزن طبيعيًا فيها حتى يحين وقت الحاجة إليها ويتيسر رفعها.
وحول نبع طبيعي في وادي فرع في بيحان ظاهرة طريفة، حيث مهد الطريق إليها بمرات ضيقة مرصوفة، وليتيسر وصول الرعاة ورجال القوافل إليه حفرت علامات على الصخور قبل الوصول إليه بنحو كيلو متر، ومنها ما يمثل شخصًا يشير بإصبعه إلى مكان الماء. ولهذه العلامات ما يماثلها في مناطق متفرقة من صخور بيحان وفي مناطق قريبة من الربع الخالي حيث تشتد الحاجة إلى معرفة أماكن المياه.
ومع هذه التيسيرات لتوفي مياه الري والشر. لوحظ في آثار المدن والقرى (في هجر بن حميد والحرجة وجبل الحضرة والنقب) أنه كان يوضع أمام كل دار حوض قليل العمق مليس من الداخل. لملئه بالماء.
وظلت مشروعات المياه تؤدي أغراضها حتى القرن الثالث الميلادي. لاسيما في وادي بيحان. غير أن استمرار الاستفادة منها كان يتطلب استمرار العناية بها. فقد كان ارتفاع المجاري الرئيسية عن مستوى الأراضي المزروعة يعرضها لعوامل التعرية كما ذكرنا، كما أن ارتفاع الإرساب نتيجة لنظام الصرف المستعمل وتوزيع المياه في الحقول. كان يتطلب الارتفاع بالقنوات الفرعية والارتفاع بمداخلها إلى مستوى الحقول.
واستفادت الدولة من ضرائب الزراعة كما استفادت من ضرائب التجارة ويفهم من دراسات البحث رودو كاناكيس Rhodokanakis للنظم القتبانية أن الضرائب في قتبان وفي غيرها من الدول العربية الجنوبية كانت تعادل العشر أو ما يقرب منه، وتؤدي عينية عادة أي من نفس محصول الأرض والمصانع والمتاجر. ويتولى الإشراف على تحصيلها ولاة الأقاليم وشيوخ القبائل أحيانًا. كما كانت الدولة تأخذ بنظام الالتزام في تحصيل ضرائبها أحيانًا أخرى، فتسمح لبعض كبار أهل القرى والأقاليم والمعابد بأن يتولوا جباية ضرائب معينة وتخصص لهم جعلًا منها.
وامتد تحصيل الضرائب إلى ما هو أكثر من هذا، فورد في أمر أصدره ملك قتباني إلى كبير إحدى القبائل بأن يؤدي إلى خزائنه من ضرائب قبيلته ما ترجمه رودو كاناكيس: عشر كل ربح صاف وكل ربح يرد عن طريق الالتزام وكل ربح يجبى من بيع ومن إرث. وقد تدل العبارة الأخيرة على تحصيل رسوم على عقود البيع وعقود التوريث على نحو ما تجري عليه قوانين الضرائب في أغلب المجتمعات المعاصرة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|