أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-8-2018
9534
التاريخ: 2023-12-09
930
التاريخ: 7-11-2016
1702
التاريخ: 2-2-2017
2419
|
ان البداية الطبيعية لتاريخ الاسلام تفرض علينا ان نتعرف اولا على حالة العرب قبل الاسلام كي نتعرف على المناخ والجو الذي انطلقت فيه الدعوة الى الاسلام , وخير كلام في هذا المقام كلام الامام العلامة الطباطبائي في تفسيره(الميزان) قال :
ان القرآن يسمي عهد العرب المتصل بظهور الاسلام بالجاهلية , وليس الا اشارة منه الى ان الحاكم فيهم يومئذ الجهل دون العلم , وان المسيطر عليهم في كل شي الباطل دون الحق , وكذلك كانوا , على ما يقص القرآن من شؤونهم :
قال تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ } [آل عمران: 154].
وقال {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].
وقال: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } [الفتح: 26].
وقال: {لَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33].
كانت العرب يومئذ تجاور في جنوبها الحبشة وهي نصرانية, وفي مغربها امبراطورية الروم وهي نصرانية ايضا , وفي شمالها الفرس وهم مجوس ,وفي غير ذلك مصر والهند وهما وثنيتان , وفي ارضهم طوائف من اليهود وهم وثنيون يعيش اكثرهم عيشة القبائل , وهذا كله هو الذي اوجد لهم اجتماعا همجيا بدويا فيه اخلاط من رسوم اليهودية والنصرانية والمجوسية , وهم سكارى في جهالتهم .
وكانت العشائر البدو على ما لهم من خساسة العيش ودناءته يعيشون بالغزوات وشن الغارات واختطاف ما في ايدي الاخرين من متاع او عرض ,فلا امن بينهم ولا امانة, ولا سلم ولا سلامة, والامر لمن غلب , والملك لمن وضع يده عليه ((ومن عز بز)).
اما الرجال فالفضيلة بينهم سفك الدما والحمية الجاهلية والكبر والغرور واتباع الظالمين وهضم حقوق المظلومين , والتعادي والتنافس ,والقمار وشرب الخمر والزنا , واكل الميتة وحشف التمر.
واما النساء فقد كن محرومات من مزايا المجتمع الانساني لا يملكن من انفسهن ارادة ولا من اعمالهن عملا , ولا يملكن ميراثا , ويتزوج بهن الرجال من غير تحديد بحد , كما عند اليهود وبعض الوثنيين , ومع ذلك فقدكن يتبرجن بالزينة ويدعن من احببن الى انفسهن , وفشا فيهن الزناء والسفاح حتى المحصنات المتزوجات منهن , ومن عجيب بروزهن انهن ربما كن يطفن بالبيت ليلا عاريات من ثيابهن (لا نهن لا يجدن احراما طاهرا).
واما الاولاد فكانوا ينسبون الى الابا لكنهم لا يورثون صغار او يذهب الكبار بالإرث , ومن الارث زوجة المتوفى , ويحرم الصغار ـ ذكورا او اناثا ـ والنساء نعم لو ترك المتوفى صغيرا ورثه ولكن الاقوياء يتولون امر اليتيم ويأكلون ماله , ولو كان اليتيم بنتا تزوجوها واكلوا مالها ثم طلقوها وخلوا سبيلها , فلا مال تقتات به ولا راغب في نكاحها ينفق عليها والابتلاء بأمر الايتام من اكثر الحوادث المبتلى بها بينهم لدوام الحروب والغارات والغزوات فطبعا كان القتل شائعا بينهم . وكان من شقا اولادهم ان بلادهم الخربة واراضيهم القفرة البائرة كان يسرع اليها الجدب والقحط , فكان الرجل يقتل اولاده خشية الاملاق : {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: 31] وكانوا يئدون البنات : {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9] وكان من ابغض الاشيا ان يبشر الرجل بالأنثى : {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59].
واما وضع الحكومة بينهم :
فاطراف الجزيرة وان كانت ربما ملك فيها ملوك تحت رعاية اقوى الجيران واقربها كإيران لنواحي الشمال , والروم لنواحي الغرب , والحبشة لنواحي الجنوب , الا ان قرى الاوساط كمكة ويثرب والطائف وغيرها كانت تعيش في وضع اشبه بالجمهورية وليس بها ,والعشائر في البدو بل حتى في داخل القرى كانت تدار بحكومة رؤسائها وشيوخها , وربما تبدل الوضع بالسلطنة .
وهذا هو الهرج (الفوضى ) العجيب الذي كان يبرز في كل عدة معدودة منهم بلون , ويظهر في كل ناحية من ارض شبه الجزيرة بشكل مع الرسوم العجيبة والاعتقادات الخرافية الدائرة بينهم اضف الى ذلك بلاء الامية وفقدان التعليم والتعلم في بلادهم فضلا عن العشائر والقبائل .
وكل هذا الذي ذكرناه من احوالهم واعمالهم والعادات والمراسيم الدائرة بينهم هو مما يستفاد من سياق الآيات القرآنية والخطابات التي تخاطبهم بها , اوضح افادة , فتدبر في المقاصد التي ترومها الآيات والبيانات التي تلقيها اليهم بمكة اولا , ثم بعد ظهور الاسلام وقوته بالمدينة ثانيا , وفي الاوصاف التى تصفهم بها , والامور التي تذمها منهم وتلومهم عليها ,والنواهي المتوجهة اليهم في شدتها وضعفها اذا تأملت كل ذلك تجد صحة ما ذكرناه والتاريخ كذلك يذكر كل ذلك ويعرض من تفاصيله ما لم نذكره ,لإجمال الآيات الكريمة وايجازها القول فيه واوجز كلمة واوفاها لإفادة مجمل هذه المعاني ما سمى القرآن به هذا العهد ((الجاهلية )) فقد اجمل في معناها كل هذه التفاصيل هذا حال عالم العرب ذلك اليوم .
واما العالم المحيط بهم ذلك اليوم من الفرس والروم والحبشة والهند وغيرهم , فالقرآن يجمل القول فيه ايضا.
اما اهل الكتاب منهم اعني اليهود والنصارى ومن يلحق بهم (من المجوس والصابئة ) فقد كانت مجتمعاتهم تدار بالأهواء الاستبدادية والتحكمات الفردية من الملوك والرؤساء والحكام والعمال , فكانت مقتسمه طبعا الى طبقتين : طبقة حاكمة فعالة لما تشاء , تعبث بالنفس والعرض والمال وطبقة محكومة مستعبدة مستذلة لا امن لها في مال ولا عرض ولا نفس ولا حرية ولا ارادة الا ما وافق من يفوقها وقد كانت الطبقة الحاكمة استمالت علماء الدين وحملة الشرع وائتلفت بهم , واخذت مجامع قلوب العامة وافكارهم بأيديهم, فكانت بالحقيقة هي الحاكمة في دين الناس ودنياهم, تحكم في دين الناس كيفما ارادت بلسان العلماء واقلامهم, وفي دنياهم بالسوط والسيف.
هذا وقد انقسمت الطبقة المحكومة ايضا حسب قوتها في السطوة والثروة فيما بينهم , الى طبقتي الأغنياء المترفين والضعفاء و العجزة والعبيد ,والى رب البيت ومربوبيه من النسا والاولاد, وكذا الى الرجال المالكين لحرية الارادة والعمل في جميع شؤون الحياة والى النسا المحرومات من جميع ذلك والتابعات للرجال محضا والخادمات لهم فيما ارادوه منهن من غير استقلال ولو يسيرا.
ومجمل هذه الحقيقة يظهر من قوله سبحانه : {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 64] وكذا قوله سبحانه : {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات: 13]وقوله في النساء : {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195] وفيما اوصى به في التزويج بالفتيات والاماء : {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } [النساء: 25].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|